الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مابين متحف ابو ظبي ومتحف بغداد

رحمن خضير عباس

2017 / 11 / 10
الادب والفن


مابين متحف ابو ظبي… ومتحف بغداد
رحمن خضير عباس
أفتتح اليوم متحف اللوڤر في ابو ظبي. وقد إفتتحه الرئيس الفرنسي ماكرون بنفسه. مستشهدا بقول سيد الرواية العالمية ، الاديب الروسي دايستوفسكي "الجمال سينقذ العالم". ولقد افتخر ماكرون- ومن حقه ان يفخر- بولع الفرنسيين بالجمال الحقيقي ، الذي سيقوم بأنسنة العالم وإمتصاص وحشيته. الجمال ليس كامنا فقط في اللوحات الفنية التي تسيل بالجمال والمهارة والاناقة وعمق الفكرة ، وليس من خلال الحجر المنحوت والذي يحكي لنا قصة صراع البشر من أجل الوصول الى النور ، والتخلص من ظلمة العقل الحالكة.
المتحف فوق كل ذلك هو فضاء حضاري يمثل القيم الفكرية والمعرفية للانسان.
لقد أدرك الاماراتيون ذلك، أي الاهتمام بالمتاحف. سواءً لرغبتهم بإجتذاب السياحة ، التي ستصبح عَصّب الاقتصاد وبديلا للنفط الناضب . او لولعهم بالفن.
وفي كلا الاحتمالين ، فقد إختاروا الطريق الصحيح. وهو الزحف بإتجاه النور. ففي الوقت الذي اصبح متحف بغداد مظلما ، مستباحا، فقيرا، لأننا لم ندرك قيمة مانملك. يضج متحف اللوفر بمدينة ابو ظبي بالنور. لقد استطاعوا ان يبنوا الحضارة من خلال ما توفر لديهم من المال. أدركوا ان عصر النفط قد أوشك على الانتهاء. وان ماتبقى هو النزع الاخير للذين لم يستطيعوا قراءة الحاضر الا من خلال الماضي. الاماراتيون بعد أنْ حوّلوا ذرات رملهم الى ذرات ذهب . تجلى ذلك من خلال تحويل المنطقة الخليجية الى عنصر جذب لكل مهارات العالم. من خلال استقطاب الايدي العاملة الأجنبية الرخيصة. واستقطاب المهارات الفكرية النادرة والغالية. كل ذلك صبّ في عملية النمو السريع الذي شهدته الإمارات بسرعة قياسية وعلى كل الاصعدة.
متحف ابو ظبي ليس نهاية لطموح الإماراتيين الذي لم ولن يتوقف. انهم يراهنون على الجري قبل صفارة السباق نحو الوصول الى النهاية. حتى اصبح ذكر اسماء دبي وابو ظبي يقترن بأمهات المدن الأوربية العريقة.وكذلك المدن في العالم الحديث.
انها خطوة رائعة ان يكون ثمة مُتحف لديهم ، حتى وان كان على سبيل الاستعارة. انه يشكل الخطوة الاولى والعملاقة نحو انتهاج طريق الرقي والتحضر. فوجود متحف لوفر في المنطقة سيكون نقطة إشعاع ثقافي سيوفر الغذاء الروحي لأجيال الإمارات. ناهيك عن كونه نقطة جذب سياحية وتجارية ، ستساهم في تكريس الهيمنة السياحية لتلك المنطقة.
كان المعماري الفرنسي الذي صمم اللوفر الجديد ماهرا لانه استطاع ان يستوعب الجيوسوسيولوجية لمنطقة الإمارات تحديدا. وقد استوحى بعض الأشكال التقليدية للبيت الإماراتي قبل نعمة النفط. كما كان الرئيس الفرنسي ماكرون وفيا لبلده فرنسا التي حاول تسويق القيم الفكرية لفرنسا ، في خطاب الافتتاح لذلك المتحف. حتى حملة نابليون الغازية لم يتناول منها الا ماله علاقة بالتأثير الحضاري على مصر.كما حاول أن يؤكد المميزات الكبيرة للغة الفرنسية. وكأنه يطلب من دول الخليج تبني لغة بلده لقدرتها على التعبير واستيعاب مقتضيات الحاضر والمستقبل.
تذكرت- وانا اشاهد مراسيم الافتتاح- مُتحف بغداد الذي كان يحتضن أعرق الفنون والآثار الانسانية. والتي لم نكن مؤهلين للمحافظة عليها. فحينما جاء رعاة البقر الامريكان وهم بصدد عقوبة إزالة دكتاتور استنفد دوره. كان الغزاة حريصين على حماية مبنى وزارة النفط. بينما كانوا يتركون المتحف العراقي الوطني مستباحا من قِبَل الرعاع الذين ( فرهدوا) أثمن مايمتلكون. رعاعنا سرقوا تأريخهم. دون أن يدركوا فداحة مايفعلون. بينما كان الجندي الامريكي يمضغ الچبس المستورد خصيصا وهو في مدرعته المكيفة.يتمتع برؤية الناس ينهبون كل محتويات المتحف.
نحن العراقيين فرّطنا بحضارتنا التي ورثناها من أسلافنا، والذين لانستحق ان نكون أحفادهم. اما الاماراتيون فقد انطلقوا من لاشيء لبناء صرح حضاري حديث. فهنيئا لهم بهذا الإنجاز. فماذا نتوقع من سياسي الصدفة الذين يهددون " بانهم اذا تهدد مصيرهم فسيكسرون الزجاجة لخروج القمقم ! " كما صرّح وزير خارجية العراق الجعفري في أحد تجلياته !. وهكذا فقد كان النور التي توفره متاحفنا قد خبا. وها نحن نعيش في هذه الظلمة الحالكة.
لقد قمنا بإغتيال الجمال الذي كان يشع من فنوننا ، بحيث ان شخصا من هؤلاء الساسة ، واعني به خضير الخزاعي . قد رفض وجود التماثيل التي أبدعها الفنانون العراقيون ، عبر أجيال متعاقبة في كلية الفنون الجميلة. فأمر بهدمها ، لانه ببساطة لايعرف مامعنى الجمال الذي عناه دايستوفسكي .
إنّ جزءً يسيرا من الأموال التي أهدرها ساستنا في مشاريع وهمية. لقادرة أن تبني لنا عشرات المتاحف.
وحينما نبني المتاحف فلدينا آثارنا الحضارية ولن نستعير من الفرنسيين او الإنجليز او الألمان بعض الاثار. لان لدينا فيضًا هائلا منها.
ولن نحتاج مهندسين معماريين أجانب. لان تصميمات الفنانة والمعمارية العراقية الراحلة زها حديد مازالت تنتظر التنفيذ.
وسنبقى ننتظر (الجمال الفكري والمعرفي والفني ) والذي سينقذنا مما نحن فيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف


.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي




.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد