الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعيد عن طنين الذباب

مفيد بدر عبدالله

2017 / 11 / 20
المجتمع المدني



الى اي زاوية كان علي أن أنظر؟ وأي ملامح أرسمها على وجهي؟ لحظة صوبت نحونا كامرتان لنقالين في آن واحد ونحن جالسين أنا وأصدقائي في مجلس العزاء، أحداهن لمعز اتى معنا وأخرى لصاحب العزاء، كلاهما من المولعين بالظهور الدائم على صفحات التواصل الاجتماعي، الحسينية كانت ممتلئة بالمعزين لحظة التقاط الصور وهم ينظرون الى المصورين بدهشة ، وجوههم حملت ملامح الاستنكار على فعل غير مألوف، أشعرتني بالخجل لكنها لم تثن مصورينا من التنقل بعدة أماكن لتوثيق الحدث العظيم بزوايا مختلفة، مشهد كوميدي منحني شعورا مزيفا للحظات بانني من أصحاب الجلالة والسمو، لم تنته الحكاية بخروجنا، الفصل الاخر بدأ عند المساء، جموع كبيرة من المعلقين تشيد وتمجد بعملنا البطولي والتاريخي الذي أستحق أن نتخذ موقعا بارزا في صفحتي الزميلين، بعد أن قال الاول " ذهبنا لنؤدي واجب العزاء" أما الثاني فيقول" حضر فلان وفلان الى مجلس العزاء" .
وأنا أتابع ، تبادرت الى ذهني صورة "مارك زوكربيرج" مؤسس ( الفيس بوك ) اكبر موقع للتواصل الاجتماعي وهو يشاركني الفرصة التاريخية تلك ، ويفخر أن منجزه العملاق هذا قد ولج للمرة الاولى مجالس العزاء.
لدي ثقة كبيرة أن أكثر من 90% من منشورات الفيس بوك تدور حول مواضيع لا تضيف شيئا مهما قادرا على تنمية العقل، منشورات لأفراد مصابين بداء العظمة يعظمون صغائر الامور (وتعظم في عين الصغير صغارها)، ينشرون تحركاتهم وأعمالهم اليومية بعدد لا يحصى من الصور، ماذا سيضيف لنا معرفة التفاصيل الدقيقة لحياة هؤلاء؟ امر مضحك ومثير للسخرية، بعضهم يحاول رسم صور ذهنية لدى المتابعين لأقناعنهم بورعهم وتقاهم، صورهم في مسجد، أو قرب الكعبة المشرفة، أو أمام أحد المراقد، وآخرون يذهبون لمدى أبعد، يبعثون برسائل صوتية يقول فيها (أحييكم من المكان المقدس الفلاني)، ترى أيّ قيمة تُرتجى من منشورات على هذه الشاكلة، أمام تفكير هؤلاء أقف مشحونا بمئات الاسئلة، منها لماذا يتعمدون خداع الاخرين بادعائهم التمسك بمعتقدات روحية و ويحاولون استثارة عواطف وجدانية ؟ الا يعرف هؤلاء ان الله مطلع على القلوب والرياء يضيع الاجر، على الشباب الواعي المتوقد وقادة الرأي العام ملاحقة هذه الظاهرة، لان ادّعاء التدين من أشخاص بعيدين عن الدين ستنتج حتما طبقة اجتماعية مزيفة، أن علاقة الفرد مع دينه مكانها القلب لا الفيس بوك كما يعتقدون، أما نحن فنبحث عن المعلومة الجديدة النافعة، عن منشور مغذي للعقل مواكب للتطور والحداثة، يسهم في بناء مجتمع طامح متطلع لمستقبل أفضل .
أحيانا أتحدث مع أصدقائي عن هذه الظاهرة الشاذة، أجدهم يذهبون شرقاً وغربا في تفسيراتهم والجواب بسيط : لدى هؤلاء غايات يرغبون في الوصول اليها، أو محاولة منهم لتستر شنيع أفعالهم، والمتابعون ليسوا اغبياء، أستشف هذا من تعليقاتهم الساخرة، أو من عباراتهم التي تحتمل التأويل وذات الدلالات المفتوحة، لكنها ليست مباشرة ولا من القوة التي تضطر السفهاء لرفع خزعبلاتهم. ولو أن الناس كانت أكثر وضوحا وجرأة لما تمادى المتمادون، أذ لا ينبغي الخضوع لهلوسات هؤلاء والتصفيق لهم .
أجمل ما في تطبيق الفيس بوك أمكانية حظر من نشاء، أمر يستحق أن يشكر عليه مارك زوكربيرج وطاقمه الكبير، فعلى كل شخص يغربل صداقاته الفيسبوكية، ويعقد العزم، ويستدعي كل ما يملك من شجاعة وقدرة، وبضغطات بسيطة على أزرار الحاسوب ينقل الطنانين الى مكانهم الطبيعي (سلة النفايات).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قيس سعيّد يرفض التدخلات الخارجية ومحاولات توطين المهاجرين في


.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة – برنامج الأغذية العالمي يحذر من مجا




.. نشرة إيجاز – برنامج الأغذية العالمي يحذر من مجاعة محتومة في


.. العراق يرجئ مشروع قانون يفرض عقوبة الإعدام أو المؤبد على الع




.. رئيسة -أطباء السودان لحقوق الإنسان-: 80% من مشافي السودان دم