الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرحمة لبتور والشكر لصديقي السفير

مفيد بدر عبدالله

2017 / 11 / 13
المجتمع المدني


لن أنسى ما حييت، شكل دموع عبدالرضا بتور الفنان التشكيلي الكبير رحمه الله ساعة زرته قبل وفاته، كان يائسا وهو يقلب إضبارته الطبية، التي تحكي قصص الاوجاع والآلام، نصحه الاطباء بالسفر لمشاف خارج العراق قادرة على تطبيبه، لم اتمالك نفسي، أجهشت بالبكاء، ولسان حالي يقول أما من أحد لهذا الرجل؟ بتور كان لي أبا وصديقا حنونا عرفته منذ عقود، وتعلمت منه تربية أسماك الزينة التي تعينني الى اليوم في توفير متطلباتي المعيشية . وأنا عائد الى بيتي تزاحمت الكلمات في مخيلتي، واول ما وصلت سطرتها مقالا وكان بعنوان ( عبدالرضا بتور العطاء الكبير) ضمنته مناشدة لكل من يستطيع مساعدته، أرسلته على الفور لجريدة الزمان، نُشر في اليوم التالي، وفي موقع مميز، ذهبت لأشتري الجريدة من بائع الصحف في ساحة أم البروم، صادفت الكاتب البصري الكبير محمد خضير، تحدثت له عن حالة بتور، تألم كثيرا وطلب مني أن التقط له صورة أمام تمثال العامل، التمثال الاشهر لبتور وسط ساحة أم البروم، وعبر صفحة الفيس بوك وجه خضير نداءً لمساعدة بتور وفاءً لعطائه الذي أمتد لعقود طويلة. لم يمض يومان وأذ بخضير يتصل بي طالبا مني أن أجلب اضبارته الطبية وجواز سفره، الفرحة لم تسعني، أتصلت على الفور بإحدى قريباته، تعمل بنفس عملي الزراعي، وهنا كانت الصدمة، تحول الحلم كابوساً، قالت لي ان بتور الان في طريقه للمقبرة محمولا في نعشه، وقبل أن تجف دموعي أسفاً على الخسارة التي منيت بها الثقافة وخسارة الانسان، أتصلت بخضير أبلغه الفاجعة . فضولي دفعني للدخول على صفحة خضير لأتعرف على من لامست كلمات الاستغاثة نخوته وشهامته، وجدت إنّ أسمه أشرف عقل، وقد كتب التعليق باللهجة المصرية : ( أبعتوه على مصر وأنا أتكفل بعلاجه بأذن الله)، ولدى البحث والتقصي عرفت بأنه يعمل سفيرا لجمهورية مصر العربية، تنقل بعدة بلدان من بينها اليمن وفلسطين، وكان قنصلا لمصر في محافظة البصرة، ظل قلبه متعلقا بالبصرة وأهلها، تربطه صداقات مع الكثيرين من بينهم الاستاذ محمد خضير . اراد سعادة السفير أن يسعد قلب بتور وقلوب محبيه، لكن الاجل كان أسرع، أراد أن يحيي نفساً، والاعمال بالنيات.
أن صنيع السفير هذا جعلني أضعه في مقدمة النبلاء وأسعى لصداقته، وهذا ما حصل بالفعل فلقد اصبحنا أصدقاء على تطبيق الفيس بوك، ومن يومها أضحت صفحته هامة لي، أتابع نشاطاته التي ترسم صورة الوعي والثقافة، لا أشك قيد أنمله في صدق ما ينشر، وجدته محبا للثقافة والادب، ومن نتاجاته ( تأملات) بحلقات مسلسلة تخطت الخمسين، يتنقل بين المراكز البحثية والادبية، مستمعا تارة، ومحاضرا تارة أخرى، لذا أشبّهه بعد معرفتي به عن قرب بينبوع العطاء.
ذات يوم قرات عبارة أعجبتني لا تخرج عن سياق ما اتحدث به تقول : أن كنت تحس بالألم فانت حي، وأن كنت تحس بألم الاخرين فأنت أنسان، ما أحوجنا للإنسان في زمن تتراجع فيه القيم ويقتل فيه الإنسان أخاه الأنسان، يأتي عمل السفير ليثبت أن الخير باق وما يزال على الرغم من الخراب.
في كل مرة أمر بساحة أم البروم وسط مدينة البصرة، أقف قبالة تمثال العامل أقرا الفاتحة على روح المرحوم عبدالرضا بتور، ولا أنسى أن أدعو لصديقي السفير أشرف عقل بالخير والتوفيق، كلاهما في قلبي ودمي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا ستجني روندا من صفقة استقبال المهاجرين غير الشرعيين في ب


.. سوري ينشئ منصة عربية لخدمة اللاجئين العرب




.. غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح


.. اعتقال مؤيدين لفلسطين في جامعة ييل




.. الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟ • فرانس 24