الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قطار باريس. مرسيليا

سمير هزيم

2017 / 12 / 11
الادب والفن


.في مقصورة القطار وقفت أحدق عبر النافذة .عيناي ترنوان للنخلة البعيدة . نخلة وحيدة شامخة في العراء.
‎كيف تستمد نسغ بقاءها في أرض جرداء قاحلة؟ .

‎ هكذا تساءلت مع نفسي . القطار يسير وئيداً ، طوال تلك الساعة بدقائقها لم اكن منتبها لوجود إمرأة في المقعد تجلس قبالتي تماماً. عندما التفت إليها ،أشاحت بوجهها بعيدا ...
‎تشاغلت بالنظر نحو بقعة الماء التي توزعت على جوانبها شجيرات الشوك والعليق.ا لملح الأبيض تسامق فوق المكان بشكل جعله يلتمع تحت وهج شمس الصباح ...
‎فتحت حقيبتها الصغيرة وأخرجت علبة سجائر فاخرة .فتحت غطاءها ببطء ، استلت منها واحدة . بحثت في حقيبتها عن الولاعة ..
‎أخذت تبحث بين طيات حقيبتها باهتمام مبالغ فيه ، .تعمدّت أن لا أُخرج لها ولاعتي التي في جيبي ... نظرت نحوي سريعا .. ثم عادت تبحث بأصابعها الرقيقة مرة أخرى ..
‎رفعت رأسها وتقطيبة حزن ارتسمت فوق حاجبيها تشي بالإستياء ..
‎سألتني طالبةً : ممكن نار
‎تعمدت ان لا اعيرها انتباهي .... كأني لم أسمعها ،
‎أعادت السؤال ثانيةً
‎__ممكن قدّاحة يا استاذ ؟
‎_عفوا ؟!
‎_قدّاحة لو سمحت ؟
‎_ماذا تفعلين بها ؟
‎ابتسمت بِاستغراب وتمتمت :
‎__أشعلُ بها السيجارة !
‎__آسف... انا ملا ادخّن .
‎_جيد أنك لا تدخّن.
‎_لماذا ؟!
‎_ التدخين مضّر بالصحة
‎_لماذا تدخينها إذن ؟
‎_مجرد عادة قبيحة .
‎_فعلاً ..لا فائدة فيها .
‎هزت رأسها بإيجاب . ضغطت السيجارة بين إصبعيها . جالت عيناها في فراغات الممر الضيق بين المقصورات .... لعل احدهم يمر وتوقد سيجارتها منه ...
‎ مرّ وقت طويل وهي ممسكة بالسيجارة و هي تنظر نحو شزراً بين آنِِ وآخر ..
‎ربما لم تصدق أنني لا ادخن ....
‎كانت نظراتها تشي بالشك في صحة إدعائي ... . بعد قليل رغبت في تدخين سيجارة ..
‎لا استطيع أن اخرج علبة سجائري .. الباكيت وعلبة عود الثقاب في جيب سترتي ..
‎قرّرت أخيرا أن أُخرج العلبة، واستليت منها سيجارة ... نظرت نحوي مستغربة ، قالت لي :
‎_قلت قبل قليل أنك لا تدخّّن
‎_أنا أدخّن.. ولكن لا آملك قدّاحة.
‎ هزّت رأسها وزمت شفتيها .عادت تنظر عبر النافذة ، كان القلق يرسم ملامحة في وجهها ، بعد هنيهة نهضت من مكانها، قائلة :
‎_سأبحث عن قداحة في المقصورات الأخرى.. لا أستطيع دون تدخين .
‎اوميت برأسي موافقاً . نظرت إلى حقيبتها التي تركتها في مكانها ، غابت عن نظري ... ،دسّست علبة الكبريت في حقيبتها ورجعت إلى مكاني مسرعاً.. .عادت السيدة الجميلة بعد لحظات وهي تنفث دخان سيجارتها .جلست في مكانها وشرعت تسحب نفساً عميقاً، فيما تعمدّت أن تنفث دخان سيجارتها في وجهي . قلت لها :
‎__ممكن نار؟
‎_آسفة .
‎_لماذا... أنتِ خبيثة إذن ؟
‎__ ..ماذا قلت ؟!
‎لم أشأ أن أعيد عليها الكلام ، فقد بان الغضب في عينيها وهي تضغط السيجارة بشفتيها . حملت حقيبتها ونهضت لتنزل في المحطة التي توقف عندها القطار ،،قالت له وهي تتأهب للمغادرة: .
‎__أليست هذه كبريتتك أيها الخبيث.. كنت تظن أني لم أرك وأنت تدسها في حقيبتي ؟
‎أخرجت علبة الكبريت
‎ ورمت بها عبر النافذة .
‎قبل أن تطأ بقدمها الأرض ...
‎قلت لها انتي طلبتي ولاعة .. وانا لاحمل عيدان كبريت لا احمل ولاعة ..
‎قالت ساخرة : اهاه ...
‎أدارت ظهرها لي ...
‎: صحتُ بها :
‎_انظري ..
‎عندي علبة كبريت احتياطية أخرى في جيبي!
‎رجعت إلي وسألتني :
‎_أين علبة الكبريت الثانية ياكذّاب ؟
‎_هذه الثانية أيتها الخبيثة .
‎خطفتها من يدي .. ونزلت مسرعة اثر تحرك القطار .. وقفت مشدوهاّ أنظر إليها عبر النافذة، وهي تلّوح لي بعلبة الكبريت ...
صحت اريد ان ادخن سيجارة ...
تابعت التلويح بعلبة الكبريت واستمرت ماضية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا