الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الثابت و المتغير.. أو الصراع المتجدد بين التقليديين و المجددين

علجية عيش
(aldjia aiche)

2017 / 12 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


خلال زيارتي للمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية بحي باب القنطرة التي سميت على اسم الأديب الراحل مصطفى نطور، و سبق تدشينها من طرف المسؤول الأول على ولاية قسنطينة، و زرت أجنحتها جناحا جناحا، هالني تصميمها الهندسي، الذي كان في مستوى مدينة العلامة ابن باديس و مالك بن نبي و مالك حداد و كل من يمثلون النخبة المثقفة الحقيقية الأصيلة، التي كرست حياتها في الدفاع عن هوية المدينة و أصالتها، و هذا ما يعطي للمدينة بوصلتها الثقافية، دون أن ننسى دور الثقافة الأخرى التي أنشأت حديثا في إطار تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015 ، لكن المؤسف أنها ما تزال مغلقة إلى اليوم، فهذه الدور و الهياكل الثقافية تعتبر الأداة المثلى لخدمة القيم الروحية و الفكرية، و مواكبة التحديث و العصرنة و الانفتاح على الثقافات الأخرى..، لكن السؤال الذي ينتظر الإجابة عليه هو: هل حددت الوزارة الوصية أهداف هذه المؤسسات؟ و ما نوع النشاطات التي ستقام فيها، من أجل إعادة الإشعاع الثقافي المُغَيَّبُ أو المَفْقُودُ للمدينة ، أم أنها ستتحول مع الوقت إلى فضاء لعرض الألبسة التقليدية و بيع الحلويات التقليدية، أو لتنظيم الحملات الانتخابية، التي أخرجت دور الثقافة من مضمونها، و أداء مهامها الأصلية و هي المعرفة و التثقيف، بمفهومهما الحقيقي.
في هذا الإطار يدفعنا الحديث عن دور الثقافة إلى معرفة ماهية الثقافة باعتبارها مجموعة من السلوكات تعبر عن قيم و مبادئ صاحبها ، و تعمل على ترقية الفرد و تهذيبه و غرس فيه الروح الجمالية ، و تجعل منه إنسانا ذا فكر منير و عقل راجح و نفس متفتحة على التعايش مع الآخر في إطار حضاري، كما تدفعنا للبحث عن دور المثقف في عملية البناء الثقافي و الحضاري، و كذلك دور الإعلام في هذه العملية، في ظل التحولات التي تشهدها الجزائر و محاولة تكيفها مع ما يحدث خارج قطرها، هذه المسائل لا يمكن طبعا إغفالها أو التقليل من أهميتها ، لاسيما و هي تتعلق بإشكالية "الثابت" و "المتغير" و هذا يتطلب معرفة الإطار المرجعي للسياسة التي وضعتها وزارة الثقافة في إطار التخطيط الثقافي الشامل، ففي ظل التحديات الرقمية و انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، التي استقطبت الكبار و الصغار و سيطرت على عقولهم و تفكيرهم، يقتضي الأمر الوقوف على سلبياتها أو بالأحرى مساوئها بشكل أدق، للنهوض بالفعل الثقافي لدى الكبار و الصغار، خاصة و قد تميزت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية على غرار دور الثقافة الأخرى بتخصيص جناحا خاصا للأطفال، و فتح لهم مكتبة و ورشات خاصة بهم، هي في الحقيقة تشكل منارة علمية، لترقية فكرهم و تشجيعهم على الإبداع.
يركز بعض الباحثين الأكاديميين على إشكالية الثابت و المتغير في جانبهما الديني فقط و حصرهما في قضية الإيمان و الكفر، و في أمور الشريعة..، و كعامل ثقافي ربطها البعض بمفاهيم أخرى عديدة مثل التقليد و التجديد، الإصلاح و التغيير، المعاصرة و الحداثة و ما بعد الحداثة، و فسرت هذه المفاهيم عند المحافظين ( حتى لا نقول التقليديين كما يسميهم البعض) على أساس أنها دعوة لاختراق حدود الآخر و تغيير فكره و معتقداته و عاداته و تقاليده، و حتى في مأكله و ملبسه و طريقة عيشه ، أي إخراجه من نظامه "الرجعي"، كما وصفه الفكر الغربي، في المقابل خضع البعض منهم إلى التقليد الأعمى ، و حمل فكرا لا يتماشى مع خصوصيات المجتمع الذي يعيش فيه، مجتمعا جعل من التزمت و التعصب الفكري و الديني قاعدة أساسية يطبقها في حياته اليومية، فنتج عن ذلك ثقافة مشوهة، لا هي ثابتة و لا هي متغيرة ، تواكب التغيير، و حدث لنا ما حدث للغراب الذي حاول أن يقلد مشية الحمامة، فلاهو تعلم مشيتها و لا حافظ على مشيته الأصلية ، ففقد الاثنان معا، و من هنا ظل الصراع بين المحافظين و المجددين قائما على كل المستويات الدينية، الفكرية و الثقافية و السياسية أيضا، و غرقت الساحة الدينية و الفكرية في حرب دموية لا نهاية لها.
علجية عيش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نازح من غزة ينشئ صيدلية مؤقتة في خيمة برفح


.. غالانت يتعهد باستمرار الحرب ضد حزب الله | #رادار




.. بايدن: القانون الذي صدق عليه الكونغرس يحفظ أمن الولايات المت


.. رويترز نقلا عن مسؤول إسرائيلي: جيشنا يستعد لعملية رفح وينتظر




.. العاهل الأردني وأمير الكويت يشددان على أهمية خفض التوترات في