الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة الصناعية الرابعة وانترنت الاشياء Prosumers Networks

مسَلم الكساسبة

2017 / 11 / 20
الصناعة والزراعة


التكنولوجيا ليست آلات وأدوات محايدة نستخدمها لراحتنا وزيادة طاقتنا الانتاجية فقط ، التكنولوجيا في الواقع تتضمن طيها فلسفة وهي تتفاعل مع المجتمعات وتؤثر بنيويا فيها وتغيرها ..


وبدورها فالتغيرات الاجتماعية الناتجة عن التقانة تتراكم شيئا فشيئا الى حد معين لتتحول من تغيرات كمية الى تغيرات كيفية تصبح معها المجتمعات بحاجة لقفزات تقنية موازية او لنقل تستدعي تغييرات او تطورات في تلك التقنيات لتتواكب معها ، وهكذا في جدلية مستمرة .. بحيث ما كانت تعد تقنية فوقية ( اي اخر ما توصل له العقل وقمة التكنولوجيا ) بعد فترة تتحول لكونها (انفرا ستركتشر) ، بنى تحتية ، تمهد لقفزة اخرى اعلى منها وهكذا ..


واليوم باتت تتهيأ للعالم ارضية او بنية تحتية من التقنيات الذكية والشبكات الذكية والنظم الخبيرة والذكاء الاصطناعي تهيئ بمجموعها وتمهد للانتقال الى جيل جديد من شبكات الاتصال المؤتمت او الشيئي ، حيث تدير وتوظِّف تلك الشبكات مزيجا من البشر والأدوات والمخلوقات والطاقة فيما بات يعرف بانترنت الأشياء وشبكات المسهلـ جين (مستهلك - منتج) Prosumers Networks


اين نحن العرب من هذه "الاشياء"


صحيح اننا يمكن ان نشتري تلك التقنيات ونستخدمها كدأبنا في شراء لكل متنتجات التكنلوجيا الاخرى ، لكن قصدي اين نحن من المنتلتي Mentality والثقافة والبيئة العقلية والمعرفية التي يفترض انها تنشأ عنها وتستدعيها في عين الوقت ؟
اي ما التغيرات التي تهيأت لدينا في الثقافة والعقلية لكي نستفيد من تلبك التقنيات ولكي نوظفها بالشكل الامثل؟


(2)


في مطلع الثمانينات من القرن الماضي بعد أن أنهيت خدمة العلم بعد التوجيهي مباشرة قررت ان ابدأ حياتي العلمية بالانتساب لمعهد لتكنولوجيا لاتصالات الأرضية والفضاء ..
وكان من المواد التي درسناها وكانت تبشر بتغيير كبير في حياة الناس والمجتمعات هي التقنيات الرقمية Digital technique والشبكات الرقمية المتكاملة integrated digital networks او شبكات الخدمات الرقمية المتكاملة ISDN اضافة للاتصالات الفضائية والأقمار الصناعية ..


وكان ما تبشر به وقتها وبالطريقة التي تصفه بالنسبة لنا شبه خيال علمي ، كونه لم تكن البنية التحتية له قائمة وكوننا لم نخبر سوى الهاتف الارضي في دنيا الاتصال .. فلا الخلوي ولا الستلايت ومحطات البث كانت دارجة وان كانت الاقمار الصناعية وقتها معروفة لذوي الاختصاص والإمكانية العلمية لهذا الكلام ايضا متاحة ، لكن هذا الكلام كان يعرفه ذوو الاختصاص فقط كقضية نظرية وإمكانية علمية لا غير ..

لكنه هو ما نشهده اليوم وما بات بين ايدي وفي جيب كل واحد منا من خلال الحواسيب بداية ومن ثم بعدها ما بات يعرف ب الهواتف الذكية ...الخ. ولذي ربما كنا قد تعديناه وصار من الماضي نحو ما بات يعرف اليوم بانترنت الاشياء .


ومن ضمن ذلك كنا ندرس عن شبكات ستقدم خدمات متكاملة سيكون الهاتف او الاتصال الصوتي هو ابسطها ، منها خدمات الطقس وأسعار العملات والطائرات والمطارات ومواعيدها وقراءة الصحف والهاتف المرئي والاتصال الصوتي خلال النت VOIP...الخ ، حيث تأتي لك كل تلك المعلومات والخدمات للبيت وأنت تحتسي فنجان القهوة .. وقد كان ذلك وقتها بالنسبة لنا كما قلت يبدو اشبه بوعد حالم بعيد المنال او من قبيل الخيال العلمي !
لكن في غضون عشر سنوات وفي منتصف التسعينات بدأت شبكة الانترنت تنتشر وتغزو العالم كله..وتحمل كل تلك الوعود وأكثر ..


وكالعادة ، سيما في مجتمعاتنا المحافظة فقد بدا ذلك الامر شيئا مستهجنا وقتها وقف الكثيرون منه كالعادة موقف الارتياب والحذر ان لم يكن الرفض والشيطنة .. ودائما كالعادة نزج بالحلال والحرام في اي موضوع ونحشر الدين كي نشيطن ما لم نفهم او ما لم نجد لدينا للوهلة الاولى القدرة على استيعابه والتعاطي معه .. وهو دليل الفجوة الحضارية والتقنية ، اذ بينما امم اخرى كانت تتحدث عنه وتعد به وعد الواعي المدرك عم يتحدث والواثق منه ضمن حسابات دقيقة .. بينما نحن فقد احتجنا فقط كي نألفه ونقتنع بجدواه لثلاثة عقود تالية تقريبا (من الثمانينات من القرن الماضي وحتى نهايات العقد الاول من هذا القرن ) ..


اما اليوم فها نحن ننتقل لى ما يعرف بالثورة الصناعية الرابعة وانترنت الاشياء .. حيث ترتبط الاشياء والبشر وسائر الكائنات بشبكة ذكية هي مزيج من الذكاء الاصطناعي والنظم الخبيرة والشبكات الذكية التي تتضمن مزيجا من البشر والطاقة والموارد والأدوات مع النظم الذكية لإدارة كل ذلك المزيج والتحكم به لغاية الفعالية الانتاجية حيث كل طرف او نود في تلك الشبكة هو مستهلك ومنتج في ان معا فيما سيعرف بمصطلح شبكات المستهلـ جين Prosumers Networks ( مستهلك - منتج) . وعلى سبيل المثال ففي تلك الشبكة الذكية لن يعود البيت مستهلكا للطاقة بل ومنتجا لها في ان معا مع الانتقال للأشكال الاكثر كفاءة وابتكار من الطاقة النظيفة وهو كمثال هنا للقياس عليه

وحيث فيها يمكنك ان تراقب منزلك او مؤسستك عن بعد وربما تحرك أو تشغل الآلات وتطفئها او تلتقط صورا للمكان وتعيد ارسالها او حتى توقظ طفلك النائم في الصباح وتصنع له كوبا من الشاي او الحليب وأنت في بلد اخر يبعد آلاف الاميال ..

وفي حين بدت لنا الشبكة الرقمية المتكاملة في الثمانينات كشيء او وعد حالم كون بنيتها التحتية وعناصرها كانت غائبة بالكامل وغير متداولة او مألوفة وها هي اليوم تغدو حقيقة بين ايدينا ..فان فكرة انترنت الاشياء اقرب للاستيعاب والقبول سيما ان البنية التحتية لها المتمثلة في الشبكات الافتراضية الذكية والانترنت والهواتف الذكية والبرمجيات والذكاء الصناعي كلها متوفرة لا بل اننا الان فعلا نعيش تلك الفكرة في بعض جوانبها فقد صار بإمكانك ان تراقب منزلك او شركتك عن بعد وان تحرك او تقوم بتشغيل او اغلاق الاشياء والآلات عن بعد وفي غضون العقدين القادمين ستكون حقيقة تصوغ وتفرض ذاتها على شكل حياتنا وعلاقاتنا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تتطور الأعضاء الجنسية؟ | صحتك بين يديك


.. وزارة الدفاع الأميركية تنفي مسؤوليتها عن تفجير- قاعدة كالسو-




.. تقارير: احتمال انهيار محادثات وقف إطلاق النار في غزة بشكل كا


.. تركيا ومصر تدعوان لوقف إطلاق النار وتؤكدان على رفض تهجير الف




.. اشتباكات بين مقاومين وقوات الاحتلال في مخيم نور شمس بالضفة ا