الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحقيقة المؤجلة

علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)

2017 / 12 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


علينا أن نعي بأن الحقيقة مرهونة بالشروط التاريخية والسياسية لكل عصر وإلى ذلك أشارت حنة آرندت التي تربط الحقيقة بتعدد المفهومات الإنسانية , فالحقيقة تتطور بالنقاش وتعتمد على نوعية ذلك النقاش أيضا فهي ممارسة وليست معطى كما يقرر ذلك هابرماس .
لذلك فإن السعي نحو الحقيقة فقط هو ما نتيقنه أما الحقيقة في ذاتها فإنها تتملص من التعبير عبر الكلمات على رأي برجسون الذي يرى أننا نسعى نحوها بالحدس والتجربة المعاشة , وهذا ما أكده أيضا وليم جيمس الذي وجد بأن الحقيقة ترتبط بقيمتها العملية فلا قيمة ضمنية للحقيقة كل ما هناك نتائج وأسباب .
لذلك قد تكون الحقيقة شيئا مزعجا يولد الرفض كما يرى فرويد الذي عمل بأن تكوينها يمكن أن يخلق من خلال فك الرموز التي لا تتيح الوضوح دائما .
وقد تمثل الحقيقة أملا وهماً في الوقت ذاته عند رسل وبالتالي فهي موضوع قناعات فقط , فهي رهن حرية كل فرد بل هي خلق الذاتية عند سارتر , بل هي تتكشف في المواجهة مع عبثية العالم لتنبني بالفعل الفردي أو في الشعريات عند البير كامو , فأن تتمرد فإنك موجود .
فالحقيقة تبدو مقنعة تضللها العقلانية عند هيدجر لذلك على الانسان المعاصر أن يشيح بوجهه عن العلم والتقنية التي خلقتهما الميتافيزيقيا كي يعود إلى الأصل , عليه أن يسكن روح الشاعر , فالحقيقة كشف
وإذا كانت الحقيقة تتجسد في المثل الفوقية عند افلاطون فإنها عند هوسرل تشبه ذلك مع فارق أن معرفتنا يمكن أن تبلغها إذا اعتمدنا على العقل وحده , إنها تقع في نقطة تقاطع الأفكار والمشاعر والأنا والعالم عند ميرلوبونتي فهي لا تنتمي أبدا إلى مجال المعرفة العلمية على رأي كواين .
والحقيقة لا تتميز عن طرق الكلام فهي لغوية عند فتجشتين وعليه لا بد من تنظيف الفكر , فهي تتشكل عبر إعادة تنظيم المفاهيم عند إلتوسير . كذلك هي ليست معطاة أبدا , إنها تكمن في البنى التي تشرح التحولات فيعاد تكوينها مع كل عمل منهجي عند كلود ليفي شتراوس .
فالحقيقة بعد ما تقدم تندرج ضمن صراعات أو تتطور من خلال عمليات تهجين ومزج وصيرورة دائمة بحسب ما يرى ديلوز , فهي مسألة قوة وعاطفة , فهي تعبير صارخ عن علاقتنا بالقوة لذلك تولد آثارا في الجسد والسلوك الفردي والاجتماعي عند فوكو .
ثم أنها ترتبط بحضور الآخر عند لفيناس الذي يرى أنها لا ترتبط بذاتي أنا وحدي , مما حدى بدريدا أن يقرر بأن الحقيقة لا تنفك عن الكتابة بالمفهوم الدريدي لذلك يجب إعادة تفكيكها دائما لتصبح موضوعا سرديا .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ينظر , أساطين الفكر , روجيه ـ بول دوروا , ترجمة د.علي نجيب ابراهيم , دار الكتاب العربي , لبنان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا