الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إغتيالُ حلم

امين يونس

2017 / 11 / 20
الادب والفن


" ش " طالبة في السادس الإعدادي ، من عائلةٍ فقيرة . فالأب مُوّظفٌ بسيط ، والأم ربة بيت تكدحُ في واجباتها المنزلية إضافةً إلى عملها على ماكنة خياطة قديمة . ول " ش " أخٌ صغير " م " في العاشرة من عمره ، طالبٌ في الصف الرابع ، لكنهُ مريضٌ في أغلب الأوقات . هذه العائلة الصغيرة ، تسكنُ في بيتٍ مُؤجَر ، من غُرفتَين بائِستَين . ونصف الراتب الذي يستلمهُ الأب من وظيفته ، زائداً ما يحصل عليه من حراسته الليلية في أحد الأسواق ، إضافةً إلى ما تكسبهُ الأُم من الخياطة ... كُل ذلك لا يكادُ يكفي للمصاريف الأساسية : الإيجار / الطعام / أدوية " م " .
وصلتْ الأمور مُؤخَراً ، أنهم إضطروا إلى إلغاء إشتراك إبنتهم " ش " في السيارة التي تنقل الطالبات الى المدرسة ... فكانتْ تذهب وتعود سيراً على الأقدام ، حوالي ستة كيلومترات يومياً مَهما كان الطقس . والمُفارقة أن " ش " ومنذ سنواتها الأولى في الثانوية ، كانتْ مُتفوِقة في دراستها ، ومُتقدِمة على الجميع . كان الحلم الذي يُراودها أن تصبح طبيبة أسنان .. وكانتْ تدرك أن بإمكانها أن تحصل على المُعّدَل الذي يُؤهلها للقبول في تلك الكلية ... ومن حُسن حظها ، ان قسم طب الأسنان قد فُتِح في جامعة مدينتها دهوك قبل بضع سنوات ، فلن تضطرَ إلى الذهاب إلى جامعةٍ أخرى بعيدة .
رغم إلحاح أبوَيها ، على أن تتفرغَ كُلياً لدراستها فقط ، فلقد كانتْ تُساعد أمها في بعض أعمال المنزل وترعى أخوها المريض .. وكما هو مُتوَقعٌ منها ، فأنها أدتْ إمتحانات البكالوريا ، بِثِقةٍ وكفاءة .. وحصلتْ على مُعّدَل ( 94.9% ) .. وشعرتْ أن حلمها باتَ قريب التحقُق .
...........................
من " إنجازات " الإدارة في أقليم كردستان العراق ، أنها إبتدعتْ أساليب جديدة للإيغال في اللاعدالة . فلقد فسحَتْ المجال ل [[ شراء الدرجات ]] لخريجي الإعدادية !! ... نعم الآن بإستطاعة الأثرياء شراء بعض الدرجات بالنقود . ولنفترض ان كلية طب الأسنان ، كمثال ، تستوعب هذه السنة خمسون طالبا وطالبة .. فأنها قبلتْ حوالي خمسة وثلاثين من الذين لا تقل معدلاتهم عن 96% . أما الخمسة عشر مقعداً الأخرى ، فهي للذين معدلاتهم 94 و 93 مثلاً ، ويقومون ب " شراء " الدرجات الأخرى المطلوبة ! .
وبالفعل ، فلقد سارع الأغنياء بإغتنام الفُرصة وشراء الدرجات لأبناءهم : عشرة ملايين دينار في السنة " حوالي 7930 دولار أمريكي " ، أي يدفع عشرة ملايين في كل سنة دراسية . نعم ، بكل سهولة ، يحصل إبن الغَني [ الذي كان له مُدرسون خصوصيون طيلة السنة / ويمتلك سيارته الخاصة / ومصروفه الشهري الشخصي أكثر من وارد عائلة " ش " عدة مرات ] على مقعدٍ في الكُلية ، وتُحرَم منهُ " ش " لأنها فقيرة ! .
......................
قالت الأم باكِيةً : حبيبتي ... سأبيع ماكنة الخياطة ، فهل ستكفي لقبولك في الكلية ؟
قال الأب : يا إبنتي .. سأحاول الإقتراض من زملائي في الدائرة .
قالتْ " ش " : لا تفعلي يا أُمي .. ولا تقترض يا أبي . فلا فائِدة . سأقدِم لأي كلية أخرى أو معهد أو أحاول إيجاد عمل . ليستْ هذهِ نهاية الحياة . طب الأسنان كان مُجّرَد حلم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أما أطباء ؟؟؟
حسن الكوردي ( 2017 / 11 / 23 - 12:54 )
تحياتي .هذا هوا العووراق عفواً العراق الدم قراطي الجديد والجديد جداً جداً التي كنا نحلم بها حالنا حال الطالبة ش . واليك قصه واقعية سمعتها من شخص موثوق في منتصف التسعينيات من القرن الماضي زار وفد من أساتذة جامعة بريطانية مرموقة جامعة دهوك وشملت الزيارة كلية الطب بعد أن تفقدوا أقسام الكلية سئلهم أحد أساتذة الكيلة كيف وجتم الطلاب فأجاب أحدهم هؤلاء الطلاب سيصبحون مضمدين جيدين أما أطباء ؟؟ وألأن جميع تلكم الطلاب أطباء وأصحاب عيادات ولآكن !؟؟؟ . وشكرا لك

اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا