الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استقطاعات رواتب الموظفين والمتقاعدين + الخصخصة = الإرهاب والفساد الإداري

فلاح أمين الرهيمي

2017 / 12 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


إن أية ظاهرة في الوجود تكمن وراء ظهورها أسباب وعوامل أما أن تكون سلبية أو إيجابية فإذا كانت الظاهرة سلبية يجب معالجتها والتخلص منها لأن بقائها واستمرارها تصبح مرضاً عضال يصعب القضاء عليه وإذا كانت إفرازات الظاهرة إيجابية يجب المحافظة عليها والاعتقاد بها واتخاذها أسلوب عمل وتجربة والاستفادة منها الآن والأجيال القادمة، وحقيقة الظاهرة نستطيع معرفتها والوصول إليها من خلال المعلومات المستخلصة من التجربة والواقع الملموس وعلاقتها بالسبب والنتيجة.
وعراقنا المستباح وشعبه المذبوح كان يطلق عليه (بموطن الحضارات وشعاع المعرفة) ومن خلال تاريخه مر في مراحل مختلفة سلبية وإيجابية من خلال طبيعة الدولة وحكامها وكانت إيجابياتها في التاريخ واضحة ومعروفة كشعاع الشمس في رابعة النهار. إلا أن ما يؤسف له كانت طبيعة الدولة التي تحكمه عناصر سلبية فهذه الإفرازات السلبية تعني بالقدر الذي تتدهور فيه بنية الدولة تتدهور معها شروط التنمية الاقتصادية وتتفاقم التوترات الاجتماعية مما يؤدي إلى ضعف خطوط التقدم على طريق سعادة الشعب ورفاهيته وحريته ووعيه وثقافته التي لها علاقة مباشرة بالديمقراطية التي هي المعيار الحقيقي بعلاقة الشعب بالدولة وتفرز هذه الظاهرة السلبية نتيجة ذلك تدهور الوعي الاجتماعي والسياسي والاقتصادي فيتحول من وعي إنساني إلى وعي طائفي وفئوي وعشائري. وهذه الظاهرة بالرغم من أنها كانت موجودة في مراحل العراق السابقة إلا أنها وما يؤسف له لم تكن بالقوة والتحيز والعنفوان التي ظهرت بها وانتشرت من خلالها في مرحلة الاحتلال الأمريكي الأسود والمشؤوم وما أفرزه ذلك الاحتلال بعد عام 2003. والآن ذكرت إحصائيات الأمم المتحدة (إن العراق يعتبر من الدول المتقدمة في الفساد الإداري). وكأن التاريخ منذ حوالي القرن من الزمان يعيد نفسه الآن بعد الاحتلال البريطاني للعراق عام/ 1914. حينما قال الشاعر الكبير الراحل معروف الرصافي :
علم ودستور ومجلس أمة
كل عن المعنى الصحيح محرف
فالعلم العراقي الآن مطرز عليه اسم الجلالة (الله أكبر) ورأس الحكمة مخافة الله. إلا أن ما يؤسف له أن هذا العلم مرفوع فوق دوائر الدولة. أو وضع على طاولة المسؤولين الكبار في الدولة العراقية وأيديهم ملوثة بالفساد الإداري. والدستور العراقي تمت المصادقة عليه وفق القاعدة التوافقية : (أرضيك وارضيني، أسكت عنك واسكت عني). أما مجلس النواب الموقر (مجلس الشعب) الذي حملنا ورقة الانتخاب وتحدينا من أجلهم الإرهاب والبرد القارص والحر اللاهب من أجل أن نحملهم ونوصلهم إلى قبة البرلمان فلم يتفقوا ويعملوا إلا من أجل مصالحهم الخاصة ومعارفهم وأخصائهم ولم يتفقوا إلا من أجل السيارات المصفحة إليهم والرواتب الكبيرة والأراضي.
يقول أهل العلم والمعرفة : (إن الدولة ضرورة اجتماعية ونفسية وأخلاقية فهي اجتماعية لأنها تنظم أمور المجتمع. وهي نفسية لأنها تحقق شعور الأمن للمجتمع. وهي أخلاقية لأنها تحقق العدالة الاجتماعية بين أبناء المجتمع).
والآن استعرض ما قاله الفلاسفة العظام عن الدولة والإنسان. يقول الفيلسوف سقراط الذي انطلق من تعاليمه التي تعتبر بمثابة مفتاح التطور والمعرفة : كانت محور تعاليم سقراط أعرف نفسك لأنه يعتبر الإنسان بطبيعته صالح ولكن الشر الذي يأتيه الإنسان إنما يأتيه من جهله نفسه وإن الفضيلة هي هدف الإنسان ولم يبلغ الإنسان هذا الهدف إلا إذا عرف نفسه وسعى إلى تهذيبها بالمعرفة والعلم.
أما الفيلسوف أفلاطون الذي كان التلميذ الأقرب إلى أستاذه سقراط الذي وضع أنظمة الحكم في كتابه المشهور (جمهورية أفلاطون) الذي جمع ووضع برنامج الدولة في ثلاث فضائل :-
1) هي الحكمة والعدالة في الحاكم.
2) الشجاعة في المحارب.
3) الاعتدال في المواطن.
وقال : (إن النظام والعدالة وصلاح الحاكم ليست إلا نتائج حتمية للفضائل الثلاث المذكورة) ومما يجدر ذكره ما شهد به الكاتب الكبير والمفكر جان جاك روسو بعد ألف وتسعمائة سنة من موت أفلاطون : (عن مقال أفلاطون عن برنامج الدولة هو أحسن ما كتب في الموضوع).
أما الفيلسوف الصيني كونفوشيوس فإنه انحدر من أسرة أرستقراطية فساعده ذلك على أن يتبوأ مراكز حكومية في الدولة كما كان مركزه يساعده على التبشير بنظامه الإصلاحي وأخذ يدعو الحكام والأمراء إلى إصلاح أنفسهم أولاً لكي يتمكنوا من إصلاح رعاياهم وكانت فلسفته (كيفما تكونوا تكن رعاياكم) وسئل عن رأيه في الحكومة الصالحة فأجاب (الحكومة الصالحة هي التي يثق بها شعبها) وأجاب أيضاً (إن على الحاكم أن يصلح نفسه أولاً ومتى ما أصلح نفسه وجب عليه أن يعمل على إصلاح عائلته وأقاربه وبطانته) فالإصلاح في نظر الفيلسوف كونفوشيوس يجب أن يأتي من فوق أي من الدولة وليس من تحت أي من الحكام والأمراء والموظفين التابعين. لأن كان الفيلسوف كونفوشيوس فيلسوفا وحكيماً ومصلحاً وكانت تعاليمه تهدف إصلاح الشعب الصيني وحكامه حيث أحزنته الفوضى الإدارية والأخلاقية المتفشية في الدولة ورعاياها فنذر نفسه وحياته كلها لعمل شيء من أجل القضاء على تلك (الفوضى وكان يطوف أنحاء الصين داعياً إلى النظام وإصلاح المجتمع ويحمل لافته كتب عليها (أصلح نفسك) هذه الآية التي كان يحملها الفيلسوف كونفوشيوس في تطوافه بالصين ويرددها على تلاميذه ومستمعيه كما كان الفيلسوف سقراط الإغريقي يطوف المدن ويحمل في تطوافه لافته كتب عليها (اعرف نفسك). ولم يسلم الفيلسوف كونفوشيوس من دسائس الانتهازيين ووعاظ السلاطين وحاشية الحكام والأمراء الفاسدين فاعتزل المراكز الحكومية واكتفى حاملاً رايته متجولاً وداعياً ومبشراً بفلسفته الإصلاحية. فمات حزيناً ومقهوراً ومضطهداً بعد أن خابت آماله في إيجاد حاكم وأمير صالح يتعظ بتعاليمه.
وليس هؤلاء الفلاسفة القدماء كانوا يبشرون ويدعمون الحكام والأمراء إلى الإصلاح وخدمة الشعب ورعاية وحماية الفقراء والأيتام والجياع وإنما كان الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) حينما تولى الخلافة يقول (والله لو علمت أن قشرة حبة شعير اغتصبت من حشرة لذهبت وطالبت بها) كما قال (لو كان الفقر رجلاً لقتلته) وولده الحسين (عليه السلام) قال (إن صرخة مظلوم أمام ظالم تعادل الثقلين). وكان الصحابي الجليل أبا ذر الغفاري يقول (أينما ذهب الفقر قال له الكفر خذني معك). كما قال (أعجب لإنسان يذهب إلى داره ولم يجد رغيف خبز ولم يخرج شاهراً سيفه).
والآن في العراق المستباح وشعبه المذبوح تمسك المواطن العراقي قوتان قدره يمضي بها فيدرك ويحصل على الشيء الذي يريده ويرغب به أو يتمسك المواطن العاجز الذي لا يملك القوة والقدرة يستعين بالصبر ويقعد به فيطمئن. ولكن المواطن العراقي امتحن بشيء وحالة لا يقدر عليها وهو مع ذلك أصبح لا يتحمل أو يستطيع الصبر عنه مما جعله أن يصبح في حالة لا إنسانية ولا وحشية ولا دونهما ولا فوقهما فتتسلط عليه كل القوى في داخله فيصبح مرتطماً بين هذه وتلك وهو في هذه الحالة المأساوية ولشدة فعلها ووقعها فيتحطم تحطيماً بين مطرقتين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا- لصاروخ كروز


.. حزب الله اللبناني يوسع عملياته داخل إسرائيل ويستهدف قواعد عس




.. حزب الله يعلن استهداف -مقر قيادة لواء غولاني- الإسرائيلي شما


.. تونس.. شبان ضحايا لوعود وهمية للعمل في السوق الأوروبية




.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية.. وطلاب معهد