الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اغتيال الحريري في الرياض

فوزي بن يونس بن حديد

2017 / 11 / 14
كتابات ساخرة


يبدو أن سعد الحريري قد اغتيل سياسيا من الرياض وأسقط نضاله السياسي الذي بدأه منذ أن اغتيل والده في بيروت سنة 2005م، بعد أن أعلن استقالته المفاجئة من رئاسة الحكومة اللبنانية من الرياض وكان الأولى له أن يستقيل وهو في بلده لبنان، هذه الاستقالة كانت صادمة بكل المعايير السياسية والأخلاقية، إذ كيف برجل سياسة يعلن استقالته من الحكومة وهو الذي يرأسها من بلد آخر لا صلة له به سوى أنه إما أن يكون قد أُجبر عليها، أو أنه يريد اللجوء إليها هاربا من بلده.
ومهما يكن من أمر فإن أمر الاستقالة من الرياض ليس عفويا بأي حال من الأحوال، وتكذيب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الرواية التي ذكرت أن الحريري أُجبر على الاستقالة من الرياض ليس له محل من الإعراب، لأن الجبير حينما أعلن ذلك أثبت للعالم أن السعودية لها يد في الاستقالة وأنها تريد من خلال ذلك ضرب حزب الله وقواعده في لبنان بعد أن اتهمت إيران بأنها موّلت الحوثيين صواريخ باليستية أصابت الرياض مباشرة، لكن الذي تجهله السعودية كما يبدو أن ما تقوم به من حصار خانق لليمن عن طريق البر والبحر والجو ما هو إلا محاولة فاشلة لتضييق الخناق على الحوثيين والإيرانيين على السواء وإعلان حرب مفتوحة عليهم.
غير أن القراءة السياسية للأحداث، تبدو المنطقة مقبلة على حرب جديدة معقدة، بعد أن ازدادت حدة الاتهامات من السعودية تجاه إيران وحزب الله، وما استدعاء محمود عباس للرياض إلا دليل على لومه هو الآخر على المصالحة التي تمت في غزة بين فتح وحماس، وإثارة المشاكل من جديد بين الفصيلين المتوافقين نسبيا، فالسعودية وإن كانت سابقا قد استقبلت المحادثات بين فتح وحماس وانتهت باتفاق مكة في عهد الملك عبد الله إلا أن وجهة نظر الملك سلمان تبدو مختلفة، وهي اللوم والعتاب على ما تم في القاهرة، وعلى هذا الأساس هناك تحرك دبلوماسي مكثف، ولا أستبعد أن يستدعي الملك سلمان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ليعقد قمة سعودية مصرية فلسطينية تقضي على الاتفاق الذي تم بين فتح وحماس.
المنظومة الجديدة إذا واضحة كما يبدو، القضاء على الثلاثي المزعج في المنطقة، إيران وحزب الله وحماس، لأنه يمثل محور الشر بالنسبة لأمريكا والسعودية وإسرائيل، وباتت السعودية اليوم تعلن مواقفها المخالفة للوحدة العربية وتنفرد بالقرار وتعقد التحالفات وتصدر القرارات العشوائية في نظري وهي خطيرة نوعا ما، لأن الأنباء اليوم تتحدث عن مناورات إسرائيلية كبيرة بمشاركة دول عربية ولا شك أن السعودية طرف فيها، مما يعزز نظرية الحرب الشاملة على "إيران وحزب الله وحماس".
وباتت اليوم جامعة الدول العربية في وضع لا يحسد عليه، بعد أن انقسمت الدول العربية وتفرقت ولم يعد لها كيان موحد يدافع عنها، فبأي لسان ستتحدث اليوم بعد أن لجم لسانها العربي الموحد، وباتت القضايا العربية الشائكة تتراكم على طاولتها ولم تعد قادرة حتى على النظر في أي واحدة منها.
لكن في المقابل نرى أن القوى العالمية الأخرى الحليفة لإيران هل ستسكت على ما يجري في العالم من تغييرات واضحة نحو محو حزب الله من الخريطة كما يريد الصهاينة والإطاحة بحكم الخميني في إيران؟ أم ستقف في وجه كل من أمريكا والسعودية، لعلّنا نرى حلفا آخر في الأيام المقبلة أو أحلافا أخرى، وربما نشهد حربا أو حروبا، لكن المؤكد أن السعودية بفعلها هذا تورطت في حسابات معقدة جدا، وزادت من عدوانها وعدوانيتها وفضح نفسها أمام العالم، وكأنها تقوده نحو الهاوية، مستخدمة في ذلك غطاء محاربة التطرف والفساد، ومن أكبر الدول الحليفة لإيران كما هو معلوم للجميع روسيا هذه القوة الكبرى التي بدأت تُغيّر العالم لصالحها وتتصرف بهدوء بخلاف أمريكا ترامب التي تتبع سياسة التهريج والتخويف.
ولا أدري هل نسيت السعودية ما صرح به ترامب قبل أن يكون رئيسا وبعدها من أن السعودية بقرةٌ حلوبٌ سيظل يحلبها حتى يجفّ لبنُها، وإذا جفّ سيذبحها، فهل تدرك السعودية جيدا هذا الكلام؟، أم أنها تعتبره ضربا من الحلم والوهم، تلك هي المصالح بين أمريكا والسعودية، لذلك هي اليوم تمارس ازدواجية في التعامل مع الدول العربية والإسلامية، تدعي في الظاهر أن هذه الدول حليفة، وفي الباطن تحاربها وتسعى لتدميرها وسيثبت التاريخ ذلك مستقبلا في العلاقات بين الدولتين.
يبدو أن السعودية لم تقرأ التاريخ جيدا، ولم تدرك أن علاقاتها مع أمريكا الزاهية لن تطول، فما هي إلا سنوات ويرحل ترامب ويأتي رئيس آخر، وربما استطاع ترامب نفسه حلب السعودية كلها قبل رحيله، فماذا ستفعل بعدها السعودية؟ على الأمير محمد بن سلمان أن يدرك جيدا ما يفعله فهو قد أخذه الحماس والاندفاع إلى القيام بأعمال خطيرة على كل المستويات، وعلى حسب المقولة من يقفز إلى أعلى مباشرة دون أن يدرك جيدا الخطوات التي يخطوها يسقط من الأعلى هاويا.
ما أريد قوله بعد هذه المتغيرات الخطيرة في المنطقة التي تنذر بشؤم كبير، وأن المنطقة مقبلة على صراعات جديدة هي في غنى عنها لو حكّمت السعودية العقل والمنطق والقانون والشرع، وابتعدت عن معاداة جيرانها لكان خيرا لها، فبدأت باليمن ثم انتقلت إلى قطر ثم انتقلت مرة أخرى إلى لبنان بعد الفضيحة التي دوّت من الرياض إثر تقديم سعد الحريري استقالته، لقد تم اغتيال الحريري في الرياض سياسيا بعد إطلاقه رصاصة الرحمة على نفسه من خلال ما قرأه من كلمات فاجأت جميع البلدان أولها لبنان وإيران وآخرها الدول العربي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا