الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


للحقيقة مكان اخر تسكنه

سارة يوسف

2017 / 12 / 14
الادب والفن


للحقيقة مكان اخر تسكنه
سارة يوسف
اختلف خالي يوسف وخالتي مريم كثيرا وتخاصما لسنين ولَم يتصالحا لحد يومنا هذا ، حتى ان وفاة جدتي فاطمة ومتطلباتها من إقامة العزاء والفاتحة لم ينهي خلافهما ولم يقلل من حرارة الغضب الذي انتابتهما والخصومة التي فرقتهما.
كان يوما زاهيآ ذهبيا بشمسه يوم قررت ان أضع قلادة جدتي الثمينة جدآ في عنقي ...... نظرت لجمال القلادة الذهبية المطعمة بشلال من اللؤلؤ الطبيعي الموصول بشكل انيق رغم اختلاف احجامه . لقد اهدى احد شيوخ البحرين القلادة لجدي تعبيرا عن الصداقة التي تجمعهما خصوصآ في رحلات الصيد البرية ..
ببساطة جدتي لا تسمح لي بلسمها او ربما النظر اليها لوقت طويل .. ولهذا أخذت القلادة دون علمها .. لم ادرك تلك اللحظة النتائج . كنت يافعة املك من العمر أربعة عشر ربيعا فقط .. همي هو الجمال والتميز عن الصديقات .. لمستها بيدي ثم علقتها على صدري لا اذكر ان الضمير ظهر تلك اللحظة غير ان الخوف اطبق على صدري مع القلادة .لطالما ذكرت جدتي على أسماعنا ان تلك القلادة تساوي سعر قصركبير ، هذه الكلمات لم تكن تعني لي شيئا أبدا ولَم أصدقها .. .. المهم جمالي في حفلة عيد ميلاد صديقتي جنة ....
ذهبت الى الحفلة وداخلي ملئ بالفخر والكبرياء كآن القلادة منحتني ذلك الشعور الساكن في تلك الطبقة البرجوازية التي لطالما سمعنا عنها .. كما أعطتني نشاطا جعلني أرقص وأغني وابتهج .. وفِي قمة الفوضى نسيت السرقة وجدتي وقلادتها الثمينة ....وكان جل اهتمامي الحفلة والتسلية ..... في طريق الرجوع الى البيت بعد انتهاء الحفلة تذكرتها ورجع الى قلبي الخوف بل الرعب وانا أتلمس جسدي وعنقي ولا شئ هناك .. قلادة اللؤلؤ والذهب فقدت تماما رجعت الي بيت صديقتي جنة بحجة ضياع خاتمي خوفا من ان يصل الى إسماع جدتي اَي كلمة عن القلادة .... بحث الجميع عن الخاتم الكذبة اما انا كنت ابحث عن قلادة جدتي وهدية زوجها المقدسة وكنزها الثمين .... بلا جدوى لاشى حصلت عليه كما انني غير متيقنة أين ضاعت في الشارع او في بيتنا ربما لم اقفلها جيدا وهي الان في مكان ما في بيتنا كلما مر الزمن فقدت الأمل بالعثور عليها .... ربما تكون في دارنا
عندها رجعت مسرعة فتحت باب البيت وجدت جدتي ثائرة وخالتي مريم تقسم لها انها لم تلمسها قط وخالي كذلك لكن كلماتهما واقصد خالي يوسف وخالتي مريم لم تفلح للوصول الى جدتي... حزنت جدتي كثيرا على ضياع قلادتها وحزنت اكثر ان احد ابنائها هو من سرقها وربما الاثنان معآ وقاطعتهما طول العمر الذي انطفآ بعد ضياع القلادة الثمينة بعامين .. توفيت جدتي فاطمة .... وتخاصم خالي وخالتي .. كان خالي متأكدا من ان خالتي هي الفاعلة لم يزعل علي القلادة فحسب بل صب غضبه و حزنه ايضا على حظه العاثر كوّن جدتي توفيت ولَم تعرف الحقيقة ... أين اختفت تلك القلادة الجميلة !!!! ... كان متاكدا انها مع خالتي وهوينتظر يوما بعد اخر براءته ...
بقيت العائلة جميعها تنتظر نفس الْيَوْمَ الحقيقة فقط .. خالتي دافعت عن نفسها بطريقة غبية كثر الصراخ والقسم فيها لهذا فقدت الصدق واضعفت حجتها ..
كانت هي المذنبة من وجهة نظر كثير من الأشخاص القريبين منا ، غير انها بقيت تردد الى يومنا هذا .. لم أكن انا السارقة ... وربما هي الآخري انتظرت نفس الحقيقة التي تلهف خالي لظهورها ... اثرت تلك القلادة على حياتنا جميعا ... ليس فقط لأننا فقدنا كنزا بل لأننا جميعا خسرنا ترابطنا وسعادتنا وأفراحنا واللمةالممتعة ..... بقي سر القلادة معي يخبرني يوميا عن ان للحقيقة مكان اخر تسكن فيه .. مكانآ لا يخرج منه صوت أبدا ويمتلكه خوفآ شديد بل رعبآ لا يوصف ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3


.. فيلم مصرى يشارك فى أسبوع نقاد كان السينمائى الدولى




.. أنا كنت فاكر الصفار في البيض بس????...المعلم هزأ دياب بالأدب


.. شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً




.. عوام في بحر الكلام - الفن والتجارة .. أبنة الشاعر حسين السيد