الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تعاني من أي أزمة ؟ ستالين هو الدواء

سيلوس العراقي

2017 / 11 / 24
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


كتب الشاعر السوفيتي، وهو شاعر شعبي من كازاخستان من ممجّدي ستالين ورافعيه الى السماء، نشر أغنية ـ انشودة ـ في جريدة البرافدا يؤكد ويَضمنُ لقرائه بأن:
ستالين أطول من جبال الهملايا
أعرض من المحيطات،
وأكثر بريقا من الشمس.
والكاتب ميخائيل شولوخوف الحائزعلى جائزة نوبل، اقترح أن يتم التعامل مع بقايا تراب أمّ ستالين كشيء مقدس، في موازاة لتكريم مريم أم يسوع الناصري.
بعد ثمانية أسابيع من احتفالات السوفيت بعيد ميلاد ستالين السبعين، نشرت البرافدا مقالا تنصح ملايين قراءها بما يلي:
حين تواجهك المصاعب ، وتتفاجأ بذبول قوتك،
فكّر به،
فكّر في ستالين،
فكّر فقط في ستالين،
فستحظى بالقوة الضرورية الضامنة
لمنحك الحماية.
اذا كنت تشعر بالتعب في ساعة ما،
حين يجب أن لا تشعر بالتعب،
فكّر به،
فكر فقط بستالين،
وسوف تشعر بزوال التعب،
وتحصل على طاقة وقوة هائلتين.
اذا كنت تبحث عن قرار صحيح ومهمّ لحياتك،
فكّر به،
فكّر في ستالين،
وستعثر على القرار الصحيح الصائب.

وفي شدة لهيب الحرب الالمانية الهتلرية كتب شاعر سوفيتي :
رفيق ستالين، هل تسمعنا؟
عليك أن تسمعنا،
نحن واثقون من ذلك.
في هذه اللحظة العصيبة من الحرب،
لانطلب نجدة والدة أو ابنٍ،
لكن نتذكرك أنت فقط
ندعوك وحدك أولا وفقط.
في بلد كروسيا، بلد مسيحي أرثودوكسي فيه الكثير من التعبد لمريم وابنها يسوع، أصبح ستالين أكثر أهمية وضرورة منهما.
كل هذه الجمل والكلمات والمشاعر والقصائد وغيرها رافقت السوفيت وهم ينوحون ويبكون ويذرفون الدموع عند موت ستالين وفي تشييع جنازة ستالين وفي دفن ستالين، ومابعدها.
وبعد موت ستالين بسنوات كان يتم ذكره في سخرية وتهكم بين سجناء سيبيريا:
ستالين انك المعلم العظيم،
انت الخبير اللغوي ـ اللينغويستك الكبير،
بينما انا السجين السوفيتي العادي والحقير،
ترافقني ذئاب الغابات المتوحشة،
لماذا تم سجني؟
انا لا أعلم ،
ليس لدي فكرة لماذا أنا سجين،
لكن سجّاني لديه الحق !!
كل ما حدث لي
أفهمه كصراع الطبقات!!!
انت يا ستالين، مرتاح،
مستريح،
وفي منتصف الليل الداكن هذا،
فانك ترعى وتهتم بكل شخصٍ
على وجه الأرض.
انت تمر بسرعة من سمائك
وتنزل الى مكتبك في الكرملين،
من دون أن تغمض لك عين أو جفن،
لتنام.
الشعب يشبه المرأة، مثلما يقول كارل ماركس، لن يغفر لها اذا حاول مغامر ما، وإغتصبها وانتهك عرضها.
بعض من الروس كان لديهم الشك بأن ستالين قد اغتصب الشعب الروسي.
لكن يبقى السؤال مطروحا حول ردة فعل ومشاعر الشعب تجاه موت ستالين.
لا يمكن الاستخفاف كثيرا أمام مواقف الشعب كما أمام موته.
فستالين كان يعرف تمامًا تاريخ الروس وروسيا، ويعرف سلوك الروس وعاداتهم، يعرف أساليب اطراءهم ومداهنتهم وكيف يدهنون. مثلما الروس أيضا بدورهم يعرفون من هو (المعلم) ستالين في حقيقته. ان ستالين ذي القدرة الكبيرة في تغلغله في فكر وعقل الروس كان يعلم ويعرف تمامًا ماذا يحب الروس وماذا يكرهون.
الاجانب خارج الاتحاد السوفيتي كانوا يخافون من قوة السوفيت المتنامية، واسم ستالين في الداخل السوفيتي كان معروفًا كيف كان يُذكر برعب وخوف. الجيش الاحمر كان في الهيئة جيدًا والبلاد كانت تتمتع بسلام نسبي ليس الا، لكن كان هناك خوف ورعب من ارهاب واستبداد قوة الدولة، فاليهود مثلا كان يتم معاملتهم بقساوة شديدة. كلّ شيء مقررًا كيف ومتى ومع مَن، الوفرة في الرعب أو الوفرة في غض الطرف. فالفودكا المشروب المفضل لدى الروس كان يباع باسعار زهيدة، وكان متوفرًا في كل شوارع وزوايا البلاد. كان ستالين حاذقا في خلق الحب وفي خلق الرعب في الروس بحسب ما ترتأيه مصلحته الشخصية، وبحسب ما يحبه أو يكرهه الروس.
ان الروس لم يرتدوا أو ينتفضوا مع علمهم بأفعال ستالين الشنيعة. فالمجرمون الروس مثلا لم يكونوا يكرهون ستالين لأنه كان لطيفا معهم !!! مقارنة مع الفاشيين الذين خصص لهم سجن خاص بهم يدار من قبل المخابرات الروسية. كما كان هناك مجموعة (شيعة) من الكنيسة الارثودكسية كانوا يكرهون ستالين ويعتبرونه عدوا للمسيح ـ انتي كرايست ـ علما بأن مفهوم الانتي كرايست في الثقافة الاورثودكسية الروسية كان راسخا وقديما وتمت رؤية ستالين كشخصية تمثل تماما هذا الانتي كرايست من قبل هذه الشيعة.
في قلب الروس العامة والبسطاء كان لستالين مكانا خاص، تتراوح نوعيته من درجة الحب الكبير والاستعداد للموت من أجل محبوبهم رفيق ستالين، الى درجة كرهه وادانته كمجرم دكتاتور متعسف. العامة من الشعب الروسي كانوا على علم من تجاربهم الشخصية وتجارب الآخرين هول التعسف الستاليني مآسي الحروب والاعتقالات والتصفيات. لم يكونوا مخدوعون بل لا خيار آخر لهم ولا حول لهم ولا قوة. لم يكن العديد منهم مهتما بالدورات الشعبية التثقيفية حول الستالينية، بل كانوا يعتبرون ستالين قائدا تمامًا مثلما كان لديهم في الماضي قيصرًا في حقبة القيصرية الروسية، وكأن الامور لم تتغير، ولكنهم يرغبون في الحفاظ على حياتهم.
فموت ستالين أحدث ردود فعل مختلفة ومشاعر مختلفة بين العامة. كان بينهم من ذرف دموعا صادقة وانتحب من الحزن، وكانت جموع كبيرة تتجه الى موسكو لرؤية ستالين ومراسيم دفنه. ولم يتمكن جميعهم من الوصول الى المكان، ومن شدة الزحمة مات أكثر من 500 شخص من شدة الازدحام. وحادث موت ستالين أشعل بل أضاف زيتا على نار مشاعر من كانوا يرون في ستالين كمصاص دماء مص دماء الشعوب السوفيتية. وظهرت الى العيان المراءاة (هايبوكريسي) بين الروس في مناسبة وفاة ستالين. لأنه لا يمكن وصف كل الباكين المنتحبين على موت ستالين كمغرومين محبين له. وانقسمت الشعوب في منازلها بحسب موقفها بين فرح سعيد وبين حزين بموته مثلما كانت الشعوب السوفيتية منقسمة في موقفها من ستالين وبالتحديد في يوم موته.
سجناء سيبيريا كانت فرحتهم كبيرة بموت ستالين، لأنهم بهذا فُتحتْ أبواب الأمل لتحريرهم وعودتهم الى عوائلهم وأولادهم متخلصين من جحيم مخيمات وسجون الجحيم الستالينية. فهم كانوا يأملون في يوم كهذا. وكان يعرفون إنه فقط موت ستالين بامكانه تحرير قيودهم. وكانوا يعلمون في أن أملهم ممكن لأنهم كانوا متيقنين بأن ستالين غير خالد بل سيموت. فالملايين من سجناء سجون ستالين في سيبيريا وغيرها رأوا وعانوا ما لا علم لعامة الناس الروس والسوفيت به.
وللحديث والدردشة الستالينية تتمة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سقط اسم شاعر سهوا
سيلوس العراقي ( 2017 / 11 / 24 - 15:57 )
الشاعر الكازاخستاني في اول سطر من المقال
وهو
Dzambul

فتوجب التصحيح واضافة اسمه

اخر الافلام

.. غارة إسرائيلية تقتل 3 عناصر من -حزب الله- في جنوب لبنان


.. عملية -نور شمس-.. إسرائيل تعلن قتل 10 فلسطينيين




.. تباعد في المفاوضات.. مفاوضات «هدنة غزة» إلى «مصير مجهول»


.. رفح تترقب الاجتياح البري.. -أين المفر؟-




.. قصف الاحتلال منزلا في حي السلام شرق رفح