الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وطن بلا مواطنين!

محمد طه حسين
أكاديمي وكاتب

(Mohammad Taha Hussein)

2017 / 11 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وطن بلا مواطنين!
محمد طه حسين
اذا انعدم الشعور المشترك أو اِنفصم، اذا كُوِّر التأريخ تكويراً طائفياً ومذهبياً وقومياً بدائياً وانقصم، اذا انشطرت الذاكرة الوطنية والمجتمعية وانقسمت، فالانتماء يغدو موضوعاً للحوارات السفسطائية العقيمة بين المذهبيّين المتسيسين الثيوسياسيين والميثوقوميين*.
الثيوسياسيين هم كائنات منتمين للماضي عقائدياً، وللمستقبل يوطوبياً، ولهذا لا يشعرون بحرارة الأرض ودقات قلبها ولا يحتضنونها كأمهاتهم كي يتخلصوا من قلقهم الأساسي وبكائهم المزيف. هم استجابوا لدعوات الأبالسة فاغتصبوا الأرض وهتكوها، شقوا بطونها بحثاً عن ما يشبع شرَهَهم.
كائنات مسافرة الى غدٍ آخر، الى ميتاعالمٍ فيها البطون وآلات ما دون السرّة نشطة. العقلانية عندهم هنا في الأرض فقط لسد حاجات البطون والنوم على أَسِرّة الشهوة والشبقية، وليست لما تحتاجها من أيقونات العقل والحضارة.
والميثوقوميين ينتمون الى الأجداد الذين تركوا لهم ارثهم السلطوي المتألّه في الرموز الطوطمية الأبوية المنتَجة جيلاً بعد جيل. هم في طقوس دائمة لأحضار تلك الأرواح كي يحصلوا دوماً على صكوك ممارسة السلطة المدمغة بدماء الأموات والأحياء.
الثيوسياسيين والميثوقوميين لا يتحدثون لغة العقل، لا ينتمون الى أيقونات هذه اللغة، من الدولة ومؤسساتها والدستور الذي يرسم صورة الدولة وكذلك صورة المواطن على هيئتهما الحقيقية الحرة. صورة الدولة في الدستور كصورة العش والبيت الباشلاري تُرسم بالثقة وتتلون بفيغراتها المختلفة ضمن علاقات متينة تفرز في النهاية هورمونات السعادة والأمان الأبدي.
صورة الدولة في الدستور كرؤية مونتسيكو للوحتها في روح القوانين تظهر في بنودها الأعراف والقيم والاخلاق والتكوينات السايكومجتمعية والحريات الشخصية والسلطات الثلاثة من القانونية والتنفيذية والقضائية، تظهر فيها التلال والجبال والسهول والأنهار والوديان والمناخ ومعطيات طبيعية أخرى.
صورة المواطن في الدستور كصورة عاشقٍ تلهمه ابياته وبنوده من كلمات تروي لحظة بلحظة روح التعلق والانتماء، وتشدها لمراكز الجاذبية المجتمعية المتمدنة، فالدساتير عقود بين العقلاء وليست بين النزلاء.
------------------------------
الثيوسياسيين:- السياسيين الذين يتخذون من الدين مرجعا سياسيا لهم.
الميثوقوميين:- القوميين الذين يسطرون دوما حياة او بالاحری اساطير بطولية في مخيلات احزابهم و منظماتهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذه المرة هناك شيء من والدك طه حسين!
أفنان القاسم ( 2017 / 11 / 24 - 09:46 )
أشكرك على الشعر والسياسة في أسلوبك، فكان استمتاعي كبيرًا...

اخر الافلام

.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد


.. يديعوت أحرونوت: أميركا قد تتراجع عن فرض عقوبات ضد -نتساح يهو




.. الأرجنتين تلاحق وزيرا إيرانيا بتهمة تفجير مركز يهودي