الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون الإفساد بطله المواطن

رولا حسينات
(Rula Hessinat)

2017 / 11 / 9
سيرة ذاتية


ما أذكره عند قيام الحرب العراقية الكويتية أو لنقل ما قام به صدام حسين في التوغل في الأراضي الكويتية وما حدث بعد ذلك من العدوان الثلاثيني على العراق وهو الحدث الذي لم أستطع فهمه أو أيِّ أحد من جيلي وخاصة ممن لم يعرف عن الحرب العراقية الإيرانية شيئاً سوى أنها حرب الثمان سنوات وأن منطقة الأهواز أصبحت بقبضة إيران منذ ذلك الحين حيث أننا بحجم تفكيرنا الصغير لا نؤمن بأي صراع كان على الساحة العربية قبل أن نحلّ الصراع العربي الإسرائيلي على أرض فلسطين ومشاهد القتل والتشريد وقصص المذابح تعيش معنا يومياً في دفاترنا وأقلامنا وجيراننا والكثيرين ممن هُجِّروا عبر الجسر وكانت أشعار درويش تصدح بها حناجرنا القوية في الإذاعة الصباحية في مدارسنا الإعدادية .
القراءة النهمة كانت كالبحث النهم عن الحقيقة ما أذكره أنني كنت أبحث عن محطة راديو موتيكارلو الناطقة بالعربية عبر المؤشر الأحمر والقطعة الدائرية الصغيرة إلى الجانب الأيمن من الراديو الصغير الذي كان وسيلتنا آنذاك لمعرفة الحقيقة بعد محطة إسرائيل 1 التلفزيونية والتي تأتي بشاشة مشوشة بالكاد تُفهم أخبارها ورغم ذلك كنا نحمل آذانا صاغية لما تنطق به الشاشة المستطيلة كما هو الراديو الصغير.
كنت في الرابعة عشر من عمري وهذا ما كنا نفعله عندما كنا نريد معرفة أخبار عما يدور حولنا لعلنا نعرف الحقيقة أو نصيب منها شيئاً وأذكر تماما مخاوف صديقة تصغرني بثلاث أو أربع سنين كنا حينها نتدرب على المسرح في أحد المراكز المحلية في محيط بلدتنا كانت من أم مصرية وأب أردني ولكنها لم تحمل سوى جين الهروب كانت تريد الهرب بعيدا لا تريد أن تلصق على إطار النوافذ الأشرطة اللاصقة أو أن تقتصد بالكهرباء وأن تطفئها مبكرا في الليل كما أنها لا تريد أن تعيش قصص الفقدان والموت كما كنا نفعل نحن ونحن ننتظر دويّ صفارات الإنذار أو حينما كنا نجمع المعلبات والألبسة لأطفال العراق والتبرع بمصروفنا اليومي الذي لم يتجاوز العشرة قروش آنذاك فهي صغيرة لتفعل ذلك لم أقل حينها سوى وإلى أين سنفرُّ من القدر وحتى إن نجحنا في الفرار فهو سيصيبنا لا محالة...
وعندما دخلت الجامعة كنا نقتنص الصحف الصفراء وشبكة الصياد لمعرفة الأخبار الصفراء والتي لا يمكن معرفتها إلا بالطرق الملتوية عن شبهات الفساد وعن أخبار فلان وعلاقته مع ومع وهكذا من قصص يحكمها التأويل وكانت جريدة شيحان حينها الجريدة الأكثر رواجا بين شباب الجامعة
ولا أنكر دور الشائعة في كف بحثنا عن الكثير من الأسئلة التي تراودنا عن نفسنا وأهمها لم علينا أن لا نقوم بأي مظاهرة تعبيرية عن رفع الرسوم الجامعية مثلا أو حتى وقفة صمود مع الشعب الفلسطيني فكانت الإجابة مبهمة تأتي بأن الجامعة مقيد بحقها أكثر من إنذار وسيتوقف التدريس فيها إن قامت فيها مظاهرة بعد مظاهرات عام 85 وهو العام اللغز الذي لم يحلّ بعد
ومازلت كالكثيرين أبحث بعد أن دسّ الشيب سمه في شعر الرأس عن الحقيقة بعيدا عن الشاشات المربعة والمستطيلة والتي تمددت بفعل التكنولوجيا ولكنها حافظت على موضوعية الحوارات والتماثيل الشمعية لمذيعيها وأخبارهم التي دوما تؤكد أن الأمور بخير كما هو التلفزيزن الليبي أثناء الثورة الليبية والمصرية أيام الثورة المصرية والسوري حتى الآن هذه الديمومة بالمصداقية جعلتنا نهرب منها ونبحث عن الحقيقة بعد أن وجدناها في السي أن أن فقدناها فيها أيضا فكانت قناة الجزيرة التي أمدتنا بالحقيقة
أتفق مع الكثيرين في كونها ليست حيادية في كثير من الأحيان ولكنها تعطي الحقيقة بالعيار الثقيل وسواء شئنا أم أبينا فقد استطاعت الجزيرة أن تعرّفنا بأسس البحث بأن هناك حقيقة وإن أختلفنا عليها وأن هناك ما بين السطور والذي علينا أن نقرأه جيدا ورغم أننا بعد تجربة سنوات كثيرة عرفنا فيها الكثير ولكننا لم نستطع تأيده والاتفاق معه بل عمدنا إلى رفضه لأن الرفض عنى لنا جميعا شيئا واحدا وهو الوقوف في الجانب الآمن الجانب الذي تحكمه العاطفة أكثر مما يحكمه العقل وسعينا إلى التمسك بالحقيقة الأخرى التي تُناسبنا أكثر
أشد ما يُحزنني هو لماذا يقف العالم كله ضد الجزيرة باعتبارها طاعونا أو مجرما خطرا أو قاتلا محترفا أو غيرها من المسميات التي كان أشدها أنها راعية للإرهاب بعد أن كان الترويج لشائعة أن الجزيرة مدعومة من قبل إسرائيل وبعدها بحين أنها أمريكية وأخيرا هي إرهابية وأن الكثير من العمليات الإرهابية تمولها قناة إخبارية تسمى الجزيرة بل وتساهم في قلب نظام الحكم وزعزعة الأمن القومي لكثير من الدول ويستحق موظفوها الإعدام
أممم من الصعب التفكير كبشر بهذه العقلية الشرسة لأننا ببساطة عقولنا الباحثة عن فتيل من الحقيقة أن نصدق أن قناة إخبارية مهما بلغت قوتها أن تخالف القوانين الصحفية المرخصة وفق القانون العالمي للصحامة والإعلام وأن تساهم في قلب الحكم هي بالتأكيد، ساهمت في قلب العقل وفتح نوافذ جديدة من كشف المستور والذي ينبغي أن لا نبحث عنه بالأصل خارج إطار المستطيل المحلي.
ما تعلمناه من خبرتنا في الحياة والتي نطلُّ عليها بنطاق أفقي بأن هناك خط مستقيم يصل بين النقطة أ والنقطة ب قد يتأثر نطاق الرؤية بكثير من العوامل التي قد تمنع الوصول إلى الحقيقة كاملة للمشهد ولكنها تُبقي على الإطار العام للفكرة وهي أن هناك حقيقة واحدة ولكن قد تتعدد وجهات النظر والتي يجب أن تحترم وأن يحترم عقل المشاهد والسامع والقارئ للخبر بعرض الحقيقة كاملة دون عبث بعقولنا أو مشاعرنا وعدم الكيل بالصاع للجزيرة بأنها قناة إرهابية بقدر ما أنها قناة إعلامية وحيادية
وهو نفس السياق الذي يجعلنا نفرق بين الفساد والإفساد باعتبار كليهما قانون وضعي صنعه البشر وروج له الكثيرون حيث أن الفساد يأتي من المسؤول والفعل الثلاثي الذي يقع على المواطن يضيف صيغة جديدة ومصدراً جديداً وهو الإفساد
والأفساد هنا هو أن نقوم نحن الأفراد والذين نحمل مسمى مواطنين بالمشاركة في قاون الفساد في حياتنا اليومية وبأبسط أمثلتها وهو أن نأكل حق بعضنا البعض بأن يعتدي أحدنا على أرض الآخر أو أيٍّ من ممتلكاته بوضع اليد أو تسرح أغنام فلان بأرض فلان من أجل الإفساد والتكسب غير المشروع أو أن يأخذ فلان حق فلان علانية بحجة دينٍ سابق أو أن يقوم أحدنا باستخدام معارفه ليتوسط بقضية ما أو إسقاط حق ما أو تحصيل بعثة ما أو حق مالي ما أو تحصيال أيِّ تكسب حتى نصل إلى صور جديدة من الفساد بسرقة الكهرباء و الانترنت و المياه وغيرها من أشكال الإفساد وهي التي تعلمناها على مدى عقود من الدروس في قانون الطبيعة البشرية القائم على التكسب غير المشروع.
لقد احتجنا كمواطنين إلى عقود لتعلم وممارسة هذا القانون.
فكم عقدا ستحتاج حكوماتنا لتنجح في تعلم قانون النزاهة والشفافية والمصداقية في تعاملها مع المواطنين الذين يعانون من مرض لم يعرف بعد وهو الخلط بين الواقع والحلم؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ضربة أصابت قاعدة عسكرية قرب أصفهان وسط إيران|#عاجل


.. القناة 12 الإسرائيلية: تقارير تفيد بأن إسرائيل أعلمت واشنطن




.. مشاهد تظهر اللحظات الأولى لقصف الاحتلال مخيم المغازي واستشها


.. ما دلالات الهجوم الذي استهدف أصفها وسط إيران؟




.. دراسة جديدة: اللحوم النباتية خطرة على الصحة