الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يَسُوعُ والنَّبِيُّ أَلِيشَعُ ونُعْمَانُ السُّرْيَانِيُّ وفَتَاةٌ صَغِيرَة!

سرمد أبي وداد

2017 / 11 / 9
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


يَسُوعُ والنَّبِيُّ أَلِيشَعُ ونُعْمَانُ السُّرْيَانِيُّ وفَتَاةٌ صَغِيرَة!

سفر الملوك الثاني 5

1 وَكَانَ نُعْمَانُ رَئِيسُ جَيْشِ مَلِكِ أَرَامَ رَجُلاً عَظِيمًا عِنْدَ سَيِّدِهِ مَرْفُوعَ الْوَجْهِ، لأَنَّهُ عَنْ يَدِهِ أَعْطَى الرَّبُّ خَلاَصًا لأَرَامَ. وَكَانَ الرَّجُلُ جَبَّارَ بَأْسٍ، أَبْرَصَ.
2 وَكَانَ الأَرَامِيُّونَ قَدْ خَرَجُوا غُزَاةً فَسَبَوْا مِنْ أَرْضِ إِسْرَائِيلَ فَتَاةً صَغِيرَةً، فَكَانَتْ بَيْنَ يَدَيِ امْرَأَةِ نُعْمَانَ.
3 فَقَالَتْ لِمَوْلاَتِهَا: «يَا لَيْتَ سَيِّدِي أَمَامَ النَّبِيِّ الَّذِي فِي السَّامِرَةِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَشْفِيهِ مِنْ بَرَصِهِ».
4 فَدَخَلَ وَأَخْبَرَ سَيِّدَهُ قَائِلاً: «كَذَا وَكَذَا قَالَتِ الْجَارِيَةُ الَّتِي مِنْ أَرْضِ إِسْرَائِيلَ».
5 فَقَالَ مَلِكُ أَرَامَ: «انْطَلِقْ ذَاهِبًا، فَأُرْسِلَ كِتَابًا إِلَى مَلِكِ إِسْرَائِيلَ». فَذَهَبَ وَأَخَذَ بِيَدِهِ عَشَرَ وَزَنَاتٍ مِنَ الْفِضَّةِ، وَسِتَّةَ آلاَفِ شَاقِل مِنَ الذَّهَبِ، وَعَشَرَ حُلَل مِنَ الثِّيَابِ.
6 وَأَتَى بِالْكِتَابِ إِلَى مَلِكِ إِسْرَائِيلَ يَقُولُ فِيهِ: «فَالآنَ عِنْدَ وُصُولِ هذَا الْكِتَابِ إِلَيْكَ، هُوَذَا قَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ نُعْمَانَ عَبْدِي فَاشْفِهِ مِنْ بَرَصِهِ».
7 فَلَمَّا قَرَأَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَقَالَ: «هَلْ أَنَا اللهُ لِكَيْ أُمِيتَ وَأُحْيِيَ، حَتَّى إِنَّ هذَا يُرْسِلُ إِلَيَّ أَنْ أَشْفِيَ رَجُلاً مِنْ بَرَصِهِ؟ فَاعْلَمُوا وَانْظُرُوا أَنَّهُ إِنَّمَا يَتَعَرَّضُ لِي».
8 وَلَمَّا سَمِعَ أَلِيشَعُ رَجُلُ اللهِ أَنَّ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ قَدْ مَزَّقَ ثِيَابَهُ، أَرْسَلَ إِلَى الْمَلِكِ يَقُولُ: «لِمَاذَا مَزَّقْتَ ثِيَابَكَ؟ لِيَأْتِ إِلَيَّ فَيَعْلَمَ أَنَّهُ يُوجَدُ نَبِيٌّ فِي إِسْرَائِيلَ».
9 فَجَاءَ نُعْمَانُ بِخَيْلِهِ وَمَرْكَبَاتِهِ وَوَقَفَ عِنْدَ بَابِ بَيْتِ أَلِيشَعَ.
10 فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَلِيشَعُ رَسُولاً يَقُولُ: «اذْهَبْ وَاغْتَسِلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي الأُرْدُنِّ، فَيَرْجعَ لَحْمُكَ إِلَيْكَ وَتَطْهُرَ».
11 فَغَضِبَ نُعْمَانُ وَمَضَى وَقَالَ: «هُوَذَا قُلْتُ إِنَّهُ يَخْرُجُ إِلَيَّ، وَيَقِفُ وَيَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ إِلهِهِ، وَيُرَدِّدُ يَدَهُ فَوْقَ الْمَوْضِعِ فَيَشْفِي الأَبْرَصَ.
12 أَلَيْسَ أَبَانَةُ وَفَرْفَرُ نَهْرَا دِمَشْقَ أَحْسَنَ مِنْ جَمِيعِ مِيَاهِ إِسْرَائِيلَ؟ أَمَا كُنْتُ أَغْتَسِلُ بِهِمَا فَأَطْهُرَ؟» وَرَجَعَ وَمَضَى بِغَيْظٍ.
13 فَتَقَدَّمَ عَبِيدُهُ وَكَلَّمُوهُ وَقَالُوا: «يَا أَبَانَا، لَوْ قَالَ لَكَ النَّبِيُّ أَمْرًا عَظِيمًا، أَمَا كُنْتَ تَعْمَلُهُ؟ فَكَمْ بِالْحَرِيِّ إِذْ قَالَ لَكَ: اغْتَسِلْ وَاطْهُرْ؟».
14 فَنَزَلَ وَغَطَسَ فِي الأُرْدُنِّ سَبْعَ مَرَّاتٍ، حَسَبَ قَوْلِ رَجُلِ اللهِ، فَرَجَعَ لَحْمُهُ كَلَحْمِ صَبِيٍّ صَغِيرٍ وَطَهُرَ.
15 فَرَجَعَ إِلَى رَجُلِ اللهِ هُوَ وَكُلُّ جَيْشِهِ وَدَخَلَ وَوَقَفَ أَمَامَهُ وَقَالَ: «هُوَذَا قَدْ عَرَفْتُ أَنَّهُ لَيْسَ إِلهٌ فِي كُلِّ الأَرْضِ إِلاَّ فِي إِسْرَائِيلَ، وَالآنَ فَخُذْ بَرَكَةً مِنْ عَبْدِكَ».
16 فَقَالَ: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي أَنَا وَاقِفٌ أَمَامَهُ، إِنِّي لاَ آخُذُ». وَأَلَحَّ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ فَأَبَى.
17 فَقَالَ نُعْمَانُ: «أَمَا يُعْطَى لِعَبْدِكَ حِمْلُ بَغْلَيْنِ مِنَ التُّرَابِ، لأَنَّهُ لاَ يُقَرِّبُ بَعْدُ عَبْدُكَ مُحْرَقَةً وَلاَ ذَبِيحَةً لآلِهَةٍ أُخْرَى بَلْ لِلرَّبِّ.
18 عَنْ هذَا الأَمْرِ يَصْفَحُ الرَّبُّ لِعَبْدِكَ: عِنْدَ دُخُولِ سَيِّدِي إِلَى بَيْتِ رِمُّونَ لِيَسْجُدَ هُنَاكَ، وَيَسْتَنِدُ عَلَى يَدِي فَأَسْجُدُ فِي بَيْتِ رِمُّونَ، فَعِنْدَ سُجُودِي فِي بَيْتِ رِمُّونَ يَصْفَحُ الرَّبُّ لِعَبْدِكَ عَنْ هذَا الأَمْرِ».
19 فَقَالَ لَهُ: «امْضِ بِسَلاَمٍ».
20 قَالَ جِيحْزِي غُلاَمُ أَلِيشَعَ رَجُلِ اللهِ: «هُوَذَا سَيِّدِي قَدِ امْتَنَعَ عَنْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ يَدِ نُعْمَانَ الأَرَامِيِّ هذَا مَا أَحْضَرَهُ. حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، إِنِّي أَجْرِي وَرَاءَهُ وَآخُذُ مِنْهُ شَيْئًا».
21 فَسَارَ جِيحْزِي وَرَاءَ نُعْمَانَ. وَلَمَّا رَآهُ نُعْمَانُ رَاكِضًا وَرَاءَهُ نَزَلَ عَنِ الْمَرْكَبَةِ لِلِقَائِهِ وَقَالَ: «أَسَلاَمٌ؟».
22 فَقَالَ: «سَلاَمٌ. إِنَّ سَيِّدِي قَدْ أَرْسَلَنِي قَائِلاً: هُوَذَا فِي هذَا الْوَقْتِ قَدْ جَاءَ إِلَيَّ غُلاَمَانِ مِنْ جَبَلِ أَفْرَايِمَ مِنْ بَنِي الأَنْبِيَاءِ، فَأَعْطِهِمَا وَزْنَةَ فِضَّةٍ وَحُلَّتَيْ ثِيَابٍ».
23 فَقَالَ نُعْمَانُ: «اقْبَلْ وَخُذْ وَزْنَتَيْنِ». وَأَلَحَّ عَلَيْهِ، وَصَرَّ وَزْنَتَيْ فِضَّةٍ فِي كِيسَيْنِ، وَحُلَّتَيِ الثِّيَابِ، وَدَفَعَهَا لِغُلاَمَيْهِ فَحَمَلاَهَا قُدَّامَهُ.
24 وَلَمَّا وَصَلَ إِلَى الأَكَمَةِ أَخَذَهَا مِنْ أَيْدِيهِمَا وَأَوْدَعَهَا فِي الْبَيْتِ وَأَطْلَقَ الرَّجُلَيْنِ فَانْطَلَقَا.
25 وَأَمَّا هُوَ فَدَخَلَ وَوَقَفَ أَمَامَ سَيِّدِهِ. فَقَالَ لَهُ أَلِيشَعُ: «مِنْ أَيْنَ يَا جِيحْزِي؟» فَقَالَ: «لَمْ يَذْهَبْ عَبْدُكَ إِلَى هُنَا أَوْ هُنَاكَ».
26 فَقَالَ لَهُ: «أَلَمْ يَذْهَبْ قَلْبِي حِينَ رَجَعَ الرَّجُلُ مِنْ مَرْكَبَتِهِ لِلِقَائِكَ؟ أَهُوَ وَقْتٌ لأَخْذِ الْفِضَّةِ وَلأَخْذِ ثِيَابٍ وَزَيْتُونٍ وَكُرُومٍ وَغَنَمٍ وَبَقَرٍ وَعَبِيدٍ وَجَوَارٍ؟
27 فَبَرَصُ نُعْمَانَ يَلْصَقُ بِكَ وَبِنَسْلِكَ إِلَى الأَبَدِ». فَخَرَجَ مِنْ أَمَامِهِ أَبْرَصَ كَالثَّلْجِ.

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري
ملوك الثاني 5 - تفسير سفر الملوك الثاني

إبراء نعمان من برصه!

هذه القصة حدثت غالبًا في أوخر أيام إليشع وغالبًا كان هذا في أيام ياهو الملك (بعد إصحاحات 7،6).

الآيات 1-7:
(أي بعد الأحداث التي وقعت فيها) وملك أرام = غالبًا هو بنهدد. مرفوع الوجه = رفعه الملك وكرمه. أعطى الرب خلاصا لأرام = أي انتصارا في حروبها ضد أعدائها ولا يعقل أن يقال هذا إذ كان العدو هو إسرائيل فيكون معنى الكلام عدوا آخر غالبًا هو أشور. أبرص = كان اليهود بحسب الناموس يعزلون البرص من الحياة العامة ولكن بالنسبة للأراميين فلا مانع عندهم من ذلك. النبي الذي في السامرة = كان إليشع له بيت معروف ومكانه معروف، ومشهورًا وسط الشعب وليس مثل إيليا. فإنه كان يشفيه لاحظ أن فتاة صغيرة أسيرة شهدت لله. وسنرى الآن الملك على كرسيه في خزي ممزق الملابس فالله قادر أن يعمل ويحول الصغار لشهود له. والله الذي سمح بغزوة أرام لإسرائيل لخطاياهم تأديبًا لهم، سمح لهذه الفتاة البريئة أن تسقط في أيديهم أسيرة ولكن نجد الله قد حماها وتعهدها في أرض السبي بل استخدمها في البشارة فكل الأمور تعمل معًا للخير.

ولكن من المؤكد أن أهل هذه البنت علموها أمور دينها وهي صغيرة وكان هذا سببا في خلاص عظيم. في (4) فدخل وأخبر سيده = دخل نعمان وأخبر سيده الملك بما قالته الفتاة. وفي (5) نجد ملك أرام يرسل خطابا لملك إسرائيل وهذا يشير لعلاقات ودية بينهما في هذه الفترة. ولكن يبدو أن ملك إسرائيل كان قد نسى إليشع أو هو لم يصدق أن يصنع معجزة كهذه لذلك ظن أن ملك أرام يخطط لغزو إسرائيل ويطلب شيئًا صعبا كشفاء نعمان حتى أنه حين يفشل في علاجه يعلن الحرب عليه لذلك مزق ثيابه. ونلاحظ أن نعمان وملك أرام لم يخطئوا بأن يرسلوا لاستدعاء إليشع بل أعطوا كرامة للنبي بذهاب نعمان بنفسه وفي هيئة رسمية. وذهبوا لملك إسرائيل أولا ثم ذهبوا للنبي في مكانه وهم لم يذهبوا فارغين بل ومعهم هدايا. ونلاحظ أن شفاء نعمان رمز لشفاء الأمم وهذه الفتاة الصغيرة التي نشرت الإيمان بعد أن تشتت الشعب إلى أرام تشير لتشتت المسيحيين من أورشليم ونشرهم المسيحية (أع4:8).

الآيات 8-14:
فارسل إليه اليشع رسولا يقول اذهب واغتسل سبع مرات في الاردن فيرجع لحمك اليك وتطهر فغضب نعمان ومضى وقال هوذا قلت أنه يخرج إلى ويقف ويدعو باسم الرب الهه ويردد يده فوق الموضع فيشفي الابرص.اليس ابانة وفرفر نهرا دمشق احسن من جميع مياه إسرائيل أما كنت اغتسل بهما فاطهر. ورجع ومضى بغيظ.فتقدم عبيده وكلموه وقالوا يا أبانا لو قال لك النبي امرا عظيما أما كنت تعمله فكم بالحري إذا قال لك اغتسل واطهر.فنزل وغطس في الاردن سبع مرات حسب قول رجل الله فرجع لحمه كلحم صبي صغير وطهر.

سبع مرات = رقم كامل ومقدس. فغضب نعمان = بعد أن ترك قصر الملك ذهب ووقف بباب النبي وظن هذا تنازلا كبيرًا منه خصوصا أن إليشع لم يخرج لإستقباله ولكن غالبا إليشع لم يخرج ليس بسبب الكبرياء لكن هو أراد أن يظهر له أن الذي يشفيه هو الله وليس إليشع، فنعمان انتظر ممارسات سحرية مثلما يفعل كهنة بلاده وأن يضع إليشع يده على موضع المرض ولكن إليشع أراه أن الله هو مصدر النعمة.
بالإضافة إلى أن نعمان بحكم مركزه فهو رجل متكبر ولكي يحصل على نعمة من الله يجب أن يتواضع وتنكسر كبرياؤه، وهو فعلا رجع ووقف بتواضع أمام النبي فقد شفى من كبريائه. ونهر أبانة= هو نهر بردى الحالي وهو يمر وسط دمشق وفرفر = غالبًا هو نهر الأعرج الذي يخرج من جبل الشيخ وهما أنهار كبيرة بالمقارنة بنهر الأردن. وقد أظهر نعمان طاعة في أنه استجاب لتعليمات إليشع. ومن الناحية الرمزية:-

فالبرص يشير للخطية والاغتسال في الأردن يشير للتطهير من الخطية في المعمودية. ولقد تشكك نعمان من الشفاء بهذا الأسلوب السهل، وأيضًا المعمودية في منتهى السهولة فتغطيس المعمد في ماء المعمودية يشفى من برص الخطايا الأصلية والتي صنعها الإنسان. وهكذا التوبة والاعتراف ويسمي المعمودية الثانية. وهو خلاص مجاني لكل من يريده لذلك رفض إليشع الهدية والمعمودية تعطى ولادة جديدة... لاحظ قول إليشع فيرجع لحمك إليك وتطهر آية 10.

إن أنهار دمشق بعظمتها التي تسقى أرض شعوب وثنية أقصى ما تستطيعه هو تنظيف الجسد أما نهر الأردن الذي يسقى أرض الله يشفى البرص. وكان أمر الله أن يغتسل نعمان فيه.

الآيات 15-19:
هنا نرى نعمان الذي تطهر ليس فقط من البرص بل من وثنيته:-

1.رجوعه إلى إليشع (آية 15). هوذا قد عرفت أنه ليس إله في كل الأرض إلا إله إسرائيل. هو آمن بالله فالاغتسال فتح عينيه مثلما فتح الاغتسال في بركة سلوام عيني المولود أعمى فآمن بالمسيح أنه ابن الله. لقد أعطاه الاغتسال استنارة (سر المعمودية).

2. هو عاد كل المسافة من الأردن إلى الكرمل حيث إليشع ليقدم الشكر = وَالآنَ فَخُذْ بَرَكَةً أي خذ الهدية فأتبارك أنا. هنا هو يشبه الأبرص الذي عاد من وسط 10 برص شفاهم المسيح (لو 12:17-19). وفي مثل السيد المسيح كان الذي عاد سامريا غريب الجنس مثل نعمان الغريب الجنس فهو أرامى (أي سورى). وبرجوعه للمسيح حصل هذا السامرى على الخلاص..." إيمانك خلصك" وهكذا نعمان.

3.رفض نعمان أن يقدم ذبائح لإله آخر غير يهوه بل سيصنع مذبحًا من تراب إسرائيل ليقدم ذبائح ليهوه عليه. لذلك يطلب حمل بغلين من التراب لأنه اعتبر أن أرض إسرائيل أرض الرب هي أرض مقدسة فهذا الذي احتقر الأردن هو الآن يقدس تراب إسرائيل.

4.نجد لنعمان هنا ضعفة إيمانية آية (18) فهو يطلب استثناء من إليشع أنه عند عودته لدمشق فهو كرئيس للجيش يجب عليه أن يقدم سجودا لآلهة أرام في بيت رمون وهو يرى أنه غير قادر على المجاهرة بأنه سيمتنع عن ذلك. ونجد إليشع بحكمة يقول له إمض بسلام فهو ترك له حرية القرار حينما رآه مترددا فهو لا يستطيع أن يوافقه على عبادة وثنية وبعد أن أعلن إيمانه بالله ولا يستطيع إرغامه كقائد جيش وحديث الإيمان بالله، أن يتغير تغييرا فجائيا. بل إليشع ترك التغيير لله مع الوقت. وهل نلوم نعمان على هذه الضعفة ولا نلوم إسرائيل الذي يعبد الله والبعل.

5.رفض إليشع للهدية درس لهذا المؤمن الجديد بأن أولاد الله يحتقرون ماديات العالم ويظهر له أن الشفاء هو من إله إسرائيل وهو مجاني

الآيات 20-27:
لاحظ أن جيحزى يحلف باسم الرب وهو ينوى الكذب والخيانة = حى هو الرب وفي (21) نزل من المركبة = أعطاه نعمان هذا التكريم لأنه تلميذ إليشع ولكن تلميذ إليشع هذا خدعه. وفي (26) الم يذهب قلبي... = الله أعلم إليشع بما حدث فكأنه رأى وسمع ما فعله جيحزى. أهو وقت = بل هو وقت كرازة بالله وسط الأراميين الوثنين هذا هو الفارق بين الخادم الحقيقي الذي يهتم بخلاص النفوس وبين الخادم الذي يهتم بمكسبه المادي أولًا. لأخذ الفضة والثياب = وهذه أخذها. وزيتون وكروم.... هذه التي كانت نيته متجهة لشرائها بوزنتى الفضة، لقد رأى إليشع ما في قلب جيحزى. وفي 27 فبرص = هو إشتهى ما لنعمان فأخذ أيضًا برصه. عجيب أن جيحزى تلميذ إليشع يكون بهذه الصورة عوضا........ظ أن يكون قديسا بينما أن رجال نعمان الوثنيين كانت مشورتهم صالحة وكانوا أفضل منه كثيرا. نعمان هذا يشير لقبول الأمم للمسيح بينما جيحزى هذا يشير لليهود الذين رفضوا المسيح فلصقت بهم خطيتهم فهم لم يستفيدوا من إمكانيات دم المسيح. وكان اليهود من خاصة المسيح من شعبه ومن لحمه وعظامه ورفضوه كما أن جيحزى كان خادم إليشع الملتصق به ولم يستفد من قداسته. وخطايا جيحزى متعددة:-

1.محبته للمال ومحبة المال أصل كل الشرور.

2. أدان معلمه النبي العظيم داخل قلبه وحسبه أخطأ إذ رفض الهدية فهو حسب نفسه أحكم من معلمه.

3.حسد هذا الأممي الغريب إذ حصل على هذه النعمة مجانا.

4.وسارق إذ أخذ الهدية التي كان يجب أن يعطيها لسيده.

5.شوه صورة سيده أمام الغرباء فهو أظهر صورته كمن ندم على كرمه وكان هذا كفيلا بأن يرتد نعمان عن إيمانه.

6.أخفى ما أخذه وكذب على إليشع وكثرة الخطايا سببت له عمى فهو لم يدرك أن إليشع الذي يعلم كل شيء قادر أن يكشف خداعه. وهذه الحقيقة أن إليشع قادر أن يعرف كل شيء أدركها حتى الأعداء (2 مل 12:6) فهذه الحقيقة عرفها الوثنيين لكن لم يدركها جيحزى لجشعه. فالخطايا والأغراض الخبيثة داخل القلب تسبب عمى القلب عن إدراك ما يدركه أبسط الناس بل أن حتى كذبته كانت ساذجة فهل غلامان من بنى الأنبياء يحتاجان وزنة من الفضة (3000 شاقل وثمن العبد 30 شاقل) بسبب كل هذا وقع عليه عقاب شديد كما حدث مع حنانيا وسفيرة اللذان كذبا على الروح القدس هو كسب وزنتى فضة ولكنه خسر صحته وكرامته وسمعته وربما خلاص نفسه، والتصاق البرص به وببيته للأبد وهذا ما دعى بعض المفسرين أن يقولوا أن عائلته قد انقرضت سريعًا !!!!

القمص تادرس يعقوب:
يروي لنا هذا الإصحاح قصة فتاة اصطادها الآراميون في إحدى المعارك واستعبدوها. صارت في أرض غريبة بلا أب ولا أم ولا أخ أو أخت. ليس من قريب يشبع عواطفها ولا من كاهن يسند نفسيتها ويصلي لأجلها. ليس من كتاب مقدس بين أيديها. فقدت حريتها وإنسانيتها بتحكم الغير في مصير حياتها... ومع هذا كله لم تتحطم ولا تذمرت على الله، بل شهدت لعمل الله أمام قائد الجيش الغريب. حركت التاريخ في شجاعة، الأمر الذي فشل فيه ملك إسرائيل.

الفتاة المسبية شهدت لعم الله الفائق في أرض العبودية والملك صاحب السلطان مزق ثيابه ولم يعرف إمكانيات الله في حياته وفي بلده.

في إيمان صدق القائد الفتاة المسبية، وبروح الاتضاع سمع لصوت عبيده حين سألوه أن ينفذ ما قاله النبي.

الفتاة الصغيرة التي قدمت عملًا كرازيًّا بين الأمم هي رمز للتلاميذ والرسل الذين من اليهود، القلة الصغيرة التي كرزت وسط الأمم. والملك الرافض للعمل يمثل الأمة اليهودية التي بجحودها وعدم إيمانها لم تقبل العمل الإلهي.
إيمان الفتاة الصغيرة الأسيرة أعظم من إيمان الملك. حرّكت قائد آرام القوية ليطلب من إله إسرائيل بينما كشف الملك عن عدم إيمانه.

غالبًا ما كان ملك إسرائيل هو يهورام بي آخاب، كانت له علاقات طيبة مع ملك آرام.

يرى العلامة ترتليان أن نزوله في النهر سبع مرات يشير إلى تلوثه بسبع خطايا مميته وهي العبادة الوثنية والتجديف والقتل والزنا والنجاسة وشهادة الزور والغش. وكأنه في كل مرة يغطس يتطهر من خطية ما بالترتيب

انه الأردن وليس النبي هو الذي يفعل ذلك (يطهر البرص). عمل النبي هو أن يوجه إلى موضع الشفاء. ناثان لعدم فهمه للسر العظيم الذي للأردن يقول: [9، 10] فان وضع يده على البرص والتطهير منه هذا من اختصاص ربنا يسوع وحده (مت 8: 1، 3) فإنه توسل إليه البرص بإيمان: "إن أردت تقدر تطهرني" لم يقل "أريد فتطهر" إنما أضاف إلى الكلمة أنه لمسه، فبرأ من البرص كان نعمان مخطئا، ولم ير كيف أن كل الأنهار الأخرى أقل من الأردن لشفاء الألم.
العلامة اوريجاينوس!
ويكمل العلامة اوريجنيوس حديثه موضحا امتياز نهر الأردن عن بقية الأنهار، فانه لا يوجد غير الأردن قادر على التطهير من البرص. فعلى انهار بابل جلس الإسرائيليون وتذكروا صهيون، وهناك بكوا. لقد سبوا إلى بابل وتذوقوا مياه غير مياه الأردن المقدسة، فاشتاقوا إلى نهر الخلاص لقد جلسوا ولم يقدروا أن يقفوا (مز) ويوبخ إرميا النبي من يشرب من مياه جيئون (إر 2: 28)

(إنجيل لوقا 4: 27) وَبُرْصٌ كَثِيرُونَ كَانُوا فِي إِسْرَائِيلَ فِي زَمَانِ أَلِيشَعَ النَّبِيِّ، وَلَمْ يُطَهَّرْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إِلاَّ نُعْمَانُ السُّرْيَانِيُّ».

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القس أنطونيوس فكري
لوقا 4 - تفسير إنجيل لوقا

السيد أشار أن موقفه هذا تكرر من قبل مع إيليا وإليشع إذ تمتع بمعجزاتهم الأمم وليس أبناء وطنهم الذين لا يستحقون، بل كان الله يؤدبهم لعبادتهم الوثنية. وهنا نفهم أسلوب الله، أن الله يمنع نعمه وبركاته عمن لا يستحقها. وهل كان في إسرائيل إيمان مثل إيمان المرأة. وطبعًا فقصتي إيليا وإليشع، إشارة واضحة لقبول الأمم ورفض اليهود فيما بعد لصلبهم المسيح. ولكن المعنى القريب هو استحقاق كفرناحوم للمعجزات لإيمانهم وعدم استحقاق أهل الناصرة لعدم إيمانهم. ولكن إشارة المسيح لاستحقاق الأمم أكثر من اليهود لمعجزات إيليا وإليشع، أثارت اليهود الحاضرين لكبريائهم وقاموا بمحاولة لقتل المسيح. عمومًا لا أحد يريد أن يسمع حقيقة نفسه ويكره من يظهر له حقيقة خطاياه (رؤ10:11).
إلاّ أن المسيح لم تكن ساعته قد جاءت بعد فجاز في وسطهم وتركهم، فلا سلطان لأحد عليه (يو11:19)، بل هو يضع ذاته من نفسه حين يريد (يو17:10-18) إذًا هو جاز وسطهم بسلطان لاهوته. وهنا السيد استغل مقاومة أهل بلده له ليعلن قبوله لكل البشرية.

كانت هذه الكلمات قاسية على الأذن اليهوديَّة، فقد ظنَّ اليهودي أنه الشخص المدلَّل لِدى الله، صاحب الناموس والعُهود والمواعيد والنبوَّات ومن جنسه يأتي المسيَّا. لكن كشف السيِّد المسيح عن حقيقة حبُّه للبشر بلا تمييز، ففي أيام إيليَّا تمتَّعت أرملة صيداء بما لم تتمتَّع به نساء يهوديَّات كثيرات، ونال الأممي نعمان السرياني الأبرص ما لم ينله البرص من اليهود (1 مل17 ؛ 2 مل5).
إننا نرى النبي لم يشفِ إخوته ولا مواطنيه ولا خاصته بل الشعب الغريب (نعمان السرياني الأبرص 1 مل17 ؛ 2 مل5)، الذي بلا ناموس ولا يدين بديانته، أفلا يدل ذلك على أن الدواء يتوقَّف على الإرادة وليس على جنس الإنسان، وإن البركات الإلهيَّة ننعم بها حسب اشتياقات قلوبنا، ولا تعطي لنا حسب مولدنا؟ فنتعلم الصلاة بلجاجة طالبين ما نشتهيه، فإن ثمر البركات الإلهيَّة لا يُعطى للفاترين.
الأرملة التي أُرسل إليها إيليَّا كانت رمزًا للكنيسة، التي جاء شعبها وقد جُمع من الأمم. وهذا الذي كان قبلًا نجسًا قبل عماده في النهر المقدَّس، وقد اغتسل من نجاسات الجسد والروح، ولم يعد بعد أبرصًا، صار عذراء عفيفة طاهرة بلا دنس ولا لوم (أف 5: 26). لهذا السبب عَظُم نعمان في عينيّ سيِّده، إذ كشف لنا عن صورة خلاص الأمم، وقد نصحته خادمة بارة أسَرَها العدُو بعد هزيمة بلادها في الحرب، بأن يَطلب خلاصه من النبي، فشُفي نعمان لا بأمر ملك أرضي، وإنما حسب سخاء الرحمة الإلهيَّة...
لقد رفض إليشع الهديَّة، وكان له إيمان تعلَّمه في مدرسة أصول الأعمال، فسِرْ أنت على ما تعلَّمته من مبادئ الرب مقتديًا بالنبي: "مجانًا أخذتم، مجانًا أُعطوا" (مت 10: 8). لا تتأخر في الخدمة بل قدِّمها مجانًا، فلا يجوز لك أن تقيِّم نعمة الله بمالٍ، ولا يليق بالكاهن في عمل الأسرار أن يفكِّر في الغنى بل في الخدمة... علّم عبيدك ذلك وحثُّهم، فإن خدَمَك أحد وضبطته هكذا محبَّا للمال (كجيحزي) فاطرده كما فعل النبي، ولتحسب الأموال التي حصل عليها بطريقة خاطئة تُدنِّس النفس والجسد، قائلًا: "أهوَ وقت لأخذ الفضَّة ولأخذ ثياب وزيتون وكروم وغنم وبقر وعبيد وجوار؟! فبَرَص نُعمان يلصق بك وبنسلك إلى الأبد" (2 مل 5: 26-27).
القديس أمبروسيوس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما ردود الفعل في إيران عن سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز


.. الولايات المتحدة: معركة سياسية على الحدود




.. تذكرة عودة- فوكوفار 1991


.. انتخابات تشريعية في الهند تستمر على مدى 6 أسابيع




.. مشاهد مروعة للدمار الذي أحدثته الفيضانات من الخليج الى باكست