الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسارات ثورية مغاربية و عربية لم تكتمل بعد...

عبد الغني القباج

2017 / 12 / 8
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


"الثورات" التي عاشتها وتعيشها شعوب مغاربية وعربية منذ نهاية 2010 كانت عفوية وبدون قيادة سياسية ومن صنع شباب أكسبه واقع الاستبداد والفساد الذي دام عقودا وعيا سياسيا ديمقراطيا، شباب غير منظم سياسيا أو منظم حزبيا أو محزب و في نفس الوقت غير منضبط للحزبية الضيقة؛ كل ذلك يؤكد أن ثورات وانتفاضات الشعوب المغاربية والعربية لا زالت آنذاك في مرحلة التشكل وفي بدايتها رغم مرور سنوات معدودة؛ لأن الثورات لا تقاس ببضع سنين بل بعقود وأكثر.
ونظرة نبيهة لتاريخ ولمسارات ثورات الشعوب في العالم ضد الاستبداد ومن أجل الحرية والديمقراطية والاشتراكية تؤكد أنها عاشت مسارات سياسية ومجتمعية متوترة وانتفاضات وحروب أهلية ومآسي وصراعات سياسية وثورات مضادة وانقلابات وثورات جديدة دامت هذه الصيرورات عقود وعقود قبل أن تحقق بعضها الديمقراطية والحرية أو الاشتراكية.
وهذا ما يحدث الآن في ليبيا وتونس ومصر وسوريا واليمن والمغرب غيرها. قد تنجح الثورات والسياسات المضادة لتحرر الشعوب، لكن الصيرورات الثورية ستستمر والتاريخ لن ينتهي بنجاح الثورات والسياسات المُضَادَّة لأن أسباب التخلف الاجتماعي والاقتصادي والثقافي وسياسية سلطوية الطبقات الحاكمة واحتقارها للشعوب وفرض واقع الاستبداد والتخلف الذي ثارت و لا زالت ضده الشعوب، كما لا زال مستمرا التناقض الأساسي بين قوى الديمقراطية والقوى الرجعية الاستبدادية، ولا زال مستمرا وعي الشعوب بطموحاتها الديمقراطية والتحررية. وبالتالي وعي وواقع هذه الشعوب لا زال حابلا مستقبلا بموجات ثورية جديدة لاستكمال تحررها من سلطوية الحكام ومن سيطرة الامبريالية.
وبالنظر إلى تجارب ثورات الشعوب في العالم فإنها دامت لعقود كالثورة الفرنسية، بدأت سنة 1789 واستمرت إلى سنة 1848 ودخلت صيرورة تراجعات وتطورات مستمرة. ولم يتحقق التصويت للنساء إلا سنة 1945 في فرنسا. كما أن الثورات الأمريكية، الروسية، الصينية، والكوبية والفييتنامية، والسندينية والإفريقية وغيرها امتدت لسنوات، بل ولعقود.. ولنا فيها أمثلة ودروس.
وبالتالي نعتبر أن "الثورات" والانتفاضات التي تعرفها الشعوب العربية والمغاربية لم تكتمل، وتشكل منعطفا تاريخيا يمكن أن تتبلور في صيروراته الطويلة الأمد قوى ثورية من داخل الطبقات الشعبية وقوى اليسار والقوى الديمقراطية السياسية والثقافية والنقابية والمدنية لإعادة تشكيل قوى يسار وقوى ديمقراطية بمراجعة تصورها وبلورة وعي ورؤية سياسيين ديمقراطيين ثوريين جديدين وثقافة سياسية جديدة وفكر جديد وممارسة جديدة تعيد النظر في الماضي السياسي الفكري والثقافي و الممارسات السياسية للقوى اليسارية والديمقراطية، وتتبني صيرورة جديدة بديلة لعملية التغيير المجتمعي الديمقراطي الحقيقي والفعلي.
وقد سَاءَلتْ ثورات وانتفاضات الشعوب المغاربية و العربية، التي لا زالت في موجتها الأولى، قوى اليسار وقوى الديمقراطية، في ما يخص الضرورة التاريخية لإعادة تشكيل جديدة لتصوراتها ولمواقفها ولممارساتها السياسية والتنظيمية بارتباط عضوي بالطبقات الشعبية باعتبار هذه الطبقات هي القوة الاجتماعية الحاملة لقوة التغيير والحافز الموضوعي للضرورة التاريخية لوحدة القوى اليسارية الراديكالية والقوى الديمقراطية الحقيقية في جبهة ديمقراطية حتى لا تعيد، في المستقبل، نفس أخطاء الممارسة السياسية والتنظيمية، و حتى لا تعيد نفس التناقضات بينها التي تعيق وحدتها وتُدْخِلها في صراعات ثانوية تتمظهر وتمارس، خطأ، كتناقضات أساسية.
وبالتالي إن مستقبل تحرر الشعوب وخصوصا الطبقات الشعبية الكادحة والمحرومة يفرض على القوى اليسارية والديمقراطية الحقيقية إعادة نظر جذرية في أولوياتها السياسية والفكرية وإعادة النظر في ممارستها السياسية والتنظيمية كي تشكل الطبقات الشعبية التي تنتج ثروات البلاد (طبقة عاملة وفلاحين وفلاحات فقراء وأجراء وأجيرات محدودي الدخل) وعموم الفئات الشعبية الكادحة والمحرومة قوتها وقاعدتها الاجتماعية الديمقراطية الأساسية.
إنه الدرس الجوهري الذي على القوى اليسارية والديمقراطية الحقيقية إدراكه لتوجيه ممارستها السياسية والاجتماعية والمدنية وفق خلاصات هذا الدرس للإجابة العملية على سؤال "ما العمل لتنظيم طموحات الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء وعموم الكادحين و تعميق وعيها السياسي الطبقي والديمقراطي وفرز قياداتها المكافحة؟".
إن الوعي بدور الطبقات الكادحة والمحرومة البروليتارية هو الذي ساهم في ظهور حزب "سيريزا" الذي توحدت داخله عدد من القوى اليسارية الراديكالية بقيادة أليكسيس تسيبراس وتحول إلى أول قوة سياسية في اليونان، كما أفرز واقع الشعب الإسباني حركة "بودبموس" اليسارية الراديكالية التي أصبحت ثالث قوة سياسية في إسبانيا.
إننا نعي أن واقع وتطور الصراع الطبقي وميزان القوى (les rapports de forces) الخاص بالمجتمع اليوناني وبالمجتمع الإسباني لا يمكن أن نطبقه على المجتمع المغربي والمجتمعات العربية والمغاربية وغيرها؛ مع أن القوانين العامة للتغيير الديمقراطي و لثورة الطبقات الكادحة الشعبية تبقى مشتركة وموحدة في جميع المجتمعات البشرية ضد الاستغلال الطبقي والاستلاب والسيطرة الرأسمالية الامبريالية وطبقة البرجوازية الكمبرادورية المحلية وضد الاستبداد. إنها جدلية الخاص والعام في القوانين العامة والخاصة للتغيير وللثورة الاجتماعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب


.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in




.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا




.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي