الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام والعروبة وجهان لمجتمع البداوة

طلعت رضوان

2017 / 12 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



أعتقد أنّ نظرة موضوعية (مُـتأملة) فى بداية الدعوة الإسلامية، ستكشف للباحث المُـتجرّد من الأيديولوجيا عن العلاقة الوطيدة والعضوية بين الإسلام والعروبة، وبعبارة أدق: العلاقة بين منهج الإسلام وأهدافه، وبين الذهنية العربية (سواء قبل الإسلام أوبعده)
وبالرغم من توفرمادة البحث فى مكتبتى (من أمهات كتب التراث العربى/ الإسلامى) التى قرأتها عدة مرات- على مدارالسنوات- فإننى رأيتُ أنّ سلسلة كتب أ.أحمد أمين عن (فجر الإسلام) و(ضحى الإسلام) إلخ قد يكون لها تأثيرعلى عقول (العروبيين والناصريين ومعظم الماركسيين) المُـدافعين عن الذهنية العربية فى العصرالحديث، كما كانت فى العصرالوسيط، ومع اعترافى بأنّ الشعوب العربية (خاصة فى العصرالحديث) كانت ضحية المتعلمين (المحسوبين على الثقافة العربية- والمصرية- السائدة) بدليل أنّ قطاعات عريضة من الشعوب العربية بدأتْ تــُـعيد النظرفى مسألة أصولهم العربية.
كما لاحظتُ أنّ كثيرين من المثقفين (بحق وحقيق) العرب أكــّـدوا على استنتاجاتى، وعلى سبيل المثال ما قرأته فى صحيفة الأهرام ((كاتب عراقى كتب فى إحدى الصحف العربية أنّ: كل ما حلّ بنا من نكسات ونكبات يعود لمن ضللونا بشعارات الوحدة العربية والقومية العربية. ولكنهم الآن يتدخلون فى الشأن العراقى)) وأضاف أنّ كثيرين من العراقيين بدأوا يتبرأون– حتى من كونهم عربـًـا- وأنّ ما يقرب من ثلث الشعب العراقى غيرعرب أساسًـا. وأنّ الثلثيـْـن الآخرين أخذا يُـدققان فى نسبهما عسى أنْ يعثرا على ما يـُـثبت أنهما غيرعرب)) (نقلا عن الصحفى (المصرى/ العروبى الكبيرد. مصطفى عبدالغنى- أهرام5/7/2004)
تواكب مع ذلك تصريح وزيرالخارجية القطرية (الشيخ حمد بن جاسم) الذى قال فيه: ((على دول الخليج ألاّتخجل من الاحتماء بالولايات المتحدة الأمريكية. ولاتخجل لوجود القوات العسكرية الأمريكية والأوروبية فى المنطقة)) (أهرام12يناير2004)
وقال سيف الإسلام القذافى إنّ ((بريطانيا وافقتْ على تدريب الجيش الليبى فى إطارصفقة تاريخية مع تونى بلير(رئيس وزراء بريطانيا آنذاك) ولم يـُـمانع سيف الإسلام فى منح قواعد عسكرية للقوات البريطانية والأمريكية حيث قال ((إننا نتخلى عن أسلحتنا..ومن ثـمّ فنحن نحتاج إلى مظلة دولية لحمايتنا)) وأضاف أنه لعب دورًا مُهمًا فى التوسط بين أبيه وبريطانيا وأقام علاقات وثيقة مع المخابرات الأمريكية والبريطانية)) (نقلا عن أ.سلامة أحمد سلامة- أهرام 12يناير2004) وكان تعليق أ.سلامة: الحماية الدولية والقواعد العسكرية ستكون ضد من؟
وعن تبديد ثروات الشعوب العربية، لصالح الرأسمالية العالمية أسوق هذا الخبرحيث ذكرحسن إبراهيم (الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية) أنّ ((رؤوس الأموال العربية المُـستثمرة خارج الوطن العربى، فى أمريكا وأوروبا، تتجاوزألف ملياردولار)) وأضاف أنّ ((هذه الأموال تتعرّض لمخاطرعديدة مثل تجميد الأرصدة (مجلة الغد العربى- العدد العاشر- يناير1999)
وفى نفس السياق ذكرد.إبراهيم قويدر(المديرالعام لمنظمة العمل العربية) أنّ إجمالى استثمارات العرب خارج حدود الوطن العربى تصل إلى تريليون و200 ملياردولار. وأشارإلى أنّ نسبة الاستثمارات التى يحصل عليها الوطن العربى من حجم الاستثمارات العالمية لايتجاوز2% فقط)) (أهرام 12 أكتوبر2003)
وإذا كان الشعب الجزائرى نجح- بفضل نضاله الأسطورى- من تحريروطنه من الاستعمارالفرنسى، فإنّ الكارثة/ المأساة، تجسّـدتْ فى أنّ المُـستفيد من طرد الاحتلال الفرنسى، هوالاحتلال الأمريكى/ الاقتصادى والسياسى، حيث سمح (زعماء الثورة العروبيون/ الإسلاميون) للتغلغل الأمريكى والتدخل فى الشأن الجزائرى (بمجرد رحيل الجيش الفرنسى) وهكذا تبـدّد نضال الشعب الجزائرى الذى قـدّم أكثرمن مليون شهيد من أجل الحرية. ويؤكد كلامى تصريح السيدة لويزا حنون (رئيسة حزب العمال الجزائرى) فى مؤتمرصحفى حيث قالت إنّ ((ديك تشينى (نائب الرئيس الأمريكى بوش الابن) يمتلك 60% من رأسمال شركة الأنابيب الجزائرية)) (أهرام30 مارس 2003)
أما عن الموروث العربى الذى انتقل إلى العرب فى العصرالحديث، فقد عبـّـرعنه كاتب ليبى حيث كتب ((....الكارثة هى أنّ العرب لم يتخلــّـصوا بعد من ثقافة داحس والغبراء، ولم ينسوا تقاليد حروب البسوس وسلوكيات الثأروالسلب والعراك البدائى، وتقاليد القبائل المُـتناحرة. وتملكتهم ثقافة ملكية الحقيقة المطلقة)) (الكاتب الليبى د.أبوالقاسم صميده- أهرام16/11/2003)
وبالرغم من شعارات العروبة و(القومية العربية) وتوأمتها (الوحدة العربية) التى روّج لها الزعيم العروبى الكبير(عبدالناصر) وإعلامه، فإنّ رئيس وزراء اليمن (عبدالقادربا جمال) صرّح بأنّ مجلس التعاون الخليجى يرفض انضمام اليمن ليكون عضوًا فيه. ويرى أعضاء هذا المجلس أنّ اليمن ((غيرمؤهل للانضمام لمجلس التعاون الخليجى)) (أهرام20يناير2004)
وشهد عام2004 خلافات وصراعات بين الأنظمة العربية/ العربية على الحدود المشتركة فيما بينها، بلغتْ12 خلاف حدودى، وجاء فى الخبرأنّ هذه الخلافات العربية/ العربية قابلة للاشتعال (أهرام 9مارس2004)
فهل كان الراحل الجليل (جلال عامر) مغاليـًـا) عندما كتب ((لم يخلق الله العرب سدى..البشرية كانت تحتاج إلى الكوميديا)) (صحيفة القاهرة 28/6/ 2005)
وكتب أيضًـا ((احترس من فضلك.. العرب ترجع إلى الخلف)) (القاهرة- 1نوفمبر2005)
وكتب ((لولا الميكروسكوبات ما علمنا بوجود فيروسات.. ولولا التلسكوبات ما علمنا بوجود كواكب.. ولولا الميكروفونات ما علمنا بوجود عرب)) (القاهرة 20ديسمبر2005)
وكتب ((العرب هم أول من رفعوا شعارالدين لله والوطن للزعيم)) (القاهرة 7فبراير2006)
وعن مستوى البحث العلمى ذكر(تقريرالتنمية الإنسانية العربى، أنّ البحث العلمى فى العالم العربى، والذى لايقتصر(فقط) على معدل نموضئيل ومتواضع نسبته2% فقط لاغيرمن معدل نموه فى الدول الصناعية، وقـدّم العرب ورقة بحثية (واحدة) لكل بلد عربى، بالمقارنة بألف ورقة بحثية لأمريكا، و169 لإسرائيل ما يدل على خلل كبيرفى العالم العربى فى ميدان البحث العلمى، بالرغم من عدم معاناة العديد من الدول العربية من مشكلات نقص التمويل (أسامة غيث- أهرام 6/5/ 2006)
000
ولأنّ الراحل الجليل أحمد أمين لايمكن تصنيفه على أنه من المُـدافعين عن (القومية المصرية) أوأنه ضد (القومية العربية) لذلك أرى أهمية الاستشهاد بكتاباته، التى نقل فيها ماورد فى أمهات كتب التراث العربى/ الإسلامى، مع ذكرمصادره التراثية. ومن أمثلة ذلك أنه كتب أنّ ((سكان الفرات تحضـّـروا. وتحضـّـرسكان وادى النيل. وظلّ العرب تغلب عليهم البداوة (لذلك) تأخرالعرب عمن حولهم فى الحضارة. وغلبتْ عليهم البداوة. وعاش أكثرهم عيشة قبائل رُحـّـل. لايقرون فى مكان ولايتصلون بالأرض التى يعيشون عليها، كما هوحال المجتمعات الزراعية. كما أنّ العرب لايبذلون جهدًا عقليـًـا فى تنظيم بيئتهم كما يفعل أهل الحضر)) (فجرالإسلام- طبعة مكتبة الأسرة- عام1996- ص11)
وكما يحدث حاليـًـا ونحن فى الألفية الثالثة من صراعات حول الحدود بين الأنظمة العربية، أوالغزوالعربى/ العربى والعدوان الوحشى (السعودية ضد اليمن- نموذجـًـا) أوالاحتلال الفعلى (غزوالعراق لدولة الكويت) فإنّ ذلك له جذورمُـتشعبة ومُـتغلغلة توارثها العرب من ماضيهم، حيث كما كتب أحمد أمين: والعرب لأنهم من بيئة بدوية والتى كانت تنقسم إلى قبائل، لذلك كانت هذه القبائل فى نزاع دائم. وقد تتحالف القبيلة مع قبيلة أوقبائل، للإغارة على حلف آخرأولرد غارة.. ومع ذلك يزعمون أنهم من أب واحد وأم واحدة (المصدرالسابق- ص11)
وذكرأحمد أمين أنّ من أوضح الأمثلة على (العداء العربى/ العربى) هوما كان من العداء الشديد بين أهل المدينة (الأوس والخزرج) بسبب الانتماء للعرق والأصل. حيث ذكرتْ الكتب التراثية أنّ الأوس والخزرج (يمنيون) بينما أهل مكة (عدنانيون) وقد استمرهذا التنافس بينهم بعد الإسلام. واستمرتْ الحزازات والمفاخرات، وكل يدعى أنه أشرف نسبـًـا وأعزنفرًا. وكان اليمنيون أحق بالفخرلما لهم من حضارة قديمة. فلما جاء النبى (وهوعدنانى) كانت الخلافة فى قريش وبالتالى رجحتْ كفة العدنانيين. وقال اليمنيون أنّ أصلهم (قحطان) وقسموا العرب إلى عرب بائدة (قحطان وعاد وثمود) وقالوا أنهم (العرب العاربة) أما العدنانيون فعرب (مستعربة) ولذلك فإنهم فى المرتبة الثانية. وأنزل البعض العدنانيين إلى المرتبة الثالثة لأنهم غيرعرب أصلاء (المصدرالسابق- ص14، 15)
وذكرأحمد أمين أنّ من تقاليد العرب: الغارة (= الغزو) والسلب فيغيرون على قبيلة معادية، فيأخذون جمالهم ويسبون نساءهم وأولادهم. ثم تتربص بهم القبيلة المهزونة، وتفعل كما فعلتْ القبيلة التى انتصرتْ عليهم. بل إنهم إذا لم يجدوا عدوًا من غيرهم قاتلوا أنفسهم، ولعل خيرما يمثل ذلك قول الشاعرالقطامى:
فمن تكن الحضارة أعجبته فأى رجال بادية ترانـــا
وكنّ إذا أغرنا على قبيل فأعوزهنّ نهب حيث كانا
وأحيانــًـا على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانـــــــــــا
000
وذكرأحمد أمين الحرب الشهيرة التى شنـّـها الخليفة أبوبكرضد القبائل التى رفضتْ دفع الزكاة (وهنا خالف أحمد أمين ضميره العلمى والمادة التراثية، حيث رفضتْ تلك القبائل دفع الصدقة وليس الزكاة) ولكنه كان أمينـًـا عندما ذكرأنّ قبائل كثيرة اعتبرتْ (الصدقة/ أوالزكاة) ((ضريبة عليهم ومذلة لهم. ونظروا إليها نظرة قبيلة تتسلط على أخرى، وتضرب عليها الإتاوة، فانتهزوا موت الرسول برفض دفعها لأبى بكر. وقال (قرة بن هبيرة) لعمروبن العاص: ((يا هذا إنّ العرب لاتطيب لكم نفسًـا بالإتاوة، فإنْ أعفيتموها من أخذ أموالها فتسمع لكم وتــُـطيع، وإنْ أبيتم فلا تجتمع عليكم)) (ص125)
وذكرأنّ من أخطاء الخليفة عثمان أنه ولى الوليد بن عقبة الأموى (وهوأخوعثمان لأمه) الكوفة. بالرغم من أنّ الوليد كان (يتهتك) فى شرب الخمر. واتخذ من بيته ملجأ للعبث واللهو.
وذكرتْ كتب التراث العديدة (مثل الإصابة لابن حجر) أنّ الحارث بن خالد المخزومى ولاه عبدالله بن مروان مكة. وكان الحارث يهوى عائشة بنت طلحة، فأرسلتْ إليه: أخـّـرالصلاة حتى أفرغ من طوافى. فأمرالمؤذنين فأخروا الأذان والصلاة حتى فرغتْ من طوافها)) (ص127)
وذكرأنّ نظام الاسترقاق (= العبودية) استمرّفى فى عهد الرسول، فكان من أسرفى الغزوات يجوزاسترقاقه. كالذى حدث فى غزوة بنى المصطلق. وجاء فى سيرة ابن هشام أنّ الرسول أصاب منهم (وهم من عرب خزاعة) سبيـًـا كثيرًا فقسّـمه على المسلمين. ولما انتشرالإسلام لم يعد يـُـقبل من العربى إلاّ الإسلام أوالقتال..فإما أنْ يدخل فى الإسلام أويـُـقتل (ص136)
ولما كثرتْ الفتوحات/ الغزوات كثرالاسترقاق من الأمم المفتوحة (= المُعتدى عليها بالغزو) كثرة هائلة. فتـمّ توزيع المأسورين من الرجال والنساء على العرب (الفاتحين) لدرجة أنّ الزبيربن العوام كان له ألف عبد وألف أمة (= عبدة) كما ذكرالمسعودى. والإنسان الذى وقع فى الأسروتحوّل إلى (عبد) يـُـعتبرمملوكــًـا للسيد كالمتاع، له حق بيعه وهبته. أما الأمة (العبدة) فيحق للسيد أنْ يستمتع بها. ولايتقيد تملك الأسرى (العبيد) بعدد، فيكون من حق (المسلم) أنْ يمتلك ما شاء من العبيد. كما يصح أنْ يكون فى بيته عدد من الإماء، وإذا ولدت الأمة (العبدة) من سيدها، فالولد ابنه وتــُـسمى (أم ولد) وتبقى ملكــًـا له بعد ولادتها ليستمتع بها (ص137)
ونتيجة الغزوات العربية: كان لكل جندى عربى شارك فى الغزوعبيد وإماء يستخدمهم فى حوائجه. ويستولد الإماء إنْ شاء. فنتج عن هذا أنّ (البيت العربى) دخلتْ فيه عناصرأخرى: فارسية أورومانية أوسورية أومصرية..إلخ. فلم يعد البيت العربى بيتــًـا عربيـًـا بل بيتــًـا مختلطــًـا. أضف إلى هذا أنّ الإماء كنّ يلدنً أولادًا يحملون الدميْن معـًـا: الدم العربى من جهة الأب، والدم الأجنبى من جهة الأم. وكان عدد هذا النوع كثيرًا لكثرة الفتوحات/ الغزوات. وفى عهد عمربن الخطاب ومن بعده فــُـتحتْ هذه البلاد (عنوة) فكان أهلها عرضة للسبى.
وذكرالزمخشرى فى كتابه (ربيع الأبرار) أنّ الصحابة لما أتوا المدينة بسبى فارس فى خلافة عمربن الخطاب كان فيهم ثلاث بنات ليزدجرد (ملك الفرس) فباعوا السبايا وأمرعمرببيع بنات ملك الفرس. فقال على بن أبى طالب: إنّ بنات الملوك لايعاملنَ معاملة غيرهنّ من (بنات السوقة) وأخذهنّ على بعد تقديرثمنهن، فدفع واحدة لعبدالله بن عمرو، وأخرى لولده الحسين والثالثة لمحمد بن أبى بكر. وأولد الحسين (زين العابدين) (ص140)
وكان الباعث للناس على الدخول فى الإسلام مختلفــًـا، فمنهم من دخل فيه فرارًا من الجزية. وقد (هال/ خشى) بعض الأمراء دخول الناس فى الإسلام، فكتب عمال (= ولاة) الحجاج إليه: إنّ الخراج قد انكسر. وأنّ (أهل الذمة) قد أسلموا فأخذ منهم الحجاج الجزية مع إسلامهم. فجعل قرّاء البصرة يبكون مما يرون. كما أنّ منهم من دخل الإسلام نتيجة ما كان يشعربه من المهانة. وأنّ الإسلام هودين الحكام والولاة ورجال الدولة. أضف إلى ذلك أنّ بعض الولاة كان يسومونهم سوء العذاب، فاضطروا أنْ يتركوا دينهم ويدخلون فى الإسلام (ص142) وكانت تعليمات عمربن الخطاب تقضى إلاّتوزع الغنائم والسبى فى البلاد (المفتوحة) إنما يأتى بها إلى مقرالخلافة (143)
وروى أبوحنيفة الدينورى فى كتابه (الأخبارالطوال) أنّ المسلمين (يقصد العرب) أصابوا يوم (جلواء) غنيمة لم يغنموا مثلها قط. وسبوا سبيـّـا كثيرًا من بنات أحرارفارس...ونتيجة ذلك ((كانت حربٌ بين الإسلام والديانات الأخرى، وحربٌ بين اللغة العربية واللغات الأخرى..خاصة أنّ الفـُـرس يحنون إلى مملكتهم القديمة، ويعتقدون أنهم أرقى من العرب..وأضاف أنّ المغرب ومصر يودون الاستقلال عن العرب)) (ص146، 147)
ورغم أنّ الفرس قبلوا الإسلام (مرغمين) فإنهم تمسكوا بخصائصهم القومية، ورفضوا (تعريب) هويتهم الثقافية، وكان على رأس معارضتهم للتعريب، رفضهم اللغة العربية، وتمسكوا بلغتهم الفارسية..ولذلك- كما كتب أحمد أمين- ((لم يـُـصبحوا كالعرب فى عقيدتهم..ولاكالعرب فى مطامعهم ولاكالعرب فى عقليتهم..ولما اعتنقوا الإسلام صبغوه بثقافتهم الفارسية..ولم يتخلوا عن عقائد دينهم القديم وتقاليده)) (ص152)
وعن الأحاديث المنسوبة للرسول ذكرأنّ أبا حنيفة لم يصح عنده إلاّسبعة عشرحديثــًـا، وهوما أكــّـده ابن خلدون. وكتب أحمد أمين أنّ البخارى (على جليل قدره) ذكرالكثيرمن الأحاديث التى دلــّـتْ المشاهد التجريبية والوقائع الاجتماعية أنها غيرصحيحة مثل حديث ((لايبقى على ظهرالأرض بعد مائة سنة نفس منفوسة)) وحديث ((من اصطبح كل يوم سبع تمرات من عجوة لم يضره سم ولاسحر)) كما أنّ الصحابة اختلفوا فى الأحاديث (حتى فى الحديث الواحد) وكذلك فى العدد..وكان أكثرالرواة أبوهريرة (5374حديثــّا) وعائشة (2210حديثــّا) وآخرين مثل ابن عمروأنس بن مالك وعبدالله بن عباس أكثرمن ألف وخمسمائة لكل منهم، وكان من رأى ابن حزم أنه لم يصح منهم إلاّنحوالخمسين (ص340، 347)
وقال أبوهريرة ((كنتُ أرعى الغنم وكانت لى هرة صغيرة. وكنت أجيرًا لبسرة بنت غزوان)) وأبوهريرة لازم النبى بعد أنْ جاء من اليمن. واستعمله عمربن الخطاب على البحرين ثم عزله. وبالرغم من أنه كان أكثرالرواة للأحاديث، فكان لايعرف القراءة ولا الكتابة ويعتمد على ذاكرته. ومن بين الأحاديث قال ((سمعتُ رسول الله قال: من أصبح جـُـنبـًـا فلا صوم له)) ولكن عائشة أنكرتْ ذلك وقالت ((كان الرسول يـُـدركه الفجرفى رمضان وهوجـُـنب من غيراحتلام فيغتسل ويصوم)) فتراجع أبوهريرة وقال: إنها أعلم منى، وأنا لم أسمعه من النبى وإنما سمعته من الفضل بن عباس)) (ص348)
وأبوهريرة انتقده كثيرون من الصحابة لكثرة أحاديثه..وشكوا فى رواياته. فقال لهم ((إنكم تزعمون أنّ أبا هريرة يـُـكثرالحديث عن الرسول. والله يحاسبنى إنْ كنتُ أكذب. لقد كنتُ رجلا مسكينـًـا أخدم الرسول على ملء بطنى)) وكان الحنفية يتجاهلون أحاديثه إذا عارضتْ القياس. وقالوا: (أبوهريرة غيرفقيه)) وقد انتهزالوُضّاع فرصة اكثاره فزوّرواعليه الكثيرمن الأحاديث (ص348، 349)
ونقل أحمد أمين ما ورد فى كتب التراث العربى/ الإسلامى عن أنّ الرسول أخذ الكثيرمن الأعراف التى كانت سائدة فى العصرالذى سماه (جاهلى) ومن أمثلة ذلك نظام (القسامة) أى جرائم القتل، حيث أقرالرسول ما كان فى الجاهلية (361)
وكما كان التعصب خاصية سائدة فى (العصرالجاهلى) فقد استمرّبعد الإسلام، ومن أمثلة ذلك العداء بين بنى أمية وأبناء على بن أبى طالب، حيث حاول أتباع معاوية قتل الحسن بطعنه بخنجر، ولكنه لم يمت. ثم قتلوا الحسين فى كربلاء وتبعوا أهل البيت يستذلونهم ويمتهنونهم ويقتلونهم ويقطعون أيديهم وأرجلهم على الظنة. وكل من عرف بالتشيع لهم سجنوه أونهبوا ماله أوهدموا داره. واشتد بهم الأمرأيام عبيدالله بن زياد قاتل الحسين، وأتى بعد الحجاج فقتلهم، وأخذهم بكل ظنة وتهمة، حتى إنّ الرجل ليقال له زنديق أوكافرأحب إليه من أنْ يقال له (شيعة على) وذكرتْ المصادرالتراثية أنّ رجلا قال للحجاج: أيها الأميرإنّ أهلى عقـْـونى فسمونى عليـًـا. وأنا فقيربائس. وإلى صلة الأميرمحتاج، فضحك الحجاج وولاه عملا. وذكرالمدائنى: إنّ زياد بن سمية كان يتتبع الشيعة فى الكوفة وهوعارف بهم، لأنه كان منهم أيام على. فقتلهم تحت كل حجر. وأخافهم وقطع الأيدى والأرجل وسمل العيون، وصلبهم على جذوع النخل. وطردهم وشردهم عن العراق. وكتب معاوية إلى ولاته ألاّيـُـجيزوا لأحد من شيعة على وأهل بيته (شهادة) وأنْ يراعوا (شيعة عثمان) (ص434، 435) وهكذا يتبيـّـن أنّ عرب ما قبل الإسلام هم عرب ما بعد الإسلام، وبالتالى تتأكد العلاقة العضوية بين العروبة والإسلام.
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سيدي
احمد علي الجندي ( 2017 / 12 / 10 - 09:38 )
لما نضالك
منرجعلك
بالعامية
وعلى طبق من ذهب

اخر الافلام

.. ماريشال: هل تريدون أوروبا إسلامية أم أوروبا أوروبية؟


.. بعد عزم أمريكا فرض عقوبات عليها.. غالانت يعلن دعمه لكتيبه ني




.. عضو الكنيست السابق والحاخام المتطرف يهودا غليك يشارك في اقتح


.. فلسطين.. اقتحامات للمسجد لأقصى في عيد الفصح اليهودي




.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال صبيحة عي