الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القدس عاصمة الديانات الثلاث، ينبغي أن تكون منطقة دولية

أحمد عصيد

2017 / 12 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


لا ينتبه المحتجّون من أجل القدس، إلى أنهم يستعيرون بالضبط أسلوب إسرائيل والصهيونية عموما وينسخونه نسخا، تسعى إسرائيل إلى جعل القدس عاصمة لـ"الدولة اليهودية"، كما تسعى منذ مدة إلى تهويد المدينة، وهو مسعى عنصري لا غبار عليه، لكن أليست الدولة اليهودية مطروحة في مقابل "الدول العربية والإسلامية" التي تعلن جميعها الإسلام دينا للدولة في دساتيرها ؟ لماذا نريد من إسرائيل أن تبقى وحدها "دولة علمانية" تحترم العرب والمسلمين في منطقة الشرق الأوسط، في حين أن العرب والمسلمين لا يحترمون أحدا في دساتير دولهم ومدارسهم ومساجدهم التي ينعتون فيها دولهم بنعوت عرقية "عربية" وبنعوت دينية "إسلامية" ؟
ذكرني هذا الموضوع بالفقهاء المسلمين بالهند، حيث بمجرد أن صعد الحزب الهندوسي اليميني المتطرف في الانتخابات، سارعوا إلى مطالبة الدولة الهندية باحترام "علمانيتها" خوفا من اعتماد الحزب العنصري مرجعيته الدينية لسحق المسلمين، هكذا يتعلق المسلمون بالعلمانية عندما يكونون أقلية، ويحاربونها عندما يكونون أغلبية حتى يتسنى لهم اضطهاد غيرهم من الأقليات.
إن السباق المحموم من أجل تغليب منطق القوة والترهيب يشمل الجميع بمنطقة الشرق الأوسط، ولهذا كان الردّ على أن القدس مدينة يهودية هو القول "لا إنها عربية " أو "إنها إسلامية"، بينما تاريخ القدس يكذب الأطروحة الإسرائيلية، كما يكذب أطروحة المتظاهرين ضدّها أيضا.
نحن هنا أمام ثلاث عقائد إيديولوجية عنصرية بالغة التشدّد: الصهيونية / القومية العربية / و الإسلام السياسي، ولأنها لا يمكن أن تلتقي أبدا، فإنها تتجه بشكل حثيث نحو حرب شاملة في المنطقة بعد كل الخراب الذي طالها حتى الآن، وهو بالضبط ما يسعى إليه الرئيس الأمريكي.
لا يمكن قبول موقف الرئيس الأمريكي الذي يمثل جموح الفاشستية عندما تصعد عبر صناديق الاقتراع (وهذا من مخاطر الديمقراطية عندما تُختزل في الصناديق، سواء في بلدان الشمال أو الجنوب)، كما لا يمكن قبول سلوك الدولة الإسرائيلية التي لا تحترم التزاماتها ولا مقررات الشرعية الدولية، والتي تظل دولة احتلال في غياب الدولة الفلسطينية المستقلة، بدليل معاملتها لمواطنيها من عرب إسرائيل معاملة المواطنين من الدرجة الثانية، وإهانتها المتواصلة لكرامة المواطنين الفلسطينيين في الضفة والقطاع، وإهانة المعتقلين بمن فيهم المتوفين الذين ترفض تسليم جثثهم لأهلهم، وعرقلة الصلاة بالمسجد الأقصى في كل مرة. ولكن بالمقابل لا يمكن قبول الآراء والمواقف النابعة من المعسكر العربي ـ الإسلامي، الذي يبادل إقصاء بإقصاء، وعنصرية بمثيلتها، فالعرب والإسلام هم آخر من التحق بالمدينة المقدسة، وبعد أن كانت يهودية صارت مسيحية يهودية لتصيح بعد ذلك يهودية، مسيحية وإسلامية، فجعل القدس تحت سلطة العرب الفلسطينيين لن يسمح أبدا بتمكين المؤمنين من مختلف الديانات الأخرى من ممارسة شعائرهم في أمن وسلام، وقد رأينا كيف تعامل العرب أيام عمر بن الخطاب مع سكان المدينة من غير المسلمين كما يظهر في الوثيقة المسماة "العُهدة العُمرية"، التي هي بالشروط القاسية التي تتضمنها، أبعد ما تكون عن العدل كما نعرفه ونفهمه اليوم، كما رأينا كيف تعامل المسلمون عبر تاريخهم مع من سموهم "أهل الذمة"، والقوانين التمييزية التي فرضت عليهم، والتي تم استلهامها من العُهدة المذكورة، (أنظر مقالنا ) وكيف يتعاملون معهم اليوم، وكيف يدرسون في مدارسهم مبادئ التمييز ضدّ غير المسلمين.
إن الحلّ الوحيد الذي يتطابق مع تاريخ المدينة العريقة، التي عرفت على مدى آلاف السنين مختلف أنواع الغزو والحصار والاستيطان، ومختلف الأقوام والأعراق والمعتقدات الوثنية والتوحيدية، هو اعتبارها عاصمة للديانات الثلاث، وجعلها منطقة دولية تتولاها هيئة تشريعية متعددة الأطراف، تحت وصاية المنتظم الدولي الذي عليه أن يسنّ قوانين لتدبير شؤونها، تكون منصفة للجميع، وبعيدة أن عن أي تمييز كيفما كان نوعه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الدستور هو الواقع وليس الحبر على الورق
عبد الله اغونان ( 2017 / 12 / 11 - 18:40 )
اعلان أنظمة عربية الاسلام دين الدولة مجرد مناورة وضحك على الذقون
فأي اسلام تدين به هذه الدول ؟ ومنها من يصنع الخمر ويبيعها ويصدرها ويستوردها ويستهلكها
هل تتكفل بجمع الزكاة وتوزيعها على المستحقين ؟
هل تطبق شرع الله؟
جل سكان فلسطين قبل أن تسلمها بريطانيا لليهود كانوا من العرب وربما مازالوا الأكثرية راهنا
وكان اليهود متفرقين في أصقاع الأرض وكان منهم جالية كبيرة بالمغرب ومصروالعراق وروسيا - - - - الى أن استقطبتهم الصهيونية
غريب موقف بعض المتمزغين في الميل الى كل ماهو معاد للعربالذين يشتركون معهم في الدين والوطن والمصالح والتاريخ
مايهم اتخاذ ترامب القدس عاصمة لاسرائيل ؟ حتى عالميا ستبقى سفارة أمريكا في القدس
يتيمة ونشاز موسى عاش في مصر ولم يستطع دخول أور سليم
نفهم منطق اليهود الصهاينة
لكن لانفهم منطق المتهودين العرب ولا الأمازيغ


2 - بالامس كانت فلسطين وغدا ستصير سجادات فقط
حميد فكري ( 2017 / 12 / 12 - 01:07 )
بالامس كانت قضية اسمها فلسطين ,والان صارت القدس ,وغدا ستصبح المسجد الاقصى ,وبعده ستمسي قضية سجادات فقط .هكذا اغتيلت فلسطين مرتين ,مرة على ايدي الصهيونية ,ومرة على ايدي البورجوازيات الكولونيالية الممثلة لايديولوجية العروبة الاسلامية .فبعد ان كانت قضية ارض وشعب ,صارت قضية دين ومعتقدات -سماوية - والان بعد ان اجهزوا عليها ,,انطبق عليهم المثل القائل (القاتل يقتل ويمشي في جنازة قتيله ) بهذا يصح القول فيهم انه اجتمعت فيهم كل الرذائل - البلادة ,الخسة ,الاحتيال ,الاجرام -.


3 - شيزوفرانيا
على سالم ( 2017 / 12 / 12 - 01:47 )
من المعلوم جيدا انه توجد ايات قرأنيه واضحه تقول ان ارض فلسطين ومدينه القدس من حق اليهود ومع ذلك تجد الشيوخ الكذبه الارهابيون ينادوا بالقضاء على اليهود وطردهم من ارضهم ؟؟ اذا كانت الايات القرأنيه واضحه فلماذا هذه الشيزوفرانيا والصراخ واللطم والعويل

اخر الافلام

.. تظاهرات في جامعات أميركية على وقع الحرب في غزة | #مراسلو_سكا


.. طلبوا منه ماء فأحضر لهم طعاما.. غزي يقدم الطعام لصحفيين




.. اختتام اليوم الثاني من محاكمة ترمب بشأن قضية تزوير مستندات م


.. مجلس الشيوخ الأميركي يقر مساعدات بـ95 مليار دولار لإسرائيل و




.. شقيقة زعيم كوريا الشمالية: سنبني قوة عسكرية ساحقة