الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عفرين .. هل ستكون كركوك أخرى؟!

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2017 / 11 / 10
القضية الكردية


إننا سنحاول في المقالة أن نقدم وجهة نظر وقراءة سياسية حول بعض السيناريوهات والمخرجات التي تنتظر عفرين وذلك في ضوء الصراعات الإقليمية والدولية وأيضاً كجواب على ما يطرحه الكثير من الإخوة الأصدقاء بخصوص المنطقة وهم يتساءلون؛ "وما هو مصير عفرين؟". طبعاً لو بحثنا في مجمل الصراع على المنطقة وخصوصاً ما تعرف بمنطقة الشرق الأوسط لوجدنا بأن الصراع في عمقه ودلالاته الواضحة هو صراع على خيرات المنطقة وتحديداً منابع النفط وخطوط ايصالها للقارة الأوربية حيث كانت هناك عدة مشاريع أوربية شرق أوسطية رسمت وخططت لها في الدوائر الغربية والأمريكية لتنفيذها وبالتالي كسر الاحتكار الروسي لمسألة ايصال الطاقة للقارة الأوربية بحيث لا تكون هذه الأخيرة وقراراتها السياسية رهن المواقف والمشاريع الروسية وقد وقفنا سابقاً على الموضوع في أكثر من مقال وبوست، لكن الروس وبالتعاون مع حلفائها الإقليميين وعلى الأخص الإيرانيين والذين تجمعهم المصالح الاقتصادية في مجال الطاقة أكثر من أن يكون التوافق على الأيديولوجيا والقضايا السياسية ولذلك ونتيجة الصراع بين المحورين _ونقصد المحور الروسي الإيراني وبدعم صيني من جهة والمحور الآخر المتمثل بالأمريكان والأوربيين وبعض الدول الخليجية وعلى رأسها السعوديين وقطر قبل أن تنحاز هذه الأخيرة للمحور الآخر_ فقد تفجرت الأوضاع في منطقتنا لتدفع هذه الشعوب أثمان مصالح دول وشركات عالمية.

إذاً القضية كانت وستبقى قضية مصالح دولية وإقليمية وليس حقوق وأيديولوجيات، كما تروّج لها إعلامياً؛ بأن الصراع بين قوى الخير والشر أو اليسار واليمين ومؤخراً ما يروّج له؛ بأن الصراع بين الديكتاتورية والديمقراطية، طبعاً لا ننفي بأن في جزء منها صحيح، لكن وبكل تأكيد ليست تلك المفاهيم والأيديولوجيا عموماً هي من تحرك الشعوب والجيوش وتقودها للحروب، بل المصالح الاقتصادية والثروات والامتيازات ولكن ولكي تقنع تلك الشعوب بضرورة هذه الحروب لا بد أن تقدم لها أسباب أخلاقية وطنية تحت مسميات ومفاهيم عقائدية دينية أو سياسية بحيث تبرر حروبك المالية القذرة. وهكذا فإن كل الحروب الماضية واللاحقة أيضاً سوف تستخدم المبادئ والعقائد لتمرير المصالح والفوائد وإن الشعوب والجيوش هي الوقود التي تحقق تلك الأهداف والغايات وبنوع من الاستغفال والاستغباء لها بحيث تقاد لتلك المحارق والحروب الكارثية من أجل بعض القادة والأسياد وزيادة ثرواتهم وغناهم الفاحش وللأسف.. ربما يجد البعض بأن هذا التوصيف قاس وغير موضوعي بحق تلك المكونات والشعوب التي تحارب لنيل حريتها واستقلالها أو ما كانت تسمى سابقاً بحركات التحرر الوطني ورغم إقرارنا بصوابية رأيهم لدرجة ما، لكن حتى حروب هذه الفئة أو الشعوب تشعل وتقاد بأوامر من تلك الدول والشركات التي تبحث عن مناطق توتر جديدة للهيمنة وزيادة النفوذ والاستثمار فيها، كونها بالأخير تبحث عن مصالحها وليس قضايا تلك الشعوب وربما نحن الكرد خير من يدرك هذه الحقيقة حيث وللأسف الجميع تاجر وما زال يتاجر بقضايانا الكردستانية.

وللوقوف أكثر على قضية متاجرة الآخرين بنا وبقضاينا ودون الدخول في دهاليز الماضي والاتفاقيات والمعاهدات الاستعمارية ذات الشأن بخصوص الموضوع من "سايكس بيكو" و"سيفر" و"لوزان".. وغيرهم، فإننا لو وقفنا على ما جرى ويجري في إقليم كردستان وعلى الأخص مسألة كركوك وباقي "المناطق المتنازع عليها" وفق الدستور العراقي وغدر الغرب والأمريكان وخيانتهم للكرد وذلك عندما سمحوا للجيش العراقي والحشد الشعبي بأن يستولي على تلك المناطق بعد أن كان قد حررها البيشمركة من "داعش"، يكشف لنا مدى نفاق الغرب والحليف الأمريكي في كل القيم والمبادئ، بل وتنكرهم لكل الوعود والأحلاف وذلك عندما تقتضي مصالحهم ومشاريعهم الاقتصادية الاستراتيجية حيث كانوا يعتبرون الكرد وقواتهم العسكرية أهم "شريك" لهم في محاربة قوى التطرف والتكفير والإرهاب بالمنطقة، لكن عندما شعروا بأن المشروع الكردي والذي قاده الرئيس بارزاني بخصوص الاستفتاء والاستقلال سوف يضر بمصالحهم في المنطقة ويجعل كل من الروس والإيرانيين يستفيدون من المسألة بحيث يتقلص النفوذ الغربي الأمريكي في المنطقة وينحصر فقط في المناطق الكردية بكل من سوريا والعراق إن ساندوا الكرد في مشروعهم، فإنهم انقلبوا على الكرد ليقدموا الدعم للحكومة العراقية في مسعى منهم لافشال إيران وفريقها السياسي في العراق متناسين بأن من يحكم بغداد هم الميليشيات الشيعية وليس حكومة وطنية وأن الولاء الحشدي هو لـ"قم وطهران" وليس للنجف وبغداد _أو على الأقل في الأغلب كذلك_ وهكذا فقد تنكر أولئك لكل تلك الادعاءات من محاربة التطرف والإرهاب والسماح لقوى متطرفة دينياً كالحشد الشيعي والتي لا تختلف كثيراً عن "داعش" بالتمدد في المناطق الكردستانية بحيث بات اليوم هناك من يطالب بأن تصبح كركوك إقليماً مستقلاً كحل وسط وربما تحت الحماية الدولية.

وهكذا فقد نجح الأمريكيون بأن يجعلوا كل الأطراف؛ السنة العرب والتركمان وحتى الشيعة وأخيراً الكرد يحتاجون لها من أجل ايجاد مخرج سياسي في تلك المناطق المستقطعة من كردستان _أو ما تسمى بالمتنازع عليها_ ولذلك وعندما قلنا في العنوان؛ "عفرين.. هل تكون كركوك أخرى"، فإننا قصدنا هذا السيناريو وبأن يعيد الأمريكان مع روج آفاي كردستان ما قاموا به مع الإقليم الكردستاني حيث نعلم بأن عفرين تمثل نقطة الصراع بين المشروعين؛ أي المشروع الغربي الأمريكي والروسي الإيراني وذلك كأهم جزء من الكريدور لايصال خطوط النفط لأوربا، لكن ربما يتم التوافق بين الأطراف جميعاً على تسليم المنطقة _ونقصد عفرين_ للنظام أو لتركيا بحيث يحتفظ الأمريكان بشرق الفرات والروس وإيران بغربها وكذلك يتم تطمين تركيا وحتى النظام السوري وإيران بأن؛ "لا مشروع كردي ولا انفصال" وكذلك فهي بذلك سوف تطمئن الروس بأن لا كريدور للبحر المتوسط.. وهكذا يتم طمأنة الجميع على حساب الكرد وقضاياهم الوطنية الكردستانية وتكون هي _أي أمريكا_ أحتفظت بأهم منابع الطاقة في شرق الفرات وتكون خط ايصالها متوفراً عبر الأراضي الكردستانية الخاضعة لتركيا وصولاً لمرفأ جيهان ومن الجانب الآخر يحتفظ الروس بالساحل السوري كقاعدة عسكرية متقدمة لهم في الشرق الأوسط وكذلك يحتفظ النظام بالكرسي لمرحلة قادمة إلى أن يتم ايجاد بعض المخرجات لاشراك عدد من الأشخاص ممن يعرف برموز المعارضة مع تعديل دستوري وانتخابات صورية في البلاد ويبقى للكرد بعض الامتيازات والحقوق الثقافية والادارية في مناطقهم ضمن سوريا كدولة فاشلة لا مركزية على غرار النموذج العراقي.. وهكذا يمكننا أن نختصر ونقول؛ الصراع سيبقى مستمراً وربما تتحول عفرين لكركوك أخرى ويجعلوها منطقة خاضعة للجميع وبإشراف دولي او على الأقل روسي أمريكي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عائلات الأسرى الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب ويطالبون بالإ


.. States must intensify their efforts to combat climate change




.. شبكات | اعتقال وفصل موظفين من غوغل احتجوا على مشروع نيمبوس م


.. لحظة اعتقال شيف سوري في تركيا




.. محمود عباس يرفض طلبا أميركيا بالتراجع عن تصويت عضوية فلسطين