الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آدم سميث: نعم، الإنسان آلة

حسين الرواني

2017 / 11 / 22
الادارة و الاقتصاد


في الفصل العاشر من كتاب ( ثروة الامم) لآدم سميث، ستجد جمالا في الفكرة، في التقييم العقلاني للعمل.
يقول إن قيمة العمل تتحدد بخمسة عوامل، منها الوقت المطلوب للعامل لإتقان حرفته، والمهارة اللازمة، ويعتبرها بمثابة قيمة السلع الرأسمالية المطلوبة للعمل والانتاج.
اعمق من ذلك، يؤكد سميث ان أجر العامل يجب أن يتناسب مع الطاقة الانتاجية المتبقية له خلال عمره المحفوف بالمخاطر، والمجهول امتداده، كما يتم احتساب عمر الآلة وانقاص قيمة المستهلك منها سنويا.
يرى ايضا ان العامل الذي انفق مثلا خمس سنوات على تعلم حرفته، يجب ان لا يقبل بعمل يدر عليه اي أجر اقل من قيمة مهارته المتأتية من خمس سنوات من التعلم، فضلا عن الربح العادي لاشتغاله، اللازم لسد رمقه على الاقل، فهو في هذا نظير أي ماكنة ثمينة، يجب ان لا يتم تشغيلها الا بأجر يغطي تكاليف شرائها، وربح للمشغل التي اشتراها.
وبعبارة اوضح، لو افترضنا ان آلة انتاج قيمتها خمسة آلاف دولار، تساوي في قيمة انتاجها مهارة عامل انفق خمس سنوات من عمره على تعلم حرفته، فيجب ان يتساوى اجره مع ثمن السلعة التي تنتجها الالة، اذا افترضنا ان الخمسة الاف دولار للآلة تساوى خمس سنوات مهارة للعامل.
وعلى هذا، يرى سميث، أن الاجر يجب ان يتناسب طرديا مع مهارة واحتراف العامل، فالأعمال الابداعية مثلا، تتطلب وقتا وتدريبا اطول.
وقصده واضح، فهو يريد القول ان مكافأة الرسامين مثلا على عملهم في الساعة الواحدة، ينبغي ان تكون اكبر من اجر صابغ احذية لمدة العمل نفسها. رغم اشتراكهما في ادوات العمل وهي الالوان والاصباغ.
ويستمر هذا العبقري الاسكتلندي في تحليل قيمة العمل والاستثمار في التجارة، فيقول ان شهرة محام او طبيب جراء نجاحه هي جزء من مكافأته، ونستطيع الاستنتاج ايضا ان هذه المكافأة تشبه العلامة التجارية لأية آلية صناعية مشهورة بالمتانة والانتاج الكبير والعمر الطويل وقلة الاصابة بالعطل والاحتياج الى اصلاح.
وفي ختام هذا الفصل، يلفت سميث الى فكرة اخرى لا تقل روعة وجمالا عن السابقة، وهي ما يسمى في علم تنمية الموارد البشرية الحديث بمبدأ التعلم اثناء العمل، فهو يرفض تماما فكرة ربط المتدرب بفترات تدريب طويلة مع عدم منحه اجورا بذريعة تعليمه، في حين انه سيتعلم لو مارس المهنة بشكل اسرع وانجح، اما ما يقال عن الخشية من عدم اتقانه الصنعة وتقديم انتاجه بشكل جيد للمستهلكين، فهو يدحض هذه المخاوف بالقول ان مدى مهارة العامل سيحددها المستهلكون الذين هم على امس احتكاك به، وعلى قدر كبير من المعرفة بمنتجه، سواء كان سلعة او خدمة.
حتى في هذه الفكرة، يمكن أن يستوحي القارئ، ان ابقاء العمل تحت فترات تدريب اطول مما يحتاجه، تشبه ابقاء الالة الانتاجية تحت التجريب اطول مما تحتاجه لتثبت كفاءتها.
اية لغة يحتاج الاقتصاد الرأسمالي ان يعبر بها عن حقيقة ان الانسان والالة سيان في حقل العمل، فإن كان الواقفون ضد الرأسمالية ينبزونها بأنها تحول الانسان الى الة، فسميث تحدث في هذا الفصل عن الاخلاقيين الوهميين، الذين يمنعهم "الغرور المتعجرف" كما يقول هو في ص 157، عن مزاولة الكثير من الحرف والمهن اليومية الشريفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من غير صناعة اقتصادنا مش هيتحرك??.. خالد أبوبكر: الحلول المؤ


.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 19-4-2024 بالصاغة




.. تطور كبير فى أسعار الذهب بالسوق المصرية


.. صندوق النقد يحذر... أزمة الشرق الأوسط تربك الاقتصاد في المنط




.. صندوق النقد الدولي: تحرير سعر الصرف عزز تدفق رؤوس الأموال لل