الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هشاشة مجتمع المخيمات بؤرةٌ لانحراف المراهقين .

يوسف حمك

2017 / 12 / 19
حقوق الاطفال والشبيبة


يجمع علماء النفس على أن مرحلة المراهقة تعد من أكثر المراحل خطورةً يعيشها الأفراد .
موضوعها مؤرقٌ ، و معاناتها شائكةٌ ، قساوتها مؤلمةٌ ، يتخبط فيها المراهق ، و تعكر صفو حياته .
تداهمه موجةٌ من الإحباط و الاكتئاب التي لا يجب الاستخفاف بها البتة . و ناهيك عن إيقاظ النزعة العدوانية بدواخله ، و التصرف كثيراً تحت تأثيرها .
و في السياق ذاته يؤكد الفيلسوف اليوناني أرسطو : ( إن المراهق تستهويه النزوات ، و هو عدوانيٌّ ، فليس من السهل السيطرة عليه . و يقول دائماً : أنا على حقٍ .... )

تغييراتٌ جديدةٌ تطرأ على حياته الجسدية و الانفعالية و العقلية داخل مجتمعه .
انفعالٌ جارفٌ ، و رغباتٌ جامحةٌ ، و تمردٌ ينضح جديةً لفك قيوده الأبوية و لاءات مجتمعه بحثاً عن ذاته المكبوتة .
هيجانٌ جنسيٌّ يقذف به إلى ساحة الصراع لينازع غرائزه تارةً ، و يعاند بقوةٍ العقل الجمعيَّ الذي يكبله بتقاليده تارةً أخرى .
ذاتٌ حبيسةٌ تتوق إلى الانعتاق و التحرر . فتعصف بكل تعثراتها لترتكب الأخطاء ، و تمارس الممنوعات . يغزوه القلق من اعتماده على الأهل ، فيثير فيه الحماس لاستنهاض رغبة الانسلاخ من الاتكال على الغير .

و قلما تخلو هذه المرحلة من المعوقات و الضغوطات و المعانات ، فيسميها المختصون ( بالمراهقة السوية ) بلا عنفٍ . مع فئةٍ نادرةٍ انطوائيةٍ تنفرد بنفسها ، فتترك الآخرين و شأنهم ، و تدعى ( بالمراهقة الانسحابية ) .

أما في المخيمات و التجمعات الحديثة فيبدو الأمر أشد خطورةً ، و أعظم تعقيداً ، و أكثر انغماساً في أوحال مجتمعٍ جديدٍ ، تغلب عليه الهشاشة و التفتت ، و عدم التماسك.
ثقافاتٌ متباينةٌ ، و لهجاتٌ متعددةٌ ، و عاداتٌ تناقض بعضها ، و تقاليدٌ لا تتشابه ، و فوضى عارمةٌ تساهم في تنشئة جيلٍ يميل نحو الانحراف و السلوك غير المنضبط ، فالسقوط في هاوية الرذيلة و الشذوذ ، و الانحدار إلى الفشل و العار .
تسولٌ على أبواب المنظمات ، و طُعَمٌ تغري الراشد العاقل ، فربما يبتلعها الكهل قبل المراهق ,
أجواءٌ مشحونةٌ ضبابيةٌ بلا صفاءٍ ، و بطالةٌ متفشيةٌ تفرخ الإحباط ، و تولد الملل ،
و غربةٌ تكسر النفس ، فقلة حيلةٍ تعصر الروح وجعاً و ضجراً .

لاحتواء المراهق علينا ألا نخوض معه جدالاً عقيماً ، أو نفتح معه جبهاتٍ في الخصام و الكلام الجارح ، أو التشهير به في كل صغيرةٍ قبل الكبيرة ، أو الاعتداء عليه بالضرب أو الزجر .
ما أجمل أن نرفق به ، و نبادره بالابتسامة و بشاشة الوجه ، فنحتضنه بدفءٍ ، و نربت على كتفيه ، فباللباقة نصحح وجهته ، و بحسن الموعظة نقوم مسيرته ، و برفيع الأسلوب نزرع فيه النبل و الأمل .
و ألا نبالغ في التدقيق على بعض أخطائه البسيطة ، و لا نذكر مساوءه أمام الآخرين – فمن منا نحن الكبار لا أخطاء له أو نقائص – لئلا يشعر بانتقاص شأنه ، أو الدونية ....
و بنفسٍ راضيةٍ يجب أن نتقبل أخطاءه ، و نستوعبها . مع الحذر الشديد على ألا يشعر بأنه رازحٌ تحت مراقبتنا ، و أن عيوننا عليه أينما حل .

نقدم له النصح بأسلوبٍ شيقٍ ، ليتعلم الصدق ، و عدم وقوعه في حبائل الكذب ، و بشاعة قبحه .
كما أن عدم الكذب عليه من أولى واجباتنا ، لأن حبل الكذب قصيرٌ كما يقول المثل . و إلا ستسقط الأقنعة عن وجوهنا ، فيفقد الثقة بأقوالنا ، و يتعلم منا الكذب ، بدلاً من تجنبه ، فلم يعد يكترث لمواعظنا ، و نصغر في عينيه ، فنبدو أمامه قزماً ، و ردة فعله قد تدفعه ليزداد تورطاً في ارتكاب الممنوعات ، ثم يضطر إلى إخفائها باللجوء إلى الكذب .

نعم علينا منحهم الثقة في تشجيع مواهبه ، و إيقاظ كفاءاته الدفينة ، لملء فراغه ، و انشغاله بممارسة هواياته .
كما علينا ألا ننسى ذكر مناقبه أمام الآخرين و إيجابياته أيضاً ، فتنتعش نفسه ، و تستحم روحه بسطوع نور الظفر و الاعتزاز بالنفس ، و التمسك برأس خيط النجاح متوجاً بنيل المعالي .
فبالود نترك عليه أثراً إيجابياً ، و باللين نسطو عليه مطاوعاً ، و بالكلمة الطيبة ننجيه من مآزقه ، و بالحديث العطر ننتشله من أهواله .
فإن تعذر علينا إصلاحه نستغيث بمرشدٍ نفسيٍ ، أو نستعين بطبيبٍ مختصٍ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنامج الأغذية العالمي يحذر من خطر حدوث مجاعة شاملة في غزة


.. احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا




.. عائلة فلسطينية تقطن في حمام مدرسة تؤوي النازحين


.. الفايننشال تايمز: الأمم المتحدة رفضت أي تنسيق مع إسرائيل لإج




.. رئيس مجلس النواب الأمريكي: هناك تنام لمشاعر معاداة السامية ب