الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معلمون بلا شغف و طلبة بلا هدف

زهراء احمد العطية

2017 / 11 / 17
التربية والتعليم والبحث العلمي


منذ بدء التفكير المنطقي , عرف الإنسان أن هناك هدفا ساميا لا بد أن يصبو إليه وهو تحقيق السعادة أي الرضا الذاتي , وبلوغ السعادة بالنسبة للبعض قد يمثل الشعور بالتمتع و الرفاهية لكن للبعض الآخر فهذه الرفاهية هي المعرفة من خلال التعلم و الاستكشاف (الهدف البشري الأسمى).
في أغلبية مجتمعاتنا الحديثة تشكل الدراسة جزءا كبيرا من حياة الأفراد , في العراق خلال العصر الحالي _رغم أهمية التعليم البالغة _ يشهد التعليم المدرسي بصورة عامة تدنيا ملحوظا في مستواه , تعال إلى مدارس العراق الحكومية لترى من يدّرس بلا شغف أو اهتمام بالمهنة بلا رغبة للتعليم , تعال لترى تلامذة لا إرادة للتعلم لديهم لا يعرفون الهدف من ذهابهم إلى المدرسة , تعال و شاهد التدني في المستوى الدراسي لدى الطلبة , ربما يكون هنا بسبب الظواهر الاجتماعية المنتشرة بين أوساط العامة , إذ إن الناس مؤخرا يقللون من التفكير كل همهم هو الحصول على لقمة العيش .. لكن لماذا العيش ؟ لماذا العمل في مهن لا رغبة ولا موهبة للناس فيها , في الواقع في وقتنا هذا و في ظل تردي البلاد من جوانب عديدة _ أكثرها الجوانب الفكرية_ يقل عدد الذين يعرفون ما يريدون و أي مهنة يبرعون فيها .. يقل عدد الذين يختارون مهنة حبا فيها , يعود سبب هذا إلى إن أغلب الناس هنا لا يأخذون وقتا للتفكير والتأمل في الحياة .
المعلم هو أهم شخص في أي مجتمع إذ انه أساس اغلب المهن إن لم يكن كلها , فكيف سيكون حال هذه المهنة في ظل الاستخفاف اللامنطقي بها من قبل الكثير من شرائح المجتمع العراقي , يقل عدد المعلمين باستمرار بسبب عدم حصول اغلبهم على وظائف و لان اغلب الأفراد صاروا ساعين إلى مهن أخرى كالجندية و العسكرية بسبب عدم التوظيف , أي أن اغلب الأشخاص يختارون مهنا للتوظيف وليس شيئا بطوليا كاختيار المهنة التي يجيدها المرء و الكفاح في سبيل تحقيق غايته الشخصية.
ربما لهذا ما تزال بلادنا تعيش في تخلف بالنسبة لبقية البلدان , إذ يوضع التعليم في بلادنا في ذيل اللائحة دائما رغم انه أساس مستقبل البلاد .
يقول مالكوم أكس : إن التعليم هو جواز سفرنا للمستقبل لأن الغد ملك لأولئك الذين يعدون له اليوم .
فكيف يمكنك أن تكون مطمئنا و أنت ترى الشخص الذي يتكلم عن أهمية التعليم و اختيار المهن التي يبرع بها المرء وترك الخرافات الاجتماعية التي تدني مستوى عقل المرء ولا تشجعه على التفكير يُنادى بالمجنون .
فكيف تطمئن وأنت ترى معلّمين وتلامذة ينتظرون انتهاء وقت المدرسة بفارغ الصبر , قد يكون تململ الناس من المدرسة بسبب مهنة لا يحبها المرء أو تلامذة غير راغبين بالتعلم , فكيف سيكون شعور المعلّم و هو واقف أمام تلامذة لا يريدون الاستماع إليه أو التعلم منه لانشغالهم بأشياء بالغة التفاهة .
يقول ليوناردو دافنتشي : التعلم بدون رغبة يفسد العقل ولا يتبقى شيء مما كان قد امتلأ به .
في الواقع يبدو أن التفاهة قد بلغت ذروتها لدى البعض .. في ظلال انتشار الكلمات السيئة و الاهتمامات العديمة الأهمية يصبح العاقل مجنونا .
لقد تحدثنا عن الأسباب الاجتماعية في انحسار التعليم , لكن هناك أسباب أخرى قد تكون اقتصادية , إذ إن هناك نقصا ماليا و عدم مبالاة حكومية يؤدي إلى افتقار المدارس الحكومية إلى مختبرات و مكاتب و ربما نقصا في الاهتمام يؤدي إلى عدم القيام بالنشاطات المختلفة كالمناقشات و النشاطات الرياضية و غيرها . يبدو أن هناك سبب آخر أكثر جوهرية و هو عدم المعرفة بالجمال والفن و التاريخ و الثقافة , حيث انه وبالرغم من تاريخ بلادنا الغزير , إلا أننا نجد قلة من المهتمين بإحياءه أو المحافظة عليه .
يقول اندري تاركوفسكي : التعليم للتفكير , الفن للشعور., ولا إحساس فني هنا إذ لا اهتمامات بالموسيقى أو الفنون الأخرى لدى الغالبية .
كما إن الحروب المستمرة في المنطقة تحول دون قيام التعليم بمساره الطبيعي , و العداءات العنصرية المنتشرة في بعض المدارس تؤدي إلى فشل الكثيرين في الدراسة بسبب كرههم لمدارسهم العنصرية .
يقول دلاي لاما : السلام لا يعني غياب الصراعات , فالاختلاف سيستمر دائما في الوجود .. السلام يعني أن نحل هذه الاختلافات بوسائل سلمية عن طريق الحوار , التعليم , المعرفة , والطرق الإنسانية.
يكمن الحل في النظر والتأمل بالحياة بالتفكير بالتفاهم مع الآخرين , لان الحَضارة عالمية لأنها ملك للبشرية اجمع و المساهمة في تقدم البشرية إلى الأمام من خلال ما يبرع فيه المرء لهو الخير الأحق , فالوحدة قوة عظيمة , لهذا ينبغي للمرء التفكير مليا و التجربة لمعرفة الموهبة والمهارة الخاصة به إذ أن جميعنا لدية موهبة في داخله بشيء ما والتحدي هو إخراجها و استثمارها و عيش الغاية من الحياة , هذا هو ما سيتقدم بالبشرية إذ إن المعرفة قوة و الفضول والرغبة بالمعرفة جزء من الغريزة البشرية و معا سنكتشف أسرار الحياة وسنعمر الكوكب و نبني العقول .
كما قال غاندي : عش كما لو انك ستموت غدا , وتعلم كما لو انك ستحيى إلى الأبد . , فالمعرفة و البناء هما سر الخلود البشري , لقد خُلِد جميع من نقل المعرفة إلى البشرية وغرقوا بامتناننا ولم نكن سنصل لمرحلة كهذه من التطور قياسا بالعصور السابقة بلا المعرفة و الاستكشاف و الإيمان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف مستمر على مناطق عدة في قطاع غزة وسط تلويح إسرائيلي بعملي


.. عقب نشر القسام فيديو لمحتجز إسرائيلي.. غضب ومظاهرات أمام منز




.. الخارجية الأمريكية: اطلعنا على التقارير بشأن اكتشاف مقبرة جم


.. مكافأة قدرها 10 ملايين دولار عرضتها واشنطن على رأس 4 هاكرز إ




.. لمنع وقوع -حوادث مأساوية-.. ولاية أميركية تقرّ تسليح المعلمي