الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هلوسات فكرية ..4

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2017 / 11 / 12
الادب والفن


كثيراً ما لفت إنتباهي مقدار الهشاشة المعرفية عند بعض طلبة الفلسفة لدينا، ( أقصد بكلمة طلبة كل من له شأن بالفكر الفلسفي سواء سبق اسمه حرف د. أو أ .أو لا ) و قد راعني بالفعل أكثر ، أنْ أرى بعضاً أخراً من ناشدي الحقيقة ، ممن يظنون زوراً أنّ لهم قيمة معرفية حقيقية أو مستمرة ، أو باتوا يُحسبون على المشهد الثقافي لسبب ما ، وهم - في الحقيقة -مصابون بالدجل المعرفي و الكسل العقلي وقلة الإطلاع ، أو ينوؤن تحت حِمل ثقيل من أزاهير الكتب والتصانيف ، لكن – للأسف - بمعرفة سطحية لا تتجاوز حدود العناوين أو حتى كلمات الفهرست فيها ..
وقد تجد بعضهم يَصْخبون على صفحات التواصل الاجتماعي بأفكار مَجزوءة ، أو يَجترّون عبارات ببغاوية ، مُرفقة بتعليقات ساذجة لهم ، لا طعم لها ولا رائحة ولا لون، بل و تدعو حقاً للرثاء والبكاء على أولئك الطلبة المساكين ، من أصحاب القراءات غير المتبصرة أو العوراء كما أفضل أن أسميها .. البسيطة
وهذه العقول العوراء - برأي - هي العقول التي تقرأ ما يُعزز فكرتها فقط ، أو تلتفت إلى الكتابة التي تؤمن بها مسبقاً ، على أنها حقيقة تامة وحسب ، دون السماح لعاقلياتها التجرؤ قيد أنملة على طرق أبواب المُخالف من الأفكار الأخرى ، أو إتاحة الفرصة للأذهان بمجرد التفكر الأولي في دحض ذاك الإيمان الرديء الذي لديها أو تفنيده.. ..
وقد وجدت هذه المعرفة المنقوصة أيضاً ، عند بعض – وأؤكد هنا على كلمة بعض لئلا أُتهَمْ بالتعميم الساذج - أقول عند بعض ممن يدرسون الفلسفة بمباحثها الكبرى ، ويدبجون الكتب والمقالات المتلاحقة في المنطق والأخلاق ونظريات المعرفة ، تبدو معارفهم كإنتاج ثري للمكاتب والبحث العلمي والفكري ولكن في حقيقتها ما هي إلا تأريخ جديد مستظهر لأفكار الغير ، ومراجعة مكررة ومشوهه أو تجاميع مبتسرة ، لأفكار أهم الفلاسفة والمفكرين في الشعوب الأخرى ، دون أي تعمق حقيقي أو تطرق جدّْي إلى مناقشة عميق الأثر الذي تركته تلك الدراسات والبحوث غالباً ، بل حتى دون التفكر ، ولو قليلاً ، في فهم أهمية هذه الفكرة أو تلك على الواقع الراهن المعيش.. ..
وهنا أتذكر الفيلسوف الألماني "هيغل" حين اعتبر هذا الكسل العقلي من اكبر العقبات التي تصادف محاولة الانسان أثناء سعيه لمعرفة الحقيقة . فكثير من الناس - على حدّ تعبيره - يُريد ان يدرس الفلسفة بشرط الا تؤثر فيه ، أي تتركه كما كان قبل الدراسة...
في الحقيقة هذه الملاحظة الهيغلية - والتي أعتبرها هامة - تستدعي في ذهني سؤالاً مُلحاً عن السبب الحقيقي الذي يمنع طالبي الحقيقة ودارسي الفلسفة لدينا ، من الدهشة والتأمل أو الخوض والتساؤل ..؟!
وبحسرة تملأ خاطري ، أتساءل أحياناً ، كيف كان لهؤلاء الخفافيش أن يتخرجوا من المدارس و الجامعات ، وهم في الواقع و الحقيقة لم يتجاوزوا بمعرفتهم عتبة الجامع الصغير و النائي في مناحي قريتهم المنسية ...
للحديث بقية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة