الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسرائيل القديمة: حدوتة أم تاريخ؟؟

محمود الصباغ
كاتب ومترجم

(Mahmoud Al Sabbagh)

2017 / 11 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


(1)هيمنت على مدى القرنين الماضيين من الدراسات الكتابية المدرسة المعروفة باسم المدرسة "التاريخية النقدية " التي خلقت عالما لما أطلقت عليه اسم "إسرائيل القديمة". حيث كان يعتقد أن نصوص العهد القديم-يسمى في بعض الأوساط "الكتاب المقدس العبري" - تشير إلى "إسرائيل القديمة" فضلا عن القول بأن هذه النصوص تعبر عن واقع تاريخي ,وأقر أهل الاختصاص في غضون المرحلة المبكرة من تطور المنهجية التاريخية النقدية فيما يتعلق بإسرائيل القديمة بالقبول بالرأي الذي يرى العهد القديم ليس مجرد كتاب تاريخ أو-نص- يقول الحقيقة ,الأمر الذي لم يكن يعتبر,وفقا للتطورات في مجال التاريخ العام مشكلة مستعصية بالنسبة للعلماء الكتابيين. هذا وقد بدأ المؤرخون منذ بداية القرن التاسع عشر في تطوير أساليب مناهج و مقاربات نقد المصدر ,مما مكنهم - أو هكذا كانوا يعتقدون-التمييز بين المعلومات الحقيقية والتوسع الثانوي. وكان على المختصين في كتابة التاريخ ,كما يقول المؤرخ البارز من تلك الفترة يوهان غوستاف درويسن (1808-84)،أن يميزوا بين" الخبر-الحدوتة Bericht "أي القصة أو التأويل و" المعلومة Überreste " ،أي ما تبقى من المعلومات التاريخية.ووفقا لهذا الرأي, سوف يكون كل جزء من السرد التاريخي في العهد القديم عرضة لإمكانية التمييز بين المعلومات التي نشأت في الماضي وبين الإضافات والتعليقات على هذه المعلومات التي أتت في فترة لاحقة(2).و سأسمح لنفسي هنا ,كمثال على هذا الأسلوب من تحليل المصدر , اقتباس قصة مهاجمة سنحاريب لأورشليم في العام 701 ق.م .فكما نعلم ورد في سفر الملوك الثاني 18 : 13-16 :" 13وَفِي السَّنَةِ الرَّابِعَةَ عَشَرَةَ لِلْمَلِكِ حَزَقِيَّا، صَعِدَ سَنْحَارِيبُ مَلِكُ أَشُّورَ عَلَى جَمِيعِ مُدُنِ يَهُوذَا الْحَصِينَةِ وَأَخَذَهَا. 14وَأَرْسَلَ حَزَقِيَّا مَلِكُ يَهُوذَا إِلَى مَلِكِ أَشُّورَ إِلَى لَخِيشَ يَقُولُ: «قَدْ أَخْطَأْتُ. ارْجعْ عَنِّي، وَمَهْمَا جَعَلْتَ عَلَيَّ حَمَلْتُهُ». فَوَضَعَ مَلِكُ أَشُّورَ عَلَى حَزَقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا ثَلاَثَ مِئَةِ وَزْنَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ وَثَلاَثِينَ وَزْنَةً مِنَ الذَّهَبِ. 15فَدَفَعَ حَزَقِيَّا جَمِيعَ الْفِضَّةِ الْمَوْجُودَةِ فِي بَيْتِ الرَّبِّ وَفِي خَزَائِنِ بَيْتِ الْمَلِكِ. 16فِي ذلِكَ الزَّمَانِ قَشَّرَ حَزَقِيَّا الذَّهَبَ عَنْ أَبْوَابِ هَيْكَلِ الرَّبِّ وَالدَّعَائِمِ الَّتِي كَانَ قَدْ غَشَّاهَا حَزَقِيَّا مَلِكُ يَهُوذَا، وَدَفَعَهُ لِمَلِكِ أَشُّورَ". تبدأ القصة إذن بملاحظات عن حكم الملك حزقيا , وكيف كان يعمل جيدا في عيني الرب وكيف ثار ضد الآشوريين وضرب الفلستيين . ينقطع السرد عن حزقيا بمقدمة قصيرة تشرح حصار الملك الآشوري شلمنصر لمدينة السامرة وقهرها - وهو ما سبق ذكره في الإصحاح السابق. و يتابع الحكاية سردها بعد هذه المقدمة بوصف هجوم سنحاريب على مدن حزقيا المحصنة. فيستسلم حزقيا للآشوريين ,أثناء حصارهم مدينة لخيش , ويدفع جزية سخية ليهدأ من روع سيده الآشوري. ثم يرسل الملك الآشوري قائده إلى أورشليم[القدس] بعد دفع حزقيا للجزية. ثمة ,هناك, حادثة ربشاقي الشهيرة،عندما يقف هذا القائد الآشوري أمام أبواب أورشليم ، ويخطب في الناس بقسوة يقصد منها دب الذعر و الهلع في نفوس سكان أورشليم وملكها ويجعلهم يستسلمون .يمر حزقيا بمحنة شديدة فيلجأ إلى إشعياء النبي الذي يعد بمساعدة الرب ضد الآشوريين. ننتقل الآن إلى حيث يعود القائد الآشوري إلى سيده مع جيشه في لبنة من أجل التحرك ضد الجيش المصري الذي يحاول تطويق الآشوريين, يبعث ربشاقي رسالة إلى حزقيا يكرر فيها جملة التهديدات ضد يهوذا التي كان قد أطلقها للتو في خطابه السابق في أورشليم، فيتقرب حزقيا من الرب مجرد استلامه للرسالة كي يساعده ضد الآشوريين و جيشهم .ونتيجة لذلك يضرب ملاك الرب المنتقم الجنود الآشوريين ليلا فيقتل منهم 185.000 ، فيعود سنحاريب فزعا لآشور, وسرعان ما يتعرض هناك للقتل.
من المؤكد أن سرد الإصحاحات هذا لا يشكل ,وحتى بقراءة عفوية,وصفا متجانسا للأحداث المصيرية لسنة 701 ق.م , فحادثة ربشاقي تظهر كأنها زائدة عن الحاجة,نظرا لأن جزقيا كان قد استسلم للملك الآشوري ودفع الجزية قبل أن يمضي ربشاقي إلى أورشليم ليلقي خطابه التهديدي.ولم يكن هناك ما يمنع أو يستوجب عدم عودة الملك الآشوري لدياره بعد أن حقق الهدف المرجو من حملته والمتمثل في إنهاء حالة التمرد في جنوب فلسطين . وتظهر رسالة ربشاقي إلى حزقيا متضمنة موضوعات خطابه ذاته الذي يحرض على تدخل إشعيا والذي يؤدي إلى قيام الرب بتدمير الجيش الآشوري ,و يبدو الأمر كما لو أن مؤلف الرواية يفضل تقديم مشاهده بشكل زوجي :ومن وجهة نظر المؤرخ الحديث قد يكون هذا ممكنا في الإصحاحين 18 و 19 من سفر الملوك للتمييز بين " الحدوتة , و(المعلومة؟) إذا ما جاز لنا استخدام عبارات درويسين السابقة. وسوف يبحث هذا المؤرخ في المقام الأول عن المعلومات التاريخية في الوصف القصير لحملة سنحاريب في بداية رواية الإصحاحين السابقين وليس في المقاطع المفصلة حرفيا التي تليها ,سيقول معظم المؤرخون أن ما تلا قصة دفع الجزية إنما هو مجرد تأويل , أي انعكاس من زمن تالي لأحداث العام 701 ق.م. نمتلك رواية أخرى عن حملة سنحاريب ففي حولياته عن تلك السنة (3) تبدأ الحملة بالتحول إلى فينيقيا, إلى صيدون, لإزالة أي عقبات قد تنجم وراء خط المواجهة وحماية خط الرجعة, فيهرب ملك صيدون من وجهه .و مع ذلك فالهدف الرئيسي للحملة هو استتباب الأمور في فلسطين حيث اصطدم حزقيا اليهوذي (كما يصفه سنحاريب) بالحكام التابعين للآشوريين بما في ذلك "بادي" ملك عقرون ,حيث يقوم حزقيا باحتجازه كسجين. كما تقرب حزقيا وحلفاؤه من ملك مصر، الذي كان جيشه قد وصل بالفعل واستعد للمعركة في موقع "إلتقيه".لم يكن الجيش المصري ليقارن بالجيش الآشوري وكان بمقدور سنحاريب، بعد أن رفض تهديد مصر، من مواصلة عمله بتسوية الأمور على طول ساحل فلسطين. .فيقوم بقهر إ"لتقيه" و "تنمه" و يهاجم و يحتل "عقرون" .ومن الواضح أن حزقيا اقتنع باطلاق سراح "بادي" وعودته إلى مدينته عقرون (لم يقل سنحاريب كيف ولكن يمكننا أن نخمن لماذا) حيث تم إعادة تثبيته كتابع آشوري ولم يكسب حزقيا سوى سوى تخريب بلده على يد سنحاريب الذي دمر 46 مدينة حصينة وحاصر حزقيا في أورشليم مدينته مثل طائر في قفص,علاوة على تسليم الأجزاء المدمرة من مملكته إلى المدن الفلستية. ويتخلى حزقيا عن أمله في محاربة الآشوريين ويدفع جزية عظيمة لمبعوثي الملك الآشوري في نينوى.
لا شك في أن السرد الكتابي وتقرير حوليات سنحاريب هما انعكاس للحملة الآشورية التي انتهت باستسلام حزقيا ودفعه الجزية التي طالبه فيها الآشوريون بما في ذلك بناته. ورغم الاختلافات بين الرواية الكتابية والآشورية، إلا أنهما تتفقان في العديد من النقاط الهامة. تمرد حزقيا ضد الآشوريين. مهاجمة سنحاريب لبلاده وتدمير العديد من المدن. دفع حزقيا ,في نهاية المطاف ,الجزية، ولكن أورشليم ظلت في يده دون أن يمسها أذى. الحقيقة المدهشة هي ما يزعمه سفر الملوك الثاني حين يقول بأن عدم غزو الآشوريين لأورشليم هو حقيقة تاريخية واضحة.وإلا فإن الاختلافات في الغالب تتعلق بتفاصيل التسلسل الزمني وبعض الأرقام مثل متى وأين أرسل حزقيا جزيته؟وكم كان مقدارها؟ وهذه نقاط بسيطة.وخلاف ذلك تتفق كلتا الروايتين بصورة أساسية.و عند مقارنة بعضهما بعض يظهر بوضوح أن حادثة ربشاقي ماهي إلا اختراع من كاتب سفر الملوك الثاني ليلود انطباعا بأن سنحاريب لم يغز أورشليم لأن المدينة المقدسة كانت محمية من إلهها (4).فأفعال ربشاقي تلت دفع الجزية,حيث أنهى الآشوريين بالفعل حالة التمرد. وبرغم من أن هذا القسم يحتوي جزء من المعلومات التاريخية أي ظهور الجيش المصري في فلسطين، فمن المفيد لنا استنتاج عدم وجود ماهو تاريخي في حادثة ربشاقي.فالرواية الكتابية التي تلي دفع الجزية ليست إلا تاريخ مختلق أو ببساطة مجرد خيال. يمكن اعتبار هذا المثال سهلا, بيد أن هناك أمثلة أقل وضوحا. ويمكن أن نذكر من بينها قصة حملة ملك إسرائيل وملك يهوذا ضد ميشع المؤابي كما ترد في الإصحاح الثالث من سفر الملوك الثاني ,و تبدأ القصة بملاحظة تقول أن ميشع دفع جزية عظيمة لإسرائيل ,غير أنه ثار أيضا ضد سيده بعد وفاة آخاب" 4وَكَانَ مِيشَعُ مَلِكُ مُوآبَ صَاحِبَ مَوَاشٍ، فَأَدَّى لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ مِئَةَ أَلْفِ خَرُوفٍ وَمِئَةَ أَلْفِ كَبْشٍ بِصُوفِهَا. 5وَعِنْدَ مَوْتِ أَخْآبَ عَصَى مَلِكُ مُوآبَ عَلَى مَلِكِ إِسْرَائِيلَ. - الملوك الثاني 3 :4 -5". ولذلك دعا ملك إسرائيل نظيره في أورشليم للانضمام إليه في حلف حربي ضد موآب. كما ضم الحلف ملك أدوم.فتبدأ الحملة بمسيرة تستمر سبعة أيام ,ثم تتوقف بسبب نقص المياه" 6وَخَرَجَ الْمَلِكُ يَهُورَامُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ مِنَ السَّامِرَةِ وَعَدَّ كُلَّ إِسْرَائِيلَ. 7وَذَهَبَ وَأَرْسَلَ إِلَى يَهُوشَافَاطَ مَلِكِ يَهُوذَا يَقُولُ: «قَدْ عَصَى عَلَيَّ مَلِكُ مُوآبَ. فَهَلْ تَذْهَبُ مَعِي إِلَى مُوآبَ لِلْحَرْبِ؟» فَقَالَ: «أَصْعَدُ. مَثَلِي مَثَلُكَ. شَعْبِي كَشَعْبِكَ وَخَيْلِي كَخَيْلِكَ». 8فَقَالَ: «مِنْ أَيِّ طَرِيق نَصْعَدُ؟». فَقَالَ: «مِنْ طَرِيقِ بَرِّيَّةِ أَدُومَ». 9فَذَهَبَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَمَلِكُ يَهُوذَا وَمَلِكُ أَدُومَ وَدَارُوا مَسِيرَةَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ. وَلَمْ يَكُنْ مَاءٌ لِلْجَيْشِ وَالْبَهَائِمِ الَّتِي تَبِعَتْهُمْ. -ملوك ثاني 3 :6-9", فيتحول الحلفاء إلى أحد الأنبياء آملين مساعدته فتتدفق المياه بمعجزة بحسب تعليمات و شعائر يأمر بها النبي ,كما يتنبأ لهم أيضا بمعجزة سقوط كل مؤاب ,وتنتهي المعركة التالية بين المؤابيين و الإسرائيليين بكارثة تحل على جيش مؤاب.و يتقهقر ميشع نحو مدينته "قير حارسة".وبعد الهجوم الفاشل الذي شنه ميشع من قير حارسة ,ضحى بابنه على جدار مدينته " فَكَانَ غَيْظٌ عَظِيمٌ عَلَى إِسْرَائِيلَ. فَانْصَرَفُوا عَنْهُ وَرَجَعُوا إِلَى أَرْضِهِمْ."أو ربما كان هناك ثمة فزع عظيم بين الإسرائيليين فرفعوا الحصار و قفلوا عائدين لديارهم .
هل هذا تقرير تاريخي؟ من الواضح أن الجزء المركزي للقصة له علاقة بمعجزة المياه وتأويل المؤابيين الخاطىء لها باعتبارها هي من جلب الكارثة على رؤوسهم. تقع المعجزات بشكل مؤكد في مكان ما خارج دائرة التركيز عند الحديث عن تقرير تاريخي لأحداث وقعت فعلا ، كما أنها غير عملية على الإطلاق بالنسبة للتحليل التاريخي. ومن الآمن القول - من وجهة نظر المؤرخ - أنها لم تحدث أبدا. هل هذا يعني أن رواية الإصحاح الثالث من سفر الملوك الثاني خالية تماما من المعلومات التاريخية؟ بالكاد يمكن قول ذلك ، لأنننا أصبحنا نمتلك اثنين من النقوش تحمل اسم ميشع، ملك موآب,أحدهما ليس سوى جزء صغير أما الثاني فهو على الأرجح أهم نقش ملكي من جنوب بلاد الشام تم العثور عليه (5).
و لميشع أيضا قصة يرويها , فهو يصف في روايته كيف اضطهدت مؤاب على يد عمري لمدة أربعين عاما في عهده ونصف عهد ابنه.لكنه يتابع في قصته أنه هاجم إسرائيل ودمرها إلى الأبد, ومعظم النقش [نقش ميشع]مكرس لوصف المدن التي تم استعادتها -كما يقول هو بكلماته-من إسرائيل وأعاد تنظيمها , وكل ذلك ممكن بفضل كموش، إله مؤاب. وإذا ما عقدنا مقارنة بين قصة الإصحاح الثالث و نقش ميشع فربما نعثر على درجة طفيفة من الترابط بينهما. كلا النصين يفسران كيف ثار ميشع ضد إسرائيل ويعتبران ميشع ملكا على مؤاب, غير أنه ستبوء جميع محاولاتنا,من ناحية أخرى ,بالفشل إذا ما رغبنا في القيام بتوحيد معلومات النص الكتابي مع تلك التي يستعرضها ميشع نفسه.فعلى الرغم من احتواء النص الكتابي على معلومة أو ربما معلومتين يمكن اعتبارهما تاريخيتين ,فإن هذا النص لاتربطه أي علاقة بنص ميشع ,فهذا الأخير لديه سرديته المختلفة تماما ليقولها.قد تشكل قصة ميشع تقريرا تاريخيا، ولكنها بعيدة كل البعد عن تأكيد تاريخيتها,إذ ربما هي بدرجة ما مجرد سرد أدبي أكثر مما هو عليه حال رواية الإصحاح الثالث عن ميشع .وإذن لايقول ميشع الحقيقة ولا شيء سوى الحقيقة. ومن الواضح أن نقشه هو أيضا خيالي إلى حد كبير ونوع من البروباغاندة ويتضمن عناصر من الأدب الشعبي مثل خصائص الأمثال عن الاضطهاد الذي استمر أربعين عاما. يقوم ميشع بطريقة ما بعدم ذكر اسم أي ملك من ملوك إسرائيل ما عدا عمري ,لقد "نسي" أن يذكر آخاب خليفة عمري-فبعد كل شيء يعد آخاب ملكا هاما في عصره وقد أشار له الآشوريون-وبالتالي يجعل عمري ظالم موآب في فترة حكم ابنه أيضا. من خلال تقديم نصي الإصحاح الثالث و نقش ميشع نكون قد نفذنا أكثر نحو مشكلة دراسة تاريخ إسرائيل القديمة. ثمة بعض أوجه الشبه العامة بين رواية النص المؤابي و الرواية الكتابية .حقا كان ميشع ملكا على موآب و كانت موآب قبل ثورته تابعة لإسرائيل. وعلاوة على ذلك، لم تعد إسرائيل قادرة على إخضاع مؤاب مرة أخرى. وبصرف النظر عن هذا، لا توجد أدلة من خارج النص الكتابي يمكنها أن تثبت حبكة رواية هذا الإصحاح .قد يكون النص جزء من عمل قصصي مختلق يحتوي فقط اسم علم وعدد قليل من الأشياء الأخرى تؤدي دورا يراد له أن يكون شهادة تاريخية.لا يمكننا تنسيق المعلومات, و لا حتى تنسيق تسلسل زمني مناسب لها.فوفقا لرواية الإصحاح يقود ميشع ثورة بعد موت آخاب، في حين يتحدث النقش عن القمع الإسرائيلي الذي استمر لفترة تصل إلى نصف مدة حكم ابن عمري الذي يظهر في النص المؤابي هكذا فقط دون ذكر اسمه .وعلى الرغم من أن النقش عادة ما يتم إرجاعه إلى العام 850 ق.م تقريبا ، فإن غموض المعلومات الواردة فيه لا يحول دون أن يكون تاريخه يعود لفترة متأخرة عن التحديد السابق .والحجة المؤيدة لمثل هذا الموقف هي ذكر عمري الذي اضطهد موآب في عهد ابنه. وهذا يشير إلى أن عمري المذكور في النص قد لا يكون ملك إسرائيل ولكن مسمى لملك من "بيت عمري" , وهو المسمى المعتاد و الذي تذكره الوثائق الآشورية من القرنين التاسع و الثامن ق.م حين تذكر الدولة التي تعرف باسم إسرائيل (6). أي أن عمري وإسرائيل في نقش ميشع مرادفان لبعضها البعض .
ختاما : لا يجعل النص المؤابي من سفر الملوك مصدرا تاريخيا موثوقا ، ولا يغير من جنسه الأدبي الأساسي ,فمازال الإصحاح الثالث كما هو معجزة و خيالا مثلما كان سابقا على الرغم من أنه يذكر ملكا تاريخيا من مؤاب ويشير إلى الوضع السياسي العام الذي يمتلك بعضا من نواة تاريخية.ومع ذلك غالبا ما يتم يفترض بعض المؤرخين الحديثين أن هذا الإصحاح يمتلك نواة تاريخية يمكن إعادة بناؤها , وقد يكونوا مقتنعين بأنه يمكن أيضا التمييز هنا بين الحدوتة و المعلومة ,ومثل هذا يعد موقفا غير حكيم للغاية. الجزء الوحيد الذي يتضمن معلومة في هذا الإصحاح هو اسم العلم وبعض المعرفة العامة عن مؤاب في عصر ميشع, بالكاد تكفي لحبك رواية تاريخية,و لا ينبغي لهذا الأمر أن يفاجئنا , فالكتابة التاريخية القديمة مختلفة جدا عن إعادة بناء المعمار التاريخي الحديث.,فعلى المؤرخ الحديث,عند إعادة بناء الماضي، رفض أنواع كثيرة من المعلومات الموجودة في مصدر قديم .و لتوضيح وجهة نظري، سوف أقتبس من التاريخ الدنماركي "القومي" كما رواه ساكسو غراماتيكوس Saxo Grammaticus المتضمن قصة طويلة عن ملك الفيكنغ ريجنر لودبوري، الذي قتل التنين للعثور على زوجة(7) .تتضمن رواية ساكسو عن حياة ريجنر جميع أنواع المواد الأسطورية ,ويمكن بسهولة استبعاد هذه القصص عندما نحاول كتابة تاريخ بدايات الدنمارك. ومع ذلك، فإن اسم ريجنر هو اسم تاريخي،حيث يظهر اسم هذا الملك في حوليات ملوك الفرنجة من القرن التاسع الميلادي كملك معاصر لهذه الحوليات (8) .ولكن للأسف هناك صعوبة في قبول أن يكون هذا الملك قد قتل تنينا على الإطلاق.
تكمن المشكلة في الدراسات الكتابية في أنه يكاد يكون من المستحيل لنا أن نقرر أي جزء من السرد الكتابي ينتمي إلى جنس المعلومة ، وأي جزء يتضمن حدوتة إذا كان لم يكن لدينا أي معلومات أخرى أكثر من تلك المتضمنة في نصوص الكتاب, فإذا كنا لا نمتلك أي أدلة من خارج النص , فسوف يقرر كل باحث على حدة ما هو التاريخ وما هو الخيال، ولن يكون أمامه إلا الحس السليم كمبدأ توجيهي. ومن الواضح أن هذه مشكلة منطقية تتعلق عموما بالدراسات التاريخية النقدية حين تؤدي البحوث الكتابية التاريخية النقدية عملها ضمن تعميمات تأويلية "هرمنطيقية" هي في الواقع ليست سوى تعميمات منطقية دائرية حيث يكون النص الكتابي في أحيان كثيرة مصدر المعلومات الوحيد , فيدور الحوار بين الباحث الدارس للنص والنص نفسه. فيعرض الباحث نظريته التي تقوم على النص الذي بدوره يؤكد على هذه النظرية. والحقيقة المدهشة نجاح هذا المنطق الدائري في الدراسات الكتابية منذ ما يقرب من 200 سنة، منذ الأيام الأولى للأبحاث في بداية القرن التاسع عشر ,وبرغم أن كل باحث تاريخي نقدي يشرح أن ثمة مشكلة هنا ، فإنه يتم تجاهلها إلى حد كبير عندما يتعلق الأمر بكتابة التاريخ. فالإجراء القياسي هو-لو اقتبسنا من بيرند يورغ دييبنير- أنه على الرغم من عدم قدرتنا على إثبات أمر ما , فهذا الأمر هو حقيقة! لا يمكننا أن نثبت أن موسى كان موجودا من قبل، ولكن لا يمكننا أن نوضح تطور التوحيد الإسرائيلي دون موسى، حيث ينبغي لموسى أن يكون , وإلا كان علينا أن نخترعه ... تجاهل إمكانية أن الكتاب القدامى فعلوا ذلك بالضبط! عندما يسعى المرء للبحث عن الإجابة على الألغاز يكون على استعداد للقول إن البحوث التاريخية ليست سوى خدعة. فالإجراء, أي التأويل الدائري ,إنما هو إجراء كاذب من وجهة نظر العلم , والإجراء الكاذب في العلم سيقودنا تلقائيا إلى القول بأن النتائج المتحصل عليها بهذه الطريقة هي نتائج كاذبة ويمكن التخلص منها دون مزيد من اللغط .والقول بأن البحوث التاريخية -النقدية تأسست على منهجية كاذبة وتؤدي إلى استنتاجات كاذبة يعني ببساطة أننا يمكن أن نتجاهل 200 سنة من الأبحاث الكتابية وإلقاءها في المزبلة ولا تستحق الورق الذي تطبع عليه .لا عذر للقول إن هذه هي الطريقة الوحيدة التي قد نحصل بها على معلومات تاريخية من الكتاب , وهذا ليس سوى عذر سيء للتراخي. كما أن له علاقة بالجشع: يريد الباحثون أن يقولوا أكثر مما يمكنهم القيام به. وبما أن الكتاب له علاقة بالدين، ومعظم الباحثين كانوا ولا يزالوا أناس متدينون ، فقد كان هناك ضغط مستمر على الباحثين الكتابيين لإعطاء نتائج تتفق مع تلك المتحصل عليها من مجالات أخرى مثل التاريخ العام. وكان الباحثون الكتابيون يحيون بسهولة حتى هذه التوقعات.
قدمت ,في أطروحتي, بعنوان "إسرائيل القديمة" (1985) عددا من الثوابت، وأول ما يمكن قوله أن أهم شيء هو الاعتراف بجهلنا. والثاني أنه عندما تعرف مدى جهلك، يتكون لديك أيضا فكرة عما ستعرفه حقا. هذه الثواب تشكل نوعا من سرير بروكروستس الذي ينبغي أن توضع عليه جميع أنواع الدراسات الكتابية ، لأن الأمر المطلبي هو أننا بدأنا تحقيقنا بإقرار أننا لا نعرف شيئا تقريبا عن الماضي، وأنه ينبغي أن نبدأ بالقليل الذي نعرفه.ربما قد يعترض البعض هنا ,فهل صحيح حقا أننا نعرف القليل جدا عن إسرائيل القديمة بحيث لا يمكننا إعادة بناء تاريخ وديانة هذا المجتمع؟ و الحقيقة هي أننا نمتلك مصدرا خارجيا واحدا يذكر فيه إسرائيل ويعود هذا المصدر لزمن يسبق حضور ما يسمى "الملكية العبرية" .إسرائيل هذه هي من بين مجموعة من الأعداء المهزومين وضعوا في فلسطين في نقش مصري يرجع تاريخه إلى عصر الفرعون مرنبتاح حوالي 1210 ق.م (10) ,ومن المرجح أن هذا النقش يشير إلى إسرائيل كجماعة سكانية من نوع ما.وبصرف النظر عن هذا، لا شيء معروف عن الظروف المشار إليها في هذا النقش، الذي يستخدم الكثير من اللغة التقليدية، وربما ليس لديه ما يقوله عن الأحداث التاريخية في فلسطين في نهاية القرن الثالث عشر ق.م بعكس مما يعتقد في كثير من الأحيان. هناك فجوة تزيد عن 300 سنة بين نقش مرنبتاح وأولى الإشارات التالية عن إسرائيل . وقد سبق ذكر واحد منها، وهو نقش ميشع. تحتوي الكتابة الثانية على إشارة آشورية إلى معركة وقعت في العام 853 ق.م شارك فيها أخاب الذي من سيرلاء -وهو بالتأكيد شكل مشوه لإسرائيل-(11) والثالث يذكر ملكا مجهولا لإسرائيل من المفترض أن يكون قد قتل على يد مؤلف ما تم العثور عليه مؤخرا في ما يسمى ب نقش"بيت ديفيد" من تل دان في شمال فلسطين(12).ومن القرن الثامن هناك عدد قليل من النصوص الآشورية تشير إلى إسرائيل إما باسم "بيت عمري" أو السامرة ببساطة،عاصمة مملكة إسرائيل في شمال فلسطين حتى 722 ق.م. معظم هذه النقوش تتضمن إشارات قصيرة إلى إسرائيل، وبعضها يمكن أن يرتبط مباشرة بالمعلومات الواردة في العهد القديم مثل تعليمات تغلاتبلصر الثالث في شمال فلسطين قبل سنوات قليلة من سقوط السامرة(13).إسرائيل هذه المذكورة في نقوش تعود للألفية الأولى ق.م. هي، مع ذلك، ليست إسرائيل القديمة وإنما دولة إسرائيل التي كانت موجودة بين حوالي 900 ق.م و 722 ق.م ,تظهر هذه الدولة في العهد القديم باعتبارها واحدة من الدولتين اللتين خلفتا إمبراطورية داود وسليمان. ويشار إلى الدولة الثانية باسم يهوذ ا و التي ليس قبل القرن الثامن تبدأ النقوش الآشورية بالإشارة إليها . ومرة أخرى، فإن معظم النصوص تتضمن معلومات محدودة نوعا ما، وأهمها دون شك التقرير السابق لحملة سنحاريب على فلسطين. وبعد سقوط نينوى تحتوي نقوش بابلية قليلة إشارات إلى يهوذا أو إلى أحداث يمكن أن تكون ذات صلة بمصير يهوذا في القرن السادس ق.م، وأهمها حوليات الدولة البابلية الحديثة التي تتضمن تقريرا عن الفتح البابلي لأورشليم نحو 597 ق.م (14). النقوش القديمة في الشرق الأدنى التي تشير إلى إسرائيل ويهوذا محدودة العدد ولكنها مع ذلك أدلة مهمة فهي تخبرنا بأن أسماء مثل إسرائيل و يهوذا ليست أسماء -وهمية- مختلقة ، بل تشير إلى بنى سياسية موجودة بالفعل. وتشير هذه النقوش ايضا إلى مجموعة مختارة من الملوك المعروفين في نصوص العهد القديم. وهي تظهر أنه حتى نتمكن من السيطرة على الأدلة فإن خلافة هؤلاء الملوك وكذلك المزامنات التي يمكن إقامتها بين ملوك إسرائيل ويهوذا والملوك الآشوريين والبابليين ليست مضللة تماما. فقد هاجم سنحاريب يهوذا حقا في أيام حزقيا و غزا نبوخذنصر لاحقا بعد نحو قرن أورشليم حقا ونصب صدقيا على عرش يهوذا .ولختام هذا القسم ,من الواضح أن تاريخ إسرائيل ويهوذا كما يروى من قبل المؤرخين الكتابيين لا يخلو تماما من المعلومات التاريخية. الناس الذين كتبوا روايات العهد القديم التاريخية لم يعرفوا على الأقل بعض الحقائق عن التاريخ الإسرائيلي واليهوذي. حتى أننا قد نقول أن هناك عدد معين من المعلومات ,أي البقايا التاريخية, المدرجة في نصوص العهد القديم. قد يكون هناك نوع من التماسك الذي يربط هذه المعلومات معا ويخلق نوعا من الإطار الزمني للسرد التاريخي. كل هذا غير إشكالي , لكن الجزء الإشكالي هو عندما نواجه مهمة البت في ما هو معلومة وفيما هو حدوتة عندما نقرأ عن أحداث حصلت في إسرائيل القديمة لا يمكن مقارنتها مع أدلة خارجية.كيف يمكننا حل هذه المشكلة دون أن ينتهي بنا الأمر الدخول في دوامة الحلقة التأويلية الدائرية الشهيرة التي ذكرناها لتونا ؟.ثمة طريقة واحدة هي مقاربة تأريخ الشرق الأدنى بشكل عام من أجل إدراك كيف هو هذا التاريخ وكيف يمكن الوثوق به. الخطوة الأولى هي تكريس أجناس تدوين التاريخ في الشرق الأدنى في العصور القديمة.وهنا يسيطر نوعان على هذا المجال، فمن جهة، نظام الوقائع العام الذي يسرد كل عام أهم أحداثه في نوع من الاختزال، ومن جهة أخرى ، هناك النقوش الملكية الأوسع نطاقا مثل الحوليات الملكية الآشورية التي تدعي غزو آشوري آخر العالم.يشير مؤلف سفري الملوك في بعض الأحيان إلى سجلات إسرائيل و يهوذا (15). وإذا أردنا أن نثق بهذه الملاحظات كإشارات إلى شيء موجود بالفعل (يجب ألا ننسى قط أنه لم يكن من غير المألوف في الأدب من العصور القديمة أن تحتوي على إشارات وهمية لبناء الثقة)، فهذه السجلات من المرجح أن تكون نوع من الاختزال. ومثل هذه الأخبار احتوت على إشارات قصيرة عن أحداث سابقة. ربما لم تكن تتضمن سرد واسع، ولا تتحدث بتقارير طويلة. وإذا ما انتقلنا إلى حوليات الملوك الآشوريين والبابليين، فمن الممكن أن نحصل على انطباع عما يجب أن ننظر إليه بالضبط لنوع المعلومات من أجل إعادة بناء هذا المصدر. ومرة أخرى، ينبغي ألا ننسى أن المؤلف الكتابي ربما اخترع الإشارة في ذات الوقت الذي كان يكتب فيه بأسلوب إخباري سنوي عندما يتناسب ذلك مع غرض من الكتابة(16).وفيما يتعلق الأمر بالأدب الملكي مثل ذلك الذي نجده ، على سبيل المثال، في النقوش الآشورية، يصعب كثيرا إثبات وجود هذه المصادر في العهد القديم,فجزء كبير من النقوش الآشورية تحتوي على تقارير حربية.على الرغم من أنه لا يمكن استبعاد أن مثل هذه الأدبيات موجودة أيضا في إسرائيل ويهوذا في العصر الحديدي، ولا يمكننا أن نقول ذلك على وجه اليقين استنادا إلى أن أسفار الملوك فعلت ذلك. يجب أن ندرك أنه بمجرد أن نقترب من هذا النوع، فإننا ننتقل إلى الأدب، إلى عالم الخيال والاختراع. هذا هو الحال بالتأكيد في العديد من النقوش الآشورية حيث تكون أفعال الملك و أعماله مشذبة من الهزائم التي قلما يتم الاعتراف بها . وكثيرا ما تكون هذه التقارير مكتوبة بقصد وغالبا ما يتم تأليفها لخلق انطباعا عن الآلهة التي كانت موافقة على أعمال الملك المقصود بالتأليف .البعض قد يسميها بروباغندة !.
بالعودة إلى سفري الملوك ، من المأمول القول إنه على الرغم من أن المقاطع الثانوية قد تكون لها خلفية شائكة في السجلات الملكية، فإن معظم الأدبيات هناك لا تنتمي إلى هذا النوع ولا إلى النقوش الملكية للنوع الآشوري والبابلي لاحقا, ويعد هذا نتيجة طبيعية لهدف ونطاق سفري الملوك، التي لم تكتب من أجل الثناء على المؤسسة الملكية في إسرائيل ويهوذا، أو لتكريس موقف عال لملوكهم. على العكس من ذلك، يشير الانطباع المتحصل عليه من قراءة هذه الأسفار الكتابية إلى ما هو عكس ذلك، بأن ثمة مملكة إنسانية تمثل خروجا عن حكم الرب العادل ، وأن أسلافه البشر بالكاد كأبطال في العقيدة اليهووية . ولا يتم الإشادة سوى بعدد قليل جدا من ملوك يهوذا على أنهم أتقياء- كل ملوك إسرائيل مدانون. النقوش الإملائية الملكية مجرد نوع خاطئ من أدب يمكن الاقتباس منه ، ولا يكاد يكون موجودا بين روايات سفري الملوك. بدلا من تتبع الأحداث التاريخية غير الموجودة، يجب علينا دراسة الموضوع الرئيسي لرواية مؤلفي سفري الملوك.وسيكون الهدف من هذا التحقيق هو معرفة ما إذا كان يمكن العثور على نوع ما من نمط, وقد أدرك أهل الاختصاص بالفعل منذ عدة سنوات أن سفري أخبار الأيام الأول و الثاني الكتابيين يهيمن عليهما سلسلة من"يوتوبيا" نمطية - كل منها لديه غرض خاص، إما أن يوصي بملك محبوب من الرب أو ملك مطرود من رحمته (17) . إن طابع السرد في سفري الملوك يتحدث بطريقة معاكسة لطابع السرد المستخدم في النقوش الملكية كقاعدة لهذا السرد ,وقام مؤلفو سفري الملوك باستخدام بعض المعلومات الشائكة بيد أنهم اختاروا ما يناسب غرضهم من التأليف ,وطغى على اختيارهم هذا الرغبة في خلق انطباع سلبي عموما عن فترة المملكة العبرية. عندما يكتب مؤلف حديث رواية تاريخية ، مثل كتاب "أنا كلوديوس " للمؤلف روبرت غرافز , فنحن لا نتوقع أن يكون مثل هذا الكاتب مخلصا للتاريخ. إذ نسمح للكاتب بالحرية في إعادة صياغة التاريخ بطريقة تدعم فيه قصد المؤلف لجعل التاريخ يتفق مع هدفه المنشود,وبالتالي يمكننا أن نثمن و نستمتع بالرواية التاريخية على الرغم من أننا نمتلك تأويل الماضي من قبل المؤرخين المحترفين، يمكننا أن نقدر ونستمتع بالرواية التاريخية ,والآن، هذا استثنائي تماما ومخالفا لإيمان العديد من العلماء,كما يمكن للناس في العصر الحديث أن يكونوا أكثر اهتماما في الأدب من الحقائق التاريخية وبدون هذه القدرة البشرية على تجاهل الحقائق التاريخية ربما ستكون هوليوود قد أفلست منذ زمن .فإذا كنا -بامتلاكنا سبيل علمي درس التاريخ لمئتي عام-لا نعتقد دائما أن الدقة التاريخية هي فضيلة لا يمكن موازنتها بأدب خيالي مقبول أخلاقيا، فماذا عن الناس في العصور القديمة الذين لم يشاركونا إحساسنا بالتاريخ؟ هل كانوا يولون اهتماما بالصحة التاريخية لسرد الماضي؟ أم أنهم ركزوا أكثر على قيمها الجمالية وربما الأخلاقية؟ لا تأتينا الإجابة من أدب الشرق الأدنى القديم، -فنحن نعلم القليل جدا عن تلقي هذا الأدب بين الناس العاديين – إنما يأتي الجواب من خلال المناقشة بين المثقفين الكلاسيكيين حول قيمة التاريخ. ويكون من الأهمية بمكان هنا وصف شيشرون الشهير للتاريخ على أنه "معلم الحياة" واستنادا للفلسفة الهلنستية ,لا ينظر شيشرون للتاريخ كجنس أدبي يتعامل مع الماضي بل بوصفه جنس أدبي يستخدم الماضي لتثقيف الأجيال الحالية والمقبلة(18).
ينبغي أن لا يقتصر اهتمامنا في دور سفري الملوك للعثور على المعلومات التاريخية, مثل هذه المعلومات ربما يتم استعراضها بملاحظات قصيرة. يتوجب علينا أ ن نولي اهتماما للغرض من هذا الأدب، لأنه من المفيد أن نفترض أن الأدب كان يكتب للتأثير في الحاضر، وليس لإنقاذ ذكريات الماضي من أجل الماضي بحد ذاته. إنها قصة طويلة تتجاوز حدود مقالة قصيرة هنا( 19.) .عموما أطروحتي تتمثل في عدم اهتمام مؤلفين الأدب القديم مثل ذلك النوع الموجود في العهد القديم كثيرا بالطبيعة التاريخية لوصفهم للماضي. ولم يكن الماضي مثيرا للاهتمام إلا فيما يتعلق بأمثلة السلوك الجيد والسيئ الذي يقدمه الماضي للحاضر والمستقبل. لقد كان الماضي مثيرا للاهتمام لأنه يفسر الحاضر - حتى أنه في بعض الأحيان يجعل بعض ترتيبات الحاضر تبدو شرعية أو طبيعية وإلا فلندع الموتى يدفنون الموتى ![فخار يكسر بعضه]. هذا جانب من العملة, أما الجانب الآخر ,فيكمن في الزعم بأنه لا ينبغي لنا أن نتوقع أن يكون السرد التاريخي القديم دقيقا فيما يتعلق بالماضي أو حتى يكون له صلة به إلا بطريقة سطحية. فكيف يمكنني إذن إثبات قضيتي هذه ؟يتمثل الحل السهل لهذه المشكلة في القول أحيانا بإمكانية الإشارة إلى فقرات يظهر فيها بشكل مباشر عدم اهتمام مؤلفي سفري الملوك في التاريخ. تقول لنا هذا بالفعل الإشارات المذكورة أعلاه عن أخبار ملوك إسرائيل ويهوذا.و هكذا تم نبذ الملك عمري في عدد قليل من آيات الإصحاح 16 في سفر الملوك الأول. وتم إخبارنا بأنه استولى على السلطة عن طريق "انقلاب"، وأنه حكم إسرائيل لمدة اثني عشر عاما وبنى مدينة السامرة. بعد هذا يتغير التركيز فنسمع عن خطاياه ضد يهوه. ويعلم مؤلف هذا الإصحاح بطبيعة الحال أن عمري كان ملكا عظيما ولكن ليس لدى المؤرخ التاريخي الكتابي أي نية في تزويد القارىء بتقرير دقيق عن عصر عمري : اذهب وابحث بنفسك في أخبار ملوك إسرائيل (َبَقِيَّةُ أُمُورِ عُمْرِي الَّتِي عَمِلَ وَجَبَرُوتُهُ الَّذِي أَبْدَى، أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ؟-سفر الملوك الأول 16:27),على الرغم من أنه يقبل بأن عمري كان ملكا عظيما -ففي نهاية المطاف بقيت مملكته بعد موته تحمل اسمه لأكثر من مئة سنة-، فهذا من وجهة نظر كاتب التاريخ القديم لا يعد روحيا على الاطلاق. وهكذا فإن هذا المؤرخ لا ينكر عظمة عمري. إنه يسكته. و الطريقة الأكثر تعقيدا لحل المشكلة المعروضة هنا هي تحديد ما إذا كان أو لم يكن تاريخ إسرائيل القديمة كما قيل من قبل مؤلفي الكتاب هو دقيق بأي طريقة شاملة .و أعني، أن هذا التاريخ يمكن تقسيمه إلى عدة فترات متعاقبة ,عصر الآباء البطاركة, زمن الخروج, تيه بني إسرائيل في الصحراء لمدة أربعين عاما ، فتح كنعان، المآثر البطولية لقضاة إسرائيل الأبطال ، والفترة القومية العظيمة في عهدي داود و سليمان ،وأخيرا الكارثة الوشيكة الحدوث في عصر ملوك إسرائيل ويهوذا... إلخ . هل هذا له علاقة بالماضي الحقيقي لهذه المنطقة الجغرافية التي تعرف بجنوب المشرق أو فلسطين؟. ليس لدي أي نية لمراجعة هذا التاريخ بالتفصيل هنا . وقد قمت بالفعل باستعراض مثل هذه المراجعات في عدة منشورات سابقة (20) ساهم فيها العديد من الباحثين .وكما يقول العهد القديم , يبدأ تاريخ إسرائيل بالعصر البطريركي.و يستمر هذا التاريخ مع الإقامة في مصر ثم تليها فترة الخروج و التيه في الصحراء. ثم يتبع ذلك على التوالي غزو كنعان، فعصر القضاة، فإمبراطورية داود وسليمان، وبعد ذلك عصر الملوك العبرانيين، فالسبي ، ثم الفترة الفارسية. و ينتهي هذا التاريخ رسميا بإعلان عزرا للتوراة، شريعة موسى، أمام تجمع المواطنين في أورشليم و يهوذا .
يمثل العام 1999 الذكرى الفضية للطرح النهائي -المتمثل في إسهامات توماس ل. طومسون وجون فان سيترز -حول وجود عصر البطاركة في وقت ما (21) ,ويستند هذا الطرح على القصص العائلية والمواعظ والأساطير حول الماضي ، وهذا ليس له علاقة بالتاريخ. الفكرة التي صاغها ألبرشت ألت أن هناك دينا ذكوريا خاصا يقوم على عقيد الإيمان في "إله الآباء" der Gott der Väter ، هي ببساطة محض هراء كما أسس ألت حجته على الأدلة النبطية من القرن الثاني ق.م حتى القرن الثاني الميلادي(22). لقد انتقل حدث الخروج منذ وقت طويل من التاريخ إلى الخيال. فهذا الحدث لم يحصل قط . كما لم يحدث الغزو من أي وقت مضى. وقد أوضح ذلك العديد من الباحثين الكتابيين بما فيهم أنا .لم يكن بمقدور الإسرائيليين ,من وجهة نظر تاريخية، احتلال كنعان من خلال تدمير القوات الكنعانية، لسبب بسيط ,فمازال المصريين يحكمون كنعان في الوقت المفترض لوصول يشوع ،أي قبل وقت قصير من العام 1200 ق.م( 23 )ثانيا، لا يوجد ثمة أثر لهجرة خارجية، ثالثا، حتى رواية الكتاب حول الغزو تبدو متناقضة (قارن ما ورد عنها في سفر يشوع مع سفر القضاة الأول).كنت قد جادلت في دراستي الأصلية عن عصر القضاة التي كتبتها منذ ما يقرب الثلاثين عاما،بأن روايات القضاة بشأن المآثر البطولية للقضاة الإسرائيليين كانت ملونة بالخبرة اللاحقة (24).فقد هيمن على تلك الروايات رغبة ، في المعنى النموذجي، لإثبات كيف ينبغي لإسرائيل محاربة أعدائها، الكنعانيين، الموآبيين، العمونيين، الفلستيين، الآراميين.. الخ . ولا تسمح لنا هذه الروايات بإعادة بناء تاريخ يمتد ما بين عصر الغزو (وهو اصلا غير موجود) وعصر الإمبراطورية(غير موجود أيضا) لداود وسليمان .و تنتمي القصص التي تدور حول قضاة إسرائيل إلى ذلك النوع من الحكايات البطولية التي تتضمنها معظم الحضارات بين دفتي ذكرياتهم عن الماضي.
إمبراطورية داود وسليمان التي يعتقد أنها كانت قائمة في القرن العاشر ق.م تستند بوضوح إلى تمثل خيالي للماضي, و ثمة أشياء كثيرة تدعم مثل هذا الاستنتاج ,أحدها يتعلق بوضع القدس في القرن العاشر ق.م. عندما كانت في معظمها قرية أو مجرد بلدة صغيرة(25). لقد ناقشنا للتو عصر الملوك العبرايين, وعلى الرغم من أن مملكتي إسرائيل ويهوذا هما وقائع تاريخية، فإن ما نملكه قليل جدا لتكوين معرفة راسخة عنهما. وعلاوة على ذلك، عند استعراض الأدلة التي بين أيدينا من العهد القديم ومن مصادر أخرى، نرى أن العهد القديم قام ,كما هو واضح بتشويه وجهة نظرنا عن التاريخ الفلسطيني القديم بصورة تامة.وكان هذا أكثر تعقيدا ولم يشمل هاتين المملكتين فقط بل العديد من الجهات الفاعلة.و بالتالي لم يفسر العهد القديم لماذا وكيف اكتسبت هذه الأرض اسم فلسطين "أرض الفلستيين" .ويعرف الأجانب عن هذه الأرض بمن فيهم كتاب الحوليات الآشوريين وهيرودوت اسم فلسطين. يقول هيرودوت ببساطة أن فلسطين هي جزء من سوريا التي تقع بين لبنان ومصر( 26). لا يكاد يكون من المناسب مناقشة تاريخية المنفى، التي قد لا تكون ذات أهمية كما وصفها العهد القديم. وقد أظهرت التحقيقات الأخيرة أن "أرض إسرائيل" لم تكن مهجورة في وقت السبي الذي لم يؤثر إلا على عدد قليل جدا من سكان فلسطين. فلم يكن هناك "أرض فارغة" كما هو تفترض أسفار أخبار الأيام الكتابية و غيرها من الأدب الكتابي (27). وأخيرا ,الفترة الفارسية، بقعة عاتمة على خارطة فلسطين التاريخية.ونحن لا نعرف شيئا تقريبا عن هذه الفترة. وربما كان عزرا , البطل العظيم ليهودية ما بعد السبي, اختراعا متأخرا (من قبل كتاب فريسيين؟)، وربما كان بعمر 200 سنة عندما وصل (قتل والده على يد نابوزردان قائد نبوخذنصر في العام 587 ق.م، وفقا للأدلة الكتابية) (28).وعلى الرغم من أن هذا الاستعراض "اختزالي" بطريقة ما ، إلا أنه يقوم ، إلى حد كبير على مراجعة جميع أنواع الأدلة، ليس أقلها نتائج الحفريات الأثرية الواسعة في فلسطين التي دامت لأكثر من مائة عام. ولا حاجة لي للقول أن علم الآثار ليس ذلك العلم الدقيق مثل الرياضيات ولن يكون. وأي نتيجة يحصل عليها عالم الآثار سوف تشمل عددا من الفرضيات التي قام بها على أساس المواد التي وجدها. وعلاوة على ذلك لا يمكن أبدا إعادة النظر في الأساس الذي يكرس فيه الآثاري نظرياته . فجميع الحفريات-كما تقول كاثلين كينيون -تشمل دمارا. يدمر عالم الآثار الأدلة عندما ينقب عنها. ولا يمكن أبدا إعادة بناء الحالة الأثرية الأصلية.و عموما يصوغ الآثاريون فرضيات عامة حول تطور هذه المنطقة الجغرافية في العصور القديمة بطريقة تتعارض مع أدلة متحصل عليها من مصادر متأخرة مدونة مثل العهد القديم (الذي وفقا لي ولزملاء يشاركوني في الرأي بالكاد تم تأليفها قبيل الحقبة الرومانو-هلنستية).ولذلك، فمن باب أولى القول بأن هذه المصادر المتأخرة-وإن كانت مكتوبة- لا تشكل مصدرا تاريخيا ,وهي ليست-لو استدعينا عبارة درويسين- معلومة ، بل هي بكل تأكيد تأويل ,حكاية عن الماضي. ونمو فلسطين في الفترة ما بين 1250 و 900 ق.م مثال على ذلك إذ يقول لنا علم الآثار، فضلا عن معلومات أخرى غير كتابية عن فلسطين القديمة بأنها كانت في أواخر العصر البرونزي (حوالي النصف الثاني من الألفية الثانية ق.م) مقاطعة مصرية يحكمها أمراء محليون اعتبروا أنفسهم تابعين مخلصين للفرعون حاميهم .وفي معظم الأحيان، تركت فلسطين وحدها. فلم يتدخل المصريون بشكل مباشر في شؤونها إلا في بعض الأحيان عند حدوث مشاكل معينة . إن لعبة الحرب المستمرة و المهلكة التي مارسها الزعماء المحليون الذين نظروا لأنفسهم "ملوكا" (كان لدى المصريين أفكار أخرى عن أهميتهم وأسموهم حزانو hazanu ؛ أي "رؤساء البلديات -مخاتير") كان لها أثر مدمر على رفاه البلاد.لم يكن ثمة وجود مصري في غرب آسيا قبل ما يسمى"الإحياء الرعمسيسي"بعد الهزيمة التي أنهت حكم الأسرة الثامنة عشر،حيث تغيرت الأمور وأصبح مثل هذا التواجد أكثر هيمنة. قد يقول البعض أن رعمسيس الثاني خلق نوعا من "السلم المصري Pax Egyptiaca " في فلسطين. و بالتالي حد الأسياد المصريون من الآثار المدمرة لسياسات "الحرية للجميع" لزعماء العشائر الفلسطينيين المحليين. خلق المصريون حالة من السلام النسبي في البلاد الأمر الذي كان له تأثير ديمغرافي إيجابي بانتقال الناس من المدن إلى الريف للعيش بالقرب من حقولهم. ومع أواخر القرن الثالث عشر و طوال القرن الثاني عشر و أوائل الحادي عشر ق.م شهدت هذه الفترة تأسيس عشرات إن لم يكن مئات من المستوطنات القروية المتواضعة غير المحصنة، ليس أقله في جبال فلسطين. ولابد أن الحياة أصبحت أكثر أمنا. وحدث ,ابتداء من القرن الحادي عشر ق.م على الأقل انخفاض معين في عدد القرى.ورافق هذه الفرصة الديمغرافية ارتقاء بعض المستوطنات لتصبح مراكز بلدات محصنة في بعض الأحيان. وتعتبر تل بئر السبع بجدرانها الدائرية والشكل التخطيطي لها مثالا نموذجيا على مثل هذه المستوطنات التي قد تبدو شبيهة أكثر بقلاع القرون الوسطى منها كمدينة أو بلدة.قد تكون هذه المرحلة حدثت نتيجة انسحاب مصري جزئي على الأقل من فلسطين (على الرغم من أنه من المرجح تواجد أن حامية مصرية ,على الأقل في بيت شان في بداية القرن العاشر ق.م)(29). أصبحت الحياة أكثر خطورة وظهر النظام الاجتماعي السياسي السابق مرة أخرى (حواضر محلية تتصارع فيما بينها ) .وقد وصفت هذا التطور ذات مرة على أنه انتقال من مجتمع رعاية إلى مجتمع رعاية آخر، من نظام سياسي قديم إلى نظام جديد نسخة طبق الأصل من النظام السابق (30). واستمرت هذه الفترة على الأرجح حتى منتصف القرن التاسع حين تمكن بعض الزعماء المحليين من إنشاء بنى سياسية كبيرة تجاوزت الحدود التي كانت قائمة في العصر البرونزي المتأخر، وهو الوقت الذي كانت فيه معظم النظم السياسية الفلسطينية صغيرة للغاية. وقد تكون هذه البنى السياسية الكبيرة موجودة قبل العصر الحديدي، على سبيل المثال ,كان هناك في العصر البرونزي المبكر (الألفية الثالثة) ثمة بقايا مدن كبيرة عثر عليها.وقد يكون العصر البرونزي الأوسط فترة أخرى تضمنت ترتيبات سياسية شاملة على الرغم من أننا نعرف القليل جدا عن البنية السياسية الدقيقة للمجتمع الفلسطيني قبل العصر البرونزي المتأخر.
لا تتلاءم الصورة الكتابية لإسرائيل القديمة مع أي صورة من صور المجتمع الفلسطيني القديم الذي يمكن أن ينبني استنادا لمصادر قديمة من فلسطين أو تشير إلى فلسطين بل هذه الصورة الكتابية هي عكس ذلك ,و لا توجد طريقة يمكنها التوفيق بين صورة الكتاب هذه ويين الماضي التاريخي للمنطقة. فإذا كان الأمر كذلك ,فما ينبغي علينا فعله هو التخلي عن الأمل في أن قدرتنا على إعادة بناء تاريخ الحقبة ما قبل الهلنستية وفقا لتصورات العهد القديم. ,فما يذكره العهد القديم ببساطة تاريخ مختلق تم اختراعه بعدد قليل من الإشارات إلى أشياء قد حدثت حقا أو كانت موجودة .و من وجهة نظر المؤرخ، تعد إسرائيل القديمة مخلوقا شاذا مشوها.شيء ما انتشر من خيال المؤرخين الكتابيين وخلفياتهم الحديثة، أي باحثي المدرسة النقدية التاريخية الذين نشطوا خلال المئتي سنة الماضية
..............................
العنوان الأصلي : ON THE PROBLEMS OF RECONSTRUCTING PRE-HELLENISTIC ISRAELITE (PALESTINIAN) HISTORY
المؤلف: Niels Peter Lemche
الناشر:www.jhsonline.org/Articles/article_13.pdf
ترجمة :محمود الصباغ
.....................
الملاحظات
1-تمثل هذه المقالة (بصدد مشاكل إعادة بناء التاريخ الإسرائيلي (الفلسطيني ) في الحقبة ما قبل الهلنستية ) موضع في ندوات في جامعة آرهوس، الدانمرك، في أيلول / سبتمبر 1999، وفي جامعة كولومبيا، نيويورك، في تشرين الثاني / نوفمبر 1999.
2- المزيد عن هذا في بحثي The Israelites in History and Tradition (Library of Ancient Israel Louisville, KY: Westminster/JohnKnox, 1998), pp. 1-21, and 22-34.
3- ANET3, pp. 287-8.
4- لإلقاء نظرة مختلفة على حادثة ربشاقي كدفعة تاريخية يمكن مراجعة ما يلي: Brevard S. Childs, Isaiah and the Assyrian Crisis (SBT SS 3 London: SCM, 1967), pp. 76-93 والأحدث : Mordechai Cogan and Hayim Tadmor, II Kings. A New Translation with Introduction and Commentary (AB 11 Garden City, NY Doubleday, 1988), pp. 240-244.
5-راجع : Cf. John C.L. Gibson, Textbook of Syrian Semitic In-script-ions, I: Hebrew and Moabite In-script-ions (Oxford: Clarendon, 1971), pp. 71-84.. وللاطلاع على تحليل موسع للنص الرئيسي، راجع: Andrew Daerman (ed.), Studies in the Mesha In-script-ion and Moab (ASOR/SBL Archaeology and Biblical Studies, 2 Atlanta, GA: Scholars), 1989).. على الرغم من أن النقش الثاني الذي عثر عليه في الكرك مكسور من بدايته حيث من المتوقع أن نعثر على اسم ميشع، فقد تم الحفاظ على اسم والده (كمشيت) بشكل جيد جدا أبما لايدع مجالا للشك بأنه نقش ثاني لميشع ملك موآب.
6-للاطلاع على مراجعة حديثة لهذا الدليل ,راجع بحثي The Israelites in History and Tradition, pp. 51-5
7- ساكسو، راهب كان يعمل في خدمة الأسقف أبسالون، مؤسس كوبنهاغن، ألف كتابه Res gestae danorum نحو نهاية القرن الثاني عشر الميلادي .
8- تؤرخ المصادر للعام 850 ميلادي عندما قضى الطاعون على جيش ريجنر المكون من النورمان في السين.ويمكن أن يذكر أيضا في مصادر معاصرة أخرى باعتباره واحد من الشخصيات الرئيسية في الحملة الدنماركية التي غزت إنكلترا في النصف الثاني من القرن التاسع الميلادي
9-راجع Early Israel: Anthropological and Historical Studies on the Israelite Society before the Monarchy (VTS, 37 Leiden: E.J. Brill, 1985), p. 414.
10- ANET3, pp. 376-8.
11- ANET3, p. 279.
12-راجع Avraham Biran and Joseph Naveh, ‘An Aramaic Stele Fragment from Tel Dan,’ IEJ 43 (1993), pp.81-98 و ‘The Tel Dan In-script-ion: A New Fragment,’ IEJ 45 (1995), pp. 1-18 . وفيما يتعلق بهذا الموقف الحالي للكتاب على النقش، راجع بحثه: The Israelites in History and Tradition, pp. 38-43.
13-راجع سفر الملوك الثاني 15 : 29 -30 و ANET3, p. 282-4
14-مثلا: ANET3, pp. 563-4.
15-مثل : سفر الملوك الثاني 15 : 6.11.15.21.26.31.36
16- راجع بخصوص إمكانية الحصول على معلومات من الأرشيف الملكي الإسرائيلي و اليهوذي : J.A. Montgomery, ‘Archival Data in the Books of Kings,’ JBL 53 (1934), pp. 46-52. .غير أن السؤال الذي طرحه غوستا أهلستروم هو أمر وثيق الصلة بالموضوع: "ولكن أين تم الحفاظ على هذه المحفوظات بحيث يمكن استخدام المواد من قبل الكتبة والمؤرخين في وقت لاحق ؟" (The History of Ancient Palestine from the Palaeolithic Period to Alexander’s Conquest. With a contribution by Gary O. Rollefson. Edited by Diana Edelman [JSOTS, 146 Sheffield: Academic Press, 1993], p. 661 n. 9).
17-راجع الدراسة الهامة لبيتر فيلتين: Peter Welten, Geschichte und Geschichtsdarstellung in den Chronikbüchern (WMANT, 42 Neukirchen: Neukirchener Verlag, 1973).
18-شيشرون: De oratore, II.ix.36
19-راجع أيضا مقالتي القادمة ‘Good and Bad in History. The Purpose of historiography,’ في Steven McKenzie and Thomas Römer (eds.), Studies in Honor of John Van Seters (BZAW Berlin, 2000: De Gruyter, in press).
20- للتأكد , راجع : Ancient Israel: A New History of Israelite Society (The Biblical Seminar, 5 Sheffield: JSOT, 1988)’ والتي لم تعد جديدة بأي حال بعد الآن.
21-راجع Thomas L. Thompson, The Historicity of the Patriarchal Narratives: The Quest for the Historical Abraham (BZAW, 133 Berlin: De Gruyter, 1974), و John Van Seters, Abraham in History and Tradition (New Haven: Yale, 1975).
22-راجع Albrecht Alt, Der Gott der Väter. Ein Beitrag zur Vorgeschichte der israelitischen Religion (BWANT, 48 Stuttgart: Kohlhammer, 1929 E.T. [R.A. Wilson] ‘The God of the Fathers’, in Albrecht Alt, Essays on Old Testament History and Religion [The Biblical Seminar: Sheffield: JSOT, 1989], pp. 1-77).
23- من أجل التعرف على التقويم الحالي لفترة تواجد الإمبراطورية المصرية في آسيا، راجع: Donald B. Redford, Egypt, Canaan, and Israel in Ancient Times (Princeton, NJ: Princeton, 1992), pp. 283-97.. يؤرخ ريدفورد انسحاب المصريين بحوالي 1150 ق.م
24-راجع: Israel i dommertiden: En oversigt over diskussionen om Martin Noths ‘Das System der zwölf Stämme Israels’ (Tekst og Tolkning, 4 Copehagen: C.E.G. Gad, 1972), pp. 86-7.
25- ليس لدي أي نية هنا للدخول في مناقشة مفصلة حول تاريخية داود وسليمان، لقد ماتت فكرة الملكية الموحدة لإسرائيل / يهوذا مع تغير المصطلحات. الآن، من الأفضل أن نرى الفترة ما بين . 1250 إلى 900 ق.م باعتبارها فترة وسيطة طويلة واحدة، "فترة انتقالية"، والوسيلة لمقاربة هذه الفترة تم عرضها من قبل العديد ,مثل: Israel Finkelstein, ‘The Emergence of Israel: A Phase in the Cyclic History of Canaan in the Third and Second Millennia BCE’, in Israel Finkelstein and Nadav Na’aman (eds.), From Nomadism to Monarchy: Archaeological and Historical Aspects of Early Israel (Jerusalem: Israel Exploration Society, 1994), pp. 150-178, and و Shlomo Bunimowitz, ‘Socio-Political Transformations in the Central Hill Country in the Late Bronze-Iron I Transition’, in Finkelstein and Na’aman (eds.) From Nomadism to Monarchy, pp. 179-203.
26- انظر هيرودوت : The Histories, I, 105 II, 104 III, 5.91 IV, 39 VII, 89.
27-انظر: Hans M. Barstad, The Myth of the Empty Land: A Study in the History and Archaeology of Judah During the ‘Exilic’ Period (Oslo: Scandinavian University Press, 1996)..وانظر أيضا Ehud Ben Zvi, ‘Inclusion in and Exclusion from Israel as Conveyed by the Use of the Term “Israel” in Post-Monarchic Biblical Texts,’ in Steven W. Holloway and Lowell K. Handy (eds.), The Pitcher is Broken. Memorial Essays for Gösta W. Ahlström (JSOTS 190 Sheffield: Academic Press, 1995), pp.95-149, و انظر أيضا المناقشة في كتاب ليستر غرابة : Lester L. Grabbe (ed.), Leading Captivity Captive. The ‘Exile’ as History and Ideology (JSOTS, 278 Sheffield: Academic Press, 1998).
28-راجع نسب عزرا 7:1" عَزْرَا بْنُ سَرَايَا بْنِ عَزَرْيَا بْنِ حِلْقِيَّا... " وعن موت سرايا الكاهن , راجع سفر الملوك الثاني 25 : 18 , لقد كان حلقيا الكاهن الأعظم في أيام يوشيا , كما في الإصحاح 22 من سفر الملوك الثاني (22:4) . وبطبيعة الحال يتفق العديد من الباحثين لى أن سلسلة الأنساب إما غير صحيحة أو متداخلة .
29-انظر نقاش باتريك ماكغوفرين القصير : Patrick E. McGovern, ‘Beth-Shean’, ABD I, 694-5. استمرت مواقع العصر البرونزي المتأخر A حتى العام 1000 ق.م تقريبا. وفقط بعد هذا التاريخ تم العثور على سوية أثرية جديدة كشفت عن ثقافة ومخططات مختلفة. يمكن بصعوبة القول أن هذه المدينة فلستية ( فهم مؤلف سفر صموئيل الأول , الإصحاح 31 ذلك بطريقة خاطئةتماما) تم العثور على قطعة واحدة من الفخار الفلستي في التل (ماكغوفرين, نفس المكان)
30-انظر : ‘From Patronage Society to Patronage Society’, in Volkmar Fritz and Philip R. Davies (eds.), The Origins of the Ancient Israelite States (JSOTS, 228 Sheffield: Academic Press, 1996), pp. 106-20.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - Resource Link Enquiry
AChiman ( 2019 / 2 / 25 - 07:09 )
Hello there,

My name is Aly and I would like to know if you would have any interest to have your website here at ssrcaw.org promoted as a resource on our blog alychidesign.com ?

We are in the midst of updating our broken link resources to include current and up to date resources for our readers. Our resource links are manually approved allowing us to mark a link as a do-follow link as well
.
If you may be interested please in being included as a resource on our blog, please let me know.

Thanks,
Aly

اخر الافلام

.. قصف مستمر على مناطق عدة في قطاع غزة وسط تلويح إسرائيلي بعملي


.. عقب نشر القسام فيديو لمحتجز إسرائيلي.. غضب ومظاهرات أمام منز




.. الخارجية الأمريكية: اطلعنا على التقارير بشأن اكتشاف مقبرة جم


.. مكافأة قدرها 10 ملايين دولار عرضتها واشنطن على رأس 4 هاكرز إ




.. لمنع وقوع -حوادث مأساوية-.. ولاية أميركية تقرّ تسليح المعلمي