الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تدخل روسي في المنطقة / تحول إلى واقع / هل المنطقة على كفاءة في استيعاب هذا التحول ..

مروان صباح

2017 / 12 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


تدخل روسي في المنطقة / تحول إلى واقع / هل المنطقة على كفاءة في استيعاب هذا التحول ..

مروان صباح / لا شك ، أن الحراك الشعبي العربي الاسلامي ، في مقدمته ،الضفة الغربية وقطاع غزة ، ومن جانب أخر ، الخطوة المبكر للملك عبدالله الثاني ، بالتنسيق بينه وبين الرئيسين التركي والفلسطيني ، كانا بمثابة ، قلب الطاولة على الرئيس ترمب وقراره ، بالفعل ، أحدث الحراك ، على الصعيد الأنظمة العربية والإسلامية ، إفاقة ، وتتابعت لاحقاً ، خطوات سياسية ، ترتقي إلى المطالبة ، باعتراف دولي ، بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس ، طالما ، قرر راعي المفاوضات ، الإلتفاف على المسار التفاوض ، واستبق المفاوضات النهائية ، بإعطاء طرف من الطرفين ، كامل المدينة ، وهنا يظهر الاستباق ، الذي تمثل بتنفيذ قرار الكونغرس، بأن جوهر المشروع اليهودي ، يكمن في القدس القديمة ، بتحديد المسجد الأقصى والسور القديم .

الآن ، يترقب الإتجاه الأصولي ، المهيمن على المذهب البرتستانتي، حجم ومدى الحراك العربي الإسلامي ، أين يمكن ، أن يصل حدوده ، وهل يقتصر على تراجع إدارة ترمب عن القرار أو سيأخذ منحاً أخر ، ولكي لا تخوننا ذاكرتنا ، لا بد التذكير ، أن الرئيس ترمب ، ليس سوى ، فرد نشأ في عائلة ومجتمع ، ينتمي إلى المذهب البرتستانتي ، المهود ، وحسب كتاب لوثر ، عيسى ولد يهودياً ، اعترف مارثن ضمنياً ، بأن اليهود هم أبناء الله وأن المسيحيون هم الغرباء ، وهذه الحقيقة ، قد كنت بينتها بسلسلة مقالات ، وأشرت إلى جوهر الصراع الداخلي بين المذاهب ، لكن ، تبقى هناك مسألة ، غاية من الأهمية ، بل هي حقيقة ، أن الخط الصهيوني المسيحي ، قد أنتصر على المذاهب المسيحية التقليدية ، بل الأهم من ذلك ، استطاع المذهب البرتستانتي ، التحكم بمصائر الشعوب وتحديد ، سلوك الحياتي لها وقلص المظاهر المعادية لليهود ، وأيضاً ، الملفت أيضاً ، عندما يتبصر المرء ، في مراجعة بالغة التعقيد ، يجد أن يهود الغرب ، لم يكن أمامهم عقبات في اعتناقهم للمذهب الأرثوذكسي ، في مقابل ، ابتعدوا ، تاريخياً ، عن المذهب الكاثوليكي ، بل ، سجلت مرحلة الرئيس بوتين ، تصالح بين النظام والكنيسة الأرثوذكسية ، الذي جعلها تنشط في أوساط الديانات الأخرى ، وفي خبر نشر في 2007 على موقع وكالة أنباء انترفاكس الروسية، يقول الباحث رومان ساينتلا ، أن يهود الروس باتوا يشكلون اعداد كَبِيرَة في الكنيسة الأرثوذكسية .

الآن ، كيف ممكن للمسلمون ومسيحيو العرب مواجهة المشروع الصهيوني المسيحي في العالم ، بل السؤال ، الذي لا بد ، أن يجيب عليه حكماء العالم ، هل ممكن إقناع الصهيونية المسيحية ، التخلي عن ما تراكم من عقد ، تحولت إلى عقيدة ، هي راسخة وتتوسع في كل يوم ، بل ، تراهن الصهيونية على تغير ، التّفكير لدى العربي والمسلم ، تماماً ، كما فعلت في الماضي ، بالمسيحية ، لكن ، إخفاقها جعلها الانخراط في البحث عن بدائل ، فأوجدت العلمانية والليبرالية ، ليست كنظرية أو اعتقاد في المجتمعات العربية الإسلامية ، بل ، أدخلتها في الحياة اليومية ، فأصبح هناك خليط ثقافي ، أدى في الحقيقة ، إلى ديمومة الغرابة ، يعيش الفرد ، بغربة وتخبط في النهج والسلوك ، لهذا ، تفقد هذه المجتمعات لأي مشروع استنهاضي ، لديه القدرة على مواجهة المشروع الإسرائيلي ، بشكل دائم ، بل ، كل ما يجرى ، ليس سوى هبات غير ناضجة ، يستوعبها المشروع المضاد ، ثم يفرغها بشتى الطرق ، وهنا ، عندما نعود لقرار الكونغرس بخصوص نقل سفارة الولايات المتحدة من تل ابيب إلى القدس عام 1985 م ، نجده أُتخذ بعد خروج الثورة الفلسطينية من لبنان ، وإنهاء بشكل فعلي ، الكفاح المسلح الفلسطيني ، وفي صورة مشابهة ، جاء إعتراف الكونغرس لاحقاً ، بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل ، بعد الإنتهاء من حرب العراق الثانية ، وتدمير قدراته ، في النهاية ، لم تكن قدرته على المستوى الدول الكبرى ، لكن ، تجربة الغرب في حرب 1973 م ، أيقظ عند الغربي والإسرائيلي ، مسألة تنبيهية ، بأن العراق جدار غليظ ، يستند العرب عليه ، لهذا ، تقدم العراق في أولويات الولايات المتحدة ، على أي جغرافيا أخرى ، وهنا يلاحظ ، بعد سقوط بغداد ، بدأت تتساقط الجدران ، واحدة تلوى الأخرى ، الذي جعل المهمة ، أصعب ، بل ، استدراك المتواليات ، متواضعة .

بين هذا التخبط السياسي العربي الإسلامي ، والتوغل للدول الكبرى في المنطقة ، ظهرت حالة جديدة ، تمثلت بالرئيس بوتين ، في الواقع ، من صعب تفسيرها ، لكن مهمة المراقب ، تفكيك الظاهرة ، وهي في حقيقتها ، بنيت على ضرورة إعادة التوازن وتبادل المهام ، وقد يكون أخطر ما حمل قرار الرئيس ترمب ، أن واشنطن وتل ابيب ، أعلنوا نهاية مشروع السلام ، ليس بين الفلسطيني والإسرائيل فحسب ، بل ، ضمنياً ، في المنطقة والعالم الإسلامي ، وكشفوا عن تمسكهم بمشروع الصهيوني المسيحي ، الذي يهدف إلى استرداد المنطقة ، لكن ، يبقى السؤال يلح ، ما هي وظيفة الرئيس يوتين ، تحديداً ، عندما يراجع المرء ، التكوين المذهب الأرثوذكسي في روسيا ، يجد أن هناك 17 % من المنتميين للمذهب ، هم يهود ، وهذه إشارة بالغة التعقيد ، من جانب أخر ، هناك تجانس عميق بين اليهودية والمذهب البرتستانتي ، الذي ينطق باسمه اليوم الرئيس ترمب ، تماماً ، كما هو حاصل بين اليهود والارثوذكسية الروسية ، في المقابل ، يوجد عداء غير معلن بين اليهود والمذهب الكاثوليك ، الكنيسة الرومانية ، بل ، نجد العلاقة القائمة ببن الطرفين ، أشبه بالإخضاعية ، تطغى عليها المجاملة ، بل عمقها ، يحمل كره دفين وتاريخي ، بعضهم لبعض ، وهذا يفسر ، عملية الإصلاح الذي قادها بوتين في روسيا ، شملت معظم الجوانب ، بإستثناء ، ركائز اليهود في البلد ، كالإعلام والبنوك والمصارف الصغيرة ، المنتشرة في دوائر المدن وغيرها ، أي أن ، الحركة المالية الروسية وصياغة التفكير ، في قبضة من انتسبوا للمذهب الأرثوذكسي ، فهنا الشواهد ، تفسر للمرء أيضاً ، عن ذاك الصمت الإسرائيلي ، لصعود بوتين في المنطقة العربية ، على الاخص ، سوريا ، باعتباره المخلص الكبير للأقليات في بلاد الشام ، على وجه الخصوص ، اليهود ، بالطبع ، من بعبع داعش وأخواتها ، في حين ، نجد أن داعش ، ليست سوى وهم ، لكنهم ، استطاعوا احداث سوء فهم ، ليس تفاهم ، بين الأقليات العربية والأغلبية ، الذي أنتج تحالف بين بوتين ، اليوم ، الذي قدم للإسرائيلي ، إعتراف بالقدس الغربية ، كعاصمة لليهود ، تماماً ، كما فعل من قبل ، الإتحاد السوفيتي ، كان قد سبق العالم بالإعتراف بدولة إسرائيل وعاصمتها تل ابيب ، ومن ثم ، جاء الإعتراف الأمريكي ، متأخر ، كأن التاريخ مستمر ، لم يتوقف ، تعترف روسيا مؤخّرا بالقدس الغربية ، كعاصمة لليهود ، وتأتي أمريكا ، يمثلها قروش الجديد ، ليتم مشروع بناء الهيكل ، في ذات الوقت ، يبث الرئيس بوتين ، وهم للأقليات ، بأنهم آمنين في منطقة تسيطر عليها أغلبية متطرفة ، طالما ، بوتين على قيد الحياة .

بين آلة الإفناء في فلسطين ، والوحشية في كل من سوريا والعراق ، التى لم تُبقي حجراً على حجر ، لا بد للأقليات الخروج ، من مد يد العون من موسكو ، وفي ذات الوقت ، قلبها يتلهف ، للوصول لعتبات البيت الأبيض ، تارةً ، وبالخفية أطوارا ، بل احياناً ، إذا لزم الأمر مع اسرائيل ، مثل الأكراد وغيرهم ، كأن التبعية ، أصبحت غاية عليا لجميع الأقليات أو شرط بقاءها ، لكن للأمانة إياها ، يقتضي التذكير ، أولاً ، أن التحالف القائم بين الأرثوذكسية / البرتستانية مع الصهيونية ، بنيويته ، قد أسس له مارتن لوثر في كتابه . عيسى ولد يهودياً ، حيث قال ، أن اليهود هم أبناء الله والمسيحيون هم الغرباء ، أي أن المرتبة التى مُمكن الوصول إليها ، عند أبناء الله ، ليس سوى حطب للنار ، وهذا مؤشر صريح ، حول النظرة التى ينظر لها ، أصحاب الاعتقاد إياها ، للأقليات في المنطقة .

أصل الفكرة التى تعتمد عليها الحركة الصهيونية ، أن المسملون ، يفتقدون الجامع ، وبالتالي ، فقدوا التأثير والقوة ، بل ، التمذهب والقوميات والوطنية ، جميعها تتفوق على الفكرة ، الأشمل والأجمع ، لهذا ، نجد القسمة التى حصلت في مواجهة ، التصدي لقرار ترمب ، أضعفت أساليب الضغط التى ممكن تجعله يعود عن قراره ، بل ، تشتد مراوغة إدارته في ذروة الانتظار ، لهذا ، يترتب على الرئيس أردوغان مسألتين ، الأولى ، ترتيب إجتماع ، يجمع مفكرون من العالم ، من أجل وضع تصورات جديدة لعملية السلام ، من سيكون الراعي لعملية السلام ، لأن ، العودة إلى واشنطن ، دون تراجع الأخيرة عن قرار نقل السفارة والاعتراف بالقدس ، عاصمة لإسرائيل . سيكون ضمنياً ، اعتراف إسلامي بالقرار الأمريكي ، والأمر الأخر ، الأردن وفلسطين يشكلون اليوم ، خط أمامي في مواجهة تهويد القدس ، وهذه المواجهة تحتاج إلى دعم مالي واقتصادي ، من المهم التفكير في إنشاء سلسة مشاريع تساند الأردن ، مشاريع تعود له نسوياً ، لا يقل عن سبعة مليارات دورلا ، وايضاً فلسطين ، بحاجة إلى دعم دائم ، دعم موازنة السلطة ودعم الإنسان الفلسطيني ، المرابط والمتصدي للمحتل .

رغم كل الدلائل المعاكسة ، لا بد ، أن يبقى مقدار من الحد الأدنى من التفكير ، الذي يصنع مخرجات ، تُمكن من بناء جدران جديدة ، تقلل من الانجراف الحاصل ، اليوم ، يوجد واقع روسي جديد في المنطقة ، يتقاطع مع الأقليات في المنطقة ، من جانب أخر ، يصنع الروسي تفاهمات مع تركيا ومصر وأقل درجة ، مع السعودية ويتحالف مع إيران ، هنا ، يتطلب الواقع إلى إعادة دراسة نشوء الدول الكبرى ، التى أزاحت الأمم التقليدية ، من أجل معرفة أهدافها وارتباطاتها ، قبل أي مواجهة أو بناء تحالفات أو علاقات ، لكي تتجنب دول المنطقة ، تكرار مآسي الماضي ، بل في خلاصة بسيطة مبسطة ، حال المنطقة ، يشبه حال ، تلك البقرة الحلوب ، الذي يتسابق ماهرين دول الكبرى على حلبها .والسلام
كاتب عربي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جعفر الميرغني : -الجيش حامي للوطن وللمواطن السوداني-


.. ما التصريحات الجديدة في إسرائيل على الانفجارات في إيران؟




.. رد إسرائيلي على الهجوم الإيراني.. لحفظ ماء الوجه فقط؟


.. ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت فيه إسرائيل




.. بوتين يتحدى الناتو فوق سقف العالم | #وثائقيات_سكاي