الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في علم اجتماع الفرد- خمسون حديثا عن الواقع واللامعقول واللغة

وديع العبيدي

2017 / 12 / 14
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


في علم اجتماع الفرد- خمسون حديثا عن الواقع واللامعقول واللغة
اصدارات- جديد..
عن دار شمس للنشر والاعلام في القاهرة صدر كتاب جديد للكاتب والباحث العراقي وديع العبيدي بعنوان [في علم اجتماع الفرد- خمسون حديثا عن الواقع واللامعقول واللغة]، ويضم جانبا من اشتغالات الكاتب الاجتماعية التي تعود بداياتها الاولى في اطار مجلة ضفاف الثقافية التي اصدرها في النمسا خلال [1999- 205م]، وعاد لاستكمال مرحلتها الثانية في جريدة العرب الاسبوعي اللندنية للأعوام [2006- 2008م]. وتشكل النقلة الألفينية والعولمة وما بعد الحداثة. محور تلك الاشتغالات وانعكاساتها على منطقة العرابيا وشرق المتوسط، على مستوى الفرد والمجمع.
يرى الباحث في هذا الكتاب ان الفرد بالمعنى العام - اولا، والفرد الانسان بالمنظور القيمي- ثانيا، هو الهدف/ العدو والضحية الأول والأخير لعملياتية العولمة وجوهرها الفكري والفلسفي المتمثل بما بعد الحداثة/ [postmodernism].
ومن الملاحظات التي يتوقف لديها الكتاب بجرأة ودقة عملية، انه بينما كان الغرب يتّجه لحماية نفسه وتدعيم كيانه بإنشاء اتحادات ومنظمات إقليمية وأممية ذات صفة سيادية، كانت بلدان العالمين العربي والإسلامي تستغرق نفسها وإمكانياتها في أزمات محلية وخارجية فيما بينها، من باب الاستعداء والمنافسة التدميرية. ومع تطور الرؤى الستراتيجية المركزية الغربية التي تنظر لمستقبلها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والعسكري ككل متماسك ومتعاون، على صعيد المحلية والإقليمية والغربنة الدولية، بقيت الرؤية الستراتيجية غائبة إطلاقا في العقل السياسي العربي والمسلم، وبقيت ظاهرة التشوه القطاعي وأمراض النظام السياسي وعقدة الحكم والفردية، هي الطابع العام للشرق، وهي نفسها المتوارثة منذ بدايات ظهور الدول وعوائل الحكم الشرق الأوسطية في أيام الإمبراطورية الرومانية.
وبسقوط أنظمة الدول الوطنية مع بداية الألفية، فقد المواطن غطاء المواطنة والنظام والقانون الذي كان يحمي حقوقه وينظم واجباته، ويحفظ كيانه الفرد في مواجهة القوى التقليدية والمافيات والغزو الخارجي. إلغاء الدولة الوطنية، عنى إلغاء الحدود الجغرافية السياسية التي تمثل الهوية الوطنية والهوية الفردية للمواطن، ليجد الفرد نفسه، بذلك الغياب عاريا ومباشرة في مواجهة العالم/ الفك المفترس/ التمساح، في صورة المنتجات السلعية للشركات الاجنبية عابرة للقارات من جهة، وفريسة للغزو الالكتروني المتمثل بشبكة النت والهاتف الفضائي وشبكات التواصل الاجتماعي، ومن غير أي حماية وطنية او قانونية او غطاء أخلاقي.
فبعد تفتيت كيان الدولة وتفكيك مؤسساتها الوظيفية والخدمية، أصبح الفرد هدفا للتفتيت والتفكيك والتعرية وتجريده من أية مقومات مادية اجتماعية او قيمية أخلاقية، وبشكل يقوده الى شبكة التمساح الرأسمالية، لما يسمى تأمين مكان في خيمة العولمة/ الشبكة. ومن يبقى خارجها، يكون وحيدا مغتربا متوحدا ولا يجد دعما او غطاء او تعزية، وسوف يتخلّى عنه الجميع بدءاً من العائلة والأصدقاء، الى مؤسسة العمل والفكر والدين، المنصرفة لتأمين مصالحها ضمن المنظومة الجديدة.
ويشكل علم الاجتماع الذي تدور هاته الأبحاث والرؤى في إطاره، فهو الرابط المشترك بين القيمية الإنسانية من جهة والوجودية الإنسانية من جهة مقابلة. فاذا كانت رؤى الاستشراق الجديد وما بعد الحداثة، تشكل انقلابا ونفيا للمنظور الإنساني لفلسفات الحداثة والتنوير. يستخدم العبيدي نفس الأدوات لنفي أفكار الـ"بوست مودرن" وإثبات خوائها الأخلاقي والروحي والإنساني، بوصفه نتاج نزعة تدميرية، تعكس تفاقم أزمة الرأسمالية الإمبريالية وبحثها عن متنفَّس لتصدير أزماتها خارج المنظومة الغربية.
ويدعو المؤلف في إزاء التحولات العولمية والإمبريالية، الرأس العام الإنساني والثالثي الى تشكيل موقف إنساني ستراتيجي لحماية كيانه وقيمه من الذوبان والانسحاق في ماكنة الإمبريالية الرأسمالية، للعبور الى مرحلة الاستقلالية الذاتية والمحصّنة داخليا في إطار العائلة الإنسانية.
ولما كانت فلسفة العولمة والزمن الجديد تقوم على ترويج وتدويل المفردة الإعلامية والمصطلح وتسخيرها لإيقاع التاثير والمنفعة السريعة، يستخدم الباحث في الخمسين حديثا من كتابه مراجعة تلك المصطلحات في منظور علم اجتماع المصطلح وتطبيقاته العولمية المنافية لمعانيها الحداثية الأصلية، فاصطلاحات الثقافة والحداثة والدمقراطية والدين والعنف والإرهاب والأكاديما والعمل والأخلاق، لا تعني اليوم نفس المعاني التي عرفها جيل الآباء، قبل نصف قرن مثلا. ويعاني جيل المخضرمين وكبار السنّ اغترابا فكريا اجتماعيا من جرّاء ذلك.
منهج الكتاب يربط بين الإنسان والواقع، ويرفض أن يكون الإنسان جزءًا/ تابعًا من صيرورة الواقع، فالإنسان مركز الوجود، ومبدع لحظته الآنية/ التاريخية. ومنذ طفولة الإنسان، نجح بعقله ومجهوده الفردي في الخروج من البرية الى القرية، ومن الغابة الى المدينة، وهو ما يتعارف عليه بالحضارة التي هي منتوج بشري. فالإنسان هو الصانع والمبدع والمنتج والمستهلك والمجدد والساعي للجديد والأفضل دائمًا. وبحسب مستوى منتوج الإنسان وسعيه العقلي، يكون مستوى الواقع وطبيعته. الواقع الغربي غير الواقع العربي، ومجتمعات الشمال غير مجتمعات الجنوب. العقل الخامل ينتج واقعًا خاملاً متخلفًا ورجعيًا، والعقل المبدع ينتج واقعًا متقدمًا وخلاقًا. الانتاج يساعد في تحقيق الاكتفاء الذاتي والسيادة وتحقيق التراكم والسيطرة، بينما الخمول والكسل التاريخي ينتج حالة الطفيلية والتبعية وثقافة الاستهلاك والحاجة الانتهازية والعبودية.

كتاب [علم اجتماع الفرد] يعيد صياغة المنظومة الاجتماعية وبلورتها في حالة الإنسان/ الفرد، مفترضًا فيه تكامل بناء الذات وفاعليتها الإبداعية. إن مركز علة الشرق هو ثقافته القطيعية المعرقلة لخروج الفرد على منظومتها، أو الانفراد بذاته خارج السرب/ بيت الطاعة. وفي مواجهة كل من الإرث التقليدي وتشظيات العولمة، يدعو المؤلف للاهتمام ببناء الذات الفردية وتحصينها لتكون كفئا لوظيفتها الاجتماعية التاريخية، بعيدًا عن نُظم الوصاية والتأثير عن بعد.

https://books.google.co.uk/books?id=sE83DwAAQBAJ&pg=PT1&lpg=PT1&dq=في+علم+اجتماع+الفرد+-+وديع+العبيدي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر