الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تشريع قانون بيع المخدرات .

صادق العلي

2017 / 12 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


في اجراء روتيني مُتبع لتعديل او أضافة او إلغاء بعض القوانيين , يُصار الى التصويت شبه الرسمي تقوم به مراكز البحوث والجامعات , تأخذ الجهات الرسمية عملية التصويت هذه بنظر الاعتبار في التعامل مع القوانيين المطروحة للنقاش .
كنت من بين الذين شملهم التصويت على ( تشريع قانون بيع المخدرات ) , فبين مشاركتي بالتصويت من جهة وبين ولون بشرتي وخلفيتي الاثنية والاجتماعية من جهة اخرى , كانت هناك جلسة نقاش بيننا نحن الذي شاركنا بالتصويت , فلقد شعر بعض الاصدقاء بالاستغراب من موقفي حيال القانون لذلك طرحوا علّي بعض الاسئلة اغلبها كان متوقعاً بالنسبة لي .
لانني كنت من بين الموافقين على تشريع قانون بيع المخدرات بشكل رسمي , ايضاً كنت من المؤيدين لمنح تراخيص لمحلات بيع المخدرات او من ضمن المحلات التجارية الكبيرة وفق القانون , على ان يشمل تشريع قانون الاعمار التي يمكنها ان تتعامل بها .
كانت الاسئلة الموجهة لي من المشاركين بالتصويت تدور اذا ما كنت مدمناً على المخدرات واحاول ان تكون متوفرة , او انني انشر الرذيلة والفساد في العالم , او ادعم القوى الاستعمارية العاليمة التي تحتل البلدان بشتى الطرق ,بشكل عام كانت الاسئلة تدور في محورين اساسيين هما الدين والمجتمع على الرغم من اختلاف جنسيات وثقافات واديان الحضور في تلك الجلسة .
كانت اجوبتي :
انا لا اعرف شكل او طعم اي نوع من انواع المخدرات الكثيرة , الموضوع اكبر من مجرد شخص يتناول جرعة مخدرات هنا او هناك , انها التجارة الاكثر رواجاً والاكثر تداولاً بين سكان العالم , هناك مليارات المليارت من الدولارات تُدار في الخفاء والتي تحرم المواطن من الحصول على الكثير من حقوقه , تخيلوا لو يدفع تجار المخدرات ضرائب على بضاعتهم مثل اي مهنة اخرى , كذلك يدفع الذين يتناولوها والارض التي تُزرع فيها والمعامل التي تنتجها وتوصلها , الا تلاحظون انها اكبر عملية تداولية لاموال المجتمعات بيد بعض العصابات , من المهم جعل هذه المليارات تحت انظار الحكومات افضل بكثير من ان تكون في جيوب تجار المخدرات .
الرأي العام والحكومات لا يعرفون طريقة تنقلات تجارتهم ولاحجم ثروات زعماء العصابات , كل الاشياء مُبهمة في عالم المخدرات الغريب , كل ما نعرف عن هذا العالم المجهول اما شخص مُدمن يسقط سهوا بيد رجال الامن في المطار او كلب بوليسي يكتشف شحنة مخدرات على الحدود , انا هنا لا اقول بأن رجال الحكومات ملائكة وتجار المخدرات شياطين لا بالعكس فأنا اتوقع ان تكون اسماء كبيرة في بعض حكومات العالم قد انشأت وتدير هذه الشبكات وتعتبرها جزء من لعبتها السياسية , لذلك اتمنى ان يكون هناك قانون خاص بهذه التجارة كي يسيطر على حركة المليارات من الدولارات ايضاً يسيطر على عدم سقوط ضحايا اكثر بيد تجار المخدرات والجنس , ناهيك عن ان هكذا قوانين تحدد علاقة المنتج التجاري بالمواطن بوصفه مستهلكاً, ايضاً مساعدة من يريد التوقف عنه اذا ما وصل الى درجة الادمان ومعالجته .
لا يجب ان ننسى بأننا نتناول تجارة قائمة وموجودة بيننا بشكل كبير جداً , ولا ننسى عدم وجود احصائيات حقيقية ودقيقة بخصوص من ينتجها او ينقلها او من يتناولها او الذين يعانون من ادمانها , هناك بعض تقارير الامم المتحدة الرسمية او بعض تقارير لمنظمات المجتمع المدني غير الرسمية تؤكد بأن المخدرات يتم تداولها بشكل كبير بأكثر من 130 بلد حول العالم !, وان اكثر من 10% من سكان العالم يعتبرون في عداد المدمنين !, واكثر من هذه النسبة تناولوا المخدرات ولو لمرة واحدة او في طريقهم الى الادمان , تقارير اخرى تقول ان واحد من كل ستة اشخاص حول العالم مدمن على احد انواع المخدرات , لكن تبقى هذه الارقام غير مؤكدة لانها تتعامل مع مادة محظورة قانونياً واجتماعياً ودينياً , بمعنى يمكن ان تكون الارقام الحقيقية اكثر بكثير من الارقام المعلنة وليس العكس , هناك الارقام لا يستهان بها ممن يفضلون الانتحار على كشف امرهم خصوصاً في بعض المجتمعات الشرق الاوسط , بالفعل هناك حالات انتحار جراء ادمان المخدرات كان الخوف من افتضاح امر المدمن هو الدافع للانتحار , ففي اغلب المجتمعات ( الشرق الاوسط بالتحديد ) لا توجد مراكز علاج الادمان ولا توجد فرصة للتخلص منها لان الحكومات هناك تعامل المدمن على انه مجرم ويصار الى الحكم عليه بالسجن لفترات طويلة .
تجار المخدرات الكبار وزعماء العصابات والمافيا العالمية , يحاربون من اجل عدم تشريع قانون خاص بتجارتهم , فهم يسيطرون على سوق المخدرات ( زراعة وانتاج وادمان ) بعيداً عن التشريعات والقوانين التي يعرفون جيداً كيفية الالتفاف عليها التخلص منها , ثم ان ثرواتهم بعيدة عن اعين القانون وغير معروفة للحكومات وبالتالي لا يدفعون ضرائب وغير خاضعة لحسابات المجتمع البتة , مرة اخرى عصابات المخدرات الكبيرة والمافيا العالمية في امان طالما بقيت هذه المخدرات بدون قوانين وبدون رادع او رقيب يسيطر عليها وعليهم , انهم يتصرفون ويتحركون وكأنهم خارج الزمن او فوق القانون .
لقد فشلت حكومات العالم والاديان في جميع المجتمعات من السيطرة على المخدرات او مكافحتها والحد منها بل بالعكس هي تنتشر اكثر وتتسع رقعة زراعتها ونقلها وتناولها , هذا الانتشار الكبيرة خلال القرن المنصرم بالتحديد قام وفق خطط مدروسة من قبل المافيا والعصابات استخدموا فيه التكنولوجيا الحديثة وأستخدموا ايضاَ الناس البسطاء والساسة , وصل الامر بهم الى التلاعب بأقتصاد الدول ( كما في قضية بابلو اسكوبار مع الحكومة الكولومبية من جهة او مشكلته مع الحكومة الامريكية من جهة اخرى ).
الجميع يوافقني على المعلومات التي طرحتها كما وافقني الاصدقاء في جلسة ما بعد التصويت , لانها معلومات حقيقية والجميع يعرفها ويعرف شخص واحد على اقل تقدير مدمن او يتعاطى اي من انواع المخدرات , ولكن الجميع يصر على عدم الخوض في هذا الموضوع او التصويت بنعم لاخضاع هذا الافة لقانون يحد منها على اعتبار ان مواجهة المشكلة افضل من الجري امامها , واخيراً لا احد يتمنى ان تكون المخدرات في متناول اليد بهذه السهولة ولكنها بالفعل موجود في متناول الجميع ومن السهولة الحصول عليها .
صادق العلي - ديترويت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: حماس تمارس إبادة جماعية ورفضت جميع المقترحات المتعل


.. الدكتور مصطفى البرغوثي: ما حدث في غزة كشف عورة النظام العالم




.. الزعيم كيم يشرف على مناورة تحاكي -هجوماً نووياً مضاداً-


.. إيطاليا تعتزم توظيف عمال مهاجرين من كوت ديفوار وإثيوبيا ولبن




.. مشاهد جديدة وثقتها كاميرات المراقبة للحظة وقوع زلزال تايوان