الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ولى زمن حاملات الطائرات الاميركية

جورج حداد

2017 / 11 / 20
الارهاب, الحرب والسلام


من المسلمات التاريخية ان الاساطيل البحرية الحربية كانت تمثل العنوان الرئيسي لسياسة الاستعمار والتوسع الاستعماري العالمي.
وفي ظروف المواجهة وسباق التسلح مع الاتحاد السوفياتي السابق، ومن ضمن ستراتيجيتها العامة للهيمنة العالمية، اعتمدت الولايات المتحدة الاميركية سياسة بناء حاملات الطائرات الضخمة التي لا تضاهيها فيها اي دولة اخرى، والتي تحمل كل منها عشرات الطائرات المقاتلة وطائرات الخدمة، بالاضافة الى المدفعية الضخمة والصواريخ والصواريخ المجنحة، وهي بامكانها الوصول الى اي نقطة في بحار العالم، وخوض المعارك البحرية (بحر ـ بحر) والجوية (جو ـ جو، وجو ـ بحر، وجو ـ بر) والبرية (بحر ـ بر، وجو ـ بر). وتتزود حاملات الطائرات الاميركية المعاصرة بالوقود النووي الذي تكفيها الشحنة منه لمدة عشرين سنة كاملة، وهي تحمل سرب طائرات يصل الى 90 طائرة، وتحمل كمية وقود لطائراتها تكفي حوالى اسبوعين في حال القتال المتواصل، وتستطيع الطائرات الاقلاع منها والهبوط عليها في الليل كما في النهار. وترافق كل حاملة طائرات عدة سفن حربية داعمة ذات مهمات مختلفة، من بينها في الغالب ايضا غواصة او اكثر. وهذا ما يجعل كل حاملة طائرات وملحقاتها قوة حربية ساحقة. وقد شاركت حاملات الطائرات الاميركية في جميع الحروب العدوانية واستعراضات القوة الاميركية في جميع انحاء العالم. ويكلف بناء كل حاملة طائرات (بدون الطيارات) اكثر من عشرة مليارات دولار. وتمتلك الولايات المتحدة في الوقت الراهن 11 حاملة طائرات في الخدمة. واستطاعت الولايات المتحدة بناء هذه القوة الجبارة بفضل اقتصادها الضخم الذي يقوم على اخضاع ونهب الاقتصاد العالمي بأسره.
اما بالنسبة الى روسيا (والاتحاد السوفياتي السابق) فإن حجم اقتصادها هو اقل بكثير من حجم الاقتصاد الاميركي، خصوصا اذا اخذنا بالاعتبار انه خلال الحرب العالمية الثانية لم تسقط قنبلة واحدة على الارض الاميركية في حين تحمـّـل الاتحاد السوفياتي الفاتورة الاكبر في تلك الحرب، عسكريا واقتصاديا وعمرانيا واجتماعيا وبشريا. ولذا فإن الاقتصاد الروسي لم يكن يسمح بـ"ترف" مجاراة اميركا في بناء حاملات الطائرات. فاتجهت روسيا بحكم الضرورة الى بناء اسلحة "متواضعة". وكان على رأس تلك الاسلحة "المتواضعة" نوعان، كلاهما اقل كلفة بكثير من حاملات الطائرات. وهذان النوعان هما:
الاول ـ الصواريخ الباليستية عابرة القارات، التي بواسطتها فإن روسيا جعلت كل حاملات الطائرات التي تنشرها اميركا في بحار العالم عديمة النفع في الدفاع عن الارض الاميركية ذاتها، حيث ان الصواريخ الباليستية عابرة القارات قادرة على نسف واغراق جميع حاملات الطائرات الاميركية، كما انها ـ وهذا هو الاهم ـ قادرة على قصف اميركا نوويا وازالتها عن الخريطة، فيما حاملات الطائرات الاميركية لا تزال تتنزه بعيدا في اعالي البحار، وهذا حتى ـ في اسوأ الاحتمالات ـ في ظروف تعرض روسيا لاي هجوم كان.
والثاني ـ الغواصات، والجيل الجديد من الغواصات الروسية هو غواصات نووية شبحية من الصعب اكتشافها. وبواسطة الغواصات المحملة بالصواريخ النووية استطاعت روسيا ان تحول "الميزة الستراتيجية" لاميركا بكونها شبه جزيرة مختبئة خلف المحيطات، ـ تحول هذه "الميزة" الى "مقتل" لاميركا، اذ ان اميركا اصبحت محاصرة ومطوقة من المحيطات الثلاثة (الاطلسي والباسفيكي والمتجمد الشمالي) بعدد غير معروف من الغواصات الروسية النووية المصنوعة خصيصا لحمل الصواريخ حاملة الرؤوس الحربية النووية بهدف تدمير اميركا واغراقها في قاع المحيطات عند اللزوم. و"حمولة" كل واحدة من هذه الغواصات كافية لتدمير اميركا اكثر من مرة. وطبعا تخضع الغواصات لاوامر موسكو. ولكن في الوقت ذاته فإن نظام البحرية الحربية الروسية يعطي اميرال كل غواصة تشارك في محاصرة اميركا "استقلالا ذاتيأ ( اوتونومي) اي انه يمتلك صلاحية شن الهجوم على اميركا وافنائها واغراقها في المحيط بدون اوامر موسكو، وحتى ـ في أسوأ الاحتمالات ـ فيما لو ضربت موسكو او روسيا ولم تعودا موجودتين لا سمح الله.
وتحذو الصين حذو روسيا وتتعاون معها ستراتيجيا.
اما كوريا الشمالية فإنها استطاعت بعد الحرب الكورية (1950 ـ 1953) ان تبني جيشا قويا وكبيرا قادرا بـ"قفزة نمر" واحدة ان يحرر كوريا الجنوبية ويستعيد الوحدة القومية لكوريا ارضا وشعبا. ولكن هذا الهدف القومي المشروع للشعب الكوري تقف دونه اليابان وخصوصا اميركا التي حولت كوريا الجنوبية الى قاعدة تابعة لها وارسلت قوات عسكرية هائلة لمواجهة احتمال الاصطدام مع كوريا الشمالية، ولتهديد الصين في الوقت ذاته. ولذلك اتجهت كوريا الشمالية بحزم نحو امتلاك القنبلة النووية وصناعة الصواريخ متوسطة المدى وبعيدة المدى. ونجحت في اجراء تجارب مرت فيها الصواريخ فوق اليابان وتجاوزتها. اي ان اليابان اصبحت "تحت السيطرة". وبقيت اميركا البعيدة. وبالرغم من الحصار والعقوبات والتجويع والحرب النفسية، فإن كوريا الشمالية البطلة تابعت تجاربها الصاروخية والنووية، وفي لحظة ما ارعبت كوريا الشمالية الكتلة الغربية وعلى رأسها اميركا باجراء تجارب صاروخية "مقنعة" بأنها اصبحت قادرة على استهداف الاراضي الاميركية ذاتها. ويطرح بعض المحللين فرضية تقول ان كل عملية التجارب الكورية الشمالية ما هي سوى مسرحية كاموفلاج (تمويه) ستراتيجي ـ سياسي ـ اعلامي لتسريب الصواريخ الباليستية ومحمولاتها النووية الى كوريا الشمالية من الصين او ربما من روسيا، ووضع اليابان واميركا "تحت السيطرة" في قبضة حتى هذا الشاب الكوري الشجاع كيم تشين اون. واذا كانت هذه الفرضية صحيحة ام لا، فإن اميركا تتعامل مع التهديد الكوري الشمالي بكل جدية.
ومؤخرا أجرت اميركا، بالاشتراك مع اليابان وكوريا الجنوبية مناورات حربية ضخمة جدا بمحاذاة الشواطئ الكورية الشمالية والصينية، شاركت فيها ثلاث حاملات طائرات "فقط!".
ولكن أحدث أسلحة روسيا والصين قرّبت غروب عصر حاملات الطائرات الأمريكية، التي سيطرت على البحار لعشرات السنين. وهذا ما يقوله ليس اي باحث روسي او صيني، بل كتبه الباحث الستراتيجي الاميركي روبرت فارلي في المجلة الاميركية لشؤون الدفاع The National Interest (NI).
وتقول مجلة NI ان الاسلحة الجديدة لروسيا والصين جعلت بناء حاملات الطائرات الاميركية بلا جدوى. ويصف هذا المحلل حاملات الطائرات بأنها "العملة الرئيسية" للبحرية الامريكية، لكنه يلاحظ ان القوى العالمية الرائدة فى التاريخ الحديث تتساءل عن المضادات الفعالة لهذه السفن العملاقة. فحتى خلال الحرب العالمية الثانية استخدمت بنجاح ضد حاملات الطائرات طوربيدات الغواصات، والتي أصبحت الآن أكثر قوة وفعالية اضعافا مضاعفة. واليوم، فإن طوربيدا واحدا فقط ينفجر تحت قاع هذه السفينة العملاقة قادر على اغراقها، أو شلها، أو (مع سيناريو أقل نجاحا) الحد بشكل كبير من قدرتها القتالية. والنوع الثاني من الأسلحة، الفعالة ضد حاملات الطائرات، كما تقول مجلة NI هي الصواريخ المجنحة التي حققت روسيا والصين نجاحات كبيرة في تحسينها في السنوات الاخيرة. وعلى سبيل المثال، فإن الصواريخ المجنحة الروسية من طراز" كاليبر"، الذي يطلق عليه حلف شمال الأطلسي تسمية "المرمِّد"، يمكن استخدامها من قبل الفرقاطات والصواريخ الصغيرة وسفن الدوريات واخيرا الغواصات. كما ان وسائل الاعلام الغربية تسمي الصاروخ الباليستي الصيني "دونفين ـ 21" (Df-21) "قاتل حاملات الطائرات".
وتختتم المجلة الاميركية NI تحليلها بالقول ان عصر حاملات الطائرات قد انتهى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثلاث حاملات طائرات اميركية في المناورات
طوربيد روسي مجنح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هو بنك الأهداف الإيرانية التي قد تستهدفها إسرائيل في ردها


.. السيول تجتاح مطار دبي الدولي




.. قائد القوات البرية الإيرانية: نحن في ذروة الاستعداد وقد فرضن


.. قبل قضية حبيبة الشماع.. تفاصيل تعرض إعلامية مصرية للاختطاف ع




.. -العربية- ترصد شهادات عائلات تحاول التأقلم في ظل النزوح القس