الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيوعيون العراقيون في زمن نظام قاسم ح 2

سيلوس العراقي

2017 / 11 / 10
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الشيوعيون العراقيون في زمن نظام قاسم ـ ح 2

حزبان شيوعيان في العراق
في 9 كانون الثاني 1960 وبعد 3 أيام من صدور قانون الجمعيات كان هناك في وزارة الداخلية العراقية طلبان باسم حزبين كلّ منهما يحمل اسم الحزب الشيوعي، رئيس أحدهما (يمثل الأكثرية) زكي خيري والآخر يرأسه داؤد الصايغ الذي ترك الحزب قبل بضعة أشهر ويمثل أقلية.
وسيتم في شباط حصول الصايغ وحزبه الشيوعي على موافقة وزارة الداخلية، كما تم اعلام زكي خيري في 6 شباط بأن على منظمي الطلب الغاء كلمة (الثوري) أينما ترد في وثيقة طلب تأسيس الحزب، كما يجب تعريف وتوضيح العبارتين "الماركسية اللينينية والمؤتمر الوطني للحزب" (جريدة الحياة 9 شباط). وفي 8 شباط قام زكي خيري باللازم وقدم الطلب معدلا الى وزارة الداخلية. وكان قد مر أكثر من ثلاثين يوم على المهلة المعطاة لتقديم الطلبات، حصلت الموافقة الرسمية النهائية على حزب الصايغ فقط.
في 15 شباط أبلغ زكي خيري وزارة الداخلية بأن الحزب يزمع تغيير اسمه الى حزب الاتحاد الشعبي وهو اسم تحمله جريدته الرسمية اليومية، مادامت الموافقة قد أعطيت الى الحزب الشيوعي العراقي الذي يترأسه الصايغ (جريدة البلاد 16 شباط).
في 22 شباط رفضت وزارة الداخلية طلب زكي خيري وذلك لأن أهداف حزب آخر له ذات الاهداف قد تمت الموافقة عليه، ويعتبر تغيير اسم الحزب الآخر غير كاف وغير قانوني.
أما داؤد الصايغ فكان حزبه مدعومًا من قبل السلطات الرسمية، وانه استلم قرضًا من الزعيم قاسم لتمويل تأسيس جريدة باسم "المبدأ". كما تمتع حزبه بمعاملة تفضيلية من قبل وزارة الداخلية بخصوص موعد عقد مؤتمر للحزب، وتمت الموافقة للصايغ استثناءً على فترة 9 أشهر لعقده بدلا من 6 أشهر بحسب قانون تنظيم الجمعيات، بناء على طلب الصايغ بحجة كون حزبه حديث التأسيس.
بينما اتهم حزب اتحاد الشعب الصايغ بأن حزبه لا يملك أكثر من 50 عضو وهو العدد المطلوب بحسب قانون تأسيس الأحزاب والجمعيات.
بالنسبة للمراقبين الأجانب فيبدو أن قيام قاسم بشقّ الشيوعيين كان مشكوكا فيه، لأن الشيوعيين كانوا لا يزالون مسؤولين على العديد من المفاصل الستراتيجية في العراق. وتوقعت في هذا الخصوص صحيفة ( سكوتس مان ـ 12 نيسان) حدوث ضربة ضد نظام الحكم في بغداد. بينما نشرت التـايم الاسبوعية الاميريكية بأن قاسم لا يريد سحق الشيوعيين (الاورثودوكس) بصورة كاملة كما أنه لم يقم بعدم السماح لنشاط الشيوعيين، فيظهر بأنه يرغب ويفضل دعمهم له ( تايم 11 نيسان).
بعد وقت قصير عبذر مراقبون أجانب بأن الخطوة الأخيرة من قاسم وحكومته بخصوص الشيوعيين العراقيين تعتبر نصرًا سياسيًا لقاسم، وبحسب (سكوت مان ـ 1228 ايار) فان داؤد الصايغ الذي هو صديق شخصي لقاسم يعتبر شيوعيا طيّعًا وليس قاسيا. كما أن العديد من العراقيين يرون بأنه ليس شيوعيًا ويعتبر مجرد ترؤسه للحزب الشيوعي العراقي انجازًا مهمًا .
بينما الديلي تلغراف تذكر بأن قبول الشيوعيين الاورثودوكس للقرار بحسب القانون والأمر الذي يعبر عن ارادة قاسم شخصيًا واسقاطهم لمعارضتهم لقاسم جاء بناء على تعليمات من موسكو، وخروشوف بشكل خاص...(ديلي تلغراف 1 تموز).
صراع الحزب الشيوعي مع الحكومة
كان هناك رقم مضخم جدًا لعدد أعضاء الشيوعي العراقي (حزب اتحاد الشعب) بحسب بعض الأطراف يصل الى 180 ألف عضو. لكن خلال عام 1960 نشرت الصحف المعادية للشيوعيين رسائل لمواطنين عراقيين يعلنون فيه بأنهم لم يكونوا البتة شيوعيين، وآخرين أعلنوا بأنهم هجروا الشيوعي العراقي حين اكتشفوا بأنه حزب تخريبي هدام أو بحسب بعض منهم بأنه حزب غير وطني ولديه ممارسات وأهداف غير وطنية (صحيفة الحرية 6 نيسان، الوطن 17 كانون الاول ، فجر الجديد 16، 30 كانون الاول).
خلال الأزمة والارتباك التي مرّ بها اتحاد الشعب، ومن أجل تقوية موقفه بدأ يؤكد على موقفه بكونه مدافعًا قويًا على نظام قاسم في موقفه (قاسم) ضد مكائد ومؤامرات الجمهورية العربية المتحدة (جمال عبد الناصر أو مصر وسوريا)، وقام اتحاد الشعب بالزعم بان هناك خطر كبير من ثورة يقوم بتنظيمها قادة ومسؤولي الجمهورية العربية المتحدة، مؤشرين ومركّزين على بقاء جمال عبد الناصر في سوريا لفترة طويلة كتأكيد على زعمهم هذا، مثلما كان قد حدث سابقا حيث استقر عبد الناصر واستقر في سوريا في وقت تمرد (انتفاضة) الشواف في اذار 1959 . كما ادعى اتحاد الشعب بأن الشيوعيين كانوا قد حذروا السلطات القاسمية قبل حدوث تمرد الشواف وكان تحذيرهم في مكانه (اتحاد الشعب 7 آذار، صوت الاحرار 3 اذار).
كما ظهرت العديد من المواقف النقدية من قبل اتحاد الشعب في خطاباته ومواقفه المعادية لكلّ ما لا يتماثل معه ومع مصالحه المتخبطة، فيعلن الحزب بأن الاذاعة العراقية قد وظفت أشخاصًا عملاء لوكالات أجنبية مثل
اسوشيديت بريس AP ، ويونايتيد برس UP ، ووكالة رويتر التي تنشر الأخبار والأحداث العالمية من وجهة النظر الغربية الامبريالية (بلاد 13 اذار) . وان الفترة الانتقالية يمكنها أن تؤدي بنهاية سريعة بل انها سوف تقضي على النظام العسكري (اتحاد الشعب 23 اذار، 10 تموز ، صوت الاحرار 16، 19 كانون الاول). وأعلن الحزب بأن كبار الموظفين في الخدمة المدنية يرغبون بتخريب النظام الديمقراطي المتماسك ! (صوت الاحرار 21 شباط، 28 نيسان). كما استمر الحزب بالادعاء بأن الاعلام النوري سعيدي لازال يتمتع بقوته ونفوذه (اتحاد الشعب 26 اذار، 7 تموز، 12 اب، 29 ايلول).و ان سلطات النظام سمحت بنشاطات حزبٍ من دون أتباع (شيوعيي الصايغ) في الوقت الذي تمنع السلطات اولئك المدعومين بقوة من الشعب (اتحاد الشعب 10 شباط).
وان السلطات تتدخل بطريقة غير شرعية في انتخابات الاتحاد التجاري. وفي المؤسسات المملوكة من قبل الدولة يتم تجاهل العاملين فيها ونبذهم أو تهديدهم بالفصل بسبب نشاطاتهم النقابية (اتحاد الشعب 26 ايار،7 اب، 5 ايلول ). وإن الشرطة ورجال الأمن المنتمين للنظام الملكي القديم يستخدمون أساليب القوة واليد الحديدية داخل السجون وخارجها (صوت الاحرار 21 نيسان، اتحاد الشعب 8، 25 اب).

مظاهرات احتجاجية للشيوعيين
في مثل تلك الظروف تم تنظيم بعض المظاهرات الشيوعية ضد التضييق المفروض على شيوعيي زكي خيري. ففي شباط نظمت مظاهرة في بغداد ضد وزير ووزارة الداخلية لعدم إعطائه تصريحا للحزب الشيوعي العراقي برئاسة زكي خيري بالعمل ضمن قانون تأسيس الجمعيات والاحزاب ك2 1969. اصطدم المتظاهرون مع قوات الشرطة وسقط بسبب المظاهرة بعض القتلى والجرحى. وفي آذار قام الشيوعيون بمظاهرات واضطرابات في البصرة ، تم تفريقها بالقوة من قبل القوات العراقية (حياة 5 نيسان) وفي 15 تموز قام شيوعيو زكي خيري بمظاهرة في بغداد ، اشتبك فيها الشيوعيون المتظاهرون مع قوات الشرطة، وتم قتل شرطي وتم جرح العديد من المدنيين (أخبار 18 تموز).

العودة الى العمل السري
يبدو أن شيوعيي زكي خيري قد بدأوا في أواخر عام 1960 بالاستعداد وتنظيم أمورهم في العودة الى العمل السري (فجر الجديد 22 كانون الاول ، وطن 24 ك1). وقد تم وصف هذا التطور من قبل المراقبين والصحف العراقية على أنه تعبير واضح على عدم امتثال الشيوعيين العراقيين للنظام وللقوانين العراقية المرعية فسيكون خيارهم العودة الى مخابئهم وأقبيتهم السرية، وأن هكذا مجموعة (بحسب صحيفة العهد الجديد 22 ك1 وصحيفة عراق تايمس 23ك1) لا يمكنها أن تلتذّ وتبتهج إلا في مخابئها.
بدأ شيوعيو زكي خيري في ايصال صوتهم عبر اذاعة محلية غير مجازة تحمل اسم "صوت الشعب" وكانت تندد في برامجها باضطهاد الديمقراطية الفتية ونقابة المعلمين وغيرها.
وفي 14 تموز ذكرى الثورة القاسمية دعت الاذاعة "قاسم بطل ثورة 14 تموز والابن البار للشعب" أن يمنح موافقته وسماحه لأبناء الشعب والجماهير الكادحة ولالغاء المحكمة العسكرية واعطاء الحرية للمدافعين عن الجمهورية ضد تمرد الشواف (الموصل)، وتطهير الادارات، وحرية التنظيمات السياسية، وحرية النشر والاعلام واتحاد التجارة، ومنظمات السجون وتنظيم انتحابات حرة للجمعية الوطنية "المجلس الوطني" (بي بي سي 16 تموز).
وما يلفت النظر تبرؤ صحيفة اتحاد الشعب من اذاعة صوت الشعب، وشجبت الصحيفةُ الاذاعة وادعت انه بامكان المختصين في الداخلية التعرف على موقعها والوصول اليها(اتحاد الشعب 30 حزيران)، بينما اتهمت صحف أخرى اذاعة صوت الشعب بأنها تابعة ومرتبطة بصحيفة اتحاد الشعب الشيوعية (حرية 1 تموز).
والى الحلقة الثالثة ….








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أوروبية جديدة على إيران.. ما مدى فاعليتها؟| المسائية


.. اختيار أعضاء هيئة المحلفين الـ12 في محاكمة ترامب الجنائية في




.. قبل ساعات من هجوم أصفهان.. ماذا قال وزير خارجية إيران عن تصع


.. شد وجذب بين أميركا وإسرائيل بسبب ملف اجتياح رفح




.. معضلة #رفح وكيف ستخرج #إسرائيل منها؟ #وثائقيات_سكاي