الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحبل السري ما بين الخيانة والهزيمة

دلشاد مراد
كاتب وصحفي

2017 / 11 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


من عادة قيادات الأنظمة الفردية والدكتاتورية وخاصة عندما يصيبهم هزائم عسكرية أن يقوموا بإعلان النفير العام إعلامياً وتسخير كل الأدوات الإعلامية المتاحة في سبيل توجيه أنظار الرأي العام الشعبي عن فشلهم وهزائمهم بإظهارهم -وهم في حالة الهزيمة والفشل- على عكس ذلك.
هذا المشهد عشناه مساء الأحد المنصرم «29 تشرين الأول 2017» على إثر خطاب التنحي الذي ألقاه رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيس إقليم باشور كردستان المنتهية ولايته مسعود البرزاني.
خطاب التنحي كان طاغياً عليه لغة العاطفة والخداع، وهو بذلك سعى لكسب ود الشارع الكردستاني الغاضب من انسحاب البيشمركة من مناطق كردستانية لصالح القوات العراقية والحشد الإيراني، وتبرئه نفسه وعائلته من تهمة الخيانة وتسليم المدن الكردستانية إلى بغداد.
هنا ينبغي التأكيد إن اتخاذ البرزاني ارتكاب قيادات الاتحاد الوطني الكردستاني خيانة لتسهيل دخول القوات العراقية حجة لما حصل ما هو إلا شماعة لتبرير هزيمته وفشله في إدارة إقليم جنوب كردستان.
فمسعود البرزاني لم يقود إقليم باشور كردستان كرئيس صالح ولجميع الكردستانيين، بل كان يتصرف بالإقليم وخاصة في مناطق نفوذ حزبه «دهوك، زاخو، أربيل» كسوق استثماري حصرياً بعائلته، فمعظم المؤسسات السيادية والأمنية والعسكرية كان يديرها أشخاص من عائلة أو عشيرة البرزاني، أي عملياً جهد البرزانيون في سبيل برزنة نصف باشور كردستان وعينهم كان على النصف الآخر أيضاً، محاولة البرزنة كان سبباً بالفعل في تأجيج وطأة المنافسة من قبل عشائر أخرى «والمقصود هنا عائلة الطالباني» الذين عجزوا عن طلبنة السليمانية كثيراً، وكذلك التذمر الشعبي الذي ازداد اتساعاً في الإقليم من جراء السياسات الفاشلة لرئيسهم وحكومتهم.
إضافة إلى ذلك أخطأ البرزاني في الاعتماد على التحالف مع الحكومات التركية وخاصة مع حزب أردوغان الفاشي «العدالة التنمية» والتي كانت بالضد من مصالح الشعب الكردي، فتركيا كانت تستخدم البرزاني كورقة ضد حركة التحرر الكردستانية في باكور وروج آفاي كردستان بهدف ضرب الوحدة الوطنية الكردستانية وإجهاض أي محاولات كردية لتحقيق حريتهم إلى جانب الشعوب الاخرى في المنطقة، ورغم ذلك لم تتوانى تركيا عن التحالف مع النظامين العراقي والإيراني في الهجوم المشترك على مدن باشور كردستان.
البرزاني لم يكن في موضع أو موقع كي يكون قادراً على قيادة وتوجيه الشعب الكردي إلى الاستقلال، فأكثر من نصف شعب باشور كردستان لم يكن معه وكان على خلاف مع معظم التيارات السياسية في الإقليم بمن فيهم الاتحاد الوطني الكردستاني ذاته، حتى إنه لم يحترم أبسط قواعد العملية الديمقراطية المتعارف عليها عالمياً عندما لم يسمح برئيس البرلمان الكردستاني من دخول العاصمة أربيل وبالتالي ممارسة عمله كرئيس للبرلمان، وكان الرأي الحر في مناطق نفوذ حزبه مقموعاً، حتى إن العديد من الصحفيين اغتيلوا في مناطق نفوذهم، إضافة إلى عدم الاعتماد على القوى الذاتية للشعب ورهانه على تحالفاته مع تركيا وأمريكا أوقعته في وهم كبير.
البرزاني لم يعمل أي جهد في سبيل توحيد صفوف الشعب الكردي على مستوى باشور كردستان، ولطالما رفض نداءات حركة التحرر الكردستانية لعقد مؤتمر وطني كردستاني لمناقشة وضع استراتيجية موحدة للشعب الكردي وتوحيد صفوفه، ولهذا السبب استغلت الأنظمة الحاكمة في الشرق الأوسط هذا الأمر وشنت هجوماً مشتركاً على باشور كردستان، ونحن نعلم الهجمات التركية المستمرة على روج آفا وشمال سوريا.
إن قيادة الحزبين «الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني» يتحملان بالقدر نفسه ما حدث بالفعل في باشور كردستان، واتهام أحد الطرفين بالخيانة، لا يعبر عن حقيقة الحال، فالطرفين لم يحاربا في كركوك وخانقين ومناطق في شنكال، وسلما تلك المناطق الكردستانية إلى بغداد، إذ لا يهمها سوى مصالحها الحزبية والعائلية فقط، واعتقدا إن رهانهما على واشنطن سيحقق لهما دولة على مقاسهما في المنطقة دون تقديم التضحيات اللازمة ودون الاعتماد على الذات.
إن الحزبين الحاكمين في باشور كردستان لم يعودا صالحين لإدارة الإقليم، وشعب باشور كردستان المعروف بتاريخه النضالي الكبير يستحق دماء جديدة، تحقق لهم تطلعاتهم، وتترجم ذلك التاريخ العريق من النضال على أرض الواقع، وإذا كان الحزبين يعتقدان بالفعل إنهما مؤهلان لقيادة المرحلة، فعليهما على الفور الاستجابة لنداءات حركة التحرر الكردستانية حول انعقاد مؤتمر وطني كردستاني للتباحث حول توحيد الصف الكردي وتحديد استراتيجية مشتركة للشعب الكردي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص