الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متعة العالم الخاص في زمن وسائل التواصل

ماجد ساوي

2017 / 11 / 9
العولمة وتطورات العالم المعاصر


كنت في الثانية عشرة من عمري عندما قرات كتاب الف ليلة وليلة لاول مرة , وقد ذهب بي اخي الاكبر لاني كنت مدللا في العائلة بعد اصراري على شراءه بعدما سمعت عنه من بعض الاصدقاء اقول ذهب بي الى احد المكتبات المنزوية في مدينتنا وبعد ترقب من البائع وتاكد من عدم وجود احد من الوعاظ الغليضين في وعظم وانكارهم ادخلنا الى المكتبة واخرج لنا الكتاب بخمسة اجزاء وبالفعل دفعنا القيمة وعدنا للبيت .



القصص الممتعة في الكتاب مذهلة حقيقة لكن ما شدني وجذبني كان حديث الكتاب عن النساء بصراحة شديدة وعن المواعيد والعشق والغرام وخصالهن وصفاتهن وصفا الرجال وخصالهم وماله علاقة بموضوع " الجنس " , ولصغري فلم استوعب الكثير مما فيه الا انه رسم في ذهني عالما للنساء – بالاضافة لثقافتنا المووروثة عنهن - لازلت لليوم اجاهد في التاكد من صوابه وصحته .

كانت المواعيد في قصص الكتاب هي معيار علمي بالـ " موعد " , وفي فترة البلوغ وبدء تعرفي على عالم المراة عن قرب كنت ارسم في ذهني صورة للموعد في كل مرة اتعرف فيها على سيدة ما , واتخيل دخولنا الى غرفة النوم وكيف سيكون الامر ونحن معا , وكانت كل جهودي طوال مدة التعارف تصب في هذه الخانة .

بعد فترة من الفشل مع النساء خلصت الى نتيجة ان الزواج هو الحل الامثل لهذه المعضلة وانه من العبث السير في هذا الطريق المليء بالحفر والمطبات والخنادق والمتاريس وانه مضيعة للوقت والعمر والجهد

عالم المراة فيه مافيه لمن يدخله بغية الوصول اليها من الهم والغم والالم والحزن الاطنان والاطنان , والذي يلج اليه بنية ذات رغبة بالمتعة فانه ينتهي الى احد امرين , اما ان يكون من الزناة وهو هنا قد مرغ دينه وايمانه في الوحل لا ريب مضاف اليه الذنوب الكبيرة , او يكون من العشاق العذريين بغير ممارسة مع أي امراة وهنا هو تعبير واضح عن المضمضة بالماء دون شربه مع الحاجة الشديدة للماء وهو عين الغباء !!

اعود لقصص وحكايات كتاب الف ليلة وليلة , اقول انه قصصه وجكاياته تحمل سمة تعد الابرز والاظهر فيها - ولا تزال حية في معظم الاعمال الادبية الحديثة المشابهة - وهي الدخول الى عالم خاص لاحدهم او احداهن وتطالع احواله وشؤونه داخله وانت تتجول في اركانه وجهاته وزواياه وفضاءاته , وهو شيء شاد ان تكون داخل عالم خاص لاحدهم او احدهن فانت هنا تستمتع بمشاهدة الاحداث في حياته وكيف تتوالى المواقف مع شخصيات عالمه كاي مشاهد مغرق في متابعة احد المسلسلات التيلفزونية .

ان تكون ضمن حياة احدهم او احدهن لهو امر في ذروة المتعة ولم اقدر ان افسر حتى الان سبب حصول المتعة في هكذا تواجد واقرب تفسير توصلت اليه هو انك تمنع عادة من هكذا دخول الى حيوات الاخرين في الواقع من قبل الاخرين الذين يصنعون سياجا منيعا حول حيواتهم , ومنعك من هكذا دخول وحرمانك منه في الواقع هو المحرك لاستمتاعك بحصوله في القصص والحكايات فانت تشعر بشيء من الحرية والتحرر والتحرير من الواقع المانع لدخولك حيوات الاخرين , وانت في القصة والحكاية تنطلق بكل جنون داخل عالم ابطال القصة وبطلاتها وتخوضه معهم الى النهاية .

ماذا عن العالم الخاص لاحدهم او احدهن الذي ليس فقط يطلق لك عنان الحركة في رجاءه , بل يدخلك العالم الخاص الاكثر امتناعا دخولك اليه في الواقع والحياة وهو عالم الـ " جنس " , لهذا كانت القصص والحكايات المغرقة بالسرد لاحداث وتفاصيل ودقائق المواعيد بين الرجال والنساء هي اكثر مايعجبني من القصص والحكايات والتي بدات حكاية عشقي لها بكتاب الف ليلة وليلة ولا زلت اقرا في هذا النوع من السرد بمختلف اللغات.

متعة الدخول الى حيوات الناس الخاصة لا تعادلها متعة واليوم بفضل مخترعات العصر من وسائل التواصل والتعبير والنشر والكتابة , اصبح هذا ممكنا بنقرة اصبع فمن فتاة معجبة بحجابها تعرضه للمتابعين واخرى معجبة بشعرها تصوره للمهتمين وثالثة تعرض صورتها وهي امام احد المراقد ورابعة تعرض زيا من ازياء اخر الليل وهي تقول انا ملكة جمال الكون , وخامسة تلتقط صورة لصديقاتها وهن مبتسمات للعدسة لتقول انها تملك صفحة تواصل ولها شعبية فيها واما الشبان فعدد ولا حرج من الاهتمامات والمنشورات والمعروضات التي لا ريب تجذب الفتيات لا الشبان , وغيرها من صور الحيوات الخاصة للناس .

لا انكر كما ذكرت الشغف بالحيوات الخاصة للناس الا انني ارشده واهذبه فهو كما ذكرت ادلة الفقه انه يعد من تتبع العورات المنهي عنه , وانا احصره في الممكن والمتاح وطبعا كاي رجل سوي لا ادخل نفسي في حياة احدهم او احداهن بغير اذن او مشروعية , لهذا انا اعاني كثيرا من قلة استمتاعي بهذه الخصلة - الدخول للحيوات الخاصة والايغال في الخصوصية حد الجراة والتجول في المخدع والسرير .

فمن اتاح لي الدخول الى حياته الخاصة من الرجال او النساء فانا امتن جدا لهذا تصريح حيث امارس هوايتي في التجول في عالمه الخاص هذا او عالمها الخاص هذا , وبعد ان افرغ من متعتي وانتهي من نشوتي اخرج من الباب الاوسع حاملا ذكريات جميلة شاكرا حسن الضيافة وكرم الوفادة |, ولربما احتفظت بالقصة هذه في اروقة النفس اخرجها كلما عنت لي الرغبة بالدخول الى الحيوات الخاصة كحل مؤقت عند فقد امكانية الدخول لحيوات الاخرين وحكيت الاحداث وانا وحيد حكاية غير امينة مغيرا بعض التفاصيل لتوائم الرغبة التي تجول في روحي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توترات متصاعدة في جامعات أمريكية مرموقة | الأخبار


.. !الرئيس الألماني يزور تركيا حاملا 60 كيلوغرام من الشاورما




.. مئات الإسرائيليين ينتقدون سياسة نتنياهو ويطالبون بتحرير الره


.. ماذا تتضمن حزمة دعم أوكرانيا التي يصوت عليها مجلس الشيوخ الأ




.. اتهام أميركي لحماس بالسعي لحرب إقليمية ونتنياهو يعلن تكثيف ا