الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا كانت أعرض عن الزواج؟

داود السلمان

2017 / 12 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يرى العديد من الفلاسفة، ومنهم كانت، إن الزواج هو: ارتباط الرجل بامرأة لغرض بناء اسرة، وهو بحد ذاته عائق كبير وعقبة شديدة الوطأة تقف ازاء المفكر والفيلسوف، وتمنعه في مواصلة عمله في هذا الاطار. وبتعبير آخر إن المرأة ومن ثم الاولاد الذين هم ثمرة ذلك الزواج يصبحون الشغل الشاغل للمفكر والفيلسوف، ما يضطرهما عن التخلي عن عملهما والركون الى النكوص والتخاذل الفكري المتعمد، فافضل واحسن عذر يلجئان اليه هو اعراضهما القطعي عن الزواج والتفريغ الكامل للتفكير والتفلسف.
وكانت هو ليس الفيلسوف الوحيد الذي اعرض عن الزواج وغض الطرف عنه، بل كذلك فعل افلاطون، ديكارت، شوبنهور، نيتشة، ليبنتز، هوبز، جون لوك، وديفيد هيوم، اضافة الى الفيلسوف والشاعر المسلم ابا العلاء المعري.
وكانت في اعراضه عن الزواج، هو لكونه كان عدواً للمرأة وهي اعباء تضاف الى اعباء الرجل وهموم تضاف الى همومه في معركة الحياة، كما اتهمه بعض خصومه، كلا بل انما فعل ذلك اسوة بالفلاسفة الذين سبقوه في هذا المضمار أو الاعراض، وكذلك للأسباب عينها التي تطرقنا اليها سلفاً.
والزواج، من وجهة نظر كانت يبنى على دعامتين مهمتين: الاولى الحب، والثانية التكاثر، واذا لم تتوافر هتين الدعامتين، فلم يكن الزواج ناجحاً، وربما يكون نصيبه الفشل الذريع. وقد تهيأت لكانت فرصتين ذهبيتين له كي يحظى برابطة الزواج ويحل رموزها المقدسة، لكنه اضاع ذلك تهاونا منه وعدم مبالات. وقد أحب وعشق وفكر بالاقتران مرتين. في الأولى تعلّق الأمر بأرملة رقيقة جميلة أجنبية (أي ليست من مدينته) كانت تزور أقاربها في «كونيغسبرغ» ولم ينكر كنت أن هذه السيدة كان يود أن يعيش معها، لكنه فكر في الدخل والتكاليف، فراح يؤجل القرار يوما إثر يوم. ثم إن هذه السيدة الجميلة قامت بزيارة أصدقائها في الجبال وهناك تزوجت برجل آخر. وفي المرّة الثانية جذبته آنسة جميلة من وستفاليا، كانت مرافقة سفر لسيدة نبيلة لها أملاك في بروسيا الشرقية. واجتمع كنت بالفتاة في اجتماعات، وكانت رقيقة وتحسن القيام بشؤون البيت، وأبدى كنت تعلقه بها، لكنه تردد كثيرا في التقدم إليها برغبته، حتى أنه فكر في الذهاب إلى زيارتها لما كانت قد غادرت بروسيا ووصلت إلى حدود وستفاليا. ومنذ ذلك الوقت اعرض عن ذلك ولم يفكر في الزواج ابدا.
وثمة رأي هو إن كانت قد كرس حياته كلها للفكر والفلسفة، ولم يخطر في باله موضوع الزواج إلا مرتين ولم يبلغ منهما حد المكاشفة بهما والسبب في ذلك لأنه كان فقيرا فوقف في المرتين عند التفكير والتردد والموازنة بين دخله ونفقات الزواج ومسؤولية العائلة، فلم يتزوج وبعد ذلك لم يفكر في الزواج، وكان حين يطرح عليه السؤال في هذا الموضوع يغير مجرى الحديث ولا يتلقاه بقبول حسن ويعد ذلك تدخلا في شؤونه الخاصة.
واذن، إن اعراض كانت عن الزواج وعدم رغبته الارتباط بالمرأة ليس من باب كراهية المرأة، فكانت كان يحترم المرأة ويجلها، وعليه " يرى كانت أن الزواج هو الطريق الذي يحول دون الاستغلال الجنسي. فعقد الزواج لا يسمح للزوجين ان ينظر كل منهما الى الآخر كسيء، بل كإنسانين ليدهما غاية ذاتية، ويعترف كل منهما بالآخر. وهكذا لا يمكن تبرير العلاقة الجنسية بين والمرأة والرجل الا على اساس الزواج" (السيد علي المحمودي، فلسفة كانت السياسية ص 406 منشورات دار الهادي- بيروت بتعريب عبد الرحمن العلوي.
فالمرأة لها مكانة مرموقة في فكر كانت ولا يمكن بأي حال من الاحوال ان يتنازل كانت عن المرأة ككيان مخلوق وله اهمية في المجتمع، بل لعلها هي ما يقيم أود المجتمع ويصلح من سريرته، خصوصا وانها تنجب اجيالا وتربيهم، اكثر ما يفعل الرجل، كون المرأة تبقى في تماس مباشر مع اولادها اكثر من الرجل على اعتبارها سيد بيتها، وتربية اولادها فلسفتها الحقة. إما الرجل فعمله غالبا ما يكون خارج المنزل اكثر من وجوده داخل المنزل، لأن واجبه مرتبط في الخارج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ضربة أصابت قاعدة عسكرية قرب أصفهان وسط إيران|#عاجل


.. القناة 12 الإسرائيلية: تقارير تفيد بأن إسرائيل أعلمت واشنطن




.. مشاهد تظهر اللحظات الأولى لقصف الاحتلال مخيم المغازي واستشها


.. ما دلالات الهجوم الذي استهدف أصفها وسط إيران؟




.. دراسة جديدة: اللحوم النباتية خطرة على الصحة