الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسيون وأكاديميون يدعون لتوحيد الجهد العربي في مواجهة التحديات وعلى رأسها التحدي الإسرائيلي

أسعد العزوني

2017 / 12 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


ناقشت ندوة العلاقات العربية -الإقليمية ..الواقع والآفاق، التي نظمها مركز دراسات الشرق الأوسط، بمشاركة أكثر من 80 شخصية أكاديمية وسياسية من الأردن و6 دول عربية ،العلاقات العربية الإقليمية ،ومستقبلها ضمن ثلاثة مستويات وهي العلاقات السياسية، والاقتصادية، والعسكرية- الأمنية، مع التطرق للمستويات الاجتماعية والثقافية في التحليل بما يُعزِّز توضيح الصورة الإجمالية للعلاقات العربية- الإقليمية.
وفي الجلسة الافتتاحية أكّد رئيس الوزراء الأردني الأسبق أحمد عبيدات على ضرورة أن يستثمر العرب كلّ فرصة في علاقاتهم الإقليمية يمكن أن تصبّ في مصلحة قضية فلسطين والحقوق الوطنية الثابتة لشعبها، باعتبار أنها هي البوصلة.
وأضاف أنّ على الدول العربية دعم صمود الشعب الفلسطيني في أرضه وعدم التواطؤ مع إسرائيل في محاصرة قطاع غزة وممارسة الضغوط على الشعب الفلسطيني للتنازل عن حقوقه، مؤكداً أنّ الشعب الفلسطيني مصمّم على تحرير أرضه والتمسك بحقوقه الوطنية الثابتة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
ودعا عبيدات إلى الحوار والتعاون مع تركيا لما تشكّله من دولة إقليمية أساسية وترتبط مع العالم العربي بالحدود والمياه ممّا يؤسّس لمشاريع تنموية مشتركة تسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، مضيفاً أن التعامل مع تركيا يجب أن يأخذ في الاعتبار الوضع الجيوسياسي وموازين القوى والمصالح في المنطقة، وذلك دون أن "نحمل التاريخ على ظهورنا" على حدّ وصفه.
وحذّر عبيدات من التعامل مع إيران من المنظور المذهبي، معتبراً أنّ هذا الخيار يمثل فخّاً نصبته الدوائر الصهيونية للعرب والمسلمين لإشغال المنطقة بحرب عبثية لا تُعلم نتائجها. ورآى عبيدات أنّ العلاقة مع إيران تمثّل حالة معقدة في ظلّ تدخلّها في العراق وانحيازها للنظام السوري ضد شعبه، لافتاً إلى أنّ القرار في سوريا أصبح قراراً روسياً.
وأكّد عبيدات أن الدول العربية فقدت المبادرة منذ البداية، ولم تكن تمتلك مشروعاً لمواجهة المشروع الايراني في الإقليم وأنّ عليها تبني استراتيجية جديدة للتعامل مع الحالة الإيرانية والعمل على تقليل الخسائر في مختلف الجبهات، معتبراً أنّ وقف الحرب في اليمن هي بداية الخروج من المأزق العربي.
ومن جهته قال رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط جواد الحمد إنّهذه الندوة تأتي بعد مرور عام على انعقاد ندوة العلاقات العربية الدولية التي أثمرت عن تقديم مبادرة متميزة لتطوير وتفعيل العلاقات العربية الدولية وصلت إلى جميع صنّاع القرار في العالم العربي.
وبيّن الحمد أنّ انعقاد هذه الندوة يأتي في ظلّ ظروف صعبة ومتشابكة في الداخل العربي وتداخلاته مع دول الإقليم، ومع مصالح دول العالم فيه، كما تنعقد بعد أكثر من أربع سنوات على اتساع دائرة الأزمات والحروب الداخلية والتدخلات الخارجية.
وشدّد الحمد على أنّ العلاقات العربية الإقليمية تواجه اليوم تحديّات كبيرة وحسّاسة، ومن أبرزها التحدّي الإسرائيلي. كما تتعرض منظومة التفكير العربي للتمزيق، والتشتت بحثاً عن مصالح ضيّقة لبعض النخب الحاكمة، وأحزابها أحياناً أخرى، ما يؤثر تأثيراً بليغاً على مكانة العرب ودورهم في التحوّلات الجارية في منطقتهم، ناهيك عن التحوّلات العالمية وسياسات النظام الدولي بمختلف دوله تجاه المنطقة.
وخلص الحمد إلى أنّ الأزمات العربية مع كل من إيران وتركيا تستنزف قواها ومقدراتها، ولا تزال تسحب من رصيد القوّة لكلّ أطرافها، وقد آن الأوان لوضع حدّ لهذه الصراعات، موضحاً أنه قد ثبت بالتاريخ والتجربة حتى اليوم أنّ النزاعات العربية الداخلية غير ذات جدوى.
كما خلص إلى أنّ وقف الصراعات الدامية في كلّ من سوريا والعراق واليمن وليبيا سوف يشكل مدخلاً مهماً لنوع من التفكير الجماعيّ المشترك، حيث يمكن فتح الآفاق لمسارات أخرى متعددة تنقل العلاقات العربية- الإقليمية إلى موقع متقدم وفعال في حماية الأمن القومي العربي بكل أبعاده.
من جانبه قال وزير الخارجية الأردني الأسبق كامل أبو جابر إن ما تمثله قضية فلسطين بوصفها قضية العرب والمسلمين الأولى، مضيفاً أن إسرائيل تواصل عدوانها واضطهاد الشعب الفلسطيني وسط صمت رسميّ في ظلّ غياب مشروع عربي حقيقي لمواجهة المشاريع التي تتلاعب بالمنطقة.
ورآى أبو جابر أن القوى الإقليمية تتفاوض على مصير العالم العربي الذي يكتفي بالمراقبة والاحتجاج، محمّلاً الأنظمة العربية مسؤولية ما وصلت إليه هذه الدول، وأنّ الفجوة تزداد اتساعاً بين صناع القرار وبين الشعوب.
وتساءل أبو جابر عن آليات معالجة العلاقة مع إيران في ظلّ استمرارها في سياسة التمدّد وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط وباب المندب، إضافةً إلى ضرورة معالجة العلاقات مع تركيا، وبحث المصالح المشتركة معها.
بحثت الجلسة الأولى من الندوة واقع العلاقات العربية– التركية وآفاقها، والتي ترأسها الوزير الأسبق محمد خير مامسر، حيث قدّم الباحث عماد قدورة، الباحث في العلاقات الدولية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في قطر، ورقة حول الأبعاد السياسية للعلاقات العربية– التركية ركّز فيها على التحول المهم الذي تشهده السياسة التركية حاليًا في المنطقة العربية، والمتمثل باللجوء لسياسة القوة، وذلك بعد تضرّر دورها الإقليمي وتزايد فاعلية أطراف دولية وإقليمية أخرى، وذلك من أجل تصحيح ميزان القوى، ومواجهة التهديدات الإقليمية المتصاعدة.
كما ناقش قدورة العوامل المحلية في تركيا التي ساهمت في هذا التحول. فبعد تغيير شكل النظام السياسي التركي منذ الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وبعد تجاوز المحاولة الانقلابية، استطاع حزب العدالة والتنمية التخلص من كثير من العوائق التي يمكن أن تعوق سياساته، ومنها سياسة القوة ضمن المنهج الواقعي؛ كالتدخل العسكري ونشر القواعد العسكرية خارج الأراضي التركية.
فيما تناولت الدكتورة سامية غربي الأستاذة المساعدة في جامعة قسنطينة 2 بالجزائر العلاقات العربية- التركية في مجال الطاقة والاستثمار، وتحدثت حول حالة الجزائر كنموذج لهذه العلاقات مشيرة إلى أن حجم الاستثمارات التركية في الجزائر بلغ عام 2016 نحو 12.2 مليار دولار، فيما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2016 حوالي 4 مليار دولار، وشكّلت نسبة الصادرات التركية إلى الجزائر ما نسبته 4% من إجمالي الصادرات التركية، فيما شكّلت نسبة الصادرات الجزائرية إلى تركيا 2.1% من إجمالي الصادرات الجزائرية.
وأوصت الدراسة التي قدمتها غربي بعدّة مجالات يمكن من خلالها تعزيز العلاقات الاقتصادية بين كلّ من الجزائر وتركيا، وأهمها، المجال الزراعي بحيث يمكن للجزائر الاستفادة والاستعانة بالخبرات التركية في الزراعة والتصنيع الغذائي ومشروعات استصلاح الأراضي للزراعة سواء للحبوب أو الأشجار المثمرة بما في ذلك حفر الآبار وجر المياه إليها.
وفي المجال الصناعي أشارت إلى إمكانية التعاون في المشاريع الهندسية والصناعية كصناعة المركبات والشاحنات ومعدات النقل والقاطرات والجرارات والآلات الزراعية والإطارات وقطع الغيار والسفن وقوارب الصيد والألبسة والجلديات والأثاث وغيرها، لإضافة إلى التعاون في المجال التجاري في مجال وسائل النقل البري والجوي والبحري من أجل دعم تدفق التجارة وتطوير العلاقات في مجال السياحة دون إهمال المشروعات الاستثمارية السياحية المشتركة كالفنادق والمنتجعات الصحية والمدن الترفيهية وغيرها.
وفيما يتعلق بالعلاقات العربية– التركية والصراع العربي الإسرائيلي، تحدث الدكتور سعيد الحاج الباحث الفلسطيني في الشؤون التركية حول عدة متغيرات، قائمة حالياً أو محتملة مستقبلاً، يمكن أن تفتح آفاقاً لدور تركي أكثر نشاطاً وتأثيراً في القضية الفلسطينية ولصالحها، مثل اتجاه بوصلة سياستها الخارجية نحو الشرق (روسيا والصين وإيران) بالتوازي مع توتر علاقاتها مع حلفائها الغربيين أي الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، إضافة لعامل داخلي مهم يتمثل ببدء تطبيق النظام الرئاسي في البلاد في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، وعوامل إقليمية مرتبطة بالعلاقة مع مصر وإسرائيل وحلّ الأزمة السورية وغيرها.
وتخلص الورقة التي قدّمها الحاج إلى أن قرار السياسة الخارجية التركية سيمتلك قوة وسرعة أكبر في وتحرره أكثر من ضغوط المحور الغربي الذي احتكر التأثير عليه لعقود عديدة، سيما لصالح علاقة متميزة بين تركيا وإسرائيل، مما يعني فتح آفاق ممكنة لدور تركي نشط وإيجابي في القضية الفلسطينية، الأمر الذي يضع الأطراف الفلسطينية أمام مسؤولية دعم هذا المسار وتشجيعه وتعزيزه وإسناده.
فيما بحثت الجلسة الرابعة من الندوة العلاقات العربية– الإيرانية، حيث ترأس الندوة الوزير الأسبق صالح ارشيدات، وقدّم فيها الدكتور محجوب الزويري أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة قطر حول الأبعاد السياسية للعلاقات العربية– الإيرانية.
وخلصت الدراسة التي قدمها الزويري إلى عدد من النتائج فيما بتعلق بالعلاقات الإيرانية- العربية، ومن أبرزها؛ أن إيران تعدّ الملف السوري مدخلاً للتعامل مع ملفات المنطقة الأخرى، كما تعدّ أن موقفها الداعم للنظام السوري غير قابل للتفاوض، لأنها ترى في سقوط النظام تراجعاً لمجمل نفوذها في الإقليم، وخصوصاً في العراق ولبنان. وبعد الاتفاق بين إيران ومجموعة 5+1 حول الملف النووي الإيراني تغيرت قراءة إيران للمشهد السوري، حيث أصبحت تطلق على وقوفها وراء النظام السوري بوصفه جزءاً من الحرب على الإرهاب العالمي.
كما اعتبر الزويري أن محركات التغيير الجديدة في المنطقة منذ الربيع العربي أثرت في التحالفات الاستراتيجية وصعود قوى إقليمية وحضور جديد لقوى دولية في المنطقة، مما كان له انعكاسات سلبية العلاقات الإيرانية- الفلسطينية، وتراجع علاقة إيران بحركة حماس.
وخلص الزويري إلى أن الأزمة الخليجية لعام 2017 أحدثت في المقابل انعكاسات إيجابية على مسار القضية الفلسطينية، وعلى علاقة حماس بكلٍّ من إيران وتركيا ومصر، وأنها ساهمت في تعاظم السياسة الإيرانية في المنطقة؛ حيث دفعت هذه الأزمة إيران إلى الصدارة من خلال دفع العلاقات إلى التحسن بين الدوحة وطهران رغم الاختلافات السياسية الحقيقية حول الأزمة في سوريا.
وفي ورقة بعنوان الأبعاد العسكرية والأمنية في العلاقات العربية– الإيرانية (السعودية نموذجاً) للدكتور عبدالكريم كيبش والباحثة حسنا عبد الحق من جامعة قسنطينة بالجزائر، وقدمها الدكتور خالد شنيكات أستاذ العلوم السياسية، توقع الباحثان فيها مزيداً من التصعيد في الصراعات الحالية بين إيران السعودية في الشرق الأوسط وفي سوق النفط، كما تتوقع أن تكون السعودية حريصة على حصر الصراع بينها وبين إيران فيما يمكن وصفه بمتغيرات الحرب الباردة، إلى جانب توسيع نطاق التحالفات السعودية في جنوب آسيا وفي آسيا الوسطى إلى جانب تعميق العلاقات مع كل من مصر وتركيا.
وعلى الصعيد الإيراني توقع الباحثان أن تزيد إيران من شحن وتعبئة الطائفة الشيعية في الخليج وفي المنطقة الشرقية السعودية على وجه الخصوص، ومع ذلك ترى الدراسة أن احتمالات التهدئة ليست منعدمة تماماً.

وتناولت الندوة 13 بحثاً وورقة، حيث تضمن اليوم الثاني للندوة عقد ثلاث جلسات تناولت الاولى منها بحث العلاقات العربية -الإسرائيلية، وتناولت الجلسة الثانية العلاقات العربية - الإفريقية، فيما تناولت الجلسة الثالثة مستقبل العلاقات العربية الإقليمية وآفاقها المستقبلية.

وأكد المشاركون في الندوة على ضرورة تركيز الجهد العربي المشترك وتوحيده لمواجهة التحديات الأساسية التي تواجه العلاقات العربية- الإقليمية، والتركيز على التحدي الأساسي الذي يهدد الأمن القومي العربي وهو التحدي الإسرائيلي، وأهمية التنسيق والتفاهم العربي إزاء محاصرة التمدد الإسرائيلي وغيره في المحيط الحيوي العربي وخاصة في أفريقيا لما له من انعكاسات استراتيجية على المصالح والأمن العربي.
كما دعت الندوة التي شارك فيها 80 شخصية أكاديمية وسياسية من الأردن و6 دول عربية إلى تجنب الاستجابة لأي ضغوط دولية تزيد من حالة استنزاف الداخل العربي أو التورط في صراعات مع إيران وتركيا، وحلّ المشاكل العربية البينية وتوحيد المواقف تجاه القضايا البينية أو تجميدها بما يخدم علاقات العرب الإقليمية خاصة مع دول الجوار الأفريقي.

وطالب المتحدثون خلال الندوة التي عقدت على مدي يومين بإعادة النظر في المعاهدات مع إسرائيل، وعدم انجرار دول عربية أخرى إلى إقامة أي علاقات مع إسرائيل، أو التفكير بالتحالف والتنسيق معها ضد أطراف إقليمية أخرى، معتبرين أن العلاقات العربية مع إسرائيل سواءً بمعاهدات السلام أو بالسلام البارد أو بأي شكل من أشكال العلاقة لم تثمر في خدمة المصالح العربية والأمن القومي العربي ولا القضية الفلسطينية.

كما أكّدوا على ضرورة استعادة القوة العربية في محيطها الحيوي الإسلامي والأفريقي، لتقوية الوزن العربي الإقليمي والدولي، بما في ذلك تفعيل الدبلوماسية الشعبية والدور الشعبي لتطوير وتفعيل العلاقات العربية في محيطها الحيوي الإقليمي الآسيوي والأفريقي، والعمل على تحسين الصورة الذهنية للعرب في دول جنوب الصحراء وإثيوبيا، وكذلك في إيران وتركيا، عبر وسائل الإعلام والتبادل الثقافي وتطوير السياحة والمشاريع الاقتصادية المشتركة.

ودعا المنتدون إلى إنشاء منتديات رسمية وغير رسمية للحوار وإعادة بناء العلاقات بين العرب وكل من إيران وتركيا وإثيوبيا ودول جنوب الصحراء، و مشاركة مراكز الأبحاث ومراكز التفكير في بلورة وصناعة القرار العربي القطري والقومي.

وفي اليوم الثاني من الندوة بحثت الجلسة الثالثة العلاقات العربية – الإسرائيلية والتي ترأسها المساعد الأسبق لأمين عام الجامعة العربية محمد صبيح، حيث تناولت الورقة الأولى من الجلسة العلاقات المصرية– الإسرائيلية والتي قدمها الدكتور مصطفى علوي أستاذ العلوم السياسية من جامعة القاهرة واستعرض فيها تأثير الثورات العربية على العلاقات العربية- الإسرائيلية.
وخلص علوي إلى أنّ حاضر ومستقبل العلاقات العربية الإسرائيلية، وبخاصة الحالة المصرية يعتمد على تطورات المنطقة، وأنّ حالة الدول العربية الراهنة لن تسمح لها بأن تكون فاعلة ومؤثرة في تطورات العلاقة العربية الإسرئيلية، مع الإشارة إلى أن هذا الهدف ليس مستحيلاً ولكنه سيكون صعباً، ويحتاج إلى تطوير لفعالية حركة المؤسسات العربية المعنية بصنع وإنتاج وتنفيذ رؤى فعّالة تستهدف تعزيز وتقوية الدور المصري والرؤية المصرية للعلاقات مع الكيانات الإقليمية، ومنها "إسرائيل".
واعتبر علوي أن معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية لم تقد إلى أيّ تغيير فكري أو جوهري في العلاقات المصرية- الإسرائيلية، وأن ما ترتب على هذه المعاهدة تمثّل في عدم نشوب حروب بعد عام 1973.
فيما تحدث الوزير الأسبق الدكتور أمين مشاقبة أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية حول العلاقات الأردنية – الإسرائيلية، مستعرضا تاريخ هذه العلاقات وبدءها رسميا مع توقيع معاهدة وادي عربة عام 1994.
واعتبر مشاقبة أن العلاقات الأردنية- الإسرائيلية تتأثر بمجموعة من القضايا الأساسية وهي، فكرة الوطن البديل، المستوطنات، قضية الجدار العازل، قضية اللاجئين، استهداف المدنيين، والقدس.
و خلص مشاقبة إلى أن إسرائيل لم تتقيد ببنود معاهدة السلام الموقّعة مع الأردن، وأن العلاقات قد تشهد توتراً متوقعاً لاعتبارات التهديدات المتسمرة بالتلميح أو التصريح التي تصدر عن جمعيات ومؤسسات رسمية وغير رسمية، وكذلك عن أعضاء في الكنيست الإسرائيلي، وللدعوة إلى حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن، وللممارسات الإسرائيلية في القدس، ومحاولة إسرائيل طمس معالم المدينة المقدسة العربية والإسلامية، وخرق الاتفاق الأردني والإسرائيلي بشأن المقدسات، وللرفض الإسرائيلي المطلق لحقّ العودة للاجئين الفلسطينيين.

وبحثت الجلسة الرابعة للندوة والتي أدارها الدكتور علي محافظة المؤرخ وأستاذ الشرف في الجامعة الأردنية العلاقات العربية مع إثيوبيا ودول الجوار الأفريقي، فتناولت الورقة الأولى للجلسة التي قدمها الدكتور عبد السلام بغدادي أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد واقع علاقات المشرق العربي ووادي النيل مع دول جنوب الصحراء الأفريقية منذ استئناف عقد القمم العربية- الأفريقية المشتركة عام 2010 وحتى الآن.

وأشار بغدادي إلى الأهمية الاستثنائية التي تتمتع بها أفريقيا عموماً، وبلدان القرن الأفريقي وشرق أفريقيا على نحو خاص، سواءً من حيث الموقع أو الثروات المائية والنفطية والزراعية والحيوانية والمعادن، وتحركات كل من نركيا وإيران وإسرائيل وأوروبا و الولايات المتحدة في إفريقيا لدوافع مختلفة.
وأوصي بغدادي الطرفين العربي والإفريقي بضرورة إيلاء الشراكة العربية الأفريقية أهمية كبيرة بما يخلق فضاءً استراتيجياً مشتركاً، والتصدي لأي تحركات دولية أو إقليمية في إفريقيا في حال إضرارها بالعلاقات العربية الإفريقية .
فيما قدم الدكتور عمار جفال رئيس وحدة البحوث والدراسات في العلاقات الدولية في جامعة الجزائر ورقة حول الأبعاد السياسية للعلاقات بين دول الشمال الإفريقي العربية مع دول جنوب الصحراء معتبراً أن هذه العلاقات اتسمت بقدر كبير من التواصل، وباستثناء التوترات التي نجمت عن نشاط النظام الليبي في عهد القذافي، كما شهد التمثيل الدبلوماسي لأقطار المغرب العربي بالقارة تطوراً ملموساً مند الاستقلال، مع ارتباطه بعاملين اثنين، وهما الإمكانيات المادية ودرجة الانخراط السياسي في قضايا القارة، مع ضعف العلاقات الاقتصادية.
واعتبر جفّال أن الانسجام العام المحدود بين مواقف الأقطار العربية في شمال القارة ضمن القضايا السياسية الشاملة أدّى إلى أشكال من التنافس الصامت أحياناً والمعلن أحياناً أخرىما أدى إلى أن تتكرّر مع القارة الأفريقية نفس السياسات التي اتبعتها مع الاتحاد الأوروبي؛ أيْ السياسات الوطنية بدلاً من السياسات التكاملية القائمة على أساس قدر من التنسيق الإقليمي المغاربي، وهو الأمر الذي يعمّق من هشاشتها ويزيد من نسبة خسارتها السياسية والاقتصادية الناجمة عن استمرار حالة "اللامغرب" على حد وصفه.
وفي ورقة بعنوان العلاقات العربية الإثيوبية تناول الدكتور بدر الشافعي خبير الشؤون الإفريقية العلاقات العربية مع إثيوبيا باعتبارها الدولة القائد في منطقة الشرق الأفريقي وارتباطها بعلاقات تاريخية ودينية وجغرافية، وأمنية واقتصادية بالعرب، وما وصفه بالعلاقة المتباينة الصراعية والتعاونية والحيادية بين الدول العربية وإثيوبيا، وأخيراً أبرز التحديات التي تواجه العلاقات.

وأوصى شافعي بوضع إطار سياسي عربي موحد للعلاقة مع الأفارقة بصفة عامة، والعلاقة مع الدول المفصلية مثل جنوب أفريقيا، نيجيريا، إثيوبيا بصفة خاصة، والتوقف عن بثّ الكراهية أو الصورة الذهنية السلبية لكلا الطرفين عن الآخر، والتركيز على الجوانب الإيجابية، وتبني حملات إعلامية تكرّس هذه الإيجابيات، إلى جانب زياده الاستثمارات وحجم التبادل التجاري مع إثيوبيا، خاصةً مع دول الخليج.

وبحثت الجلسة الخامسة للندوة التي أقيمت بعنوان "مستقبل العلاقات العربية-الإقليمية: محددات وآفاق المستقبل" وأدارها الدكتور موسى بريزات المفوض العام للمركز الوطني لحقوق الإنسان، اعتبر وزير الخارجية السوداني الأسبق الدكتور مصطفى عثمان أنّ مؤسسات العمل العربي المشترك، كجامعة الدول العربية، ومجلس التعاون الخليجي، والاتحاد المغاربي، تقف الآن عاجزة عن فعل أي شيء إزاء النزاعات التي تعصف بالوضع العربي، فضلاً عن أن تفعل شيئًا في مواجهة التدخلات الخارجية والتمددات الإقليمية في المصالح العربية، بالرغم من أنها أُسِّست ليكون لها دور تكاملي وتوحيدي تبرز من خلالها الدول العربية كمحور أساسي ضمن المحاور الإقليمية.

واعتبر عثمان أن التحديات التي تواجه المنطقة العربية لا يمكن أن ترقى إلى كونها تحدياً وجودياً رغم حجم الصعوبات والتحديات التي تجعل العرب وتجعلهم عاجزين عن اللعب بدور فعّال في النظام الإقليمي، مشيراً إلى أن القوى الإقليمية الفاعلة كإسرائيل وإيران وتركيا يمكن التعامل معها من خلال قراءة الحاضر والمستقبل والتخطيط السليم في التعامل معهم.

وأكد عثمان على ضرورة أن تتوافر في المشروع العربي استراتيجية للإصلاح الشامل، تستند على معالجة الاختلالات البنيوية والهيكلية في الاقتصاد، وإنهاء النزاعات العربية– العربية، وتعزيز مؤسسات العمل العربي المشترك وإنشاء مؤسسات لفض النزاعات، وتوحيد المواقف العربية تجاه القضايا العربية الكبرى كالقضية الفلسطينية والقضايا الإقليمية والدولية، وتحديد القضايا الإقليمية مثل قضايا مكافحة الإرهاب والتطرف والمجموعات الانفصالية والتدخلات الخارجية باعتبارها قضايا تهم الأمن والاستقرار في المنطقة وتمسّ العرب والشركاء الإقليميين وتوحيد الموقف حولها، ولتكون مدخلاً لاستراتيجية إقليمية يكون العرب ضلعاً فاعلاً فيها.
فيما اعتبرت الدكتورة نورهان الشيخ أستاذة العلاقات الدولية في جامعة القاهرة وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية أنّ العلاقات العربية الإقليمية تموج بالعديد من الإشكاليات التى تزداد حدة وتعقيداً بفعل التعقيدات فى الداخل العربي ومحيطه الإقليمي وسياقه الدولي، مما يجعل من الصعب رسم خط واضح لاتجاه العلاقات العربية الإقليمية مستقبلاً.
وأكدت الشيخ أن مستقبل العلاقات العربية الإقليمية سيبقى رهناً بالإرادة العربية ومدى قدرتها على إعادة البناء الداخلي والإنطلاق بقوة ورؤية مشتركة لمراجعة علاقاتها مع القوى الإقليمية على النحو الذى يعظم الشراكات ويحدّ من التحديات التى تمثلها سياسات ومواقف هذه القوى وتدخلاتها فى العالم العربي.
وأشارت الشيخ إلى أن إعادة صياغة هذه العلاقات فى المستقبل يعتمد إلى حدّ بعيد على نجاح الدول العربية في تجاوز أزماتها وعدم الاستقرار الذى يجتاحها، واستعادة قوّة الداخل بها من ناحية، وتجاوز الخلافات العربية العربية، والوصول إلى حدّ أدنى من التوافق والمشتركات فيما يتعلق بالقضايا العربية، وبالعلاقات العربية مع المحيط الإقليمي، وأنه ليس من المتصور أن تنجح الدول العربية مستقبلاً فى بناء علاقات متوازنة مع القوى الإقليمية دون ذلك.
كما اعتبرت الشيخ أن تركيا ستظل حليفاً أكثر منها تهديداً بالنسبة لغالبية الدول العربية لا سيما دول الخليج، وأن عدد من الدول العربية ستظل تنظر إلى طهران على أنها تهديد مباشر لأمنها القومي خاصة السعودية والبحرين والإمارات، فيما ستظل القضية الفلسطينية ستظلّ موضع إجماع العرب، مع الحاجة إلى تحرك عربي ضاغط في مواجهة السياسات الإسرائيلية، وطالبة البعض فى هذا الإطار بسياسات عربية نشطة لملاحقة "إسرائيل" في المنظمات الدولية المختلفة.
كلام الصورة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح