الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاثير الشركات الخاصة في برنامج الصحة العامة العالمية

جواد الديوان

2017 / 12 / 20
الطب , والعلوم


في السبعينات والثمانينات جاهدت منظمة الصحة العالمية لتحسين الوضع الصحي لفقراء العالم باستهداف التوسع في القطاع الخاص، ووضعت المحددات ورموز ومعايير اخلاقية على تسويق اغذية الاطفال وخاصة حليب الاطفال الصناعي ومبيدات الحشرات والتبغ وغيرها. الحكومات المحلية تعاونت مع خطط منظمة الصحة العالمية وكانت النجاحات المبهرة ومنها زيادة في استخدام الرضاعة الطبيعية، وتناقص في التسمم بمبيدات الحشرات وكذلك تناقص استهلاك التبغ.
في العقدين الماضيين اصبح القطاع الخاص في قمة ممولين منظمة الصحة العالمية في حملاتها لمحاربة الامراض، ويقال ان اربعة دولارات من كل خمسة في موازنة منظمة الصحة العالمية من القطاع الخاص. ومن الامثلة ما يهدف اليه اتحاد الاعمال العالمي Global Business Coalition الى تحويل الاعمال في السوق الى محاربة للامراض. اتحاد الاعمال العالمي يضم 200 شركة عملاقة منها كوكا كولا واكسن موبيل وبفيزر وغيرها، تعمل للاسواق التي تظهر مستقبلا نتيجة النمو مساحة لعملها. انها نظرية الاقتصادي العالمي دانيال التمان بان سكان البلدان هم المستهلكون والعمال والمستثمرون.
الشركات النشطة في المشاريع الصحية تجني ارباحها من مدى ضيق من الصناعات، والعديد منها يعاني من انتقاد عنيف لسليات نشاطها على الصحة العامة. وبذلك تلعب تلك الشركات دورا مزدوجا يتمثل في تخريب المجتمعات المحلية بيد، وفي اليد الاخرى تقدم شبكات كبيرة للمساعدة. والمثال الحي على ذلك الصناعات الاستخراجية (المناجم والنفط والغاز)، وتمثل جبهة امامية لتمويل المشاريع الصحية.
في 2011 قدم اتحاد الصناعات العالمي هدايا لست شركات لانجازاتها في مجال الصحة العامة. لقد تم تمجيد شركة ريو تنتو متعددة الجنسيات Multinational Rio Tinto لمساهمتها في مكافحة الملاريا في غينيا الاستوائية. وكان الاطراء لشركة كولد فيلد ليمتد Gold Field-limit-ed لنشاطها في الوقاية من الايدز في غانا. والمديح الابرز شمل Anglo American لتجهيزها العلاج للمصابين بفيروس نقص المناعة المكتسب HIV اي ادوية antiretroviral للعمال المصابين في افريقيا. اما اكسن موبيل فتهتم بجمع الاموال لمحاربة الملاريا.
حققت شركة ريو تنتو نجاحات في حربها ضد الملاريا في غينيا الاستوائية، الا انها دفنت ملايين الاطنان من الفضلات السامة في غينيا الجديدة Papua new Guinea ، كما انها تورطت في عنف انتهى بقتل اكثر من 10000 شخص. وتظهر انجازات لشركة كولد فيلد في تقليلها نسب انتشار الامراض التي تنتقل جنسيا (الايدز والتهاب الكبد الفيروسي B و C وغيرها) بنسبة 90% في عام 2004. وفي نيجريا الغنية بالنفط لوثت شركات النفط ومنها اكسن موبيل المياه حيث تسرب منها 2.4 مليون برميل في الفترة 1976 و1997.
حين انغمست الشركات في مشاريع التنمية اطلقت على دلتا النيجر مقبرة المشاريع! ومنها مشاريع الماء التي تعمل والمراكز الصحية التي لم يتم افتتاحها والمدارس التي لم تقدم درسا، وغيرها من الامثلة.
تتربع شركات المشروبات الغازية والعصائر وشركات الوجبات السريعة على قمة الصدارة في نشاطات الصحة العالمية، فهي تنغمس في محاربة الامراض المزمنة، ومنها امراض القلب وداء السكر، والامراض الاخيرة تسبب نصف الوفيات في البلدان الفقيرة ومتوسطة الدخل، ومن اهتمامات برامج الصحة العالمية.
يضم اتحاد شركات الغذاء والمشروبات العالمي كبرى شركات العالم مثل نستلة والبيبسي وكرافت وغيرها، وشاركت جميعها في مؤتمر في 2009 نظمته الامم المتحدة حول الامراض المزمنة، ودراسة اصطدام مصالح اعمال الشركات باهتمامات الصحة العامة. وقللت تلك الشركات السكر والملح والدهن وغيرها التي تزيد من خطر الاصابة بالامراض المزمنة.
بين عام 1982 و2000 تزايدت استثمارات شركات الغذاء والمشروبات الامريكية في دول العالم الثالث بنسبة تفوق 400%، وباعت من الاغذية المصنعة بمقدار تراوح بين 39 بليون دولار الى 150 بليون دولار. وازداد استهلاك الانسان من منتجاتها، وعلى سبيل المثال فان الشخص المكسيكي يستهلك 30 غالون كوكا كولا في السنة، وتضاعفت عدة مرات نسب الاصابة بالامراض المزمنة (امراض القلب وداء السكر) باضعاف مضاعفة عدة مرات.
شركات تصنيع الادوية اكثر اهتماما بالمشاركة في مشاريع الصحة العالمية. ومثلا نوفارتز Novartis تتبرع لمنظمة الصحة العالمية في حربها ضد الجذام Leprosy، وكذلك تساهم في محاولة تصنيع لقاح ضد مرض الضنك Dengue fever. وشركات مرك Merck وبيفزر Pfizer تتبرع بالادوية لمعالجة التراخوما وداء كلبية الذنب onchocerciasis.
تداخلات الصحة العالمية تقوض اعمال شركات الادوية عند بيعها ادوية لماركات معروفة باسعار اقل!. وربما حاولت نوفارتز اضعاف قانون واضح في الهند حول الصحة بجعل المساعدات من مجموعة Medecins San Frontieres لا تصل للفقراء. وفي عام 1988، رفعت 39 شركة ادوية دعوى قضائية على حكومة جنوب افريقيا لتطبيقها قانونا يسهل على الفقراء المصابين بالايدز الحصول على الادوية.
لم يشهد الصراع مع الشركات اي فشل، ولكن شهد العالم تغيرات. ففي عام 1950 كانت موازنة منظمة الصحة العالمية من اشتراكات الدول في منظمة الامم المتحدة. وجف تمويل المنظمة في العقدين الماضيين، وبدلا من تسيس منظمات الامم المتحدة (اليونسيف والصحة العالمية وغيرها) تم ابتداع نسبة نمو صفر في موازنة منظمة الصحة العالمية للاعوام 1980 و1993. ونقص التمويل المالي دفع منظمة الصحة العالمية للاعتماد على مساهمات المتطوعين والمحسنين من القطاع الخاص والشركات والمنظمات الغير حكومية.
المتبرع يجعل من تبرعه علامةواضحة! ويرغب صرفها لغايات محددة. وفي 1970 كانت التبرعات تشكل ربع موازنة منظمة الصحة العالمية، وفي 2008 اصبحت تشكل 80% من موازنة المنظمة، وبذلك فان المتبرعين حددوا جدول اعمال المنظمة.
التزمت شركات الاغذية بابعاد الاف الاطنان من السكر والملح والدهون في انتاجها ليقل استهلاك الناس لتلك المواد في العالم، وعلى سبيل المثال شركة نستلة Nestle قللت كميات 6800 تقدر طن من الملح و 290000 طن من السكر في منتجاتها!. وتمويل الحرب على الملاريا ارتفع من 100 مليون دولار في 1998 الى بليون دولار في 2008. ويستحق القطاع الخاص الشكر لتلك المواقف.
الخصخصة تنتشر في العالم بشكل واسع، وفيها العودة الى النموذج القديم. وستهتم الشركات بنشاطات اكثر من موضوع الحرب على الملاريا، ليشمل شركات التامين والسياحة العلاجية وغيرها من نشاطات لتجبي الارباح من الاصحاء في العالم. كما من المحتمل ان تضم الشركات في الحرب على الامراض المزمنة الفلاحين لتطوير زراعة الاغذية المحلية للشعوب. ومن بين اهم اهتمام الشركات الخاصة الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تقديم الخدمات الصحية Private Public Partnership (PPP)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب غزة: ما حقيقة المقابر الجماعية في مجمع ناصر الطبي؟ | بي


.. حديث السوشال | مشاهدة مذهلة لأعماق الكون .. ناسا تنشر لقطات




.. ممرض يشكو سوء الوضع الطبي في شمال غزة


.. اتفاق تشاوري حول المياه الجوفية بين الجزاي?ر وتونس وليبيا




.. غزة: انتشال 332 شهيدا من المقبرة الجماعية فى مجمع ناصر الطبى