الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تتناقض المطالبة بدولة ديمقراطية مع دعم العسكر؟!

احمد الحسين التهامي

2017 / 11 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


*مقال سياسي
هل تتناقض المطالبة بدولة ديمقراطية مع
دعم العسكر؟!
*(تعليقا على الحرب الأهلية في ليبيا)
مقال للكاتب : أحمد الحسين التهامي
( 1)
ثمة مقولة يتم تداولها في الفيس بوك الليبي بكثرة ؛ وهي مقولة تبدو لأول وهلة منطقية وشديدة الوضوح والوجاهة لكنني اجدها كاذبة تماما !!؛هذه المقولة ملخصها انك ان كنت داعية الى الدولة الديمقراطية والتعددية الحزبية والدولة المدنية التي تحترم حقوق الانسان والحريات على اختلافها وتعددها فانك لا يمكنك بداهة ان تكون داعما لحكم العسكر(=الاسم الذي يعتبره البعض سبة للجيش) وهذا الكلام قد يكون صحيحا لو كنا اليوم في ليبيا على الاقل او حتى في محيطها العربي و الافريقي لو كنا في مرحلة نزاع بين دعاة الدولة المدنية والديمقراطية وبين بضعة جنرالات من العسكر؛ لكن المسألة في ليبيا اليوم مختلفة جدا عن هذا؛ نحن في ظرف اخر تماما !!؛فليبيا منذ العام 2011 م لا تعيش صراعا بين العسكر وبين دعاة الديمقراطية ؛ بل تعيش فقط صراعا بين العسكر وبين الإسلاميين على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم؛ والإسلاميين حلمهم ليس الدولة الديمقراطية بل فقط دولة الخلافة؛ وقد يختلفون ويتحاربون حتى في سبل الوصول اليها لكنهم لا يختلفون في اعتبارها هدفا يجب تحقيقه اليوم او غدا؛ فاردوغان قد يعتبر ان طريق الانتخاب هو طريق بناء الخلافة ؛ لكن ابا عمر البغدادي وجد ظرفا اسرع من انتظار نتائج الانتخابات فأسرع باستغلاله و اقام دفعة واحدة دولة خلافته وتلقى من ليبيا بالذات بيعة الكثيرين !! ؛عموما حالة الفوضى التي تعقب سقوط وانهيار الانظمة القوية الشخصية الحاكمة تتيح لكل عابري السبيل التعبير عن رغباتهم الدافقة ومن بين هؤلاء يتميز الاسلاميون على تعددهم بوضوح الهدف: استعادة دولة الخلافة ؛ واستعادة الماضي كما هو تماما دون تعديل!؛ واثناء أحداث الصراع بين العسكر والإسلاميين قد تنشأ ظروف معقدة ومؤقتة تتيح لبعض الإسلاميين ان يدعوا انهم ايضا دعاة دولة ديمقراطية ودعاة مدنية الدولة ؛ وان يدعوا انهم يتبعون توجه اردوغان في توقيعه على ميثاق الشذوذ الجنسي الاوربي !!؛ذلك ممكن فالإدعاء لا يكلف الا تعب اللسان فقط! ؛ اما التجارب فدونك حالة السودان الممزق وحالة افغانستان العاجزة لتؤكد لك استحالة بناء دولة اسلامية ما لم تكن دولة لداعش !؛ ويمكنك ايضا ان تعتبر بالسنة التي حكم فيها الاخوان الوسطيين جدا جدا مصر فهربوا بالدستور وصاغوه على مقاسهم وأعطوا رئيسهم سلطات إله !؛ يمكنك ان تختار هذه الحالة لكنك مضطر عندها للقول :انك من دعاة الخلافة فقط .
اذا فادعاء الوسطيين أن خيارهم ديمقراطي و مدني هدفه في ليبيا كما في غيرها من بلدان المنطقة -بما في ذلك تونس ايضا -هو مجرد محاولة لاستخدام الديمقراطيين كسلاح ضد العسكر وتشغيل افكار المدنيين ضدهم لا اكثر ولا اقل ؛ ومن لا يصدق هذا الكلام فعليه على اقل تقدير ان يشرح لي كيف ان اعتقال عشرات ألاف الناس في تركيا يجري بديمقراطية وحقوق ومدنية الخ ..؛فإذا ما انتهت معركة الوسطيين جدا مع العسكر وتمكنوا من تدجينهم او تشريدهم او قتلهم فمن هي هذه القوى التي ستكون قادرة على مواجهة سلاح الوسطيين؟! او حتى على رفع رأسها بمواجهة شعاراتهم و الامر في ليبيا اكثر بدائية واشد قسوة من غيرها لتأخر نموها الحضاري وتخلف الاقتصاد فيها؛ فاذا تركنا جيشنا للإسلاميين يقتلونه وإذا استخدمنا افكارنا الحضارية في منع الجيش من قتل الإسلاميين فمن سوف يستطيع لاحقا ان يمنع الاسلاميين من قتلنا وزجنا وفقا لأرقى نماذجهم –تركيا- في السجون ؟ !.
(2)
من جهة اخرى فثمة ليبيون كثر يحلمون بدولة ديمقراطية و تعددية ؛ ثمة ليبيون يحلمون وهم كثر اكيد بدولة مؤسسات وقانون دولة تحمي مواطنيها عبر استخدام القانون ؛ يحلمون بدولة فيها حريات كبقية دول العالم المحترم دولة مدنية ديمقراطية..نعم ثمة ليبيين كثر يرتكبون الحلم !؛ والحلم ليس جريمة ولن يكون !!.. لكن مايجب أن يدانوا على ارتكابه هو أمر أخر مايجب ان يحاسبوا انفسهم عليه هو امر اخر غير الحلم بدولة ديمقراطية ومدنية وتعددية!!؛ فالحلم بمثل هذه القيم هو تعبير عن رقي ثقافي وحضاري أكيد لا شك ولا ريب فيه!؛ و إن كان في الاساس تعبيرا عن وفرة مالية اتاحت لصاحبها وقتا كافيا دون منغصات للقراءة والتأمل الحر أو اتاحت له فرصة تعلم لغة اجنبية او زيارة بلدان فيها مؤسسات وحريات وليس فيها حلم !!. ولكن...........
ولكن لها ما بعدها دائما؛ وما بعدها يخالف عادة ما قبلها !!........
ما يجب أن يلام عليه الحالمون بدولة ديمقراطية ومدنية هو عدم قراءتهم للواقع الليبي بدقة ومقارنته بتجارب شعوب اخرى سبقتنا في بناء دولها الديمقراطية ! ؛ فالحلم اذا لم تعقبه قراءة واقعية لأرض المشهد الليبي فان مصيره سيكون الهزيمة القاسية والمرة! سيكون مصيره المؤكد هو الندم فقط!!.
ثمة في ارض الواقع الليبي أحداث كثيرة جديرة بالاهتمام والتحليل والمقارنة وثمة ايضا أحداث اخر لا قيمة لها تاريخيا؛ ولكنها قادرة على تشويش الفهم وبعث الارتباك في القراءة!؛ بل قادرة حتى على تعطيل الفهم وقيادة جمهور الحالمين الى مايهدم أحلامهم بأيديهم!!؛ فالحلم بدولة ديمقراطية ليس حلم كل الليبيين ! بل بعض اللبيبين فقط! ولذلك فان ليبيون اخرون – وهم قلة بالمناسبة- يحلمون فقط وعلى سبيل الحصر باستعادة الماضي أي استعادة دولة الخلافة فقط!؛ على اعتبارها دولة العدل وان كانت تعبيراتها الواقعية كشفت انها دولة القتل المجاني فقط.
ثمة حقيقة اتيح لها ان تظهر في العراق وفي سوريا بوضوح لكنها في ليبيا لم تظهر بهذا الوضوح الكافي بعد ؛ فأية أرض تقع تحت ايدي إسلاميين معتدلين وسطيين فأنها سرعان ماتغدو لقمة سائغة للقاعدة (جبهة النصرة) ثم لقمة سائغة لداعش؛ بهذا الترتيب التصاعدي الإجباري تسير الأمور! لا غير؛ فالخيارات التاريخية تصنعها القوى البشرية على الأرض؛ و على الأرض في ليبيا كما حدث في العراق وكما حدث في الصومال وكما حدث في سوريا ثمة في كل هذه الأرض نخب متعلمة تحلم وقليلة نسبة الى بقية السكان؛ وبعض من يسمون انفسهم معتدلين ووسطيين وعلموضة ايضا ؛ اما الكثرة فهي لأناس توقفهم ظروفهم الحضارية و الإقتصادية خارج هذا الملعب أساسا وحين تسقط الدولة او يختفي جيشها تتحول الكثرة رغما عنها الى جيش احتياطي لداعش فقط!.
لا إمكانية للقول ان ثمة تيارا إسلاميا وسطيا معتدلا يمكنه ان يكون قادرا على حكم بقعة ما في هذه الارض فهذا الوسطي هزم في عقر داره أي في مصر حيث يشكل نسبة صغيرة جدا من عدد السكان فما بالك بأرض لا يشكل فيها اية نسبة؟!؛ وحتى المناطق التي حكمتها القاعدة تحولت الى داعش بقدرة قادر لأنه الاكثر تصميما والأكثر تطرفا وثمة درس تاريخي سبق وأعطته لنا الثورة الروسية عام 1917 م مفاده انه اذا كانت القاعدة الشعبية حتى لو كانت مليونين فقط من العمال حاضرة فان الخيار الاقصى ينجح دائما! وحين تفتح سباقا نحو الماضي فلاشئ يمنع الاخرين ان يسبقوك اليه! وان يمنعوك منه ايضا!.
السباق نحو الماضي يدفع بالماضي في اشد اشكاله تطرفا وقسوة وانعداما للاختلاف للظهور ولتسيد الموقف!.
وهذا يعني ان الحفاظ على الدولة الحديثة بالرغم من ضعفها وكل اشكالياتها وبالرغم من كونها قشرة حداثة فقط والحفاظ على جيشها ودعم جيشها في معركته ضد الإسلاميين على اختلاف توجهاتهم هو شرط بناء الدولة الديمقراطية المدنية الوحيد في هذه المنطقة وفي هذا الظرف بالذات.
فالدولة الحديثة والعصرية إن كانت لا تزال موجودة – يصبح موضوع بحث تعديل شكلها او تقويته امرا ممكنا وحتى تحويلها الى ديمقراطية ومدنية امرا ممكنا ايضا ؛ ام حين تختفي وتظهر بدلا منها دولة داعش- دولة الماضي المستعاد -فإنها عندما تتطور اذ حدث وتطورت فإنها ستصبح دولة اردوغان فقط.
فالحرب بين الصغار لا تنتهي ما لم يتدخل كبير ما لقمعهم ومنعهم من الاستمرار في الحرب والكبير الما في ليبيا هو الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة بلقاسم حفتر واي خيار اخر يعني نهاية الدولة واستمرار الحرب؛ فمفاوضة أي عصابة تقويها وتعطيها حججا للاستمرار ؛ ثمة طريق واحدة للقضاء على العصابات المنفلتة هو قتلها.
وحين تستقر الدولة الحديثة ويكبر جيشها وتنتهي موجة الاسلاميين القتلة يصبح عندها ممكنا فتح معركة تحقيق الحلم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قبل عمليتها البرية المحتملة في رفح: إسرائيل تحشد وحدتين إضاف


.. -بيتزا المنسف- تثير سجالا بين الأردنيين




.. أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط


.. سفينة التجسس بهشاد كلمة السر لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر




.. صراع شامل بين إسرائيل وحزب الله على الأبواب.. من يملك مفاتيح