الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خامنئي.. شاه في ثوبِ «الولي الفقيه»!!

عادل محمد - البحرين

2017 / 11 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إعادة تفكيك المرشد الأعلى

كتب: أحمد مصطفى

منذ أسابيع قليلة، صرح رئيس مجلس خبراء القيادة الإيراني «آية الله محمد يزدي»، أنه تم «تعيين آية الله علي خامنئي لمنصب ولاية الفقيه من قبل الله ورسول الإسلام»، التصريح المبالغ فيه لم يكن جديداً، فهو استمرار لحالة من التقديس المبالغ فيه لخامنئي، ومنذ فترة.. قال عضو مجلس خبراء القيادة الإيراني وخطيب جمعة مدينة مشهد، آية الله أحمد علم الهدى، أنه: «لا يحق لأعضاء مجلس خبراء القيادة مراقبة أداء قائد الثورة - علي خامنئي - لأنه يأخذ الاستشارة من الإمام المهدي الغائب»، وعلى الرغم من أنه غائب.. إلا أنه يعطي استشاراته، ويختص بها خامنئي دون غيره من العباد!، بعض الأصوات تصفه بشاه إيران الجديد، على الرغم من هالة التقديس والزهد والتواضع التي يرسمها له الإعلام الإيراني، لكن ثمة فارقاً مهماً يستحق الذكر.. فالشاه المخلوع كان متصالحاً مع فساده، بينما الشاه الجديد يدعي العفة والقداسة!

أرادت الثورة مرشداً.. فهرول مُلبْياً!
قبل أكثر من عقدين من الزمان، في عصر اليوم التالي لرحيل آية الله الخميني، اجتمع «مجلس الخبراء» في طهران بغية تعيين وريثاً له، كان هناك نقاش حاد حول أن تكون القيادة فردية أو على شكل شورى، هنا تدخل رفسنجاني لسرد رواية عن اجتماع عقده مع الخميني قبل وفاته، حيث قال الخميني: «إن خامنئي هو الأنسب للقيادة»، فتمت مبايعته مرشداً أعلى للثورة الإيرانية، قال «خامنئي» ذات مرة معقباً على اختياره: «الضرورات هي التي أجبرتنا على حمل المسؤوليَّة، لقد أرادت الثورة ذلك منَّا ونحن لبّينا»، ما أبسط أن تتحدث عن المسؤوليات والضرورات.. سيأخذون أقوالك كمأثورات لاحقاً، وما أسهل أن تمدح الثورة وأنت على رأسها، طالما جنيت أطيب ثمارها لنفسك!
بأي حال.. فقد صار مرشداً أعلى عام 1989، حينها وجد نفسه في مواجهة الداخل الإيراني المعقد بمشكلاته وعثراته، والخارج الإقليمي بقضاياه وأزماته ومعاركه المستمرة، لم يكن جديداً على السلطة، فقد تدرج في الكثير من المناصب من قبل، لكن أن يكون المرشد الأعلى، فهذا يعني أنه المتحكم الأول والأعلى في كل شيء، تعمل كل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية في الحكومة رسمياً أو غير ذلك تحت السيادة المطلقة له، بمعنى أوضح هو رئيس الدولة وقائدها الأعلى ومنظرها الأول، تتبنى سياسة الدولة آراءه كمرجعية لها، وتوجه الدولة العام يكون وفقاً لأفكاره.
رجل الدين المعارض «أحمد قابل» يقول: « إن المرشد يتدخل في قضايا البلاد كافة وهو يسيطر على كل شيء ولا يسمح للآخرين بالاستفادة من سلطاتهم القانونية وأمور البلاد كافة تتم تحت إشرافه وحده»، ف«خامنئي» له آلاف الممثلين ينتشرون في جميع مؤسسات الدولة الاقتصادية والثقافية والسياسية والعسكرية والأمنية، مع حضور قوي في الجامعات، فضلاً عن ممثلين له في عدد من الدول، فكأنه دولة داخل الدولة!
هو القائد الأعلى للثورة الموصوفة بالإسلامية، والولي الفقيه، والمرشد الأعلى، والقائد الأعلى للقوات المسلحة، بيده إعلان الحرب والسلام والنفير العام، يقوم بالإمضاء على حكم تنصيب رئيس الجمهورية بعد انتخابه من قبل الشعب، أي إنه الوصي الأكبر على الشعب، بإمكانه عزل وتعيين كل المناصب في الدولة بدءاً من الرئيس حتى عامل النظافة، وبعيداً عن السلطات التي كفلها له الدستور.. فإنه قد عمل على توسيع سلطاته، باختصار.. هو الكل شيء في أي شيء!، فهل يمكن أن تريد الثورة منه ذلك، دون أن يلبي نداءها؟!

«خامنئي» المقدس!
كان في سن الخمسين عندما تم اختياره مرشداً للثورة، ولم تكن فترته الرئاسية الثانية قد انتهت بعد، صار الشيخ المعمم بالعمامة السوداء في مواجهة العالم كله؛ أنصاره والمحبون من جهة، والجاهلون به من جهة أخرى، والأعداء والخصوم على كثرتهم من جهة ثالثة، تزعم التيار المحافظ في بلاده، أخمد كل محاولة للتصحيح أو التغيير أو التعديل، توعد الإصلاحيين بالاعتقال والمحاكمة حين تظاهروا اعتراضاً على فوز «أحمدي نجاد» بالرئاسة، على الرغم من نواقصه وسقطاته إلا أنه من المحرم على الإعلام الإيراني أن يتناول ذلك، فانتقاده من المحرمات، لكن الفجاجة تزداد عندما تصل إلى حد تقديسه وتعظيمه.
عضو مجلس خبراء القيادة وخطيب جمعة مدينة مشهد، «آية الله أحمد علم الهدى» اعتبر أن الإمام المهدي قد أعطى مقدّرات الأمة الإسلامية بيد شخص واحد (يقصد به: خامنئي)، ولا يمكن لأية جهة أن تنتقد أداء الولي وتقول إن القائد يرتكب الخطأ، أما قائد الباسيج محمد رضا نقدي، والمتهم الأول بقمع مظاهرات الإصلاحيين، قال في كلمة أمام خامنئي: «إن حكم المرشد هو حكم الله وتجب إطاعته»، أحد الملالي وهو «آية الله حجتي كرماني» ذهب إلى مدى أبعد من غيره، حيث زعم أن كل من يناقش سلطات «المرشد الأعلى» فهو أشد كفراً من الكفار.
أما خطيب جمعة طهران ورجل الدين المعروف إيرانياً، آية الله كاظم صديقي، فقد صرح ذات يوم: «نحن نأخذ نموذج حكمنا من الله»، أما رجل الدين «أحمد جنتي» سكرتير مجلس صيانة الدستور الإيراني، فقد صرح منذ أعوام بأن «الله هو الذي اختار خامنئي لقيادة إيران بعد وفاة مؤسس نظام الجمهورية الإسلامية»، مدعياً أن الله حول إليه مهمة الحفاظ على الثورة الإيرانية وديمومتها، وأنه ذخر لأيام الضيق ويحمل «مهمة إلهية»!
«أحمدي نجاد» قام بتقبيل يد «خامنئي» في حفل توليه منصب رئيس الجمهورية الأول، لكنه لم يعط خلاصة تقديسه لخامنئي هذه المرة، بل للخميني، حين وصفه بالإنسان الكامل والإمام المعصوم!، وكنتيجة لهذا الوصف ربما جاء تقبيل نجاد ليد نائب الخميني وخليفته «خامنئي».
هذا التقديس دفع ب «خامنئي» نفسه لإصدار فتوى منذ فترة ربط فيها منصب ولاية الفقيه في إيران بحكم الرسول وبصلاحيات أئمة الشيعة، مشدداً على «ضرورة التسليم لأوامره ونواهيه وأن هذه الطاعة لا تشمل العامة من المقلدين، بل تشمل المراجع الدينيين الكبار أنفسهم».

المرشد ومصافحة الشيطان الأكبر!
كان لدى «خامنئي» اعتقاد دائم بأن الحكومة الأمريكية مصرة على تغيير النظام في إيران، سواء عن طريق إسقاطه من الداخل أو اندلاع ثورة ديمقراطية أو ممارسة ضغوط اقتصادية أو شن غزو عسكري، انبرى دائماً للدفاع عن الاستيلاء على السفارة الأمريكية في طهران إبان الثورة، كان يعتبر ذلك «خدمة عظيمة وجليلة لصالح ثورتنا» - على حد تعبيره!
على الرغم من أنه حاول مراراً أن يظهر على أنه الرجل الصلد الذي لا تغيره الأحداث، ولا يمكن للمستجدات أن تنال من صمود أفكاره وآرائه، خاصة فيما يتعلق بالعلاقة بأمريكا، فإننا نجد مفارقة غريبة في هذا الشأن، ففي أغسطس عام 1989، بعد مرور شهرين على انتخابه مرشداً أعلى، صرح بأنه «لم يجر أي شخص إيراني مفاوضات في وقت مضى مع الولايات المتحدة الأمريكية مطلقاً، ولن يحدث ذلك، فنحن نرفض تماماً إقامة أية علاقات بيننا وبينهم»، وبعد مرور سبعة عشر عاماً، تناول الموضوع ذاته عند اجتماعه مع طلاب بوسط مدينة يزد في شهر ديسمبر عام 2007، حيث قال: «إحدى سياساتنا الأساسية تتمثل في قطع العلاقات مع الولايات المتحدة. ولكننا لم نقل يوماً إننا سنقطع هذه العلاقات إلى الأبد، لا، ليس هناك أية أسباب لقطع العلاقات مع أية دولة إلى الأبد».
الرجل الذي رفض رفضاً تاماً إقامة أي علاقة أو تفاوض أو إجراء أي حوار أو نقاش مع الشيطان الأكبر، ها هو اليوم يقبل بذلك، وعندما زادت وتيرة الاستغراب والتكهنات حول مدى مصداقيته بخصوص مواقفه ومبادئه، ظهر معللاً المفاوضات النووية وقبوله بها: «قبلنا بالتفاوض مع أمريكا بالشأن النووي فحسب ولأسباب معينة، ولن نسمح بالتفاوض ولن نتفاوض مع أمريكا في مجالات أخرى»، لكن من يدري.. فرجل المبادئ الصارمة الذي حرم التفاوض من الشيطان الأكبر بالأمس، يقبل به اليوم بخصوص الملف النووي فقط، وغداً سيقبل بالتفاوض بخصوص أشياء أخرى.

الولي الفقيه.. وفتاوى آخر الزمان!
منذ أشهر مضت، كشفت وزارة الخارجية الإيرانية في اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا عن أن «خامنئي» قد أصدر فتوى بتحريم إنتاج وتخزين واستخدام الأسلحة النووية، واعتبرت هذه الفتوى ضمانة للغرب بأنّ إيران لا تسعى إلى امتلاك السلاح النووي، على الرغم من تصريح سابق له: «إذا أردنا امتلاك النووي لا يمكن لواشنطن منعنا»، فكيف يمكنه أن يعبر عن استعداده لامتلاك ما يعتبره حراماً، حتى ولو كان ذلك من أجل التفاخر بالقوة أمام أمريكا والغرب؟!
وفقاً للنسخة الأصلية من الدستور، كان لا يفترض أن يكون المرشد الأعلى سلطة دينية «مجتهد» فحسب، بل أن يكون أيضاً مصدراً يُقتدى به «مرجعاً» أو «مجتهداً له أتباعه الدينيون»، وخامنئي الذي حتى لم يعترف به قط كمجتهد، ناهيك عن كونه مرجعاً، والذي كانت معرفته الدينية محل شك في كثير من الأوقات، وقبل عدة أشهر من وفاة الخميني، قام بفصل خليفته آية الله حسين علي منتظري، وأمر بإجراء مراجعة دستورية، وقد كان الهدف من المراجعة هو إزالة مطلب «المرجع»، الذي من شأنه أن يسمح ل «المجتهد» أن يصبح مرشداً. ولسوء الحظ بالنسبة لخامنئي، الذي لم يكن «مرجعاً» ولا «مجتهداً»، توفي خميني وعين مجلس الخبراء «خامنئي» خلفاً له قبل التصديق على الدستور المعدل، مما جعل التعيين محل شك.
يعتبر خامنئي نفسه ليس فقط مرشداً لدولة تسمى «إيران»، وإنما يرى في نفسه أعلى سلطة أو مرجعية للأيديولوجية الإسلامية - الفكر الإسلامي - في العالم، من الغرائب أن «خامنئي» حرَّم ارتداء رابطة العنق!، وكذلك حرم اِمتلاك ونصب وتصليح الأطباق اللاقطة للفضائيات، على الرغم من أن إيران تقوم ببث الإرسال لعشرات الفضائيَّات، وبأكثر من لغة، خاصة باللغات الفارسيَّة والعربيَّة، وتستعين بها في الترويج للفتن الطائفيَّة خدمةً للمشروع الفارسي التوسُّعي، وتصدير الثورة الإسلاميَّة خدمة للامبراطورية الفارسية المنتظرة.
بعض التقارير تحدثت عن أنه قد أصدر فتوى تدعو العراقيين إلى القتال في سوريا، دفاعاً عن المقدسات، وقد أثارت فتواه التي أمر فيها بوجوب طاعته كونه نائب الإمام المهدي استياء المرجعيات في الحوزات الدينية في مدينة قم، التي ترى بأن ولايته ليست بمفهوم النيابة العامة للمعصوم، بل هي في حدود ضيقة، ما اضطر المواقع الإلكترونية التابعة له ولنظام الجمهورية الإسلامية إلى إزالة نص تلك الفتوى التي أمر فيها بطاعته.
حرَّم شراء البضائع الإسرائيليَّة، كون إسرائيل عدواً.. عكفت التصريحات الإيرانية على محوها من الوجود منذ قديم الأزل، لكنها لم تفلح بعد في تصويب رصاصة واحدة نحوها، إلا أن عديداً من التقارير تحدثت عن أن إيران لن تقطع علاقاتها مع إسرائيل تماماً، وبلغ شراء السلع والبضائع وقطع غيار الأسلحة رقماً كبيراً في ميزان المعاملات التجارية، وقد تم الكشف عن التبادلات العسكرية الضخمة بين إيران من جهة وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى في فضيحة «إيران كونترا» الشهيرة، كما أن هناك عديداً من الصفقات التي كشفت عنها بعض الصحف الإسرائيلية خلال سنوات العقد الماضي.

تناقض مواقف أم انفصام شخصية؟!
في الأيام الأولى للثورة الإيرانية، ووفقاً للرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر رفسنجاني، يقول إنه لم يؤيد هو أو خامنئي خطوة الاستيلاء على السفارة الأمريكية في طهران، مضيفاً: «أصبنا بالصدمة، لأننا لم نكن نتوقع مثل هذا الحدث».
لكن بعد أن خرج الخميني مؤيداً للاستيلاء على السفارة، تبدلت مواقف كثير ممن عارضوا ذلك في البداية، خامنئي كان واحداً من هؤلاء، واستمر على نهجه الجديد بعد ذلك، حيث أشار في خطاب له عام 1993 قائلًا: «قطعت قضية وكر الجواسيس (وهو المصطلح الذي يستخدمه للإشارة إلى السفارة الأمريكية) آخر خيط يمكن أن يصل بين الثورة وأمريكا». وأضاف: «أن احتلال السفارة كان خدمة عظيمة وجليلة لصالح ثورتنا»، سيسأل القارئ متعجباً: أليس هذا هو خامنئي نفسه الذي شعر بالصدمة حين سمع نبأ احتلال السفارة؟!
الصحفي الإيراني الشيوعي، هوشانغ أسدي، ذكر في كتاب مذكراته «رسائل إلى معذبي»، يتذكر أسدي كلمات قالها له «خامنئي»، باكياً عندما عانقه قبل أن يفترقا في نهاية فترة احتجازهما في الزنزانة نفسها في سجن مشترك أيام الشاه رضا بهلوي، حيث قال خامنئي: «في ظل حكومة إسلامية، لن يذرف بريء دمعة واحدة»، بعد أقل من عشر سنوات، في عام 1984، وجد أسدي نفسه في سجن مشترك مجدداً، هذه المرة في ظل الحكومة الإسلامية التي قصدها خامنئي، يخضع لتعذيب ممنهج استمر نحو عامين، بريئاً يذرف دموعاً، ويتذكر وعد خامنئي له، لكن دون جدوى!
وفي فصول أخرى من الكتاب يتذكر «أسدي» صداقته بخامنئي التي استمرت سنوات أثناء الحبس وبعده، ويصف كيف تغير هذا الرجل ليتحول عبر السنوات من رجل دين عرفه طيباً، ليصبح رأس السلطة التي لا تعرف سوى التعذيب والقتل لإسكات معارضيها!
مع أول زيارة لإيران تقوم بها وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي «فيديريكا موغيريني»، وجدنا «خامنئي» يوجه انتقاداً عنيفاً إلى الأوروبيين، حيث كتب على حسابه على موقع تويتر إن «الأوروبيين تسببوا بإحدى أكبر الحروب في التاريخ والتي قتلت عدداً كبيراً من الناس وألحقت بنا ضرراً أيضاً»، وأضاف: «قرأت التاريخ الأوروبي، هؤلاء الأوروبيون تسببوا بحربين عالميتين مدمرتين في القرن الفائت، حربين عالميتين في أقل من قرن»، إذن ما الذي يجبره على التصالح مع الأوروبيين ومقابلة وزرائهم على أرض دولته؟!

حرامٌ على القوم.. حلالٌ للمرشد!
منذ فترة، كشفت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن المعارضين الإيرانيين وجهوا انتقادات لاذعة لخامنئي على مدوناتهم الإلكترونية، بعد أن وجدوا حساباً على موقع «تويتر» يبدو أن مكتب المرشد الأعلى يستعمله، حيث انتقد مير حسين موسوي، أحد زعماء المعارضة الإيرانية، خطوة خامنئي في موضوع على موقعه الإلكتروني تحت عنوان: «إذا كان ممنوعاً، فلماذا يستعمل مكتب المرشد الأعلى موقع (تويتر)؟».
فمن المعروف أنه منذ يونيو 2009، دانت الحكومة مراراً الإيرانيين الذين يستخدمون موقعي «فيسبوك» و«تويتر»، وقالت إن مواقع التواصل الاجتماعي خلقها أعداء إيران لقلب النظام، لذا فقد سجنت السلطات الإيرانية عديداً من الصحافيين والمدونين بسبب نشرهم تعليقات على الإنترنت أو فقط لمجرد فتحهم حسابات على المواقع الاجتماعية.

«خامنئي».. شاه في ثوب فقيه!
في ستينيات القرن الماضي خرج خامنئي ورفاقه من رجال الدين واليساريين من أجل محاربة ما اعتبروه ظلماً وديكتاتورية، واليوم بعد كل هذه الأعوام من الثورة على نظام الشاه، أصبحت الأوضاع في إيران كما كانت في العهد البهلوي، بل ربما أسوأ منها، ولم يفرق نظام الشاه عن نظام خامنئي بشيء سوى أنه شاه في ثوب ولي فقيه!، ثمة فارق غير بسيط، هو أن الشاه المخلوع كان متصالحاً مع فساده بينما الشاه الجديد يدعي العفة!
فالرجل الذي لا يأكل سوى لحوم السمان والنعام لخلوها من الدهون والكولسترول، وكذلك سمك السلمون «المرقط»، إضافة إلى الكافيار «الرشتي» وهو أجود أنواع الكافيار الإيراني، يملك طائرة إيرباص خصوصية وخمس طائرات هليكوبتر و17 سيارة ضد الرصاص و1200 سيارة حديثة وكرافان ضد الرصاص للرحلات البرية، كثيراً ما ينصح الوزراء والمسؤولين الحكوميين في خطاباته بضرورة توفير النفقات الحكومية والمحافظة على مال الشعب.
الجانب الآخر من حياة خامنئي، كشفه المخرج الإيراني المنفي «محسن مخملباف» بفيلمه الوثائقي بعنوان «خفايا حياة خامنئي»، الفيلم الذي يتحدث فيه عن الحياة المترفة التي يعيشها المرشد الأعلى، نصير الفقراء والمظلومين والمدافع الأول عنهم، حيث يأكل أفخر أصناف الطعام، وينفق الملايين لاقتناء الخيول وجمع أنواع الخواتم المرصعة بأحجار كريمة والغليونات والعصي والعباءات، ويبدأ الفيلم بعبارة ل «جومو كيانتا» مؤسس كينيا الحديثة، حيث يقول: «حين جاء المبشرّون إلى أرضنا، كانوا يحملون بأيديهم الكتاب المقدس، ونحن كنا نملك الأرض. بعد سنوات عديدة، حملنا نحن الكتاب المقدس، وصارت أرضنا بأيديهم».
فبينما ينفق المرشد الأعلى الأموال على الهوايات الشخصية وترفيه العائلة والأقارب والحاشية المقربة، تسري حالة من العوز والفقر في طبقات واسعة بالمجتمع الإيراني، الفيلم يتعمق في توضيح جوانب كثيرة من حياة خامنئي التي تتسم بالبذخ، لدرجة أنه أنفق مبلغ 500 ألف دولار على شراء آلة أمريكية الصنع لفحص الطعام، تصدر إشارة في حال كان مسموماً، كما أنه لا يتناول طعامه قبل أن يتذوقه أحد حراسه، وذلك بعكس ما يصوّره الإعلام في إيران الذي يظهره زاهداً ومتواضعاً كي يضفي هالة من القداسة على شخصه.
طبقاً للفيلم أيضاً فإنه يبلغ تعداد فريق حماية خامنئي عشرة آلاف شخص، كما أنه يستخدم كل قصور الشاه التي حولتها الثورة إلى متاحف، لا بل أضاف إليها أجنحة خاصة لا تقل بذخاً عما بناه الشاه. وهو يستعمل كل الأدوات الموجودة فيها، خصوصاً ملاعق الذهب والأواني الفضية وأكواب الكريستال.
ومن المعروف أن «خامنئي» يسيطر على المؤسسات الأكثر ربحية في البلاد، مثل ضريح الإمام الرضا ومؤسسة المعوقين والمستضعفين، ويستخدم الأموال التي تجلبها لتدعيم أجندته السياسية داخل إيران وخارجها، وتقوية نفوذه وسطوته، ويقال إن هناك ما يعرف ب «جيش القائد»، وهي وحدة عسكرية خاصة تضم 21000 جندي تحت قيادة فيلق الحرس الثوري، مسؤولة عن تأمين منزل المرشد فقط!

«المرشد المحياد».. عندما ينحاز!
كانت سقطة كبيرة لخامنئي أن ينحاز لمرشح بعينه في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، حيث نقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن خامنئي قوله في اجتماع للحكومة سبق الانتخابات الرئاسية عام 2009، موجهاً كلامه لأحمدي نجاد: «لا تظن أن هذا هو عامك الأخير».
وخلال خطاب ألقاه في سنندج كبرى مدن كردستان إيران، تدارك خامنئي سقطته بعد أن شاعت وكثرت الانتقادات لها، خاصة من القوى الإصلاحية في إيران، بالقول «أنا لا أحدد موقفاً من الأسماء المترشحة، لكني أقدم المقاييس، يفضل اختيار شخص يفهم مشاكل الناس، وقادم من الشعب ولا يسعى إلى أن يكون من الأرستقراطية».
عمل «هاشمي رفسنجاني» على التشكيك في نزاهة دور الولي الفقيه، والمطالبة في لقاءاته مع كبار آيات الله في «قم» المقدسة ببحث أمر مآل ولاية الفقيه، بعد ما أصابها من انحراف وتجاوز حدود الحيادية بين كل المتنافسين، وطرح فكرة الولاية الجماعية، لتكون بديلاً لولاية الشخص الواحد، أي الولي الفقيه، لكن الفكرة جرى احتواؤها بسرعة، وجرى محاسبة رفسنجاني معنوياً وبعنف، ومن المؤكد أن خامنئي كان له دور كبير في هذه المحاسبة!
وبأي حال فإن الرئيس الذي ينزل الناخبين من بيوتهم لاختياره.. هو مجرد أيقونة لإكمال شكل النظام الحاكم ليس أكثر، لأن خامنئي هو صاحب الكلمة الفصل في كل القضايا، ويمكننا اعتبار الرئيس مجرد سكرتير لدى المرشد، في هذا الصدد كتب مستشاره «علي أكبر ولاياتي» قبل أعوام، قائلاً، «سألني أحدهم مؤخراً: من الذي يحكم إيران؟، الإجابة واضحة. إذا كان شيء ما يتعلق بقضايا إستراتيجية وجوهرية، فوفقاً للدستور الذي تمت الموافقة عليه في استفتاء، يكون للمرشد القول الفصل».

خامنئي والمرض والخلافة!
صحة المرشد سر قومي، أمر ليس مكتوباً بالدستور.. لكن ضمنياً يتم تنفيذه، لفترة طويلة لم يكن معروفاً ما يعانيه المرشد من أمراض، للدرجة التي قد تدفع البعض للتساؤل «هل المرشد يمرض كباقي الإيرانيين؟!»، لكن هذه السرية لم تدم أبد الدهر، فلم يعد مرضه سراً، لقد تخطى الدائرة الضيقة لأسرته ومكتبه، منذ أشهر كان خامنئي على فراش المرض بأحد المستشفيات الإيرانية، يرقد معانياً من سرطان البروستاتا، حينها بات من الممكن للصحف الآن أن تتحدث عن مرضه، وأن تتناوله شاشات التلفاز.
منذ فترة دار جدل واسع في إيران حول صحته، تصاعدت وتيرة التكهنات حول من سيخلف الرجل الأقوى في البلاد؟!، هاجس الاعتقاد بأنه قد يفارق الحياة في أية لحظة صار مفروضاً بقوة، وإن لم يُناقش حينها في العلن، فإن همساً كان يدور في الخفاء.
«خامنئي» - ذو ال 76 عاماً - خضع منذ أشهر لعملية استئصال جزء من البروستاتا، تم وأد الحديث عن صحته حينها بسرعة، كانت صورة تجمعه مع «حسن روحاني» أثناء زيارته له، كفيلة بأن تنهي الثرثرة وتؤكد نجاح العملية، ربما نجحت العملية لكنها لم تنجح في إيقاف القلق ومحو المخاوف، ماذا سيحدث للجمهورية الإسلامية عندما لا يكون المرشد الأعلى «علي خامنئي» في السلطة؟، وبات السؤال مطروحاً في العلن: من سيخلف المرشد؟!
حال رحيله، سيترك خامنئي الكثير من الملفات المعقدة مفتوحة، سيكون وريث خامنئي مثقلاً بهذه الملفات، التي على الرغم من كثرتها، فإن المنصب يبقى مغرياً لكثيرين، وهنا تبرز الأسماء اللامعة التي يمكن أن تسد الفراغ، في العام 1981 تعرض «خامنئي» لمحاولة اغتيال أثناء إلقائه خطاباً في مسجد «أبو ذرٍّ» جنوبيَّ طهران، لكنه نجا منها، على فراش الموت قبل أشهر، محاولة أخرى لاغتياله بفعل السرطان، بعض الإفادات من الأطباء قالت: إن تلك المرة قد لا ينجو، لكنه نجا منها، مؤخراً صرح المرشح للرئاسة الأمريكية لعام 2016، السناتور الجمهوري، تيد كروز، إن الولايات المتحدة قد تضطر إلى قتل المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، في حال حاولت إيران الحصول على سلاح نووي، فلننتظر لنرى: هل سينجو خامنئي هذه المرة أيضاً؟!

نقلاً عن موقع اليمامة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بل خنزير بثياب بشريه
ابو علي النجفي ( 2017 / 11 / 3 - 16:23 )
لم يشعر بوخزة ضمير عندما تسبب بقتل مئات الالاف من خيرة العراقيين من اكاديميين وطيارين وضباط وشيوخ عشائر ووجهاء مجتمع ومواطنين أبرياء ومدنيين ونساء وأطفال من قبل أجهزة مخابراته وميليشياته وعصاباته بشكل مباشر أو من خلال أرهابي القاعده وداعش التي أظهرت الوثائق تحالفها معه وتنفيذها لتوجهاته كل ذلك ولا زالت ذيوله وأذنابه تسرح وتمرح في بلادنا المستباحه ... لكن نقول مهلا ستدور رحى الزمن وعلى الباغي تدور الدوائر

اخر الافلام

.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س


.. كل يوم - د. أحمد كريمة: انتحال صفة الإفتاء من قبل السلفيين و




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: صيغة تريتب أركان الإسلام منتج بش