الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل سلامتي

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2017 / 12 / 14
الادب والفن


لا يمكن أن أبقى أنظر إلى الشّارع من النّافذة بسبب التّحذير من العاصفة
هناك على السفح البعيد تتراكم الثلوج، ويتزاحم الأطفال على الأراجيح، بينما انا مسجونة بسبب تحذير من أجل سلامتي
إن لم أجرّب حرارة الثّلج سوف أبقى أرتجف
يلّفني صقيع، وأقترب من المدفأة، وكلما زادت الحرارة ازددت برداً
كلّ الأشياء تقدّم لي مجاناً لأجل سلامتي
وسلامتي تبعد عنّي
أتحوّل إلى كومة قشّ
أحترق
يحيطون بي كي لا يذاع السّر
وتكون سلامتي غصّة العمر
كدّت على وشك الوقوع في الحبّ، على وشك الرّقص، على وشكّ كتابة قصيدة، وعلى وشك ان أكون أنا لولا أنّ سلامتي تتطلب الامتناع عن هذه الأشياء التافهة التي أخشى أن أبوح بها.
ورميت نفسي من النافذة فحماني الثلج من الرّضوض، ركضت خلفك أرغب أن تمسك يدي، ونمشي معاً حتى يغيبنا الأفق، يرسم مسيرنا فنّان يخلدّنا في لوحة ليست من الخيال. نبات بين التلال حيث تلفنا رائحة الأرض ، ونسكر من الحبّ .لا نشعر عندما نطير .ينبت جناحان قويان، نستمر في العلوّ، ونصل إلى المرحلة الزرقاء، تتراقص أرواحنا بعد أن نرمي أجسادنا إلى الأرض، تصبح ذبذبات روحي تائهة بينما تتجه أنت إلى الفناء.
لم يحدث هذا حبيبي، لم ترغب أن تكون رجلاً في حياتي، ولا أن نطير معاً. أردت أن نختبئ ضمن أسطورة حبّ كانت على وشك الوقوع. أن نلبس ثياباً تقينا وتحافظ على سلامتنا، مات حلمي على طريق الوصول، بدأت في نسج حلم جديد، بحثت فيك عن رجل جديد. صوتك صوت رجل. أوامرك، صراخك، شتائمك، وأشياء أخرى كلّها تخصّ الرّجال. أنت رجل حقيقي من لحم ودم، تمارس كل ما أوتيت به من قوة خشية على سلامتي.
نشرتُ أحاديث السّلامة على حبل غسيل، عندما نزل المطر مرّة خلعت أثوابي المبللة ومشيت عارية حفاظاً على سلامة الثياب، من يومها وأنا أتعرى. مرّة بإرادتي، وأخرى رغماً عنّي، كلما عُرّيتُ أو تعرّيت أشعر بالحقيقة التي تتناثر حول جسدي المكبوت، تحوّله إلى جمر، وأنظر من نافذتي إلى الثلج أراقب الأطفال وهم يركبون الأراجيح هناك على التلّ البعيد، أتوق إلى الانعتاق من تلك النافذة ، أثور. أمزّق بعض شعري، وأنت تنظر إليّ نظرة رجل وقور. أمسِكْ يديّ لو سمحت. امنعني من إيذاء نفسي. يا لك من بارد باهت . اعتقدت أنّك ستقيم معركة من أجلي، وتنزع يديّ من شعري، ثمّ تصالحني على رحلة سياحيّة نعيد فيها بعض طقوس الحبّ. فإذ بك تبتسم ابتسامة صفراء وتغادر من أجل سلامتي.
يعانقني في الليل رجل آخر ليس أنت. عملت على تشكيله من الطّين بطريقتي. طريقة بشريّة ، وعندما تبدأ في الشخير. أدير رأسي فألتقيه. يحدّثني عنّي، يذوب عشقاً، وينحني أمامي كلّما هبّ الهواء، أخجل من حبّه. أستسلم لإرادته طوعاً، وأغفو على كتفه. كم كنت أتمنى لو تكون أنت ذلك الرجل الذي أخونك معه كلّ ليلة. الفرق بينكما أنّه يدرك جميع حاجاتي، ومنها حاجتي إلى رجل يمتدح جميع الأشياء التي يراها في امرأة يخاف الآخرون على سلامتها بينما هو يمنحها لحظة من أجل المغامرة، من أجل الوقوع في الحبّ، ومن أجل كتابة القصيدة.
من أجل سلامتي فقط شكّلت رجلاً لا ينافسني على سرقة الأضواء، أعيش معه اليوم بعض لحظات العمر، وعندما تشخر فقط، ويفوح من جسدك رائحة خمر. أكون في حالة عشق وعناق مع الرّجل الآخر. أنت تعرف أنّني مسكونة بالعار، أنظرُ إليّ كخاطئة لأنّني أعيش مع رجلين في نفس الوقت. أحدهما ينطلق منه شخير أبدي، والآخر يقاسمني بعض لحظات الحبّ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | على الهواء.. الفنان يزن رزق يرسم صورة باستخدا


.. صباح العربية | من العالم العربي إلى هوليوود.. كوميديا عربية




.. -صباح العربية- يلتقي نجوم الفيلم السعودي -شباب البومب- في عر


.. فنان يرسم صورة مذيعة -صباح العربية- بالفراولة




.. كل يوم - الناقد الفني طارق الشناوي يحلل مسلسلات ونجوم رمضان