الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مُنى

عبد صبري ابو ربيع

2017 / 11 / 16
الادب والفن


مُـــنى
عبد صبري أبو ربيع
لعبتُ حتى أتعبني اللعب مع صديقتي التي تكبرني بثلاث سنوات ، كنت أنا في الصف الأول وهي في الصف الرابع الابتدائي .. رأيت والدي يقف أمامي وهو مبتسمٌ ولا أعرف لماذا يبتسم . صحت بوالدي وأنا أقع بين يديه وهو يرفعني الى أعلى :
- أريد لعابة .
كان يتطلع في وجهي وهو صامت قال قولاً سمعت بعضه وهو يقول (سأجد لك لعابه) ركضت أمامه نحو البيت وسمعته يخاطب والدتي قائلاً :
- إنهم قادمون .. ماذا نفعل ؟ والكثير منا يصفقون لهم وهو فرحون أجد صعوبة في فهم موقف هؤلاء الفرحين .
كنت أسمع انهم لا يتركون شيئاً إلا وخربوه ومعارضاً إلا ويحرقوه ويقطعون رأسه . كان الدوي يقترب منا التجأت الى والدي الذي كان محتاراً رأيته يدور في البيت وهو متهالك وكانت أمي تسير خلفه وتسأل باستمرار :
- ماذا جرى يا محمود ؟
قال لها :
- الان أبتدأ النزيف .
رأيت والدي يخرج الى الشارع وسمعت صراخه وهو يقول :
- قتلة ..مجرمون .
سمعت قرقرة وأنا أنظر من خلال الشباك رأيت رأسه يتدلى على شجرتنا ، أنكمشت ورأيت والدتي تتسمر في مكانها وتغيرت ملامحها وهي تحتضنني .. ثم رأيت رجلاً كث الشعر واللحيه وهو يجرها من رأسها الى خارج البيت ثم سمعتها تناديني ( منى ).
وغابت عن انظاري كما تغيب شمس الغروب دائماً عندما كنت أتطلع إليه وهو يهرب من عيوني بألوانه البرتقاليه والدمويه .. لقد كان أمام بيتنا فضاءٌ كبير نلعب فيه كلينا أنا وصديقتي هدى .
دخلت مجموعة الى البيت يشبهون القرده وأنا بجانب الحائط سمعته يقول لصاحبه :
- لازالت صغيره عمرها لا يتجاوز السبع سنوات .
ركضت الى الشارع أفتش عن صديقتي هدى وقد رأيتها تخرج من البيت والدماء تسيل على ثوبها ذو الألوان الزاهيه وهي مرتعبه منكمشة على نفسها كأنها القنفذ . هربت راكضة الى البيت وأنا أرتجف من هذا المنظر الدموي .
جاء أحدهم وهو يشبه وجه العنكبوت صفعني على وجهي ورأيت نفسي أختبئ تحت سلم البيت الذي سلبوه تماماً وقلت في نفسي ( ماذا فعلوا بهدى ) وما هي هذه الدماء التي تنساب على ثوبها وهي شاحبة اللون مرتعبه العينين .. تمنيت أن أسألها ولكن سمعت إحدى النساء وهي تقول ( هذه صغيرة على الزواج ) . رأيته منتفخاً وهو يتأفف ويقول لهذه المرأة .. ( تعالي لتحلين مكانها ) .
بقيت في الدار أخذني النوم ولما استيقظت وجدت نفسي وحيدة كنت أجوب المناطق بشكل عفوي هذا يعطيني خبزاً وهذا يعطيني ماء حتى أنجلت هذه الوحوش المتوحشه وأخذتني عائلة ولم أتكلم كنت كالصماء من هول ما مر بيّ .
قال القاضي :
- يا مُنى أين أبوك ..؟ لا أعرف .. أين أمك .. لا أعرف .. هل لكِ أخوة أو أخوات ؟ ... لا .
ولكن عندي صديقة أسمها هدى رأيت الدماء تسيل على ثوبها وبين ساقيها ولا أعرف من جرحها .. أنا لا أعرف سوى هدى .
سألها القاضي :
- وهل تقبلين بهذه العائلة ... ستكون لكِ أماً وأباً .
- أمي ..!
إن أمي جروها كما تجر الخراف وهي تصرخ ( منى .. منى ) .
نظر اليها القاضي بنظرة متألمة وأصدر قراراً بضمها لهذه العائلة فلا أحد يعرف من هم أهل منى أو معارفها أو أقرباءها كان قرار القاضي غامضاً بدون دليل سوى صوت منى وه تنطق كلمة نعم باستحياء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اللحظات الأخيرة قبل وفاة الفنان صلاح السعدني من أمام منزله..


.. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما




.. سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز.. ما الرواية الإيرانية؟


.. عاجل.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدنى عن عمر يناهز 81 عاما




.. وداعا العمدة.. رحيل الفنان القدير صلاح السعدنى