الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنهج البنيوي في العلوم الاجتماعية (3-5)

حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)

2017 / 12 / 3
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


الجزء الثالث من الترجمة :
و تولى عالم الانثروبولوجيا الفرنسي كلود ليفي – ستراوس ، الذي كان يعتبر نفسه ماركسياً و ارتبط مع جان بول سارتر في شبابه – انجاز دراسة واسعة للمجتمعات الهندية [للسكان الأصليين] في البرازيل (13). اتصل ليفي - ستراوس بياكوبسن في نيويورك ، و أصدر عام 1949 أول كتبه المهمة بعنوان " البُنى البدائية للقرابة" . و قد سعت بنيوية ليفي-ستراوس إلى اختزال المعلومات عن المنظومات الحضارية إلى العلاقات الشكلية الأساسية القائمة بين عناصرها . و طور ليفي شتراوس العلاقة بين علم الانثروبولوجيا و علم اللغة إلى مدى شاسع . و لأنه كان يرى الحضارات كمنظومات للاتصالات ، فقد طوّر نماذج للبحث أسسها على علم اللغة البنيوي و على المفاهيم الرياضية للبنية ، مع الاستعانة برياضيات القرن العشرين (المنطق الرمزي و نظرية المجموعة و نظرية الزُمر و السيبرانية و نظرية المعلومات و نظرية الألعاب و نظرية الهيئة - التوبولوجي - ) لتأسيس و لإثبات القوانين التي تحكم بنية العلاقات الاجتماعية . و كان ليفي ستراوس قد تعلم ماركسيته من الحزب الشيوعي الفرنسي ، و لكنه سعى للابتعاد عن طرق البحث التحكمية و الميكانيكية ذات النزعة الستالينية ، فوجد ضالته في مفاهيم علم اللغة البنيوي . و على حد علمي ، فإن ليفي ستراوس يستخدم مفردة "الديالكتيكي" للتعبير عن التحويلات البنيوية و عن علاقات التعامل المتبادل غير القياسية و ذلك تمييزاً لها عن علاقات السبب و النتيجة (14).
يعرّف ليفي ستراوس مفهوم "البنية الاجتماعية" كالآتي :
"إن مصطلح البُنية الاجتماعية لا علاقة له بالواقع التجريبي و إنما بالنماذج التي تُبنى بالاستناد إليه ... و في حين لا يمكن بأي حال من الأحوال اختزال البنية الاجتماعية بطاقم العلاقات الاجتماعية التي يُراد وصفها في مجتمع ما ... إلا أنها بالأحرى طريقة قابلة للتطبيق على أي نوع من الدراسات الاجتماعية ، على نحو يضارع التحليل البنيوي السائد في ميادين البحث الأخرى . ...
و تتألف البنية من نموذج [تحليلي] يفي بمتطلبات عديدة :
أولاً / تَعْرِض البنية المميزات الخاصة بمنظومة ما . و يتألف النموذج التحليلي من عدة عناصر ، و لا يمكن أن يطرأ التغيير على أي منها دون أن يُلحق التغييرات بكل عناصره الأخرى .
ثانياً / يتيح كل نموذج [تحليلي] الإمكانية لترتيب سلسلة من التحويلات التي تنتج منها مجموعة من النماذج [التحليلية] من نفس النوع .
ثالثاً / تتيح المميزات أعلاه الاستشراف للكيفية التي ستكون عليها ردود فعل النموذج إذا ما جرى إحداث تعديل معين على عنصر أو أكثر من العناصر المكونة له .
و أخيرا / يجب إخراج النموذج على النحو الذي يوضح فيه حالاً كل الحقائق المُلاحظة ." (الانثروبولوجيا البنيوية ، 1958)
استهدفت إنثروبولوجية ليفي - ستراوس فهم البنية لمجتمع ما مع التحويلات الممكنة لها ؛ لذا ، فقد كان يجد أن التفسير التاريخي لمكونات مثل هذه الأنظمة هو أمر كائن خارج نطاق هذا الموضوع ؛ و عليه ، فإن نمط إنثروبولوجيته يستثني التطور التاريخي من الدراسة . و في الحقيقة فإن هناك توجهاً متأصلاً في طريقة التحليل البنيوية لمناهضة أي فهم للديناميكيات التاريخية ، رغم أن بإمكانها الكشف عن وجود الترابطات التاريخية و هي لا تناقض حقائق التعاقب التاريخي .
أصبحت البنيوية هي التقليعة السائدة في فرنسا خلال ستينات القرن الماضي ، متزامنة مع تراجع المد الشعبي للحزب الشيوعي الفرنسي ، و ابتعاد الأخير عن مساندة الاتحاد السوفيتي ، و تصدع العلاقة بين شريحة المثقفين و الطبقة العاملة المنظمة و الذي بلغ الذروة في خيانة الإضراب الفرنسي العام و فشل ثورات عام 1968 . كان ليفي – ستراوس و تلميذه لويس ألتوسير من بين أولئك الذي حاولوا دمج الماركسية بالبنيوية خلال تلك الفترة (15). في تضخيمه لنقد كارل ماركس ضد الفلسفة التجريبية ، رفض ألتوسير المحتوى الإيجابي للمعرفة التجريبية كلياً . زعم ألتوسير بأن "الميزات التاريخية في رأس المال لكارل ماركس هي موضوع نظري ؛ و ليست موضوعاً حقيقياً ؛ هي موضوع "تجريدي" (مفهومي) و ليست موضوعاً فعلياً ملموساً" – و أن التاريخ "الفعلي" كائن في "الخارج" ، خلف "نظرية التاريخ" ، التي هي وحدها الموضوع الحقيقي للمعرفة . كما و رفض ألتوسير مفهوم صراع المتضادات لدى ماركس و هيجل ، و ذلك بنعته على الطريقة البنيوية بمفردة "الجزم المغالي" (over-determination) . و كان ألتوسير يرى الفصول الأولى من كتاب "رأس المال" لماركس ليست كمفتاح لفهم وجهة نظر ماركس للمجتمع الرأسمالي ، بل كعقبة تمنع ذلك ؛ و نصح القرّاء ببدء قراءة "رأس المال" من جزئه الثاني . لذا ، فإن ألتوسير يصل أخيراً ليس إلى تحريف الماركسية ، بل إلى النفي الصريح لها . و كان يعتبر أن الإنسانية عند ماركس كانت طوراً فيورباخياً مؤقتاً تجاوزه ماركس بالتزامه اللاحق "بالملاحظة العلمية" لبنية المجتمع البرجوازي (16).
الهوامش
(13) كلود ليفي-ستراوس (Claude Lévi-Strauss) (1908-2009) عالم انثروبولوجيا فرنسي دَرَس في جامعة السوربون و تخرج في قسم الفلسفة عام 1931 . عمل مدرساً في الثانوية ثم التحق – مع زوجته عالمة الانثروبولوجيا : دينا دريفوس – بالبعثة الثقافية الفرنسية في ساو باولو بالبرازيل حيث ساعد زوجته – بسبب المرض الذي ألم بعينيها – في انجاز بحوثها الميدانية على السكان الأصليين للغابة المطرية البرازيلية ، و درّسا الانثروبولوجيا معاً في جامعة ساو باولو . عاد إلى فرنسا عام 1939 و انظم للجيش الفرنسي مع بداية الحرب العالمية الثانية . بعد استسلام فرنسا لهتلر عام 1940 ، نزعت عنه حكومة فيشي الجنسية الفرنسية و أصبح مهدداً بالاعتقال لأصوله اليهودية رغم كونه لا دينياً ، فترك فرنسا بعد أن انفصل عن زوجته التي التحقت بالمقاومة الفرنسية ، و وصل نيويورك في نفس عام وصول ياكوبسن إليها (1941) حيث درّس في الكلية الحرة للدراسات العليا التي أنشأها أساتذة المهجر الفرنسيون هناك . بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، عُيِّن بمنصب المبعوث الثقافي الفرنسي في واشنطن قبل عودته لفرنسا عام 1948 ليحصل على الدكتوراه من جامعة السوربون عن بحثين في "العائلة الهندية النامبيكوارية البرازيلية" و عن "البُنى البدائية لعلاقات القرابة" الذي طبق فيه المبدأ السوسيري لعلاقات التشابه و الاختلاف على علاقات التزاوج بين العائلات , و الذي طبع في السنة اللاحقة . بعدها ، انظم إلى أساتذة الوسط الجامعي الفرنسي حيث تقلد رئاسة عدة اقسام و طبع مجموعة من المؤلفات أهمها تلك التي تتناول وصف الأساطير من منظور عالمي ، و أصبح عضواً في الاكاديمية الفرنسية عام 1973 حتى وفاته .
تتميز نظريات ليفي ستراوس بصعوبتها نظراً لشدة تعقيدها و غموضها و سعة المعرفة فيها و بثها الرهبة في نفس القارئ نتيجة الاستخدام الواسع للرياضيات فيها بحيث أن عالم الاجتماع (ستانسلاف أندرسكي) اعتبرها ضبابية المنحى ، كما اعتبرتها الناقدة الاجتماعية الأمريكية (كميل باليا) فاقدة للصلابة الفكرية . و لعل الأستاذ الدكتور أفنان القاسم يشير إلى هذا العوص في قوله : " لأن تطبيقه الصعب الأكثر من صعب من سابع المستحيلات وهذه هي صحتي..." .
(14)
إحصائياً ، يمكن تقسيم البيانات الكمية - و ليست النوعية الخاصة بالسلوك و التي لا يمكن تحويلها رياضياً بل توصف بالكلمات - إلى بينات يمكن قياسها بوحدات القياس المعروفة (مثل : عدد الطلاب في الصف ، عدد الزبائن ، وزن البضاعة) ؛ و إلى بيانات غير قياسية بالاستناد إلى الخصائص التي تحدد المسافات الكائنة بين أقيام المقياس المستعمل . البيانات غير القياسية تستخرج من وحدات القياس الثنائية القيمة (ناجح/راسب ؛ صح/خطأ ؛ ذكر/انثى) و الإسمية و المرتبية الفاقدة للبعد المتري الذي يمكن قياسه بين أقيام ميزانها . و يمكن تحويل البيانات غير القياسية إلى بيانات قياسية و بالعكس باستخدام معامِلات التحويل الرياضي (conversion factors) الملائمة .
(15)
لويس (باللفظ الفرنسي : لوي) بيير ألتوسير (Louis Pierre Althusser) (‏1918- 1990) فيلسوف بنيوي ماركسي فرنسي ولد في الجزائر ، و انتقل بعد وفاة والده إلى مارسيليا حيث تتلمذ هناك فأثبت تفوقه بالدراسة الاعدادية مما أهله للقبول في كلية الأساتذة العليا للمتميزين في باريس عام 1939. و بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية فقد منحته الكلية تأجيلاً دراسياً في ضوء استدعائه للتجنيد في الجيش الفرنسي . و بعد استسلام فرنسا لألمانيا في 22 حزيران ، 1940، أصبح أسير حرب لدى الألمان حتى نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945. و بسبب ظروف الأسر الطويل القاسي في معسكر الاعتقال الألماني فقد اعتلت صحته جسدياً و نفسياً على نحو مأساوي . بعد فك أسره ، عاد للدراسة في الكلية التي سمحت له بالسكن داخلها ، و نال منها شهادة "الدبلوما" المعادلة لشهادة الماجستير عن اطروحته حول "محتوى فكر هيجل" عام 1947 و ذلك بإشراف الأستاذ غاستون باشلار . في نفس ذلك العام ، دخل المصحة النفسية حيث عولج بالصدمات الكهربائية ، و لكنه بقي يعاني من النوبات الدورية للاختلال النفسي . إنظم للحزب الشيوعي الفرنسي عام 1948 ، و في نفس العام اجتاز بنجاح الاختبار المتميز لشهادة لأغريغاسيون في الفلسفة و الخاص بالأساتذة الجامعيين في فرنسا . رفض حملة خروشوف ضد ستالين عام 1956 فتعرض للنقد من طرف السكرتير العام للحزب الشيوعي الفرنسي روشيه . خلال أحداث الثورة الطلابية في آيار 1968، إلتزم ألتوسير جانب الصمت فتعرض بسبب ذلك للهجوم من طرف طلابه المشاركين فيها لخذلانه لهم . دخل المصحة النفسية عام 1980 إثر قيامه بخنق زوجته "هيلين ريتمان"في شقتهما داخل الكلية ، و بقي نزيلها حتى عام 1983 . بعدها ، انتقل للسكن في عزلة شمال باريس حتى وفاته عام 1990 .
في مؤلفه الموسوم "من أجل ماركس" (1956) و بالاستعارة من أستاذه بلاشار ، روَّج ألتوسير لأطروحة حصول "تحول إبستمولوجي كبير" بين مؤلفات ماركس خلال الفترة 1840-1845 و بين مؤلفاته اللاحقة . ثم هاجم بقوة في رسالته "الماركسية و الانسانية" (1969) الجانب الانساني في النظرية الماركسية ناعتاً إياه بالإيديولوجيا البرجوازية . و باقتباسه لمصطلح "الجزم المغالي" من ميدان التحليل النفسي ، سعى ألتوسير في رسالته "الجزم (او الحتم) المغالي و التناقضات" لإلغاء فكرة التناقضات بإبدالها بفكرة تعدد الأسباب و النتائج . و في كل كتاباته ، اعتبر ألتوسير الإيديولوجيا سُبة تسمح له بتكذيب أي منظومة فكرية .
(16)
من المهم هنا وصف نوعين متعالقين من التلفيق الفكري المرتبط بأغلب الفكر البنيوي التحريفي للفلسفة ككل و للماركسية خصوصاً و هما : أولاً : تجزئة الكل عبر التصنيف بقصد النفي الرغائبي للجزء المطلوب نفيه أو إضافة جزء مختلق جديد عليه ؛ و ثانياً / إعادة تعريف المصطلحات بغية تزييف الوقائع و طردها .
التلفيق بتجزئة الكل الذي لا يقبل التجزئة يتم بالاصطناع الطرائقي للتصنيفات بقصد الإلغاء الرغائبي لهذا الجزء منه أو ذاك ، مثل ضرب "ماركس الشاب" بـ "ماركس الناضج" أو ضرب ماركس بإنجلز . كما يمكن أن يستهدف اصطناع الوجود الوهمي للأفكار الميتافيزيقية المختلقة مثل "المعرفة المتسامية السابقة على التجربة " لكانط ، و " الجزم المغالي" لألتوسير و "النحو العالمي" لتشومسكي و "التداولية العالمية و الفعل الذي يستهدف الفوز إزاء الفعل الذي يستهدف الاجماع" لهابرماس ، إلخ . معلوم أن ماركس هو مفكر واحد ، وتشهد الوقائع التاريخية له بأن أفكاره قد اتسمت بالتماسك الثوري التطوري طوال حياته فكراً و ممارسة . كيف يمكن إذن إلغاء الجزء المطلوب من أفكار ماركس مثل مناداته الشهيرة بوجوب عدم اكتفاء الفلسفة بتفسير العالم لأن المطلوب هو تغييره و الذي ينسف من الجذور الأساس الذي يقوم عليه كل المنهج البنيوي الذي لا تقوم له قائمة دون التموقع السكوني داخل إسار الإكتفاء بالوصف فقط دون التغيير ؟ يمكن ذلك عبر تقطيع ماركس إلى أجزاء منفصلة : ماركس الشاب ، و ماركس مرحلة البيان الشيوعي و ماركس المرحلة الفيورباخية و ماركس مرحلة رأس المال ، و هكذا دواليك ، و من ثم إسناد ذلك النداء الفذ "للمرحلة الفيورباخية" بغية نفيه تحكماً بزعم أن ماركس قد "تجاوزه" لاحقاً !
كما يمكن أن يلجأ الملفق لتجزئة الحقائق بغية إضافة جزء وهمي مختلق جديد – واحد أو أكثر – عليها مثل التقسيم الكانطي للمعرفة الذي مر بنا إلى معرفة اعتيادية و معرفة متسامية ، و التقسيم التوسيري للجزم بالجزم الاعتيادي و الجزم المغالي و هلم جراً . و ما أن يتم السقوط في شراك مثل هذا التصنيفات الميتافيزيقية المصطنعة ، حتى يجد المرء نفسه في عالم مسكون بالأشباح الفكرية الوهمية الحائمة حوله من كل مكان ، فيضيِّع شكه من يقينه .
أما إعادة تعريف المفاهيم على نحو مزيف بقصد طردها فتتضح على نحو فاضح من طريقة تعامل التوسير مع مصطلح الإيديولوجيا . من المعلوم أن مصطلح "الإيديولوجيا" (ideology) هو مركب مشتق من مفردة "الفكرة" (idea) زائداً "العلم" (logy) ، و معناه الحرفي هو : "علم الأفكار" ؛ و هو يستخدم للإشارة إلى خصائص المحتوى الفكري لقناعات الفرد أو الجماعة ، و التي نستطيع تمييز كونها تقدمية / رجعية ، ضرورية / غير ضرورية ، صحيحة / خاطئة ، مفيدة / مضرة ، متماسكة / مشتتة ، الخ . و ذلك عبر التثبت الخطابي من أهدافها و تطبيقاتها ، و ليس أبداً عبر التحكم الذاتي المغرض بصدد مدلولها . هذا يعني أن الدلالة المجردة لهذا المصطلح لوحده هي حيادية المعنى و ليست سلبية أو ايجابية ، و لا تحددها غير النعوت (مثل : إيديولوجيا تقدمية / رجعية) التي تصفها . هذا أمر واضح تماماً . و لكن هذا الوضوح الدلالي لهذا المصطلح لا يمنع (س) من الناس ممن يتقصد لأمر ما في نفسه تنفيذ حكم الإعدام على المحتوى الفكري للشخص (ف) أو المجموعة (ق) (مثلما يفعل الدينجية بمصطلح "العلمانية" ضد من لا يشتغل طبّالاً لحسابهم) بقلب دلالته المحايدة إلى سُبَّة دامغة تنطوي على حكم الإبادة لفكر الآخر المختلف و ذلك على نحو تعسفي مغرض . هذا هو بالضبط ما فعله ألتوسير بمصطلح "الإيديولوجيا" عندما أكد على نحو تحكمي قاطع في كتابه "حول إعادة إنتاج الرأسمالية" – مثلاً – بأن الإيديولوجيا ليست هي الأفكار ، بل هي "أكاذيب جميلة" ؛ هي "حلم خالص مصطنع تحكماً من لا شيء بلا تاريخ" . ليس هذا فحسب ، بل أنه لم يتورع عن "تلزيق" كل هذا التلفيق ظلماً و عدواناً بماركس نفسه رغم وجود عشرات الأدلة النصية القاطعة لماركس و إنجلز على الضد تماماً من ذلك ! ما هو جوهر هذا التلفيق الذي يسمح باستخدام إديولوجيا الذات لإلغاء إيديولوجيا الآخر ؟ أنه اعتماد الأسلوب الطرائقي المصطنع للتزوير عبر "إعادة تعريف الوقائع بغية تبرير طردها " . ما الدافع النهائي الذي يكمن وراءه ؟ إصدار حكم الإعدام على الثورية في النظرية الماركسية و التي هي أهم ما في رسالتها التحررية الانسانية !

يتبع ، لطفاً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مراحل تفكير
قاسم علي فنجان ( 2017 / 12 / 3 - 20:34 )
تحية طيبة للسيد حسين علوان
شكرا لهذا البحث القيم والجهد المخلص
ما اريد الاستفهام بشأنه هو هل نستطيع الغاء مراحل التفكير عند ماركس بمعنى آخر الا يوجد فرق فكري او فلسفي بين ما انتجه ماركس مثلا في المخطوطات والاديولوجيا الالمانية الخ لانه قد تصدعت رؤوسنا من مثل مراضيع كهذه
خالص تحياتي


2 - تصحيح
قاسم علي فنجان ( 2017 / 12 / 3 - 21:06 )
الاصح مواضيع


3 - توجد استمرارية التطور بلا إنقلاب و لا تذبذب قط
حسين علوان حسين ( 2017 / 12 / 4 - 00:13 )
الأستاذ الفاضل السيد قاسم علي فنجان المحترم
أبادلك أعطر التحايا
. من الطبيعي لتطور فكر أي باحث أن يمر بمراحل متعددة ، و ماركس و انجلز ليسوا استثناء
الملفقون على ماركس انجلز يحاولون - فاشلين- تصوير حصول إنقلاب فكري لدى ماركس بعد عالم 1845 و هذه فرية واضحة الزيف . منذ لقائهما عام 1844كان ماركس و انجلز قد حسما أفكارهما الشيوعية . ففي ذلك العام نجد في يحوثهما قناعتهما بثورية البروليتاريا و معانقتهما للشيوعية (أنظر المسألة اليهودية لماركس قبل عام و حالة الطبقة العاملة في انكلترا لإنجلز في ذلك العام ) . و في المخطوطات الفلسفية و الاقتصادية لنفس العام نجد مفهوم تغريب العمل . و مع الايديولوجيا الألمانية بعد أقل من سنة أصبحت المادية التاريخية منتهية و تم تجاوز فيورباخ . لاحظ أيضاً أن ماركس كان عمره آنذاك 26 سنة و انجلز 24 سنة ، فهل يوجد أبكر من هذا النضج ؟ حتى النبي محمد بعثته صارت بعمر الأربعين ! طيب : لماذا لا نجد من يلفق مثل هذا التلفيق على غير ماركس و انجلز ؟ ألا يمر كل المفكرون بمراحل تطورية ؟ القصد هنا هو ابعاد الثوريين عن الماركسية بالتلفيق لأن ماركس هو أكبر مؤثر في التاريخ طراَ .


4 - اهمية التمييز بين ماركس الشاب وماركس الكهل
طلال الربيعي ( 2017 / 12 / 4 - 06:04 )
الرفيق العزيز د. حسين علوان حسين المحترم
اعتقد ان الفرق بين ماركس الشاب (الانساني!)و ماركس الكهل/ الناضج (الثوري)هو ان الاول ركز على موضوعة الاغتراب كظاهرة وصفية في حين ان الثاني ركز على اسباب الاغتراب كظاهرة وجودية-تاريخية تلازم الاستغلال الرأسمالي او تتفاقم بوجوده. والفرق بين الاثنين هائل وكبير, وهذا لا يعني عيبا في ماركس قدر ما يعني انتقاله من هيغلية يسارية تفسيرية الى ماركسية تعني بالتغيير. ولو طبقنا هذا الاختلاف على مجال معرفي محدد مثل الطب النفسي فنحن سنجد ان الطب النفسي يسجل ارتفاعا متزايدا في معدلات الاغتراب عالميا, وتتضمن برامجه وسائل مكافحة الاغتراب كقلق اوكآبة ضمن عينة ضغيرة
microcosms
من المجتمع ,الفرد او العائلة, ولكننا لانملك طب نفسي ثوري يعني بالفرد ضمن كلية اجتماعية macrocosms
او بعبارة اخرى ليس هنالك, الا ماندر, من بحوث او برامج علاج ثورية للطب النفسي. لذا يفشل الطب النفسي الاصلاحي في الحد من تفاقم الكآبة التي اصبحت كالوباء على مستوى العالم باكمله.
يتبع


5 - اهمية التمييز بين ماركس الشاب وماركس الكهل
طلال الربيعي ( 2017 / 12 / 4 - 06:07 )
وحتى برامج علاج الطبيب النفسي الماركسي الراحل
Laing
كانت تتعامل فقط مع المريض وكان رفضها للرأسمالية ساذج بعض الشئ ويتحدد
برفض استخدام الادوية حتى في حالات مثل الشيزوفرينيا. المزيد في
http://www.independent.co.uk/life-style/health-and-families/rd-laing-was-the-countercultures-favourite-psychiatrist-a-dangerous-renegade-or-a-true-visionary-a6755021.html
النقطة الاخرى هي ان الاحزاب الشيوعية في منطقتنا قد اختارت في السنوات الاخيرة ان -تتطور!- بما يناقض تطور ماركس كمفكر. فماركس انتقل من الاصلاح الهيغلي اليساري في شبابه الى ماركس الفعل الثوري في كهولته. هذا في حين ان هذه الاحزاب انتقلت (تقهقرت) فكريا من ماركس الناضج الى ماركس الشاب بسبب ان خطابها هو خطاب اصلاحي وليس ثوريا.
لذا اعتقد ان اعتبار ماركس ماركسا واحدا طوال حياته هو لربما انتصار للاصلاحية على حساب الثورية. ونحن لا نحتاج ان ننكر ماركس الشاب في تحييزنا الى ماركس الناضج, ماركس الثوري.
مع وافر المودة والاحترام


6 - استفهام اخر
قاسم علي فنجان ( 2017 / 12 / 4 - 10:36 )
هذه حقيقة سيدي الفاضل طلال الربيعي فاحزاب اليسار اليوم قد تبنت خطاب اصلاحي في زمن غلب عليه التطرف في كل شيء انها بائسة جدا
لكن لدي استفهام اخر وارجو ان لا اثقل على السيد حسين علوان
هل ان البنية التي كان يتناولها ماركس كمصطلح هي ذات البنية التي تكلم بها مفكري القرن العشرين فماركس مثلا تكلم عن بنى الانتاج والبنى الفوقية وشتراوس تكلم عن البنى الاولية للقرابة هل المفردة هي هي ذاتها
خالص تحياتي


7 - لا يمكن ضرب ماركس الشاب بماركس الشيوعي و لا بإنجلز
حسين علوان حسين ( 2017 / 12 / 4 - 10:40 )
الرفيق الاستاذ الدكتور طلال الربيعي المحترم
تحية حارة
ضرب ماركس الشاب بماركس الشيوعي (لا يمكن تسمية مَن حسم فكره و عمره 26 سنة و
كتب البيان الشيوعي و عمره 29 : كهلاً) تنفيه الوقائع الموثقة . و لا يمكن الكلام عن ماركس بدون انجلز . ماركس و انجلز إمتازا بالمقاربة النقدية العميقة و الملازمة لكل الفكر السائد في شبابهما فاستطاعا بذلك أخذ ماهو صلد فيه فقط و أبعد عنهما الأنقلابات الفكرية المتأخرة تماماً . لذا ، نجد أن ماركس و انجلز قد بقيا متمسكين طيلة حياتهما بجدل هيجل بعد تشذيبه من المثالية و بمادية فيورباخ بعد تفريغها من التأملية الصوفية و يالإقتصاد السياسي بعد نزع شرعنة الاستغلال عنه و بالشيوعية و الحركة العمالية الثورية بعد انتشالهما من الطوباوية و التشرذم . كل هذا حصل و هما في ريعان الشباب و ليسا كهلين . هذا الموضوع لا علاقة له بالإنكار في هذا المقام ؛ بل له علاقة بفضح المحاولات الفاشلة و المتكررة لضرب ماركس الشاب بماركس الشيوعي و ضرب ماركس بانجلز بغية التضليل و تفريغ الفكر الماركسي من ثوريته .
أما اعتماد الأحزاب الشيوعية للإصلاحية و ليس الثورية فهذا موضوع آخر مهم يحتاج لوقفة طويلة .


8 - الاحزاب الشيوعية الاصلاحية ليست ماركسية
طلال الربيعي ( 2017 / 12 / 4 - 12:35 )
عزيزي الرفيق الغالي د. حسين علوان حسين المحترم
اني لم اتحدث عن ضرب. اطروحتي بسيطة وتتلخص, كاعادة, بتقهقر الاحزاب الشيوعية في منطقتنا الى ماركس الشاب, اي انها اختارت الاصلاحية البرجوازية اليسارية كبديل لماركسية ماركس الناضج في التغيير والفعل الثوري. اذن ينبغي على هذه الاحزاب ان تعلن في اي ماركس تعتقد هي: ماركس الشاب الاصلاحي البرجوازي, ام ماركس الناضج الاشتراكي الثوري؟ الجواب يبدو واضحا, فهي اختارت الاصلاح وليس الثورة. احزات تتبنى ماركس الشاب هي ليست احزابا ماركسية لانها اصلاحية واستخدامها لماركس في برامجها هو للاسف لخلط الاوراق وتشويه لسمعة ماركس, لان كل الناس عندما يتكلمون عن ماركس فهم يعنون ماركس الناضج, الثوري وليس الشاب الاصلاحي. ولذا ان الواجب الادبي والاخلاقي لهذه الاحزاب يتطلب منها رفع ماركس من برامجها لانها لا علاقة لها بماركس, ماركس الثوري. واذا لم تفعل هذا فانها ستفقد ما تبقى من مصداقيتها وستكون عرضة لنقد لا يرحم من قبل كل من تعزعليه سمعة وقضية الماركسية والضرورة التي لا غنى عنها في الاحتفاظ بطبيعتها الثورية.
وافر تحياتي


9 - إيضاح ألبنية / 1-3
حسين علوان حسين ( 2017 / 12 / 4 - 13:38 )
الرفيق العزيز الأستاذ قاسم علي فنجان المحترم
تحية مجدده
البنية هي البنية عند الكل : نظام العلاقات القائمة بين الأجزاء المكونة للكل سواء كان هذا الكل ماديا (بناية ، مخلوق ، مركب كيمياوي ، عمل فني ، ماكنة ، تصميم ، إلخ) أو كان فكرياً كالمجتمع ، الاقتصاد ، الفلسفة ، التاريخ .. هذا المفهوم قديم و كل العلوم الصرفة و الاجتماعية تشتغل به . الفكر الماركسي هو فكر بنيوي في الاقتصاد و المجتمع و التاريخ . المشكلة تحصل في المنهج المعتمد في دراسة البنية المعنية و في تحديد مايجب دراسته من مكونات . في الماركسية لدينا شكل علاقات الانتاج و ما يمكن أن تفرزه من صراع طبقي أو شيوعية بلا طبقات و لدينا البناء التحتي و الفوقي لكل شكل . هذا النموذج الجدلي للبنية يشتمل على كل الطبقات الاجتماعية و يفسر سيرورة التاريخ و يتيح خارطة الطريق الوحيدة للمجتمعات للتحرر من كل استغلال لكونه غير اختزالي و يمسك بأقوى محرك عرفته البشرية للعيش و التقدم : الانتاج المادي و ما يولده من مصالح اقتصادية . المنهج الماركسي هنا لا يكتفي بالوصف و التفسير ، بل يريد التغيير الضروري و المطلوب لتحرر الانسان كهدف نهائي .
يتبع لطفاً .


10 - إيضاح ألبنية / 2-2
حسين علوان حسين ( 2017 / 12 / 4 - 14:17 )
عكس هذا المنهج يأتي المنهج التبريري في دراسة البنية الاجتماعية . مثلاً ، كينز ، يقسم المجتمع الرأسمالي إلى قسمين فقط و العلاقات بينهما : العوائل و المتعهدين . في هذا النموذج للبنية الاجتماعية : العوائل و المتعهدون يتشاركون في الانتاج و التسويق و التوزيع و الدولة ليست آلة لتكريس حكم رأس المال ، بل هي حيادية تتولى تنسيق التعاون الإجتماعي .
البنية الكينزية هي بنية مثلما الماركسة هي بنية . و لكن البنية الكينزية تكرس الواقع الرأسمالي عن طريق تزييف حقيقة مكونات بنية المجتمع الرأسمالي بالإلغاء المنهجي لطبقة العمال و الفلاحين و البرجوازيين بغية إلغاء واقع الاستغلال المشهود و المعاش يومياً؛ و البنية الماركسية تفضح استغلال الانسان للانسان في المجتمع الراسمالي و تنادي بالتحرر منه .
إذن يمكن استخدام المنهج البنيوي في تزييف الواقع عبرالتحكم الكيفي بمكونات البنية و التحكم في تحديد الهدف من البحث العلمي : الوصف فقط (مثلما تجزم البنيوية جزماً قاطعا) أم التفسير الصحيح الذي يحدد نوع التغيير الضروري المطلوب ؟ لذا تجد كل البنيويين يسعون لإلغاء الديالكتيك و الغاء هدف الفلسلفة في تفسير الواقع بغية تغييره .


11 - هل هذا إسم جديد لماركس ؟
حسين علوان حسين ( 2017 / 12 / 4 - 14:51 )
الرفيق العزيز الاستاذ الدكتور طلال الربيعي المحترم
ت - 8
تحية متجددة
أهم ما ميز ماركس الشاب كانت ثوريته الحقة التي تواصلت حتى آخر يوم في حياته . يوضح ماركس تكريسه كل حياته للنضال الثوري في متن هذا النص من رسالته التي كتبها عام 1835 لأبيه و عمره 17 سنة .
النص :
- إذا ما اخترنا ذلك الموقف في الحياة الذي نستطيع من خلاله أن نعمل ، أكثر من أي شيء آخر ، من أجل البشرية ، عندها لا يمكن لأي حِمْل أن يَحنينا ، لأن تضحياتنا ستكون لمصلحة الجميع ؛ و عندها لن نعود نجرب أي متعة أنانية تافهة محدودة ، بل ستكون سعادتنا ملكاً للملايين ، و ستبقى أعمالنا حية بهدوء ، و لكنها فاعلة ، و على رمادنا سيذرف نبلاء البشر الدموع السخينة .-
إنتهى النص .
و هل يوجد من عبَّر عن الثورية بأبلغ من هذه العبارات : تكريس الحياة للتضحية في سبيل تحقيق مصلحة كل البشرية ؟
مع فائق الود و الاعتزاز .

اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس


.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم




.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟


.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة




.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا