الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التأثيل: فكرة الأصالة عند العلامة عبدالله الطيب

المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)

2017 / 12 / 9
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


العلامة عبدالله الطيب لا يتحايل الكلام فهو مجد في اللغة، لكنه للغته قلبان قلب للشعر وقلب للقواعد، (وثالث ورابع لتدريس اي منمها) فهما قلبان ومختلفان، يلبسانه التناقض في أسلوب وموضوع علمه الواسع في شؤون اللغة العربية، وفي أسلوب تفكيره في أمورها وفي أمور الحياة معها.


يبدو لي ان العلامة عبدالله الطيب -كما هو حال أكثر الناس والعلماء- عالم من أهل المثاني أي أهل التفكير بالمقارنة بين شيئين (الليل والنهار، الصحيفة والكتاب، السيف والقلم، ..إلخ) وأنه ضد أفكار التقدم والمعاصرة بين جزئيات الحياة إذ كان العلامة من الذين يرون "الأصالة" شرفاً متقدماً! ويرون كينونة "الأصالة" محمولة في اللغة! وأن فصاحة اللغة ديدن إستقامة التفكير والعز والاستقلال والسؤدد! أي ضداً لـ"الركاكة" التي يراها مؤئل أو بداية أو كينونة التشتت الفكري والاستلاب والتخلف والقابلية للاستعمار، والخضوع له. فهو للفصاحة مجذوب.


في سياق هذا النوع اللغوي من أنواع الأصالة، يبدو العلامة الطيب من الذين يربطون الحياة باللغة، ربطاً أشد من المألوف، كونه ربط يوثقها بل يقيدها بالبدائع والعبقريات القديمة، ربطاً محصوراً في أخذ الكلام أو في تقديمه كسبب وأصل في التفكير، من حيث ان اللغة خلاصات حياة. وفي ذا التمركز اللغوي والنحو القديم والعروض الراسخة، يرفض العلامة عبدالله الطيب -لأسباب لعل بعضها من وجده الديني الصوفي- جوانباً ظاهرة من الدروس والتواريخ والعلوم الناظرة إلى التداخل بين المعيشة والكلام. مما قد يحرج الشريف الرضي والجرجاني وقد يعيد أغتيال التجاني يوسف بشير و طه حسين ونصر حامد ابوزيد، وذلك ليس من ياب المقابلة بين "نحن" و "هم" كما بسياق (في لغتنا كذا وفي لغتهم كذا) بل ان رفضه لغة التاريخ وقواعده برفضه التداخل بين نحن الإنسانية وبيئة التعاملات المحيطة بكل مجتمع.


تغيرات اللغة سمة بشرية مشهودة في التاريخ يقبلها الطيب حياة لكنه يكفرها علماً وسياسةً. تراه فخوراً بإستعمال الإنجليز لكلمات عربية الأصل لكنه وجل ونفور من إستعمال اللغة العربية كلمات إنجليزية أو لاتينية الأصل!؟


هذا التناقض باب واسع لإتهامات شتى ضد أسلوب تفكير العلامة عبدالله الطيب وضد ميسم المركزية اللغوية، وضد مركزية اللغة العربية، وضد النوع الذي يمثله العلامة عبدالله الطيب من أنواع مركزة اللغة العربية، وبعض تخديماتها السياسية والطبقية والثقافية في تصورات العلامة عبدالله الطيب. وكثير من تناقض رفضه لامركزية الحياة بمركزية اللغة، شبيه تناقضات الإمام أبوحامد الغزالي. وشبه تيه الظواهريون الأوروبيون في ديالكتيك دوغما وصحراء "الفكر واللغة".


عند العلامة عبدالله الطيب تقدير حسن لوجود بعض المفردات الأجنبية في القرءآن الكريم، أنها موجبة للسان العربي المبين! لسان فريد لكنه رحيم جامع! أما المفردات الأجنبية في عامية الناس الماثلة أو حتى في فصاحتهم فيراها العلامة عبدالله الطيب سيئات قاتلة، وفي الحالتين أهمل العلامة الطيب حال "البنية" التي تتيح التقابس أو تنأى عنه! والبنية كائن فكري غدا منذ السبعينيات من أهم أدوات الفهم والفرز العلمي لطبيعة الاشياء وتبين شجن العناصر ووضعهم وتحركهم في أو خارج سياق معين.


كذلك الأحرف أو اللهجات السبعة للقرءآن لم تفصل عند العلامة عبدالله الطيب إرتباط إختلاف اللهجات بأمور شتى في حياة المتكلمين بها، ولم يظهر عنده ان إختلاف اللهجات جهتين، فهو من مولدات اللغة أو اللغات وفي ذات الآن هو من قواتل اللغة أو اللغات الأقدم. "الفصاحة" عند العلامة عبدالله الطيب تصر على أزلية اللغة العربية وعلى بقاءها على رتل القرءآن الكريم ورنين له، أكثر من كونها اليوم عشرات من الأحرف واللهجات ومرتبطة بالقرءآن العفوي والعقلي المتبادل بين الناس لتنوعات الحياة. والعلامة عبدالله الطيب في ذا رجل دين في اللغة أكثر من كونه رجل لغة وكتاب في قراءة الدين.


غلو العلامة عبدالله الطيب في الفصاحة كعيار للتاريخ يعلو على سمة التنوع في مفردات نسيج القصص القرءآني ومكرراته، فمركزة الفصاحة القديمة شطط قد حسب العلامة عبدالله الطيب وآخرين أن به يحسنون صنعاً.


يرفع العلامة عبدالله الطيب "الفصاحة القديمة" راية لـ"الأصاله"، وكذا يرفع "الاصالة" راية لـ"الفصاحة القديمة" والرفعان عند العلامة عبدالله الطيب يتمان بحفظ اللسان العربي الفاخر! دون ابه كثير في طروحه لجدلية "التحنيط" في التفكير واللغة فالعلامة عبدالله الطيب رجل نشأ قرب الاهرامات وتحفيظ القرءآن وقواعد اللغة، وهو في ذلك وغير ذلك من حفاظ الحفاظين، يعلو ولا يعلى عليه، وملته ودروسه الحفظ والدين، لعل ذلك الرسوخ والتقليد والسمع هو ما جعله علماً يهمل أو يحتقر بعض الوضع واللسان العربي المعاش والعلاقات الحياتية المولدة لتقعيدات للمفردة والجملة والعبارة المختلفة عن اللسن (المثالي) وهو اللسان الذي يصوره العلامة عبدالله الطيب شأناً وموئلاً لإزدهار العرب كلهم، ولا يتصوره مجالاً كلامياً مرتبطاً في صوتياته بجاهلياتهم ولا يتصوره مرتبطاً باختلافاتهم أو صراعاتهم وبكل صور التخلف في حياتهم في أيام ومجالات تلك اللغة الفصيحة القديمة.


الخلاصة: ان بعض نقاط العلامة عبدالله الطيب تضع اللغة أساً للحياة، بينما الحياة -في النظرة الواسعة- أصنع للغة وأبلغ في إبانة لسان الحاضر وكيفية تقويمه.


لو كرم تعليمه لأقيمت لأسمه في العراق جامعة للغة العرب.



المنصور جعفر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احمد النشيط يصرح عن ا?ول راتب حصل عليه ????


.. تطور لافت.. الجيش الأوكراني يعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسي




.. أهم ردود الفعل الدولية حول -الرد الإسرائيلي- على الهجوم الإي


.. -حسبنا الله في كل من خذلنا-.. نازح فلسطين يقول إن الاحتلال ت




.. بالخريطة التفاعلية.. كل ما تريد معرفته عن قصف أصفهان وما حدث