الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النبي الجديد

هيثم بن محمد شطورو

2017 / 11 / 29
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


في سنـته النهائية من دراسة الطب قام هو وصديق له برحلة من وطنه الأرجنـتين إلى أمريكا اللاتينية لمسافة 4500 متر. كانت الرحلة بدراجة نارية..
حينها اصطدم بالفقر الكبير و هو ابن الطبقة الوسطى. اصطدم بأناس فاقدين لصفة الإنسان بسبب الفقر و الجوع و الاهانة.
"كيف لي أن أعيش في عالم مظلم ظالم كهذا مرتاح البال؟..لا يمكن لي ذلك.. أي قوة أبنيها لنفسي في كرة "الرغبي" و في "البيسبول"؟.. القوة الحقيقية في تغيـير هذا العالم البائس..القوة الحقيقية في رفع هذا الظلم لملايين البشر.."..
و هكذا كانت الإيديولوجية الماركسية اللينينية حاضرة كمخلص واقعي من بؤس العالم. و انكب على قراءة كتاب "رأس المال" لكارل ماركس، و اطلع على كتابات "لينين" و خاصة كتابه "ما العمل".. و وجد في النضال من أجل الأممية الاشتراكية المخلص الوحيد من ظلم العالم كما وجد فيها النور الداخلي الذي أنار شعلة الفضيلة داخله.. و هكذا في مواجهة العالم البائس فقد آمن بقانون جديد لعالم جميل يسعد جميع البشر و هو عالم الاشتراكية العالمية أو الأممية.. غدت الفضيلة إذن ضمن مجرى العالم تـتحقـق في وعيه ضمن آداب الكلي و الحق في ذاته و الخير، و التأديب الحق يكمن في التضحية بالشخصية في جملتها لأجل تحقـق تلك الكلية...
هذا هو "تشي جيفارة" بكل اختصار..
ضمن الإضاءة للسردية التاريخية لمن لا يعرفها، يكفي أن نقول انه إلتـقى بزعيم الثورة الكوبية سنة 1955 في المكسيك حيث أجريا حوارا مطولا لمدة عشر ساعات متواصلة عند أول لقاء بينهما، حتى أن أحد رفاقهما شبه ذاك اللقاء بالحب من أول نظرة.. "كاسترو" الواقعي و "جيفراة" الرومانسي هما في الحقيقة وجها الثورة الاشتراكية المتلازمان و لكن واقع العالم كان يفترض افتراقهما في النهاية..
كان "جيفارة" الرجل الثاني في الثورة الكوبية سنة 1959 ضد دكتاتورية "باتيستا" الفاسدة التي جعلت كوبا حديقة خلفية للولايات المتحدة الأمريكية.. "كاسترو" ابن الإقطاعية لم يجد السعادة إلا في النضال لأجل سعادة الكل التي تـنتـفي من دونها أي سعادة..
انتصرت الثورة و كان "جيفارة" الرجل الثاني في الدولة الاشتراكية الجديدة. وزير الصناعة و مدير البنك المركزي، و ينهض في الساعة الرابعة ليشارك العمال في قص قصب السكر ثم يتوجه إلى الوزارة في السابعة صباحا ليأخذ دُشا ثم ليلتحق بمكتبه في الساعة الثامنة صباحا..
قام بزيارة عدة دول ينشر فيها تبشيره بالاشتراكية العالمية التي ربطها بمحاربة الامبريالية الأمريكية أساسا..
بعد خمس سنوات، حين بدأ اليأس يتسلل إلى قلبه من سياسة الاتحاد السوفياتي التي رأى فيها تعبيرا عن الانتهازية و الامبريالية، قرر أن يستأنف طريقه في الثورة الأممية..
ذهب إلى "الغونغو" في افريقيا ليحقـق فيها الثورة الاشتراكية و حين فـشل عاد إلى كوبا، و لكن ليغادرها بصفة نهائية ليحقـق الثورة الاشتراكية العالمية ابتداء من "بوليفيا".. هناك و بعد أشهر حيث تعقبته المخابرات الأمريكية مع الجيش البوليفي، تم القبض عليه ثم إعـدامه بالرصاص..
كانت جثـته عبارة عن أيقونة قام الضباط و الجنود بأخذ صور بجانبها. الممرضة التي كانت في المستـشفى قالت أنها رأت عيناه تـنظران إلى كل الاتجاهات، إلى الكل أنما تـنـقـلت في حركتك..لم يمت..
و فعلا روحه أو هو كروح بقي حيا..اليوم هو قديس في أمريكا اللاتينية حيث يزورون تماثيله التي تجدها حتى في القرى.. يتـقربون إلى الله من خلاله..
أحيا مثال اليسوع الذي ضحى بنفسه لأجل خلاص البشر من ذنوبهم.."جيفارة" كان يروم تخليص البشر من ذنوبهم في الأنانية الضيقة التي تـقود إلى الامبريالية و التوحش الشيطاني و العبودية و الاستعباد..كان على نفس الوتر لباعثي الأديان قد جسد الفضيلة برمتها في شخصه و مسيرته إلا أن الفضيلة المطلقة الانهائية تبتلع الحياة الفردية.
و ابتلعته في اللحظة التي أنجز فيها ايقاعاتاته الزمنية ليغدو موسيقى خالدة توحد عالم الروح بعالم الطبيعة..لذلك فـ"غيفارة" إستـثـنائي في تاريخ الثورية الاشتراكية. ذاك أنه حقـق جوهريتها في الانهائي و الإلهي و الروحي العميق الكوني..و بفضله فالاشتراكية لن تموت..
صوره في كل العالم. في الملابس و الشنط بل في ولاعات "الزيبو" للبورجوازية ذات البطون المنتـفخة اللذين كان يمقـتهم.. يمقـتهم على نفس إيقاع مقت القرآن للذين يكنزون الأموال و في ضنهم أن أموالهم ستخلدهم..
كتب أرنست جيفارة، إثر احتـفاله بعيد ميلاده الرابع والعشرين:
"علمت أنه حين تـشق الروح الهادية العظيمة الإنسانية إلى شطرين متصارعين، سأكون إلى جانب الشعب. أعلم هذا، أراه مطبوعاً في سماء الله، أرى نفسي قرباناً في الثورة الحقيقية، المعادل العظيم لإرادة الأفراد. أشعر أن أنفي يتسع ليستـنـشق الرائحة اللاذعة للبارود والدم وموت العدو. أفعم جسدي بعزم فولاذي، وأعد نفسي للمعركة"..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير