الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجسر

عادل محمد - البحرين

2017 / 11 / 24
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الجسر المقصود هنا هو جسر الشيخ حمد الذي يربط المحرق بالمنامة، وهو أول وأقدم جسر تم إنشاؤه في البحرين مطلع اربعينات القرن الماضي، وظروف الحرب العالمية الثانية عطلت إتمامه المحدد بتاريخ معين شهورًا وشهورًا حتى تم إنجازه.

وللجسر حكايات وحكايات في ذاكرة جيل الآباء الذين ساهم البحارة منهم في جلب الحجارة الكبيرة للجسر وقت انشائه، وكان هناك مجموعة متخصصة في قطع الحجارة من البر والبحر وهي مهنتها.

وحتى فتح واغلاق الجسر له حكايات واهزوجات شعبية ترددت حتى وصلت لجيلنا اللاحق وان كنا لم نعايش تلك الحكايات.

واهزوجة شلون هيم الجسر، ايه على وظيفتي، وظيفتي اميه وعشر كانت تتردد مع روايتها التي دخل عليها الخيال الشعبي فزاد في التفاصيل كل مثير وطريف.

وكان عبور المركبات على الجسر يتم بالنسبة لسيارة الاجرة والباصات التي تنقل الركاب بدفع ضريبة بسيطة على كل ناقلة وحسب حجمها وعدد ركابها.

واللافت بطرافة ان عبور الجسر مشيا على الاقدام كان نادرًا الا عند من مسهم مس وفي عقولهم ونفوسهم، حيث يصبح العبور مشيًا على الاقدام ظاهرة تصيب كل من مسه مس في عقله وتوازن نفسه فلا بد وان يقطع الجسر مشيا على الاقدام ولا يستثنى من ذلك احد من سكان مدينتنا القديمة اولئك الذين اصابهم المس، حيث نعلم عنهم وعن حالتهم حين نراهم يقطعون الجسر مشيا حتى شاعت بين اهل المحرق من جيلنا عبارة «صاده اليسر» وهي عبارة رمزية شعبية تعني ان الرجل ايصيب بمس في عقله، وكنا نرددها باعتبار وكخبر من اخبار المدينة حين يقول القائل منا «فلان صاده اليسر»، فيعلم الجميع بحاله ويبدي اسفه وبعضهم يذهب ليسأل عن الاسباب وكيف «صاده اليسر» اي كيف اصيب بهذه الحالة.

وكان مشجعوا فريق المحرق العتيد يرفعون الشعار الشعبي «الكاس ما يعبر الجسر» اي ان الكاس سيكون من نصيب فريق المحرق، وهي عبارة رياضية تاريخية ظلت تتردد وتتناقلها اجيال المؤيدين لفريق المحرق ثم نادي المحرق، حيث دخلت مفردة «الجسر» في رمزية الايحاء عن المكان.

وأجمل مشروع سياحي مبكر أو سابق لزمانه بجانب الجسر مستثمرًا الموقع البحري المفتوح هو مشروع مطعم العوامة وهو بالفعل عوامة قديمة اشتراها صاحب الفكرة المبكرة مطلع السبعينات وحولها الى مطعم فاخر قياسًا بمطاعم تلك الحقبة السبعينية الاولى.

وضمت قائمة المأكولات اطباقا اوروبية مثل «ستيك» وما شابه، وهي اطباق غير معروفة لرواد المطاعم الشعبية الناجحة وقتها وبالتأكيد اغلى ثمنا فكانت النتيجة ان تعثر المشروع السياحي الخاص الاول الذي كانت فكرته جميلة لكنها سبقت ظروف زمانها ومكانها وناسها ففشلت، واغلق مطعم العوامة ابوابه، ومازلنا نتذكر مكانه وموقعه.

وليت الذين عاصروا تلك الحقبة قد سجلوا لنا بعض ذكرياتهم عن الجسر، فلا شك لهم معه حكايات طريفة وذكريات عجيبة، لكننا لم نعود او نعتاد تسجيل وتوثيق حكاياتنا فتتبدد مع ذاكرة النسيان. لكن الجسر حسب معلوماتي المتواضعة لم يشهد حادثة انتحار اومحاولة انتحار كما شهدتها جسور عربية واجنبية معروفة، وكما كنا نشاهدها في الأفلام العربية القديمة، كما لم يشكل الجسر مكانا في الروايات والقصص القصيرة كما شكلت بعض الجسور العالمية امكنة رئيسية قي مجموعة روايات وقصص وحتى قصائد تغنى بها الكثيرون.

ومع ذلك يبقى الجسر البحريني الاول جسر الشيخ حمد جزءا من ذاكرة جيلنا وجيل الآباء وسنبقى نستعيد شيئًا من فصول تلك الذاكرة حتى تبهت ألوانها ما لم نقم بتسجيل البعض منها.

بقلم سعيد الحمد
جريدة الأيام البحرينية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اللحظات الأولى لانسحاب آليات الاحتلال من بيت حانون شمالي قطا


.. نتنياهو: سنتخذ قراراتنا بأنفسنا وسنفعل كل ما هو ضروري للدفاع




.. حرب السودان: كيف تأثرت حياة السودانيين بعد عام من القتال؟


.. الخارجية الإيرانية: أبلغنا واشنطن بالهجوم على إسرائيل قبل تن




.. سطو مسلح على بنك في غرب رام الله