الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب الاسلامية على الالحاد والعلمانية...واجب ديني، أم خوف بسبب هشاشة الدين؟

حكمت حمزة

2017 / 11 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تنويه قبل قراءة المقال: سيتكرر ذكر كلمة (ملحد) في المقال، وأود التنويه إلى أن كلمة ملحد التي أذكرها تشمل (الملحدين/اللادينيين/اللاأدريين)، وتجنبا لتكرار هذه المصطلحات في كل مرة، سأكتفي بذكر كلمة ملحد فقط.
.
.
الشهر: تشرين الثانس-نوفمبر.
العام: 2017.
الموقع: العالم العربي والاسلامي.
الخبر العاجل: هزة فكرية علمانية و إلحادية تتسبب بموجات تسونامي تضرب شواطئ العالم العربي والاسلامي.
الضحايا: أعداد لا يستهان بها من الجيل الشاب القاطن في تلك المناطق. وهناك الكثير من الضحايا لا زالوا مختبئين خلف الركام الفكري، حيث أن أعداد الضحايا معرض للارتفاع بشكل كبير.
وفق المرصد الاسلامي للبراكين والزلازل فإن سبب تلك الهزة الفكرية هو ابتعاد الناس عن الله والدين، وتمسكهم بالحياة الدنيا، وشراؤهم الدنيا بالآخرة، لهم في الدنيا خزي وفي الآخرة عذاب شديد.
لا تتخيل عزيزي القارئ أن هذا خبر عاجل ظهر على إحدى المحطات التليفيزيونية الشهيرة، أو أنه (بوست فيسبوكي) لإحدى الصفحات الاخبارية، كما أنه ليس هاشتاغ تويتري. على العكس تماما، فإن هذا حال العالم العربي والاسلامي، إذ شهدت البلدان الاسلامية موجة إلحاد وعلمانية لا يستهان بها، وهي تزداد يوما بعد يوم، وقد تصل في يوم ما إلى الهدف الذي ننشده جميعا (معشر المتنورين)، وتخلع الاسلام عن عرش الفكر العام للشعب، إذ أن السلطة الاسلامية حالها حال كل ديكتاتور في العالم، تغلف كرسي الحكم بالصمغ قبل الجلوس عليه، فإن هي جلست على الكرسي، إلتصقت به إلى (ما شاء الله) من السنوات.
وقد قوبلت هذه الحالة (الإلحادو-علمانية) باستنفار عام وضخم من قبل المفكرين المسلمين، والشيوخ، ومن يسمون أنفسهم بـ (العلماء المسلمين)، حتى أن الشباب المسلم، اقتدى بالشباب المتنور/ الملحد ، وأصبح يصور أشرطة فيديو، وينشرها على مواقع التواصل الاجتماعي وبالأخص اليوتيوب، ليس الشباب فقط، بل حتى بعض المفكرين، وشيوخ المسلمين، قاموا بنفس الشيء.
وكل ملحد أو علماني أو مسلم على اطلاع واهتمام بالموضوع، يرى الهجمة الشرسة التي يشنها المسلمون على الملحدين، إذ لاقت هذه الظاهرة اهتماما واسعا، وحربا فكرية ضروسا، وارتفعت حالة الطوارئ والتأهب إلى الدرجة القصوى، في مواجهة تداعيات هذا التسونامي الفكري، بهدف القضاء عليه واجتثاثه من جذوره، أو إخماده ولو مؤقتا على الأقل.
الصخب الذي رافق هذه الموجة، يطرح تساؤلات عديدة عن الأسباب والدوافع التي جعلت المؤسسات الاسلامية تستنفر لهذه الدرجة، فلماذا كل هذا لاهتمام بالظاهرة هذه؟
توجد ثلاث أسباب منطقية تدفع المسلمين إلى مقارعة هذه الظاهرة الفكرية وهي:
أولا: لأن الإلحاد والعلمانية طرح فكري جديد، وموضة جديدة لا تناسب أفكارنا وعاداتنا وتقاليدنا كوسط مسلم محافظ (طبعا الوسط المسلم محافظ ظاهريا، ولكن ماخفي أعظم)، وتدعو الى الانحلال الأخلاقي.
ثانيا: أن الواجب الديني يفرض على المسلمين محاربة المرتدين (الملحدين) خصوصا بوجود العديد من الأوامر الشرعية ضمن هذا المجال، ابتداءً بالآيات القرآنية العديدة التي يفسرها الكثير من المسلمين على أنها توجب قتال المرتدين والمشركين والكافرين، وانتهاء بالحديث (من بدل دينه فاقتلوه).
ثالثا: لأن الدين الاسلامي حاله كحال كل الأديان، هش ورقيق ولا يحتمل الصدمات، وقد تذروه الرياح الفكرية في أي لحظة، لذا هذه الحملات بمثابة ضربة استباقية، ومصدات ريحية في وجه اعاصير التغيير الفكري.
وسنناقش باختصار كل سبب على حدة.
بالنسبة للسبب الأول، فهذا إن تذرع به المسلمون كسبب، أوهن من بيت العنكبوت، لأن أوربا وأمريكا بشقيها الشمالي والجنوبي، فيها الكثير من الملحدين، وهي دول علمانية بامتياز، فيها المسلم والمسيحي واليهودي و البوذي والهندوسي، كما فيها من الملحدين والعلمانيين، لم نرى فيها انحلالا أخلاقيا وصل بشعوبها إلى درجة الانحطاط، صحيح هناك حرية شخصية، لكن المرجعية الأخلاقية لم تتأثر، إلا إذا كانت حرية ارتداء الملابس، وحرية العلاقات الجنسية بين أي شخصين بالغين، تعتبر من الأخلاق، عندئذ يسمى هذا قصورا فكريا، فمن يحصر أخلاقه بفرج أو قطع من الجلد واللحم البشري، يعاني مشاكل في التفكير، لأن الأخلاق لا تقتصر على الجسد البشري. و أنوه هنا بأني لا أدعو أبدا للتعري، لكن أدعو إلى احترام حرية الانسان، فكما تقولون بـ (أن الله سيحاسب الجميع في الآخرة)، إذا لا يحق لكم التدخل في حرية الناس، كما أن لحريتك حدودا، إذ انها تتوقف عندما تبدأ حرية الآخرين، ثم إن الدولة العلمانية تكفل لك حريتك الشخصية كما تكفله لغيرك، فإن كنت تريد أن تطبق دينك لن يمنعك أحد.
أما السبب الثاني فهناك اختلاف فيه، من ناحية وجهات النظر الاسلامية، خصوصا بوجود التيار الاسلامي الجديد المسمى (القرآنينن)، فأولئك لا يقولون بقتل الملحد، أو الكافر، لكنهم أيضا تحت الملاحقة الفكرية والفعلية من قبل المسلمين الأصوليين وحتى العاديين، إذ يعتبرونهم فاسقين، نتيجة عدم اعترافهم بكل ما ورد في سنة محمد وحديثه. أما القسم الآخر وهو يشكل النسبة الأكبر، فيتراوح بين الذي يرفض وجود الملحدين والعلمانيين في المجتمع، ويسعى لمضايقتهم ولو بشق تمرة، وبين من يريد قتلهم واجتزاز رؤوسهم من مواضعها. وكل مطلع على الأدبيات الاسلامية، يرى بشكل أو بآخر، تحريضا على حرب لكافرين وقتلهم. لانتيجة فإن هذه السياسة الاسلامية تجاه العلمانيين والملحدين، سياسة و فاشلة، ولا تصلح لحكم حظيرةحيوانات، وليس لحكم دولة، ولا يجب أبدا أن ندعها تصل إلى سدة الحكم، ولو كلفنا ذلك حياتنا.
أما السبب الثالث فهو الذي يبدو أكثر منطقية من سابقيه، وهو خوف المسلمين من اقصائهم من النهائيات، نتيجة هشاشة الدين، فلو كان المسلمون وخصوصا من هم في مفاصل الدين الاسلامي اليوم، واثقين من معتقدهم واساس معتقدهم، لانتفى السببان السابقان، فليكن ما يكن، المسلم المتيقن من ربه ودينه، لن يتغير عليه شيء، باختلاف المنظومة الحاكمة. الواثق من دينه وصحة دينه لا يهتم أيا كانت الموجات التي يمكن أن تجتاح شواطئ عقله، وما ارى في حرب المسلمين على الملحيدين والعلمانيين، إلا خوفا على وجودهم الفكري، ليس لقوة الموجة الالحادية (إذ أن الملحدين في البلدان الاسلامية إن قورن عددهم بالمتدينين، فمن المؤكد أن الكفة ستكون راجحة لصالح المتديني). وإنما بسبب هشاشة المعتقد الديني باختلاف اسمه، فجميع الأديان على مر التاريخ، لم تحكم إلا بقوة السيف، وكل الدول والدويلات الاسلامية وغير الاسلامية التي قامت عبر التاريخ انهارت بسبب ضعفها، فلو كانت قاعدتها الفكرية قوية كما يجب، لما تأثرت بأي حرب- أو اجتياح، لكن الفكر الديني مخلل بطبيعته، تكفيه بضع نسمات ليتهاوى على الارض. وهذا تحديدا ما يخشاه العالم الاسلامي، لأن الموجة العلمانية والعلمانية إن ضربت وفعلت فعلتها، سيحدث فيها ماحدث في أوربا، سيصبح الدين شيئا ثانويا وغير مهم ومهمش، بالضرورة هم سيكونون مهمشين، وليسوا موضع اهتمام، الخوف الحقيقي هو من التغيير الفكري، فإن حدث ذلك، ولى زمن الديكتاتوريات، والاستبداد، والتسلط، وسيتم صنع كرسي الحكم من مادة التيفال (التي لا تسبب الالتصاق أبدا)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحليل حكيم يا حكمت
مدحت محمد بسلاما ( 2017 / 11 / 11 - 08:21 )
أعجبت جدّا بالسبب الثالث الذي هو المحور الرئيسي لخوف تجّار الدين على الإسلام. يعرفون جيّدا أن هراء دينهم ومعتقدهم لا يصمد ثانية واحدة أمام النقد العلمي السليم ولكن سيقاومون بعنف للحفاظ على مصدر ارتزاقهم القائم على اللفّ والدوران والكذب والنفاق على العباد والبسطاء والمغسّلة عقولهم. وما فضيحة الإخونجي طارق رمضان في أوروبا وأميركا إلا دليلا ساطعا على هراء هذا الدين وهشاشته. يدرّس الفلسفة الإسلاميّة الأخلاقيّة وينتهك الأعراض. فالذي يلحد يعرف جيّدا الدوافع التي لا يستطيع أيّ عالم من كبار علماء الأزهر غير الشريف أن يدحضها، لأن همّه الوحيد البقاء على كرسيّه والتنعّم بخيرات مكاسبه. الرجاء مواصلة الكفاح لإنقاذ هذه الأمّة من الفكر الإسلامي الظلامي. ه


2 - تجارة بارت ... ولا مشترين
ابو انور الكوفي ( 2017 / 11 / 11 - 08:51 )
من بين ابرز اسباب وعوامل انحسار المد الاسلامي بل وتقهقره واضمحلاله والقضاء عليه هي سلوكيات وممارسات طبقة رجال الدين ممن وضعوا أنفسهم وسطاء بين الناس والله هؤلاء الدجالين والمدلسين الذين غالبا ما يدعون بأنهم من سلالة العشيره الأنتهازيه المعروفه بأسم بني هاشم والتي كان ولا زال كل لقيط ومجهول ونكره يدعي الانتساب اليها حتى صار تعدادها يتجاوز المئة مليون شخص من بين هندي ونيجيري وافغاني وسيستاني ومن كل الملل والاعراق . انها التجاره بأبشع صورها ... حسابات الربح والخساره قد اختلت في هذا الوقت وستبور هذه التجاره وسيكسد الدين مدار رأسمال هذه التجاره


3 - السيد مدحت محمود بسلاما
حكمت حمزة ( 2017 / 11 / 11 - 11:40 )
هذه هي الحقيقة يا سيدي...فكما يقال البضاعة الجيدة لا يخشى عليها صاحبها من الكساد...
ولو فتشنا وراء أولئك المرتزقة...لوجدنا لهم بين الفضيحة والفضيحة، فضيحة أخرى...
لا تقلق الكفاح لن ينتهي إلا عندما تجف آخر قطرة من دمنا...
تحياتي


4 - السيد أبو أنور الكوفي...
حكمت حمزة ( 2017 / 11 / 11 - 11:47 )
أجل سيدي الكريم...رجال الدين على مر العصور كان لهم دوء هدام وفعال، في تشتيت الأديان والمجتمع الديني، فما بالك إن كان المعتقد الديني بالأصل ضعيفا وهشأ؟؟
أعتقد أن كل ما فعلته الأديان التوحيدية هو تحويل الناس من عبادة الأصنام الحجرية، إلى عبادة الأصنام البشرية...
مع التحية

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س