الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نواة الحماية الذاتية .. الإستراتيجية الرابعة لإقليم كردستان

محمد حبش كنو

2017 / 11 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


لفت السيد مسعود البرزاني في مقابلته الأخيرة مع ال cnn إلى أن الدول المستقلة إعتمدت على ذاتها في إستقلالها حيث لا يمكن الرهان على الدعم الخارجي دائما وهنا يكمن لب المشكلة الكردية الكبرى التي سنتحدث عنها في هذا المقال فنواة الحماية الذاتية هي الإستراتيجية الأهم لإقليم كردستان بل ولعموم الكرد في كل جزء يناضلون فيه من أجل حقوقهم فقد أثبتت الأحداث عبر التاريخ أن الدول الداعمة دائما ما تتخلى عن الكرد في اللحظة الحاسمة وهي اللحظة التي يكاد الريش أن ينبت في جسد القضية الكردية فيبدؤون بقصقصة هذا الريش ويرجعون الكرد إلى نقطة الصفر .

ثلاث إنتكاسات لمدن كردية حدثت في الأعوام الأخيرة كانت نتائجها كارثية وكافية لأن يقف الكرد وقفة جدية مع الذات ويبدأ المفكرون في تحليل الأسباب بشكل معمق ودقيق للوقوف حول أسباب هذه الإنتكاسات ودراسة نتائجها ووضع الحلول المستقبلية لعدم تكرارها .

شنكال وكوباني وكركوك ثلاث مدن دفعت أثمانا غالية ولم تجد من يدافع عنها إلا حين أتى الدعم الخارجي لشنكال وكوباني بينما لا يزال إقليم كردستان يراهن على تغير الموقف الدولي بخصوص كركوك فتنقلب المعادلة لصالحهم وربما لا يأتي هذا الدعم الدولي هذه المرة لعدم وجود الأسباب الكافية لذلك .

كارثة شنكال تسببت بمقابر جماعية ما زالت تكتشف يوما بعد يوم وتسببت بسبي آلاف النساء وتحويلهن إلى عبيد وبيعهن في أسواق النخاسة واستغلالهن جنسيا في أبشع مشهد يحدث في القرن الواحد والعشرين ثم انتهت المسألة بأن تم تدمير شنكال وتشريد أهلها الذين أصبحو مطية بيد من هب ودب يلوون أعناقهم حيث يشاؤون حتى تاهو بين الحكومات والإيديولوجيات والصراعات القائمة في المنطقة وهنا يحق لنا أن نتساءل كيف يحدث ذلك لمدينة كردية من قبل قوة لا يتجاوز عمرها سنة أمام قوات كردية عمرها يمتد لأكثر من سبعين عاما أو تزيد وإقليم مستقر منذ التسعينات ..؟؟

كوباني لم تصمد أمام داعش أربعا وعشرين ساعة وكانت النتائج أكثر من كارثية وربما سيبقى البعض يدفع ثمنها عشرات من السنين القادمة حيث تدمرت البنية السكنية والإجتماعية وتهجرت الطبقة الوسطى المتعلمة وأريقت دماء الناس في مجزرتها المعروفة وتم إختطاف الكثيرين وما زال مصيرهم مجهولا ولم يبق بيت في كل الأحوال إلا وأصبح فيه شهيد أوجريح أومبتور للأطراف أومفجوع بفقدان مال أو منزل أو قريب أو عزيز ومصيبتها كانت مثل مصيبة شنكال حيث لم تستطع قوات عمرها أربعون عاما من التدريب القاسي في الجبال أن تصمد أمام بضعة مرتزقة أتو من هوامش التاريخ لا يحملون في أدمغتهم غير بقايا أمراض الصحراء وهنا يحق لنا أن نفكر ونقول ماذا لو لم يأت التحالف الدولي في الوقت المناسب .. هل كانت لروجآفا اليوم وجود ..!!!!

كركوك لم تصمد حتى الصباح ثم ضاعت ولم يكن هناك أبسط من ان ترمى التهمة على مراهق تافه وعجوز شمطاء بأنهم باعو كركوك وكأنهم كانو الوحيدين الذين يملكون مفاتيح كل شيئ دون أن يتجرأ أحد ويقول بأن المدينة لم تكن محمية وأن حقول البترول لم تكن محمية ولا كانت هناك إستراتيجية أصلا لحمايتها ولا وجود لآليات ثقيلة ودفاعات أرضية بل كان كل الرهان أن الطائرات الأمريكية هي التي ستحمي لهم حقول النفط ليتنعمو بأموالها متناسين أولا أن أمريكا ليس إبن عم أحد فيهم ومتناسين ثانيا أن أهم إستراتيجية في عهد ترامب هي الدفع مقابل الحماية وهذا ما لجأت إليه اليابان وكوريا الجنوبية ودول الخليج وكل كيان محمي تحت ظل الأجنحة الأمريكية الوارفة .

ذهبت كركوك وذهبت شنكال وذهبت المناطق المتنازعة عليها في إقليم كردستان أما فيما تسمى روجآفا فعفرين الآن في خطر وأغلب الظن أنها لو بيعت في مزاد دولي وإقليمي وتم رفع الحماية الخارجية عنها فإنها لن تصمد ليلة واحدة كما حدث في كركوك ولكن ولكي لا نلقي اللوم الذي لم يعد مجديا فإننا سنتحدث مجددا عن الحل والذي يتمثل بنواة الحماية الذاتية التي إن لم يتمتع بها الكرد فسيظلون مجرد ورقة تباع وتشترى في المزادات وستتوالى النكبات التي يدفع الشعب المسكين ثمنها أولا بينما تظل الأحزاب على عروشها لا تتأثر إلا بإنخفاض مستوى مدخولاتها على أكثر تقدير .

تلجأ كل دول العالم مهما بلغت أمنا وقوة إلى إستراتيجيتين رئيسيتين هي تحقيق الأمن الغذائي والأمن الدفاعي فدونهما ستصبح الدول مهددة في أي وقت وتحت أي ظرف طارئ لكن الكرد بمجملهم بعيدون عن هذه الإستراتيجيات فكل ما حققه إقليم كردستان هو نموذج الكيان المستهلك لشعب تعرف أرضه بأنها مهد الزراعات منذ فجر التاريخ ولكن للأسف فقد تركت كل تلك المساحات لتصبح بورا ويعتمد الشعب الكردي على الإستيراد في أبسط موارده الزراعية ولعل ذلك يحتاج أبحاثا طويلة ومستفيضة لفهم أسبابه ومعرفة خطورة نتائجه .
الأمن الدفاعي كان غائبا أيضا عن إقليم كردستان حيث كانت المدة كافية منذ التسعينات وحتى الآن لتشكيل إستراتيجية دفاعية أقوى من تلك الإنهيارات التي رأيناها في أحداث كركوك في منطقة تعج بالسلاح من السوق السوداء وشعب يملك الكثير من الرجال الشجعان وموارد مستقرة تمتع بها على مدى عقود وإذا كانت الدول الآمنة غير المهددة مثل الدول الأوربية تسعى على مدار الساعة لتعزيز أمنها الدفاعي فكيف بإقليم كردي مهدد وجوديا من كل ما يحيط بها من جيران وكأنه جزيرة صغيرة في محيط متلاطم الأمواج يعج بالأعاصير والزوابع والزلازل والبراكين .

الأمر الأكثر إستغرابا أن هذه الإستراتيجية كانت موجودة لدى الشعب الكردي بشكل فطري عبر التاريخ فقد تشكلت قوات البيشمركة على شكل حراس للقرى الكردية في القرن التاسع عشر كردة فعل على إنهيار الخلافة العثمانية بينما لم يلجأ أي شعب من شعوب السلطنة إلى ذلك وهذا يدل على وعي مبكر بضرورة الحماية الذاتية والتحضير لأي تغييرات جديدة تحدث في المنطقة ولشدة وعي القادة الكرد فقد تحدث القاضي محمد كثيرا أيام جمهورية مهاباد عن برنامج الإكتفاء الذاتي للكرد إقتصاديا وعسكريا لكن مدة حكمه كانت أقصر من أن ينفذ شيئا على أرض الواقع والعجيب أن هذه الإستراتيجية تلاشت في أذهان الكرد مع الوقت وأصبح كل رهانهم على الدعم الخارجي فقط ولم يستفيدو حتى من تجربة البرزاني الأب حين تخلى عنه شاه إيران والأمريكيون في إتفاقية الجزائر عام 1975 فانهارت الثورة بأكثر مما تخيلها المراقبون .

ليس عيبا في السياسة أن يعتمد الكرد على دولة أخرى سواء كانت دولة عدوة من الدول التي تتقاسم أرض الكرد أو كانت دولة خارجية بعيدة فالإستفادة من تناقضات الدول التي تحكم كردستان شيئ مفيد لكن العيب أن يصبح هذا الدعم إستراتيجية طويلة الأمد من ناحية وأن يصبح التوكل عليها كليا من ناحية أخرى وأن يستقوي طرف كردي بها على بني جلدته وهذا ما تفكر به أغلب الأحزاب الكردية وللتاريخ شواهد كثيرة فالعدو لن يصبح صديقا أبدا مهما تحالفت معه بشكل عميق ولعل تجربة الإقليم مع تركيا خير شاهد على ذلك وما زال الإقليم يراهن على عودة العلاقات مع تركيا التي تعتبر الإقليم مجرد مزرعة خلفية لإستثماراتها وسوقا لبيع منتجاتها فإذا جد الجد باعت تلك المزرعة في أقرب فرصة وكم هو مثير للإشمئزاز ما تقوله مراكز الأبحاث التركية أن تركيا يجب عليها إعادة العلاقات مع كردستان كونها حققت هدفها في تدمير حلم الدولة الكردية .

خلاصة القول ما لم يفكر الكرد في نواة صلبة و قوية للحماية الذاتية ويوحدو جهودهم في الأجزاء الأربعة ويعسكرو المجتمع ويحاربو الفساد بشكل جدي فلن تقوم لهم قائمة في التغييرات الجديدة لبنية المنطقة فالعالم يحترم من يفرض إرادته لا من يستجديها من الآخرين وما أحوج الكرد اليوم إلى مؤتمر كردستاني عام يجمع جميع الأطياف الفاعلة لوضع إستراتيجية عامة لمستقبلهم مع الإبقاء على هوامش الإختلافات الحزبية على مبدأ التنافس الشريف لأنهم إن لم يفعلو ذلك فهم مسؤولون أمام الله والتاريخ والشعب عن كل هذه الدماء الطاهرة التي أريقت والمدن التي تدمرت والتي كنا نمني النفس بأنها دمرت لفائدة المستقبل الكردي ولكن لا عزاء لنا إن إكتشفنا يوما أن رجلا أتى من أقصى الساحل ليصفع وجوه أناس دفعو فلذات أكبادهم لتحرير هذه الأرض أو نرى شيعيا يأتي من أقصى جنوب العراق محملا بعقد اللطم والعويل ليحكم في أقصى الشمال ويسرق بتروله ويتحكم في مقدرات شعب كان من المفترض أنه حرر مقدراته بالدم والوجع والألم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا حققت إسرائيل وحماس؟


.. سمير جعجع لسكاي نيوز عربية: لم نتهم حزب الله بشأن مقتل باسكا




.. قطر: لا مبرر لإنهاء وجود مكتب حماس | #نيوز_بلس


.. بكين ترفض اتهامات ألمانية بالتجسس وتتهم برلين بمحاولة -تشويه




.. أطفال في غزة يستخدمون خط كهرباء معطل كأرجوحة