الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور داعش في دعم بشار

محمد أحمد الزعبي

2017 / 11 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


دور داعش في دعم بشار الأسد
الدكتور محمد أحمد الزعبي
06.11.2017
عندما بدأت انتفاضة تلاميذ محافظة درعا ، التي تحولت لاحقاً ( 18 أذار 2011 )إلى ثورة شعبية عارمة مكتملة الأركان ، عمت معظم مدن وقرى سوريا ضد نظام عائلة الأسد الديكتاتوري العسكري والطائفي والمسؤول عن هزيمة 1967 وضياع هضبة الجولان .
لايجهلن أحد ، أن هذه الثورة ، كانت في بداياتها الأولى ثورة شعبية سلمية ، تلخصت مطالبها بمطلب شرعي واحد هو " الديموقراطية " التي تعتبر شعارات ( الحرية والكرامة ) التي أطلقها الثوارفي مسيراتهم ومظاهراتهم طيلة عام 2011 ، من مفرزات هذا المطلب الشرعي ( باعتراف بشار نفسه ) . كما لايجهلن أحد أن بشار الأسد ( الرئيس الوريث ) قد اطلق في خطابه الأول ( 30 آذار 2011) على ذلك الحراك الشعبي السلمي اسم " العصابات المسلحة " بل وحدد عدد المشاركين في هذه ( العصابات المسلحة !!) ب 64000 شخص، وهذا قبل أن يتم استبدال بمفهوم العصابات المسلحة مفهوم الإرهاب .
لم يكن خافياً على أحد في سوريا ، أن بشار كان يقصد بتعبير " العصابات المسلحة " السنة من الشعب السوري تحديداً ، وهم الذين استهدفتهم بداية آلته وآلة أخيه ماهر الحربية ، ولاحقاً آلات ولي الفقيه وحسن نصر الله وبوتن العسكرية ، وكان من الطبيعي ، أن يتحول في هذه الحال الحراك السوري الشعبي من حراك سلمي ، إلى حراك مسلح ، وان يتضاعف حجم الإنشقاق من الجيش النظامي ، والإنضمام إلى " الجيش الحر " ، وأن يتحول مطلب الإصلاح والتغيير الديموقراطي السلمي ، إلى مطلب " الشعب يريد إسقاط النظام " .
في المواجهة المسلحة ، بين الثورة والنظام ، كان النصر غالباً حليف الثورة ، الأمر الذي دفع بشركاء النظام أن يسارعوا إلى تلافي إنقاذ حليفهم بشار ، ومنع سقوط نظامه الطائفي على يد الثورة السورية الشعبية ، التي أصبحت جزءاً عضوياً أصيلاً من ثورات " الربيع العربي " ، تلك الثورات التي سبق أن أسقطت بن علي في تونس ، وحسني مبارك في مصر ، وعلي عبدالله صالح في اليمن ، وغيرت قواعد اللعبة السياسية بين الشعب والملك في المغرب ، والتي أخافت الغرب على عميلهم ( بشار) ، وعلى صنيعتهم (إسرائيل) ، ودفعت بهم للوقوف إلى جانب نظام عائلة الأسد وخاصة بعد كتابة تلاميذ إحدى مدارس درعا على جدران مدرستهم " جاك الدور يادكتور " ، ودفع بهم إلى البحث عن مخرج . لقد تطلبت عملية الإنقاذ هذه ثلاثة إجراءات فورية هي :

أولاً : السكوت الأوروأمريكي على تدخل كل من إيران ( قاسم سليماني ) وحزب الله اللبناني في سوريا ، رغم أن هذا التدخل العسكري الميداني ، يعتبر مخالفاً لقواعد القانون الدولي ، ورغم أن حزب الله اللبناني بالذات موجود على قوائم الولايات المتحدة الأمريكية كحزب إرهابي .
ثانياً : تخليق دولة العراق والشام الإسلامية ( داعش ) ، وتسليحها وتمويلها وتأهيلها للوقوف مع الثورة المضادة لثورات الربيع العربي ، ( معهم ) لحماية نظام بشار الأسد ومنع انهياره .
إن بشار الأسد بقبوله بهذا الدور الداعشي المريب قد ضرب عصفورين بحجر واحد ، فمن جهة سيسوق نظامه الطائفي للغرب ولأمريكا ، على أنه " المصد " العلماني الأقوى في المنطقة العربية للوقوف في وجه المد الإسلامي القديم ( جماعة الإخوان المسلمين ) والجديد ( داعش )، ومنع وصول آثاره إلى الغرب ، ومن جهة أخرى ، سيسوق نظامه داخلياً(سورياً ) باعتباره ، الحامي الوحيد لسورية من خطروصول هذا الفايروس الإسلامي الرجعي إلى الحكم في سوريا ، ولا سيما أن هؤلاء الإسلاميين يقفون ( حسب بشار ونظامه العلماني ) من الحضارة والحداثة الغربية موقفا سلبياً ، مخالفين به موقف كافة الأحزاب السياسية السورية الأخرى .التي تعتبر أن الحداثة الأوروأمريكية ، إنما تمثل الهدف النهائي لمساعيهم السياسية والاقتصادية في التنمية والتطور .

إن انتصارات داعش السريعة والمتتالية علي جيش الأسد في شمال سوريا وشرقها ، لايجد تفسيره برأينا إلاّ بالانتصارات السريعة والمتتالية المعكوسة للنظام على داعش التي نشهدها هذه الأيام .
بما يسمح بوصف العلاقة بين النظام وداعش ب " حك لي بحك لك " .
كما أن التحاق آلاف الشباب الأوروبيين للقتال والمشاركة المتلفزة في قطع الرقاب ، ورجم النساء ، مع داعش ، وعودتهم اليوم ( بعد انفراط عقد داعش )إلى بلدانهم سالمين غانمين ، إنما يدخل برأينا فيما أشرنا إليه قبلاً ، من قبول الغرب لداعش كشريك في الثورة المضادة لثورات الربيع العربي ، وفي حماية نظام بشار الأسد ومنع انهياره وسقوطه .
ثالثاً : دخول الجيش الروسي على الخط ، واحتلاله عملياً لسوريا ، بحجة أن ذلك كان بطلب من بشار الأسد ،الرئيس الشرعي (!!) لسوريا . ولسنا بحاجة إلى الإشارة هنا إالى أن السكوت الأمريكي والغربي على هذا التدخل الروسي في سورية إنما يتكافؤ برأينا مع القبول الفعلي بهذا التدخل ، حيث يقول المثل الشعبي ( السكوت قرار ) . هذا مع العلم أن التعاون الروسي الأمريكي حول سوريا ، قد فضحته الزيارات المتكررة لجون كيري إلى موسكو ، وظهورعلائم السعادة على وجهه وهو يصافح وزير خارجية بوتن (لافروف) . وقد فضحه أيضاً تلاشي عشرات الألوف ( على ذمة وسائل الإعلام الغربية ) من عناصر داعش الذين كانوا يحتلون مدن الفلوجة والموصل والرقة وتدمر ودير الزور والبوكمال ، تلاشيهم في مجاهل بادية الشام ، أمام أعين الأقمار الصناعية الغربية التي لاتنام (!!) .
نعم لقد تمت عملية إنقاذ النظام إذن ، على يد داعش وقاسم سليماني وحسن نصر الله وبوتن وأبو بكر البغدادي والسكوت الأورو أمريكي ، تمت بنجاح ، وهاهو بشار يعلن انتصاره على الثورة السورية (!!) . ويبشر بانطلاق المرحلة الجديدة ، مرحلة " إعادة الإعمار" أي عمليا إعادة إعمار ما دمرته جيوشهم ( هو وشبيحته الداخليين والخارجيين ) ومليشياتهم العسكرية حيث ستقوم بهذه المهمة ـ بطبيعة الحال ـ الشركات الأمريكية والأوروبية والروسية العملاقة ، وربما الإيرانية ، وذلك مقابل مئات وربما آلاف مليارات الدولارات التي قد لا ينتهي سدادها إلا مع آخر قطرة من النفط المخزن في باطن الأرض السورية (!!) ، وربما أيضاً ، مع آخر وريث لحكم سوريا من سلالة سليمان الأسد .
ان قيام داعش بعمليات محدودة ومدروسة جيداً ، هنا وهناك في بعض الدول الأوروبية ، إنما هو لإعطاء الأوروبيين الحجة والعذر في مساعدة نظام الأسد ماديا ومعنويا ، والإقتناع الأوروبي بأن بشار وشبيحته هم المكافحون الحقيقيون ضد الإرهاب في سوريا ، ولذلك ينبغي دعمهم بالمال والسلاح والإعلام ، بما يعني ضرورة بقا ء بشارفي السلطة مادام في سوريا داعشي واحد ينبغي ملاحقته والقضاء عليه ، وذلك من أجل تسليم سوريا لبوتن وشركاه نظيفة وخالية من الإرهابيين الذين كانوا يعكرون صفو أوروبا وأمريكا بل والعالم أجمع (!!) .
لقد سمحت مقولة تحرير سورية من داعش (!!) ، وحماية النظام من إمكانية سقوطه على يد الجيش الحر، سمحت للغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية ، بمساندة بشار الأسد ، ليس فقط عبر سكوت هذا الغرب على الاحتلال الروسي لسوريا ، تحت ذريعة استدعائهم من قبل سلطة شرعية (!!) ، وإنما أيضاً عبر منع وصول أية أسلحة متطورة إلى أيدي الجيش الحر . إن المضحك ـ المبكي في هذه اللعبة الأمريكية ـ الروسية هو أن صمت الولايات المتحدة الأمريكية على الاحتلال الروسي لسوريا ، كان يتزامن مع إعلان الرئيس الأمريكي ( أوباما ) يومياً أن بشار الأسد رئيس غير شرعي ، وهو يقوم بقتل " شعبه " ، ولذالك فإن عليه ان " يرحل " .
لقد كان سكوت الغرب عن الاحتلال الروسي لسوريا وإخفاء مواقفه الحقيقية المعادية للثورة والمناصرة للنظام تحت مظلة كاذبة اسمها " أصدقاء الشعب السوري " يمثل طعنة نجلاء في صدر هذه الثورة التي كانت وظلت لبضعة شهور حراكا سلمياً لا تتعدى مطالبه (الحرية والكرامة) وبالتالي " الديموقراطية "، والتي هي ـ بحدود علمنا ـ جزء أساسي من حقوق الانسان التي طالما تغنى بها الغرب أنظمة وشعوباً ، واعتبرها جزءاً أساسياً وعضوياً من أيديولوجيته المعلنة .

ان موافقة الغرب وعلى راسه آمريكا ترامب على تحويل لقاءات جنيف الحوارية بين نظام بشار الأسد والمعارضة إلى أستانا كازاخستان ، انما هو عملياً قبول واعتراف بشرعية النظام من جهة ، وبشرعية تواجد القواعد العسكرية البرية والبحرية الروسية في سوريا وشرعية تواجد القوات الطائفية الإيرانية واللبنانية والعراقية، والقبول بالدور المشبوه الذي تقوم به داعش في سوريا والعراق ، من جهة آخرى .
إن مثل هذا التوافق والتواطؤ الروسي ـ الأمريكي ضد الثورة السورية ، إنما يفسر تجاهل مجلس الأمن لتجاهل النظام السوري تطبيق قراراته ، وبما فيها القرارات التي اتخذت( بضم التاء ) تحت الفصل السابع(!!) . نعم لقد كانت قرارات مجلس الأمن حول سوريا مثل القرارات ( 2042 ، و2118، و 2254 ( على سبيل المثال لاالحصر) ، لاتزيد عن كونها ذراً للرماد في العيون ، وإشعاراً كاذباً للشعب السوري بآن الغرب معهم ضد النظام ، ولكن بشرط ضمني غير معلن هو أنه عليهم أن يتخلصوا أولاً من الإسلاميين ، الذين يصفونهم عادة ب " الإرهابيين" ويماهون بين المعتدل والمتطرف منهم ، و بين الدورالإرهابي لداعش ، والدور السياسي لجماعة الإخوان (!!).

لقد شاهدت قبل قليل على شاشة إحدى الفضائيات العربية مجموعة من الشباب الأوروبيين العائدين الى دولهم بعد ان انفرط عقد داعش في سوريا والعراق . ولقد سمحت لي رؤيتي لتعابير وجوههم وهم يعودون إلى آوطانهم وأسرهم فرحين أن أتساءل : هل حقاً آنهم كانوا داعشيين ؟! وأنهم قد تركوا آوربا لكي يلتحقوا بداعش من أجل الدفاع عن الإسلام والمسلمين ؟! أترك الإجابة على هذا التساؤل للقارئ الكريم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد