الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتفاضة الفلسطينية الراهنة تستدعي مغادرة النزعة الفصائلية والتوحد على برنامج مشترك

عليان عليان

2017 / 12 / 12
القضية الفلسطينية


الانتفاضة الفلسطينية الراهنة تستدعي مغادرة النزعة الفصائلية والتوحد على برنامج مشترك
بقلم : عليان عليان
أجمع العديد من المراقبين على أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قدم خدمة جليلة للأمة العربية وللشعب الفلسطيني، لأنه بقراره اعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني ، جعل الشعوب العربية تصحو من غفوتها ، وتتجاوز الفتنة الطائفية التي صنعتها الإدارة الأمريكية وأدواتها منذ الربيع – الخريف العربي عام 2011 ، لتتوحد على البوصلة الجامعة" فلسطين والقدس درتها وعاصمتها الأبدية".
بدايةً نشير إلى أن ما شجع ترامب على تنفيذ قراره بشأن القدس هو توفر عوامل جديدة وقديمة وهي :
أولاً : اندلاق النظام العربي الرسمي الذي تقوده السعودية نحو التطبيع والتحالف مع العدو الصهيوني ضد إيران وعموم محور المقاومة ، وذلك في إطار خطة جرى التمهيد لها إعلامياً وطائفياً لحرف بوصلة التناقض الرئيسي ، وقد جرى توظيف العديد من الكتّاب والإعلاميين السعوديين وغيرهم لهذا الغرض ، حيث وصلت الأمور بهؤلاء المرتزقة ، ليس إلغاء صفة العدو عن ( إسرائيل) فحسب ،بل تجاوزوا الأمور إلى ما هو أبعد وأخطر من ذلك ، عبر زعمهم أن القضية الفلسطينية سبب شرور ومآسي الأمة العربية ، " وأن القدس ليست قضيتهم!!".
ثانياً: اتفاق ولي عهد السعودية محمد بن سلمان مع مستشار ترامب جارد كوشنر على صفقة القرن، وعلى نقل السفارة للقدس واعتبار أبو ديس عاصمة لفلسطين ، وفي الذاكرة القريبة لقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الرياض، وإنذار الأخير له بأن يقبل ببلدة أبوديس عاصمة لدولة فلسطين المرتقبة ، وأن يتخلى عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين وأن يقبل بصفقة القرن الأمريكية أو أن يقدم استقالته!!
ثالثاً : اتفاقات أوسلو 1993 التي رحلت قضية القدس إلى مفاوضات ما سمى بالحل النهائي، دون إسنادها بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ، وعلى رأسها قرار مجلس الأمن رقم 478 في عام 1980 الذي اعتبر ضم القدس باطل شرعياً وقانونياً، يضاف إلى ذلك إصرار النظام العربي الرسمي -ومنظمة التحرير جزء منه -على وضع كل البيض في السلة الأمريكية ، ورفض هذا النظام نقل ملف القضية برمته للأمم المتحدة.
قطار الانتفاضة أقلع وبدأ يسير على سكته الصحيحة ، وذلك بالضد من توجهات قيادة السلطة الفلسطينية، التي أعلنت مراراً وتكراراً على لسان رئيسها محمود عباس بأنه لن يسمح باندلاع انتفاضة جديدة.
والحراك الجماهيري الانتفاضي في القدس وفي جميع مدن ومخيمات وقرى الضفة الغربية، بات يتدحرج ككرة الثلج، ويكبر يوماً بعد يوم في الاشتباك مع قوات الاحتلال قرب الحواجز العسكرية والمستوطنات ، في حين أن الشبان الفلسطينيين في قطاع غزة يخوضون يومياً معارك بطولية بصدورهم العارية عند نقاط التماس مع الاحتلال ويرتقون شهداء دفاعاً عن القدس وعروبتها.
ما نود أن أشير إليه هنا أن العقلية الفصائلية لا تزال هي السائدة في التعامل مع الانتفاضة وفعالياتها ، فحركة حماس تعلن عن يوم غضب في هذا التاريخ أو ذاك ، وكذلك تعلن بقية الفصائل عن أيام غضب وتظاهر خاصة بأجندتها ، الأمر الذي يؤدي إلى إرهاق الجماهير وإرباكها ، ما يتطلب فوراً وبدون أدنى تأجيل تشكيل قيادة وطنية موحدة للانتفاضة من جميع فصائل المقاومة والشخصيات الوطنية الفاعلة ، تحمل على عاتقها وضع برنامج للحراك الانتفاضي ، تحدد فيه أيام التظاهر والإضراب والاشتباك مع حواجز الاحتلال ، تحدد فيه أشكال المقاومة في كل مرحلة ، وتضع الآليات المطلوبة للعصيان المدني المتدرج والشامل.
إن الظروف باتت مؤاتية لإدامة الانتفاضة ولتشكيل قيادة موحدة لها ارتباطاً بمجموعة عوامل أبرزها:
أولاً : أن قيادة السلطة لن تجرؤ على وقف الانتفاضة في هذه المرحلة، رغم التزامها بالتنسيق الأمني المثبت في بنود كافة الاتفاقات الموقعة مع العدو الصهيوني في أوسلو 1 وأوسلو 2 واتفاق واي ريفر وخارطة الطريق وأنابوليس ، لأن الإدارة الأمريكية أحرجتها وتركتها عارية أمام شعبها بعد أن وضعت كل بيضها في السلة الأمريكية.
ثانياً : لأن معظم فصائل المقاومة متوافقة سياسيا في مطالبتها قيادة السلطة بإلغاء اتفاقات أوسلو وإلغاء الاعتراف ( بإسرائيل) ، وإلغاء التنسيق الأمني مع الاحتلال .
ثالثاً : لأن جماهير الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع ومناطق 1948 تبدي استعداداً هائلاً لخوض معركة الدفاع عن القدس ولإسقاط قرار ترامب ، ولإسقاط الحلول التصفوية للقضية الفلسطينية وعلى رأسها صفقة القرن الأمريكية.
رابعاً : يضاف إلى ما تقدم ، أن الانتفاضة الفلسطينية باتت تستند إلى عمق شعبي عربي هائل ،بات يعبر عن نفسه بمظاهرات ضخمة في مختلف عواصم ومدن الوطن العربي ضد نهج الولايات المتحدة الإمبريالي ، وضد نهج التسوية والتطبيع مع العدو الصهوني، وضد الحكم السعودي والرجعيات العربية الخاضعة له، وبات الهتاف ضد ترامب ومحمد بن سلمان شعاراً ناظماً للمظاهرات في العواصم العربية.
على فصائل المقاومة أن تضع أهدافاً محددة للحراك الانتفاضي، وأن تتوحد وأن توحد القواعد الشعبية حولها ، وأعتقد أن هنالك مهاماً يمكن أن تشكل قواسم مشتركة لقوى الانتفاضة وذلك على نحو :
1-إسقاط قرار ترامب الذي يعترف بالقدس عاصمة (لإسرائيل)
2-إجبار السلطة الفلسطينية على مغادرة اتفاقات أوسلو ومشتقاتها ، وإجبارها لإلغاء التنسيق الأمني وإلغاء الاعتراف بالكيان الصهيوني.
3- مغادرة خيار التسوية والمفاوضات تحت المظلة الأمريكية.
4- دحر الاحتلال وإفشال تهويد القدس بات هو الشعار الناظم للانتفاضة ،وليس شعار حل الدولتين الذي ثبت عقمه ، وأن المرحلة هي مرحلة التحرر الوطني وليس مرحلة سلطة تكون وكيلاً أمنياً للاحتلال .
لكن على قوى الانتفاضة أن تكون حذرة ، وأن تدرك أن النظام العربي الرسمي وقيادة السلطة ستعمل على إجهاضها بكل السبل ، عبر محاصرتها اقتصادياً وتجفيف مصادر دعمها هذا ( أولاً ) وعبر بث الخلاف بين الفصائل الوطنية والإسلامية ( ثانياً) وعبر الحصول على تنازلات شكلية من الإدارة الأمريكية مثل تأجيل نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، والإيحاء بأن تأجيل نقل السفارة هو مقدمة للتراجع عن قرار الاعتراف بالقدس عاصمة ( لإسرائيل).
على قوى الانتفاضة أن تتهيأ في مرحلة لاحقة ،لمواجهة احتمال قيام أجهزة أمن السلطة الفلسطينية بدورها في قمع الانتفاضة ارتباطاً بعدة عوامل أبرزها:
أولاً : أن القيادة المتنفذة في منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية لم ولن تغادر مربع أوسلو واستحقاقاته وعلى رأسها التنسيق الأمني مع الاحتلال ، والمؤشر على ذلك موقف وزير خارجية السلطة الفلسطينية رياض المالكي، الذي عبر عنه في مؤتمره الصحفي عشية انعقاد اجتماع وزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة بالقاهرة بتأكيده على استمرار السلطة السير في مسار السلام بمرجعيات جديدة ، دون الإشارة إلى أنه سيقطع نهائياً مع اتفاقات أوسلو خاصةً وأن أكد أن مصير القدس يتحدد في مفاوضات الحل النهائي "المنصوص عليها في أوسلو".
ثانياً : أن التجربة الملموسة في فلسطين ، تؤكد أن خيار المفاوضات يقطع نهائياً مع إستراتيجية المقاومة ولا يبني عليها ، وفي الذاكرة الدور الذي لعبته أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في إجهاض انتفاضة السكاكين والدهس عام 2015 ، عبر منعها الجماهير الفلسطينية من الوصول إلى حواجز الاحتلال والاشتباك مع جنود العدو والمستوطنين ، وعبر التفتيش في حقائب الطلبة الفلسطينيين لمصادرة السكاكين ، وعبر دورها في إجهاض عشرات العمليات الفدائية .
ثالثاً : لأن رئاسة السلطة واضحة في خطابها السياسي، ضد نهج المقاومة بكل أشكالها ،وأبرز مثال على ذلك اشتراط القيادة السياسية والأمنية في السلطة الفلسطينية لإتمام المصالحة، بأن يتم تجريد المقاومة في قطاع غزة من سلاحها ، وحصر السلاح فقط في أيدي الأجهزة الأمنية.

انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة القميص بين المغرب والجزائر


.. شمال غزة إلى واجهة الحرب مجددا مع بدء عمليات إخلاء جديدة




.. غضب في تل أبيب من تسريب واشنطن بأن إسرائيل تقف وراء ضربة أصف


.. نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي: بعد 200 يوم إسرائيل فشلت




.. قوات الاحتلال تتعمد منع مرابطين من دخول الأقصى