الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحلات مغربية : مذكرات عاشقين مشردين

عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .

2017 / 12 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


-1-

كانت محطة طنجة تغص بالمسافرين، كان الهاتفان قد نفذت بطارياتهما، ما رأى المرء قحطا يضاهي قحط أصحاب المقاهي، لقد رفضوا رفضا باتا شحن بطاريتي هاتفيهما فكان مصيرهما أن ينعزلا عن العالم، باولينو الذي كان يجلس بالقرب من سلمان مرتديا بيرية سوداء ذبل وجهه وصار ممتقعا، ربما لن ير باولينا الطنجاوية مرة أخرى، أخبر سلمان أنها بيضاء كالشمعة، ربما من هول استهاماته بدت له كحورية من حوريات البحر المتوسط، يراه سلمان يستمع لآخر رسائل الواتساب :" افينك ا الحبيب ديالي" . يسافر خياله بعيدا، تتراءى له حافلة في منطقة نائية تصدر صوتا خافتا، يستيقظ من غفوته، يستجمع محفظته، وينطلق مهرولا صوب آخر حافلة تخرج من طنجة صوب تطوان يتبعه سلمان .
-2-
كان الخروج من مدينة طنجة في الساعة الواحدة بعد الزوال، تصل المسافة بين طنجة وتطوان حوالي 63 كلم عبر الطريق الوطنية رقم 2، كانت الحافلة مكتظة بالراكبين، يتكلمون الكثير من اللكنات المغربية، الملاحظ خلال هذه الطريق هو الطبيعة الخضراء الخلابة التي تتكون بشكل خاص من أشجار العرعار، والمنازل الريفية المبنية بالآجور ذات الألوان الآسرة، وما لفتني أيضا هو شروع الفلاحين في عملية الزراعة، إذ يعتمدون على الزراعة التقليدية التي ترتكز على الطاقة الحيوانية المرفوقة بجهد الفلاح، في طريقنا صادفنا دوار بني واسين الذي ينتمي إلى جماعة البحراويين بإقليم الفحص أنجرة، يقول ابن خلدون أن أصل بن واسين هو قبيلة زناتة، غادرنا هذه القرية وواصلنا الطريق شرقا، وهناك وجدنا قرية الحكامة، وعلى يسارنا قرية الجوامعة، ثم بعد ذلك قطعنا حوالي 15 كلم، فخرجنا من إقليم طنجة ودخلنا إلى إقليم تطوان، فمررنا عبر قرية فم الحصن، تتكون هذه القرية من عدة دواوير لعل أبرزها دوار لعلالش، ودوار نوانوت ودار الغابة، تعاني هذه الدواوير من القنص الكثيف خلال موسم الصيد ومن تلويث البيئة، قبل أن ندخل إلى تطوان تم إيقاف الحافلة لبرهة من الزمن من طرف الشرطة بغرض التحقق من الهويات، ثم بعد ذلك واصلت سيرها إلى المحطة .
-3-
تتموقع تطوان بين جبل الدرسة وجبال الريف، وتبتعد عن البحر المتوسط بحوالي 5 كلم، منازلها بيضاء، أندلسية الطابع، ناتئة على الجبلين، تبدو كفتاة جميلة ذات أحلام واستيهامات وردية، كلما فارقها المرء يشعر بحنين مضاعف، التجول فيها حلو خصوصا مع النسيم البحري العليل الذي ينساب على المدينة خلال الليل، أخبرني أحد أصدقائي التطوانيين أن أهلها يفضلون المكوث في البيت بدل الخروج، والخروج يكون لضرورات، لهذا من النادر أن يلاحظ المرء جلوس النساء في المقاهي بالمقارنة مع مدن الرباط والدار البيضاء، تبقى مدينة تطوان عريقة جدا، ففي غربها عثر على بقايا مدينة رومانية تعود إلى القرن 3 قبل الميلاد، ظهر اسم تطوان منذ القرن 11، لكن اسمها سوف يرتبط بالرجل الغرناطي علي المنظري كأحد هؤلاء الذين حلوا بالمدينة بعد قرار الملكة الإسبانية إليزابيث بطرد كل المسلمين واليهود من الأندلس، كما أنه يعد مهندسها وحاكمها إلى جانب زوجته السيدة الحرة ابنة علي بن راشد مؤسس مدينة الشاون، إن تطوان كلمة أمازيغية تعني العيون وهذا الاسم غالبا استخدمته قبيلة غمارة التي استوطنت قريبا من المدينة . ومن المعالم السياحية في تطوان نجد المدينة القديمة، نجد كذلك المتحف الأثري الذي يحوي بعض النقود البرونزية القديمة والفخار والعديد من المجلدات القديمة، إضافة إلى منطقة السوق بالمدينة القديمة حيث يتم بيع الملابس والمنسوجات التقليدية والمجوهرات المصنوعة يدويا، ولا ننسى متحف الاتنوغرافيا الذي تأسس سنة 1948 حيث يعرض أشكال طقوس الزواج بالمدينة، إلى جانب الكاتدرائية الإسبانية القديمة ذات اللون الأصفر البراق، وسنيما إسبانيول اللتان تشهدان على الإرث الإسباني في الشمال المغربي .

يتبع

16 نونبر 2017/ الناظور / المغرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طيران الاحتلال الإسرائيلي يستهدف سيارتين في بلدة الشهابية جن


.. 11 شهيدا وعدد من الجرحى في قصف إسرائيلي استهدف سوق مخيم المغ




.. احتجاجات ضخمة في جورجيا ضد قانون -النفوذ الأجنبي- الذي يسعى


.. بصوت مدوٍّ وضوء قوي.. صاعقة تضرب مدينة شخبوط في إمارة أبوظبي




.. خارج الصندوق | مخاوف من رد إسرائيلي يستهدف مفاعل آراك