الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاشرعة تمضي لنشأتها!..

يعقوب زامل الربيعي

2017 / 11 / 16
الادب والفن


قصة قصيرة
..........
خلال الايام الثلاثة التي التيقت فيها " حواء " بعد فترة انقطاع دامت أعواماً، لم أتمادَ في أن اسألها عما حصل لها أو ما فعلته خلال تلك الفترة. كنت اجعلها تعتقد بأنني لو سألتها واجابت، سأتظاهر بأنني أصدقها دون تردد.
في أحدى مساءات تلك الايام الثلاثة، أعددت العدة لأن انصب لفمها فخاً لأجعله داخل فمي لأغوص إلى أبعد ما فيه.
كنت أحس بما سيفعله جسدها حين يكون فمها بكله بين شفتيّ ولساني وكيف حين تحتك اسناني بأسنانها. تلك المهمة من الشبق المُعدة من قِبَلي، قد تعرضت للفشل، قبل ساعة التنفيذ، وما شعرت به من خذلان، أو الاضطرار لتأجيلها، عندما زارني دون سابق موعد، أحد الاصدقاء الذي قال أن هناك أمراً هاماً ومستعجلا، يريد أن يخبرني به. وما جعل الأمر ضروريا لا يقبل التأجيل، حين اضاف:
ــ الأمر يخصك أكثر من غيرك.
بعد اسبوع من لقائي المثير بصديقي، كان عليّ أن أعد ثانية شباكي، لتلك التي تجعلني اتنفس بصعوبة، وقت تدخل غرفتي بعطرها الذي يجعلها امرأة بالغة السطوة تستطيع بسحر مجهول فيها، أن تترك لأي رجل القدرة على مسك عنان جسده دون أن يأخذها عنوة.
في أول لقاء لي معها، كان حزني أقل مما هو الآن، لم تكن جميلة المظهر تفصح عما فيها من أنوثة وحشية، أو أن يكون ما عليها ظاهريا، هو بريق فاتن، يمكن أن تفلت، عند مرآها أول مرة، من أعماق قلبي، آهة كما ذروة جبلٍ عالٍ. فقط، ما شعرت وقتها، فقط ، أن من المناسب أن أخلي لها مكاناً تستطيع أن تجلس معي على المقعد المخصص لراكبين. لكنها بعد فترة من الوقت، عندما أخذنا نتجاذب بعض اطراف الحديث، كان شعوري يزداد بأنها ما كان يعوزها الكلام بمجرد افصحت عن اسمها من غير أن أسألها عنه.
كما النصل المثبت باللحم، وأمام خصم لدود، كانت روحي حاضرة، بل مستنفرة، كأن عليها أن تتخلص من هذه الإقامة الجبرية، بدءاً من شعوري بالغوص في اللجة، أو حتى شعوري بأن لابد من الطيران حتى ولو بجناحين مكسورين. فالطيران بعلوٍ منخفض أكثر ضرورة من البقاء على أرض غير مستقرة.
كم من مرة حاولت بذراعين مرتجفتين أن أمسك بعنقي من وسط المياه الجارفة، دون أن أقدر على الوصول إليه. كنت أجهل الطريقة التي يمكن فيها انقاذي.
أيها الطفل الساذج، ما تبحث عنه، لاوجود له. وأن ما كنت تخشاه مما سيأتي من صديقك وقتها، كان كما الخداع بأن عنقك عبارة من عاج سيتماثل ليديك، مجرد صورة هاربة.
أما ما حدث، هو أني كنت أنفش القطن الذي كنت انسجه وأبرمه مستمتعا بالشعور طوال الوقت.
ساعات وانا أتخيل ما الذي يمكن أن يجعلها طوع جسدي. وأي الاماكن التي يمكن إثارة فضولها لتشدها إلى أصالتها ولكنزها السري، وما لم تختبره من قبل. ذلك ما انتهيت له وأنا على قناعة أنها ستكون لي كما أشاء.
فكرة قضاء ليلة كاملة معها، وتذوق شفتاي لكل ما يحيط بضفاف نهديها ولكل رعشة في مكنونها الاسمر الصغير ذي الاهداب الليلية، ، ليس كما فكرة الخوف من طارئ يحبط الفكرة بكلها، كما حصل في المرة السابقة.
في تلك الأمسية شديدة التعقيد التي جمعتني بصديقي، كان للنهر المحاذي لنا، رائحة، تحمل لرئاتنا شهوات عالم الاسماك، واشتعال نار في قش أصفر، في الوقت نفسه، كانت تزيد من تعرق جسدي كله.
منذ لحظة لقاءنا، أخذ صديقي يقطر برأسي الاخبار غير السارة، قطرة فقطرة.
وبدلا من أن أكون صيداً في شباك القلق والخوف، كان علي أن اركز على الكيفية التي ستكون أكثر إثارة للمتعة مع صاحبتي، لو لم يقتلها صديقي حين احضرني لهذي الشراك غير السعيدة.
وبدلا من انتظاري أن أقول له شيئا، بادرني هو بالسؤال المحرج:
ــ ما الذي تفكر ان تفعله حيال ذلك؟.
ــ أحتاج أن أنام لأكثر من سبع ساعات متواصلة، بعدها يمكن أن أفكر مليا.
ــ والآن؟!
ــ لا شيء الآن.
على أن ما كان يشغلني في تلك اللحظة، هو أن استسلم لتلقائية الغريزة البشرية، دون تصنّع أو ابتداع طريقة للتفكير. تلك الرغبة تجعلني اتنفس في هذا الخانق المحكم.
لا اتذكر كم من وقت مضى، وانا ضحية فكرة الأنانية، التي تدفعني طوال الوقت للتفكير بوحي الفخ الذي أعددته لامرأة الحلم، وفي نفس الوقت اللجوء للحلم للتخلص من وحي الفخ.
كنت افكر متسائلا: "كم من الوقت سيمضي قبل أن ينتهي هذا الوضع؟ "
بدا لي أن شيئا ما سيستمر على هذا النحو السيء وأن عليّ أن ابعده عن تفكيري ما استطعت. لكني وعلى الرغم من محاولاتي كنت أفكر بطريقة للهرب من شدق الحوت لأسكن مع عذراء بابل تحت أشعة القمر.
الجدار كان مغطىً بالجليد، والشمس كذلك كانت مغطاة بالجليد، فقط المهارة بنقابها الخفيف، كانت تنهض على ضفافِ نبعٍ بارد.
كنت، كلما تهيأ لي كي افصح عن شكوى، أو أن أطلب قسطاً من راحة، محاولاً نشر بعض اتساعي ، كانت ثمة تخوم كما الاغراب، تحوّل رغبتي لحجارة تسد أيما منفذ في جدار سجني.
أنا الذي كنت عصياً على شباك الشرطة وشهوة الوجوه الداكنة، كان صدري يتصبب عرقاً، وأنا أدفعه للأمام بقوة الفضاء، بعيداً عن سنان رمح اللحظة.
صوتي الرجولي يتطاول بلون الارجوان. يتذكر النيران وألم الغضب، وتلك رحاب البحيرات وما يتسع في الكون من لا نهاية للمستنقعات، وبما على الارض من تهديدات وتوسلات وفيروس ذعر وقوة شكيمة لعنصر سائل الحياة الذي يناقض كل تلك المحن، كانت هناك رعاية من مصائر بشرية، ومن أفراس لدنة، تلامس روحي، تُجَرِّؤها على الجريان.
للتو عرفت ما الذي جعلني أترك لحواء البسيطة الثياب والمحيا، مجالا على المقعد المخصص لراكبين؟. وما الذي شدني إليها على الرغم من أن جمالها الفوقاني لم يكن مؤثرا.
هذا الظهور المفاجئ ، كان قد فتح ثقباً في حرارة رأسي، وأنا أتطلع مليا بغامر الشيء وبما كان يُصعّد من كوثر سري ومن عطر جذور فيها، وكصانع ضوء سماوي، كنت اتذوق ملذات ما عليها من تقاطيع ومن شحوب، تحولها منافسة لرائحة حين يمتزج المطر الطيب بتراب الارض.
أنه الجمال الوحشي، بما له من جذور، لا يمكن تأجيل عناقه من جهة لجهة أخرى، وتشده بقوة إليك.
أوه، كم هو ثمن ما تؤديه، تلك الشجيرات الرفيقة، لبعض اجزائي، لكي اتجاوز منتصف المسار المتبقي؟. وعلى أي قمة سأجد نفسي، طارحة غلالة ثيابها لتيار الجداول، مبرهنة على أن خطيئة الشائن آدم لم تكن غير صلاة جشّاء بكلمات ضارعة شبعت رعباً، لم تعد قادرة أن تثير الشفقة إلا الى نبعها المقدس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما


.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة




.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير