الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غايب عن العين و حاضر

كفاح حسن

2017 / 11 / 13
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


الحياة تبدأ بنطفة و تنتهي في القبر.. و لكل شخص طريقه في هذه الحياة ، سواء سار بها حرا ام سار بها بدون إرادة.. و عندما اتحدث عن حياة اخي وضاح ، و الذي تحل اليوم الذكرى الثالثة عشر لاستشهاده ، فإن حديثي عنه ذو طابع خاص.. فأنا رافقت حياته من النطفة إلى لحظة استشهاده..
ففي يوم خريفي اخذ والدي والدتي إلى عيادة الدكتور سلطان الحكيم.. و التي تقع قرب بيتنا.. و هو من اصدقاء الوالد المقربين.. ليعودا بعدها فرحين.. حيث اخبرا العائلة، بأن الوالدة في انتظار مولود جديد. و كان والدي يريدها بنتا.. و لكنه قرر بحزم ان المولود اذا كان ذكرا سيكون اسمه وضاح.. و اذا كان بنتا سيكون اسمها نجاح. و في ظهرية تشرينية جاء إلى العالم وضاح.
كانت عائلتنا الكبيرة من الجد و الاعمام و العمات فرحين بقدومه.. و تحدثت قريبتنا المرحومة ام رزاق عن علامات النبوغ التي يحملها الوليدين القادمين اولاد العم صلاح و وضاح.
و نشأ هذين الوليدين مع بعض.. و كانا قريبين من بعض.. الا ان صلاح انتهج طريق والده في العمل التجاري .. بينما واصل وضاح طريق الدراسة.. كسائر إخوانه و أبناء عمومته.. و رافقت فترة نضوجه.. حركة سياسية و ثقافية نشطة بفضل النهج الأولي للسلطة في السبعينيات في الاقتراب من الحزب الشيوعي.. و السماح للصحف اليسارية بالانتشار..
و وعى وضاح في بيته.. حيث اخوته و اصدقائه نشطين في العمل السياسي و الجماهيري.. فلحق بهم للعمل الجماهيري و السياسي و هو طالب في الصف الثاني المتوسط في متوسطة الوحدة في مدينة كربلاء.. وواصل بحماس العمل في منظمة اتحاد الطلبة في المدينة.. و صادف في نفس الوقت انتقالنا نحن اخوته الثلاثة للدراسة في بغداد.. فبقى الوالد لوحده.. و هنا طلب مساعدة وضاح.. و سارع إلى المواظبة على الدوام في متجر العائلة و الدراسة و العمل الاتحادي.. و كان الوالد راغبا في أن ينتظر وضاح قليلا.. و يقلل من نشاطه السياسي.. و تعويض ذلك في الإبحار في مكتبة الوالد و قراءة كتبها ليكون له اساس نظري و فكري متينين.. يساعدانه في بناء مواقفه السياسية و العملية لاحقا في الحياة العملية.. و حث الوالد وضاح على قراءة العديد من الكتب الأدبية و التأريخية و السياسية. كما ساعده العمل في متجر الوالد على اللقاء بوجوه المدينة الثقافية و السياسية.. و تعلم من الوالد فن التعامل مع الناس و احترامهم و عدم التعالي عليهم..
و لكن سماء الحياة السياسية في المدينة و العراق قد تلبد.. اول الأمر في أحداث خان النص في ١٩٧٧ و ثم تلتها الهجمة المتوقعة على قواعد و جماهير الحزب الشيوعي في ١٩٧٨.. و لم يبلغ في وقتها وضاح بعد الثامنة عشر.. و لاحقته أجهزة الأمن ناوية اعتقاله و إجباره على توقيع تعهد بترك النشاط السياسي.. و هنا كان موقف وضاح و بدعم من إخوانه و الوالد.. موقفا واضحا من رفض الانصياع لإرهاب السلطة.. و احتضنوه الاقارب و اخفوه في بيوتهم بعيدا عن أعين أجهزة الأمن.. و دعمه حتى الاقارب الذين يعارضون أفكاره السياسية..
و كان امامنا حل سهل.. و هو ترك العراق و الالتحاق بالمجاميع المهاجرة.. و كان هذا حلا سهلا.. و لكنه كان يشكل هروبا من البلد و ترك الساحة فارغة لحزب السلطة..
فكانت بيروت محطتنا الاولى انا و وضاح.. و في بيروت اكتملت شخصيته السياسية و الجماهيرية.. حيث ساعده العمل في المنظمات الفلسطينية في ذلك كثيرا.. و تولدت لديه فكرة العودة للعراق.. و لكنني منعته عنها التزاما بوصية الوالد.. و لرغبتي في أن يكمل تحصيله الدراسي.. و طاوعني في البداية.. و لكنه سرعان ما غافلني و ترك دراسته و حياته الرتيبة و صديقته البيلاروسية و التحق بفصائل الأنصار.
و في حركة الأنصار.. استطاع وضاح ان يبني شخصية مؤثرة و محترمة بين رفاقه.. و توالت المهام التي كلف بها.. حتى تحول إلى قائد عسكري ميداني في قاطع اربيل.
و كان لديه رغبة شديدة في العمل في منظمات الحزب في الفرات.. و تشكيل نواتات مسلحة هناك.. و لما صارح الرفيق الفقيد ابو يوسف برغبته.. اتهمه الرفيق بأنه يعيش في وهم من الاحلام..
و بعد حملة الأنفال البشعة التي شنت ضد القرى الكردية.. حقق وضاح حلمه في العمل في منظمات الحزب في الداخل.. لقد وصل وضاح إلى المناصب القيادية في الحزب بفضل من كفائته و جهاديته و ارتباطه بالعمل في مواقع النضال الحقيقية.
و كما كسب وضاح حب و إسناد العديد من رفاقه.. إلا انه كان هناك عدد من رفاقه قد تضايقوا من نشاطه و اعتبروه انه يأخذ دورا كبيرا داخل الحزب على حساب الرفاق الآخرين.. و اعترض عدد منهم علنيا على تكليف وضاح بمهمة عضوية البرلمان العراقي.. إذ يؤدي هذا إلى تركيز المهام في يده.. و قد كان وضاح يسمع انتقاداتهم بشكل مباشر أو بشكل تآمري من رفاق آخرين.. و مضى وضاح غير آبها بالانتقادات الصارخة.. و كان يقضي ساعات يومه في أداء مهامه الحزبية و السياسية .. متناسيا حتى الاهتمام بعائلته الصغيرة..
و كان يوم الثالث عشر من تشرين الثاني يوما يسجل فيه نهاية حياة وضاح .. بشكل دموي و بشع و حاقد.. و لكن في هذا اليوم ولد وضاح من جديد.. ولد وضاح الاسطورة الخالدة في قلوب رفاقه و محبيه..
وضاح .. انت عائش فينا.. بك نستمد العزم.. و اليك دوما عهدنا بمواصلة مسيرتك..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري