الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرّجل الذي حاز على كراهية العالم

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2017 / 12 / 18
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


كان شخصيّة فريدة في التّاريخ الحديث. رجل حاز على كراهيّة العالم بجدارة، وقد أفنى ستة ملايين يهودي من ألمانيا وأوروبا، وخمسة ملايين من غير اليهود. نسبة كبيرة بينهم من الغجر. إنه أدولف هتلر.
اعتقد نفسه المسيح ، القديس متى، أو حنا المعمدان، وقد سمى نفسه "الصوتُ الصارخُ في البريةِ " مستخدماً كلماتِ القدّيسِ متى في إنجيلِهِ، يقولُ : " عندما جئتُ إلى برلين بعدَ أن غادرتُ النمسا. نظرتُ فرأيتُ الترفَ، والظلمَ ، والتغلغل والمظاهر الباذخة، والماديةِ اليهوديةِ كلّ هذا ساءني حتى كدتُ أن أفقدَ رشدي. فقطْ ساعتها كدتُ أرى في نفسي يسوع المسيح عندما ذهبَ إلى هيكلِ أبيهِ، ووجدَ العرّافينَ قد استولوا عليهِ. أستطيعُ تماماً أن أتخيلَ كيفَ كانَ شعورُه عندما التقطَ سوطاً وبدأ يضربُهم ويطردُهم خارج الهيكل"
لم يكنْ هتلر معجباً بالمسيحِ لأنّهُ كان يعتبره ليناً وضعيفاً، وشخصيته لا تناسبُ شخصيةِ المسيح الألماني الذي يجبُ أن يكونَ قاسياً. كان يؤمنُ إيماناً حقيقياً بأنّهُ المسيحُ الثاني الذي أرسلَ ليقيمَ نظاماً من العنفِ والقسوةِ .
لو بحثنا في خصوصيةِ هتلر، لفهمنا من خلالها شخصيتَهُ الحقيقية. كانَ الشعبُ الألماني ينظرُ إليهِ أنهُ قد تسامى فوقَ الحياةِ الخاصةِ ونقاطِ الضعفِ الإنسانيةِ، وقالَ من كتبوا عنهُ حينذاكَ من مؤيديهِ بأنّهُ :" يشعرُ باحتقارٍ بالغٍ للجنسِ كونهُ نقطة ضعفٍ عند الرجالِ يحوّلهم إلى حفنةٍ من الحمقى والمغفلينَ حيث قالَ: لن يتزوجَ ف"ألمانيا هي عروسُهُ الوحيدة" لكنّ هذا الكلام لا أساسَ لهُ من الصحةِ.
ارتبطَ اسم هتلر بعدد كبيرٍ من النساءِ ، ولا سيما النساء العاملاتِ في الصحافةِ الأجنبيةِ. بل إنَّ لهُ علاقةٌ مع النساءِ في مستوياتٍ مختلفةٍ فقد تبنّتهُ عدةُ نساءٍ مثل" كارولا هوفمان " ثم "هيلنيه" زوجةُ مصنِّعِ البيانوهاتِ والتي أنفقتْ عليهِ الأموالَ وقدّمتهُ إلى دائرتِها الاجتماعيةِ ، ويقالُ : " أنّ هتلر كانَ كثيراً ما يجلسُ عندَ قدميها ويسندُ برأسهِ إلى صدرِها بينما تربّتُ عليهِ بحنانٍ وهي تدمدمُ " يا فوفي الصغير " كانتْ هذه العنايةِ من أجلِ أن يتزوجَ ابنتها" لوتي" حيثُ لم تكن جميلةً. طلبَ هتلر الزواجَ من ابنتها إحساساً منهُ بالالتزامِ، لكنّها رفضتهُ، بقيتْ علاقتهُ مع السيدة الأمِّ حتى بعدَ وصولِه إلى السلطةِ، يقالُ : أنّها كانت توبّخُه حتى أمام الناسِ .
من بينِ النساءِ اللواتي اعتنينَ بهِ أختهُ غيرُ الشقيقةِ حيثُ أنّها كانت تلعبُ دورَ الأمّ في حياتِه خلالَ فترةٍ ،وقبلَ أن تُقتًلُ ابنتها على يدِ هتلر ربما .
أما علاقاتُ الإعجابِ فهناكَ سلسلة طويلة منها معَ نجماتِ السينما والمسرحِ .كانَ هتلر يطلبُ من شركاتِ الأفلامِ السينمائيةِ أن ترسلَ إليهِ عدداً من النجماتِ كلّما كانَ هناكَ حفلةً مقامةً في مبنى المستشاريةِ ، وكان يستمتعُ في إبهارهنَّ.
لم تكن قصةُ هتلر معَ ابنةِ أختهِ جيلي والتي كانتْ تناديهِ " خالو ألف " عادية. كان يظهرُ معها كثيراً وعاشتْ معهُ في نفسِ المنزلِ، كانتْ تهوى الغناء ، اعتقدتْ أنّهُ سيدعمُ موقفها، ولكنّه وفي أحدى المراتِ غضبَ منها ولم يسمحْ لها بالخروجِ مع أيّ رجلٍ، وشدّدَ الرقابةَ عليها. فكّرتْ بالهربِ والهجرةِ . تركتهُ إلى بيتِ والدتها حيثُ وُجدتْ مقتولة فيهِ فيما بعد، وكانَ عمرها ثلاثةً وعشرينَ عاماً. قتلتْ بنفسِ الرصاصِ الموجود في مسدسِ هتلر، أصيب هتلر بعدها بنوبةِ اكتئابٍ إلى أن ظهرتْ بحياتِهِ مساعدةُ مصوّرِ الحزبِ " إيفا براون " ويقالُ أنها كانتْ هيفاءُ أنيقة. شديدةُ التحفّظِ تميلُ إلى التواري والاحتجابِ . أغدق القائدُ عليها بسيارةٍ فارهةٍ ومنزلٍ مع ذلك حاولتِ الانتحار مرتين، ومعَ أنّ لهُ علاقة مع إيفا. كان له علاقة مع فتاتين " رينا ولين " كان يدعوهما في أوقاتٍ متأخرةٍ من الليلِ ليغادرا في ساعاتِ الصباحِ وتبقيانِ بمفردهما معهُ خلفَ الأبوابِ المغلقةِ. انتحرتْ رينا فيما بعد . ألقتْ بنفسها من نافذةِ فندقٍ كانتْ تقيمُ فيهِ ببرلين .
هذا الجانبُ الخفيُّ من حياةِ هتلر. لم يكنْ يعرفُهُ الشعبُ الألمانيُّ، لكن بعدَ دراساتٍ وشهاداتٍ مستفيضةٍ . تبينَ أن هتلر كانَ مصاباً ببعضِ الأمراضِ الأخلاقيةِ حتى أن البعضَ ذهبَ إلى احتمالِ أن يكونَ شاذّاً فرفيقه " أرنست روم " شاذ ، وهيس كان يدعى الآنسة آنا ، وممن تحدث عن ذلكَ أحدُ المؤرخينَ حيثُ قالَ : " الأكثرُ مقتاً تلكَ الرائحة النتنةُ للعلاقاتِ الجنسيةِ الشاذةِ التي كانت تعبّئُ الجوَّ كلّه حولَ هتلر، وأزكمتِ الأنوف فلا أحد في هذه البيئة يتمتعُ بالصراحةِ والمباشرةِ .علاقاتٌ سرية ،ومشاعر زائفة ، وشهوات خفية، لا شيء مما يحيطُ بالرجلِ طبيعي أو حقيقي
بقيتْ هناك الكثير من الألغازِ النفسية حولَ هتلر. قامَ فريقٌ من الباحثينَ الميدانيين بمقابلةِ أفرادٍ لهم صلةٌ مع هتلر وجمعوا أكثر من إحدى عشر ألف صفحةٍ قامَ بمراجعتِها ثلاثةٌ من علماءِ التحليلِ النفسي . يقولُ أحدُ المحلّلين : " لانجر" في دراسةٍ مسحيةٍ كانت كافية لإقناعنا بأنّهُ يحتملُ جداً أن يكونَ هتلر شخصاً مضطّرباً نفسياً ، وعصبياً ومعَ هذا التشخيصِ كنقطةِ انطلاقٍ . استطعنا تقييم البياناتِ بدلالةِ الاحتمالاتِ.
قالَ هتلر عندما احتلَّ منطقة الراين : " أسيرُ في طريقي بدقّةٍ واطمئنانٍ كالذي يمشي أثناءَ نومِهِ " ويقالُ بأنّ هذهِ هي شخصيته الحقيقية حيثُ يقولُ هذا الذي يمشي في نومِه : " إنما أنفّذُ الأوامرَ التي كلفتني العناية الإلهية بتنفيذها "
كما قالَ عن نفسهِ :" أنا واحدٌ من أقسى الرجالِ الذينَ عرفتهم ألمانيا على مدارِ عقودٍ طويلةٍ ، وربما قرونٍ وقد تسلحتُ بأعظمِ سلطةٍ توفرت لأي زعيمٍ ألماني في التاريخِ لكنّني أفوقُهم جميعاً في أنّني على يقينٍ من نجاحنا، وأؤمنُ بهذا النجاحِ إيماناً لا تشوبهُ مسحةُ شكٍ ."
لا يسعنا أن نقولَ في الختامِ إلا أنّ هتلر كانَ أكثرَ رجلٍ تعلقَ بهِ الناسُ على وجهِ الأرضِ ، كما أنّهُ أكثر رجلٍ حازَ من كراهيةِ العالم. ويقالُ أنّ أحدِ نواقصهِ أنّهُ لديهِ ميولٌ أنثوية. هي التي كانت تحرِّكهُ وقد كان يريدُ العودةِ إلى رحمِ أمِه بطريقةِ ما.
المراجع : كفاحي
الوجه الآخر لأدولف هتلر تأليف :
فريد الفالوجي
حسن حمدي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سقوط قتلى وجرحى في غارة إسرائيلية على سيارتين في منطقة الشها


.. نائب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية: الوضع بغزة صعب للغاية




.. وصول وفد أردني إلى غزة


.. قراءة عسكرية.. رشقات صاروخية من غزة باتجاه مستوطنات الغلاف




.. لصحتك.. أعط ظهرك وامش للخلف!